"الهجرة" إلى إدلب..

الجمعة ٢٣ مارس ٢٠١٨ - ٠٥:٣٦ بتوقيت غرينتش

7 أعوام مضت على اندلاع شرارة الأزمة السورية، شهدت خلالها بلاد الشام عمليات كر وفر واشتباكات لم تنخفض وتيرتها إلا أياما معدودات، تخللتها عمليات مصالحة وإجلاء للمدنيين والمسلحين.

العالم - سوريا

عمليات الإجلاء التي شهدتها سوريا، من معاقل المسلحين على وجه الخصوص، تمت معظمها إن لم نقلها كلها إلى إدلب، شمال سوريا.

ففي شهر مايو 2014، وافق مقاتلو الفصائل المعارضة على مغادرة معقلهم في البلدة القديمة في حمص (وسط سوريا)، ثالث المدن السورية، بعد حصار استمر عامين بعدما أدى القصف والمعارك إلى دمار كبير في هذه المنطقة التاريخية، وكان هذا الاتفاق هو الأول من نوعه بين القوات السورية ومسلحي المعارضة.

وفي عام 2016، خرج من حي الوعر مئات المقاتلين على ثلاث دفعات، بموجب اتفاق آخر تم التوصل إليه في ديسمبر 2015، بإشراف الأمم المتحدة.

وفي العام ذاته وبالتحديد في شهر أغسطس 2016، توصلت دمشق والفصائل المسلحة إلى اتفاق يقضي بخروج المدنيين والمقاتلين من مدينة داريا، التي كانت في طليعة حركة الاحتجاج عام 2011.

وقد تمكن الجيش من إجلاء السكان ونقل المقاتلين وعائلاتهم عن المدينة المدمرة بنسبة كبيرة نتيجة القصف والمعارك طوال سنوات، إلى إدلب، وقد استعادت القوات السورية السيطرة على داريا في 27 من الشهر ذاته.

22 ديسمبر 2016، اليوم المفتاح وبداية النقلة النوعية وبسط النفوذ للقوات السورية، حيث أعلن مصدر في رئاسة الأركان السورية عن خروج جميع المسلحين من مدينة حلب، مؤكدا أنها أصبحت تحت سيطرة الجيش السوري بالكامل.

هذا وقد تمت عملية الإجلاء، بعد عملية عسكرية واسعة للجيش السوري، وبموجب اتفاق برعاية تركيا، الداعم الرئيسي للمعارضة، وإيران وروسيا.

وبتاريخ 29 يناير 2017، سمح اتفاق جديد بين الحكومة والفصائل المعارضة لقرابة 700 مسلح و1400 مدني بمغادرة منطقة وادي بردى، خزان المياه المغذي لدمشق، باتجاه محافظة إدلب، وجاء ذلك بعد عملية عسكرية للجيش السوري ضيق خلالها الخناق على المنطقة.

وفي منتصف مارس 2017، بدأ مقاتلو الفصائل مجددا في الخروج من حي الوعر، آخر مناطق سيطرتهم، تنفيذا لاتفاق برعاية روسيا أبرم يوم 13 مارس، بين مسلحي هذا الحي وممثلين عن السلطات السورية، وينص اتفاق إنهاء الوضع في حمص على خروج عناصر المعارضة المسلحة من حي الوعر باتجاه ريف حمص الشمالي، أو إلى محافظة إدلب أو إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بعد عملية ما يسمى بـ"درع الفرات" في ريف حلب الشمالي.

أما عملية الإجلاء الكبرى منذ بداية الحرب، فقد تمت في أبريل 2017 حيث أجلي نحو 11 ألف مدني ومقاتل من أربع بلدات محاصرة هي الفوعة وكفريا ومضايا والزبداني، ونص الاتفاق بين القوات السورية والفصائل المسلحة على أن يتم على مرحلتين إجلاء جميع سكان الفوعة وكفريا وعددهم نحو 16 ألف شخص، مقابل خروج من يرغب من سكان مضايا والزبداني وبلدات أخرى تحاصرها قوات النظام في ريف دمشق.

وفي 8 مايو 2017 خرج مقاتلون معارضون ومدنيون من حي برزة الواقع في شمال دمشق، في أول عملية إجلاء للفصائل المعارضة من العاصمة السورية منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من ستة أعوام، كما خرج آلاف المدنيين والمقاتلين من حيي القابون وتشرين نحو محافظة إدلب.

تجدر الإشارة إلى أن 568 مسلحا خرجوا من حي برزة بدمشق في اتجاه مدينة إدلب شمال سوريا في إطار المصالحات، وقد رافق المسلحين أفراد عائلاتهم ليبلغ العدد الإجمالي للأشخاص الذي خرجوا من حي برزة، حينها، 1022 شخصا.

وبحسب آخر المعطيات والأخبار الواردة والموثقة من وسائل الإعلام، فقد أفاد التلفزيون السوري يوم 23 مارس 2018 بأن الفصائل المعارضة المسيطرة على حي جوبر وبلدات عين ترما وزملكا وعربين وافقوا على تسليم المنطقة إلى القوات الحكومية والخروج إلى محافظة إدلب.

وذكر التلفزيون الرسمي السوري أن الاتفاق المبرم بين الطرفين يقضي بتسليم المسلحين المنطقة وأسلحتهم الثقيلة والمتوسطة للجيش مقابل ضمان خروجهم الآمن إلى إدلب مع عوائلهم، وعددهم الإجمالي نحو 7  آلاف شخص ممن لا يرغبون بتسوية أوضاعهم.

وسيتيح هذا الاتفاق للجيش السوري استعادة السيطرة على جيب محاصر للمسلحين في غوطة دمشق الشرقية، لتبقى مدينة دوما بعد ذلك آخر معقل للمعارضة المسلحة في المنطقة، علما أن هذا الاتفاق المبدئي تم التوصل إليه برعاية روسية.

جدير بالذكر أن الجانب الروسي توصل أيضا إلى اتفاق مع قادة الفصائل المعارضة على انسحاب مسلحي "فيلق الرحمن"، إحدى أكبر الجماعات المعارضة المسلحة في المنطقة، من كامل الغوطة الشرقية.

ما المعلوم عن مصير هؤلاء؟

تشير الأنباء المتقاطعة من قبل محللين وعسكريين وحتى مسلحين ممن غادروا إلى إدلب أن بعض الواصلين حزموا أمتعتهم وغادروا إلى تركيا ومنها انتقل بعضهم نحو أوروبا بطرق مختلفة.

وأشارت معطيات أخرى إلى أن نسبة كبيرة من مسلحي داريا قتلوا في معارك داخل إدلب ضد جبهة النصرة والبعض الآخر من الذين خرجوا من حمص يقاتلون مع الجيش التركي في عمليته (غصن الزيتون) ضد الأكراد في عفرين.

يذكر أن مراسل إحدى القنوات التلفزيونية التابعة للمعارضة سلم نفسه للسلطات السورية وخرج عبر حمورية في الغوطة وعزا ذلك إلى أنه لا يريد أن يكون مصيره مثل الذين يحمون العملية في عفرين.

102-10