الأسد يعلن من الغوطة "نهاية الحرب العالمية الثالثة"

الأسد يعلن من الغوطة
الثلاثاء ٢٠ مارس ٢٠١٨ - ٠٦:٠٩ بتوقيت غرينتش

انتهت زيارة الرئيس السوري بشار الأسد أمس إلى خط الجبهة الأول بالغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، وبدأت بعدها “حفلة الجنون” الإعلامية والخطابية لما يصنّفون أنفسهم على خط “المعارضة”.

العالم - مقالات

هذه المرّة لم يقولوا أن الزيارة كانت على بارجة روسية صراحةً، ولم يقولوا أن الزيارة كانت قبل أشهر من الآن ولـ”حيّ” داخل دمشق وليس على خط جبهة حتى قبل أيام كان يُعتبر من أخطر جبهات القتال في سورية، قبل أن تستكمل قوات الجيش العربي السوري سيطراتها وتصل بها إلى نسبة تجاوزت الـ80%، بحسب التقديرات.

وحتى “يزيد الطين بلّة” بالنسبة للفصائل الإرهابية والدول الداعمة لها، تقصّد فيما يبدو المكتب الإعلامي للرئاسة السورية أن يقوم بنشر “فيديوهات” الزيارة على ثماني مراحل.. نعتقد أن أعداء دمشق كانوا ينتظرونها على أحر من الجمر حتى يكتشفوا أو يحاولوا على الأقل ماذا يدور برأس هذه الرجل، الذي تزامنت زيارته لأخطر الجبهات السورية مع تهديدات أطلقها الرئيس الأمريكي ومعه نظيره الفرنسي بضرب سورية بزعم “الرد على استخدام الكيماوي”.

بدايةً، كان الرد الفوري على زيارة الرئيس الأسد للغوطة الشرقية آتياً من الشمال السوري، عندما غرّد الداعية السعودي المتشدد “عبد الله المحيسني” وتحت عنوان “غوطة الإسلام والملاحم العظام” قائلاً: “من يسأل عن حال أهلنا في الغوطة، فإنهم يعجز عن وصف بطولتهم البنان وينعقد عن الحديث عن بسالتهم اللسان”.

الشيخ “الأهبل” أضاف في تغريدته “الهيستيرية” قوله: “نكلوا (إشارة للتنظيمات المتشددة) بجنود بشار (حسب وصفه) حتى اضطر ليحضر بنفسه ليرفع معنويات جنوده المنهارة فكونوا لإخوانكم بما تستطيعون”.. ولأننا لا نعرف عن أي “تنكيل” يتحدث والجيش السوري بات على أعتاب إقفال ملف الغوطة الشرقية، فإننا نفترض أن “المحيسني” الذي فتح جبهة شمال حماة منذ أسبوع تقريباً وتكبّدت ميليشياته حينها خسائر كبيرة أدّت للقضاء على مجموعات “نخبوية” بأكملها في كرناز والحماميات، لم يجد ما يخاطب به إرهابيي الغوطة الشرقية المنهارين إلا بمزاعم محاولاً عبرها رفع معنوياتهم ليس أمام خسارة معظم بلدات ومزارع وقرى الغوطة، بل أمام زيارة الرئيس الأسد لها، ولقاءه الأهالي الذين طالما تاجرت تلك الفصائل بجوعهم وحياتهم منذ أكثر من خمس سنوات.

الجنون لم يقف عند السعودي الإرهابي “المحيسني”، بل وصل إلى قناة أورينت “الإخوانية” التي صنعت من إرهابيي النظام التركي في عفرين أبطالاً بالرغم من كل المجازر التي ارتكبوها بحق الأهالي هناك، ناهيك عن “التعفيش” الذي تعرضت له المدينة من “ثوار الغفلة” بدعم من قوات نظام أردوغان، حيث لم تجد القناة الإرهابية ما تتحدّث به عن زيارة الرئيس السوري للغوطة الشرقية، إلا زعمها أن زيارته كانت محمية بـ”مرتزق روسي”، بالرغم من أنها تعرف أن كل السوريين تقريباً تعرف من هو المرافق الخاص للرئيس الأسد.

ولأنه للمرة الأولى يظهر إلى جانب الرئيس الأسد مرافقاً بكامل عتاده القتالي، فقد فتحت قناة أورينت التي تبث سمومها من الإمارات العربية، الهواء كاملاً للحديث عن “الروسي” الذي أمّن حماية الأسد في الغوطة الشرقية، لكن التعليقات كانت على عكس ما توقع “غسان عبود” صاحب القناة، والتي بمجملتها استهزأت به ومن محاولاته “تقزيم” الزيارة التي اعتبرتها فصائل الإرهاب بالغوطة “صفعة مؤلمة للثورة”، بعد أن كانوا سابقاً على الإعلام وهم يصرخون “جايينك”، فجاءهم إلى عقر دارهم يقود سيارته لوحده.. ومعه “مرافقه الروسي”، وهو أحد ضباط الجيش العربي السوري.

من جهة أخرى، وحتى لا يُعطى لهؤلاء “المهسترين” مساحة أكبر من حجمهم، لا بد من الإضاءة على بعض الرسائل التي حملتها زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الغوطة الشرقية، والتي تزامنت مع بدء الجيش العربي السوري دخول مناطق كانت حتى الأمس تُشكّل الخط الخلفي الآمن لإرهابيي جبهة النصرة في الغوطة الشرقية، ومنها:

1- قد يظن البعض أن قيادة الرئيس الاسد لسيارته كان معداً مسبقاً، و أنه كان يقود باتجاه مباشر كمن يريد إنهاء مهمته بأسرع وقت ممكن، و هذا غير صحيح، لأنه خلال الفيديو يظهر كيف (لاحظ الأسد وجود مدنيين يحاولون تنظيف إحدى المدارس المتضررة)، بالإضافة لوقوفه على أحد الحواجز و اختيار توقيت تكون فيه شوارع دمشق مزدحمة كما شاهدناه حين مرّ بسيارته في ساحة الأمويين، ما يدل على أن الرئيس السوري أخذ وقته كافياً للوصول إلى الغوطة من دمشق بكل سلاسة خاصة وأنه لم يظهر أي حشد امني يرافقه طيلة رحتله وحتى عودته.

2- من الملاحظ وأثناء وصول الرئيس الأسد إلى بلدة جسرين الوقفة الأولى له في الغوطة، قال لقوات النخبة أثناء حديثه معهم بما معناه: (القوات ربما في هذه الأثناء تكون قد حررت أجزاء من كفربطنا وسقبا)، و بالفعل كانت القوات في حينه قد حررت أغلب أحياء البلدتين و هما من أصغر بلدات الغوطة الشرقية، ما يُظهر اهتمام الرئيس السوري بأدق التفاصيل، وما يؤكد ذلك حديثه عن تحرير بلدتي جسرين و الشيفونية، و كيف أن الشيفونية كانت خطاً دفاعياً رئيسياً للإرهابيين قبل تحريرها.

3- الرئيس الأسد لم يزر نقطة للقوات الحليفة أو الرديفة أو الصديقة المشاركة في معركة الغوطة، بل زار نقطة تابعة للحرس الجمهوري و هو ما ظهر خلال استقباله من قبل الرائد باسل الغش الذي حين قدّم القوات قال: (سيدي الرئيس فصيلة دبابات + سرية إقتحام من الكتيبة ١٤٢١ حرس جمهوري في حالة اجتماع بعد تنفيذ مهمة تحرير جسرين الرائد باسل الغش قائد الكتيبة …). وهنا تأتي تسمية الفصيلة و سرية الاقتحام و رقم الكتيبة.. وحتى الدبابات كانت في حالة اصطفاف.. كل ذلك يعني بوضوح انضباطية الجيش لدولة عظمى بكل ما تعنيه الكلمة من معنى يخوض حرباً منذ ثماني سنوات..

وبما أن السوريين يعتبرون أهم من وجّه الرسائل بمعانٍ و دلالات لا تحتمل الجدل أو التأويل، فإن زيارة الرئيس الأسد كشفت عن أن الجيش الذي حاولتم تفكيكه والوطن الذي حاولتم تدميره والشعب الذي حاولتم إذكاء نار الفتنة بين أبنائه والرئيس الذي حاولتم إزاحته و”شيطنته”.. مازالوا هنا، وهنا أيضاً “الجيش الذي كتب تاريخ سورية بدمائه مازال يحميها سينتصر، و أن الوطن حيٌّ بأبنائه (ظهر ابن الرقة و هو في الغوطة خلال الفيديو) عندما قال للرئيس الأسد أن “والده مخطوف في دوما”، الجندي تمكّن من إخفاء حزنه على والده أمام الرئيس الأسد، لكنه كان يبتسم وهو يعرف أنه يقترب من تحرير والده، وهو ذات الانتظار للسوريين الذين منهم من ينتظر تحرير المخطوفين من سجون جيش الإسلام في دوما، ومنهم من سينام مطمئن بعد تحرير الغوطة حيث لا قذائف تنهمر عليه وعلى عائلته، ولا رصاص متفجر أو قنص.

انتهت الزيارة ومازالت تداعياتها ترنّ في آذان العدو، لكن في آذان جنود الجيش العربي السوري، مازالت جملته التي خاطبهم بها هي التي ترن هناك، عندما قال لهم صراحةً: “كل رصاصة أطلقتموها لقتل إرهابي كنتم تغيرون بها ميزان العالم، وكل سائق دبابة كان يتقدم متراً للأمام كان يغير الخريطة السياسية للعالم”.. إذاً اختصر الرئيس الأسد معركة الغوطة بكلمتين واضحتين وضوح الشمس.. معركة الغوطة الشرقية هي “حرب عالمية ثالثة”، وسننصر بها.

ماهر خليل / عاجل

109-4