ماذا ما طلبه هيومن رايتس ووتش من السيسي!

ماذا ما طلبه هيومن رايتس ووتش من السيسي!
الثلاثاء ١٠ أبريل ٢٠١٨ - ٠١:٠٧ بتوقيت غرينتش

قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إعلاء أولوية الإصلاحات الكفيلة بإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان أثناء فترته الرئاسية الثانية.

العالم- مصر                          

فاز السيسي في 2 أبريل/نيسان 2018 بالانتخابات الرئاسية بنسبة 97 بالمئة من الأصوات بعد أشهر من الترهيب والاعتقالات للمرشحين المحتملين الآخرين. منافسه الوحيد موسى مصطفى موسى كان يدعم حملة السيسي حتى اليوم الذي سبق تسجيل نفسه كمُرشح رئاسي. توصلت هيومن رايتس ووتش و13 منظمة حقوقية أخرى قبل الانتخابات إلى أنها تفتقر إلى المتطلبات الدنيا من أجل انتخابات حرة ونزيهة.

قالت سارة ليا ويتسن مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "اتسمت حملة إعادة انتخاب السيسي باحتقاره لأبسط حقوق مواطنيه. وفي فترته الأخيرة في الرئاسة – كما يحدد الدستور – يجب على السيسي تغيير مساره وترك إرث إيجابي بدلا من أن يتم تذكره بصفته المستبد الذي أشرف على أزمة قمع حقوق الإنسان".

تولى السيسي السلطة فعليا في يوليو/تموز 2013 وأصبح رئيسا في يونيو/حزيران 2014. أدى إهماله البيّن لحقوق الإنسان بمصر إلى واحدة من أسوأ أزماتها الحقوقية والسياسية منذ عقود. وثقت منظمات حقوقية منها هيومن رايتس ووتش جملة من الانتهاكات الجسيمة من قبل الشرطة وجهاز الأمن الوطني، أكبر قوة أمن داخلي تخضع لوزارة الداخلية، بما يشمل أعمال التعذيب المتفشي والمتكرر بحق المحتجزين.

هددت الملاحقات القضائية وحظر السفر وتجميد الأموال بحق مدافعين عن حقوق الإنسان – إضافة إلى تشريع قمعي جديد – بالقضاء فعليا على المنظمات المستقلة بمصر التي كانت يوما مزدهرة. استهدفت الحكومة الأقليات الجنسية والجندرية بقمع مكثف، مع مقاضاة أكثر من 230 شخصا من مجتمع الميم بتهم "الفجور".

تدهور الوضع الأمني وحالة حقوق الإنسان في شمال سيناء في ظل الحملة العسكرية المصرية لمكافحة الإرهاب التي شهدت انتهاكات، ويُرجح أنها تشمل أعمال قتل خارج نطاق القضاء.

على حلفاء مصر مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي حثّ السيسي على تنفيذ الإصلاحات التالية:

1- إنهاء قمع المنظمات المستقلة وإلغاء قانون الجمعيات لسنة 2017

نفذت مصر حملة قمعية تكاد تكون بلا شبيه في تاريخ مصر على المنظمات غير الحكومية والنشطاء في عهد السيسي. صدر قانون في مايو/أيار 2017 حول الجمعيات الأهلية سيقضي فعليا على المنظمات المستقلة. كما أنأغلب المنظمات الحقوقية البارزة والنشطاء معرضون للتهديد بالحبس في ملاحقات قضائية مطولة تُعرف بمسمى "قضية التمويل الأجنبي".

على السيسي والبرلمان أن يلغيا فورا قانون الجمعيات الأهلية ويصيغا مشروع قانون جديد عبر حوار حر شفاف مع المنظمات المستقلة. يجب أن تقود وزارة التضامن الاجتماعي هذه الجهود، بدلا من الأجهزة الأمنية التي وضعت سرا مشروع قانون 2017.

على الحكومة إنهاء الملاحقات القضائية المعروفة بقضية التمويل الأجنبي وأن تلغي حظر السفر التعسفي وتجميد الأموال التزاما بما عليها من التزامات دولية بموجب "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" و"الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب".

بينما تواجه مصر تهديدات أمنية، فإن المجتمع المدني المزدهر والقوي هو شريك لا غنى عنه في القضاء على  أفكار التطرف والعنف. كما أنه لا يمكن للشركاء الدوليين الذين يقدمون تمويلا أن ينفذوا خططا تنموية معينة دون وجود شركاء بالمجتمع المدني. على السيسي التركيز على شل حركة الجماعات المتطرفة العنيفة، لا النشطاء السلميين.

كما أن على الحكومة إنهاء قمع العمال، إذ اعتُقل ما لا يقل عن 180 عاملا وحوكموا خلال 2016 و2017. كثيرا مايبرر السيسي محاصرة الفضاء السياسي زاعما أنه يحتاج لإعلاء أولوية الإصلاح الاقتصادي. لكن الإصلاح الاقتصادي الصلب لا يمكن أن ينجح دون حرية الحراك العمالي.

2 - إنهاء الاختفاءات القسرية والتعذيب وإفلات الشرطة من العقاب

منذ تولى السيسي السلطة في 2013 أعادت السلطات وتوسعت في فرض أدوات قمعية كانت هي سمة عقد ما قبل انتفاضة 2011. زادت بشكل ملحوظ أعمال الاختفاء القسري وإساءة المعاملة في السجون وتفشي التعذيب وربما القتل خارج نطاق القضاء بعد مارس/آذار 2015، بعدما عيّن السيسي مجدي عبد الغفار وزيرا للداخلية.

وثقت هيومن رايتس ووتش الاستخدام الممنهج للتعذيب من قبل الشرطة المصرية وضباط الأمن الوطني لإجبار المحتجزين على الاعتراف أو كشف معلومات، أو كعقاب. هناك قلة من مئات قضايا التعذيب منذ 2013 بلغت مرحلة المحاكمة، وعدد أقل منها انتهى بإدانات.

لم يجر التحقيق مع أي مسؤول أو عنصر من قوات الأمن أو تعرض للملاحقة القضائية بعد انقضاء نحو 5 سنوات علىأعمال القتل الجماعي للمتظاهرين السلميين في الأغلب الأعم، بميدان رابعة في القاهرة، حيث احتشد مناصرو الرئيس السابق محمد مرسي لأسابيع. هناك 817 متظاهرا على الأقل قتلوا في يوم واحد، وهو ما يُرجح كونه جريمة ضد الإنسانية.

يجب أن يكون إنهاء إفلات الشرطة من العقاب والتحقيق في الانتهاكات وإيقاف الاختفاءات القسرية والتعذيب في صدارة أولويات السيسي في فترته الثانية. بداية، يجب أن يأمر وزارة الداخلية فورا بحظر احتجاز أي شخص في مقار الأمن الوطني أو أية أماكن بخلاف مراكز الشرطة المسجلة رسميا والسجون.

بعد 3 أشهر من إصدار هيومن رايتس ووتش تقريرها حول التعذيب في مصر في سبتمبر/أيلول 2017 أعلن ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، عن تعيين النائب العام لقاضٍ للتحقيق في نتائج التقرير. قال رشوان أيضا إن النائب العام أنشأ وحدة جديدة بمكتبه للتعامل مع الشكاوى الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان.

على أنه لم تظهر معلومات حول كيفية تمكن الضحايا والمحامين والنشطاء من تقديم شكاوى أو كيفية تعامل الإدارة المذكورة مع الشكاوى. على النائب العام ووزارة العدل أن يبدآ فورا في تحقيقات جدية وشفافة في هذه الانتهاكات.

على السيسي إنهاء حالة الطوارئ التي فرضها منذ أبريل/نيسان 2017 ويمددها منذئذ. تمتع المصريون بفترة موجزة دون حالة الطوارئ على مدار السنوات الـ 37 السابقة، وهي سبب رئيسي للانتهاكات المتفشية من قوات الأمن. على الحلفاء الغربيين إيقاف المساعدات الأمنية وشحنات الأسلحة التي قد تُستخدم في القمع الداخلي، إلى حين تنفيذ الحكومة لإصلاحات جادة.

3- الإفراج عن المعتقلين السياسيين والصحفيين، وتوسيع هامش حرية التعبير

في عهد السيسي، تزايد عدد المعارضين السلميين المعتقلين إلى عشرات الآلاف. هناك 20 صحفيا على الأقل وراء القضبان. على حكومة السيسي مراجعة حالة المعتقلين والإفراج عن الآلاف ممن حوكموا جراء نشاطهم السلمي. على الحكومة مراجعة قانون التظاهر التقييدي الصادر في 2013 بما يشمل الكف عن احتجاز المتظاهرين السلميين الذين يمارسون حقوقهم الدستورية.

يمكن للإفراج عن المعتقلين دون وجه حق، أن يمثل خطوة هامة نحو المصالحة لإنهاء الأزمة السياسية والحقوقية في مصر.

4- حماية الأقليات

اقترن المناخ المليء بالانتهاكات في فترة السيسي الرئاسية الأولى بالقلق إزاء حقوق الأقليات. فالمسيحيون الأقباط، ويقدرون بنحو 10 بالمئة من السكان وهم مستهدفون تاريخيا بالتمييز القانوني والاجتماعي، وقعوا ضحايا لهجمات طائفية متزايدة منذ صعود السيسي إلى السلطة. في عدد من الحالات وثقت هيومن رايتس ووتش عدم قيام مسؤولي الداخلية والنيابة بالقدر المناسب بالتحقيق أو نسب الاتهامات على خلفية تلك الهجمات.

كما دأبت السلطات المصرية على اضطهاد مجتمع الميم بلا هوادة، مع تعقب وزارة الداخلية لهم ومحاصرتهم عبر تطبيقات المواعدة ومنصات التواصل الاجتماعي. منذ تولي السيسي للسلطة لوحق نحو 230 شخصا قضائيا وحكم على أكثر من 50 شخصا بالسجن بتهمة "الفجور". تعرض البعض لفحوصات شرجية قسرية، وهو ما يعد من أشكال التعذيب.

على السيسي أن ينهض بمسؤولياته كرئيس لكل المصريين ويتخذ خطوات عاجلة لحماية الأقليات الدينية والجندرية والجنسية. عليه أن يدعم إعداد إطار قانوني متكامل لحماية الأقليات ولتجريم كل أشكال التمييز والاضطهاد بحق الأقليات.

قالت ويتسن: "على حلفاء مصر الدوليين الضغط على الحكومة المصرية لإنهاء سياساتها المسيئة بدلا من قبول استبداد السيسي بصفته ‘الوضع الطبيعي الجديد’".