ترامب.. أقل المكاسب وحرية الأراضي السورية

ترامب.. أقل المكاسب وحرية الأراضي السورية
الجمعة ٣٠ مارس ٢٠١٨ - ٠٥:١٤ بتوقيت غرينتش

تصريحات صادمة ومفاجئة للسوريين والاميركيين معا خرج بها رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، وقال فيها ان بلاده ستنسحب من سوريا قريبا جدا وتترك الآخرين يهتمون بالأمر دون ان يحدد من هم. وهذا التصريح جعل الخارجية الاميركية في حيرة من امرها ومتفاجئة مثل الجميع.

العالم - مقالات وتحليلات 

 إنسحاب واشنطن من سوريا جاء في وقت قال فيه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أن بلاده سترسل قوات الى منبج السورية لحمايتها من التدخل التركي، اي ان الساحة السورية لن تكون خالية تماما من القوات الاجنبية سواء من اوروبا او من تركيا التي تحتل مساحات واسعة من البلاد والتهديد بالسيطرة على اخرى.

خروج القوات الاميركية لا يشكل حدثا مفصليا في الازمة السورية، لان الاميركي لن يرحل خاسرا من هذه المعركة، وترك الساحة للاخرين على حد قول ترامب يضع علامات الاستفهام عن ماهية هؤولاء الاخرين، خصوصا بعد ان نشرت صحيفة واشنطن بوست قبل ايام خبرا مفاده ان ترامب ابلغ الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، استعداده لمغادرة الاراضي السورية مقابل 4 مليارات دولار، ما يجعل فرضية تواجد قوات سعودية في سوريا احتمالا كبيرا، خصوصا في ظل التوتر بالعلاقات بين الرياض وانقرة على خلفية عدة ملفات ابرزها الازمة مع قطر.

الساحة في الشمال السوري باتت ارضا لتصفية النزاعات بين مختلف القوى، الا ان الاميركي لن ينسحب دون ان يخلق حلفاء له في هذه البقعة من الاراضي السورية و"قسد" خير دليل على ذلك. اما تركيا فتواصل اللعب باريحية في الشمال السوري، ويبدو ان روسيا لا تملك اوراق ضغط كافية تمارسها عليها لوقف تقدمها ربما في الوقت الحالي فقط. خصوصا ان انقرة تتخذ من الذريعة الكردية ورقة ضغط ناجحة ترفعها بوجه اي دولة تحاول منعها من التقدم في الاراضي السورية.

البيئة في الشمال والشرق السوري مهيئة بشكل كبير للقبول باي قوات تحل محل الاميركيين، خصوصا وان الاخوة الكرد لم يفقهوا سياسة القوى الكبرى في العالم حتى الان، فسوى الولايات المتحدة او فرنسا وحتى بريطانيا، لن يتخلوا عن تركيا حليفهم الاستراتيجي في المنطقة، من اجل الكرد ولهم في عفرين خير دليل على ذلك. وقيام واشنطن بدعمهم للتقدم في مناطق ليست لهم اساسا سواء في الرقة او دير الزور وغيرها من الاراضي في محافظتي حلب والحسكة، ما هو الا ورقة رابحة تم بيعها لتركيا ليكونوا ذريعة تقدم انقرة داخل الاراضي السورية، وورقة اخرى تباع لدول تريد التواجد في سوريا بحجة الدفاع عن الكرد.

ترامب لن يترك الساحة السورية لروسيا دون الكثير من الازمات والمتاهات وهو يريد الانسحاب منها الان باقل المكاسب وليس اقل الخسائر. حل ملف القوات الاجنبية على الاراضي السورية لن يكون عسكريا بالتأكيد، بل سيعتمد على نقطتين الاولى الانتفاضة الشعبية في هذه المناطق ضد القوات الاجنبية وحلفائها من السوريين خصوصا وان سكان هذه المناطق من الحسكة ودير الزور والرقة هم من العشائر العربية التي لا تزال تحافظ على عاداتها وتقاليدها، ولن تقبل بان يأتي اشخاص لا يجيدون لغتهم ولا يعرفون عاداتهم وتقاليدهم ويعطوهم الاوامر، وهذا الامر حصل فعلا عندما قامت مجندة كردية في قوات "قسد" باستفزاز احدى العشائر في ريف الرقة قبل ايام وهو ما ادى الى مواجهات مسلحة مع "قسد" وحرق مراكزها في القرية. اما النقطة الثانية فهي نتاج الاولى وستتمحور حول الحل السياسي والحوار المباشر مع هذه الدول.

الوجود الاميركي والغربي في سوريا حله بسيط جدا لان المجتمع لن يتقبله، لكن نحن نحتاج لعقود لحل معضلة التواجد التركي في سوريا خصوصا في اعادة تأهيل الحواضن الشعبية التي استقبلته.

الكاتب والإعلامي السوري ابراهيم شير - قناة العالم