هذه خيارات امريكا في سوريا

هذه خيارات امريكا في سوريا
الجمعة ١٣ أبريل ٢٠١٨ - ١٢:١٦ بتوقيت غرينتش

العالم - سوريا

أمام امتلاك كوريا الشمالية للأسلحة النووية واستمرارها بتطوير تلك الأسلحة والصواريخ الحاملة لها، حتى باتت تهدد أميركا في عقر دارها، وهي دولة صغيرة.أمام ذلك كله تراجع الرئيس الأميركي "ترامب" عن تهديداته النارية لكوريا الشمالية وتجاوز العبارات النابية التي وجهها، أو تبادلها مع رئيس كوريا الشمالية “كيم جونغ أون” ليكون البديل البدء بمفواضات بين الكوريتين برعاية صينية، وتحت العين الروسية، وما كان ذاك إلا سلما أعد لإنزال الرئيس “ترامب” عن الشجرة التي صعد إليا. ما أكثر ما يهوى لعبة الصعود إلى الأشجار منذ إطلاق شعاراته الانتخابية؟!

القصد : لا يمكن مقارنة القوة النووية الكورية بالقوة النووية الروسية، فالذي أحجم عن ضرب كوريا الشمالية على صغر حجمها، وقلة إمكاناتها،خوفا من تنفيذ رئيسها لتهديداته بضربة نووية لأميركا، لا يمكن أن يقتحم بيت الدب الروسي المددج بالسلاح النووي المخيف. والرئيس الروسي الصلب “بوتين” يهدد بالرد الأعظم؟!


-قضية مسيرات العودة الفلسطينية
أوضح “عاموس يادلين” رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق”أمان” في بحث له:”إن الفلسطينيين يعبرون عن انتصارهم على إسرائيل من خلال هذه المسيرات التي أعادت قضيتهم إلى صدارة الأحداث، ووجدوا فيها استراتيجية جديدة أكثر جدوى في مواجهة إسرائيل دون الدخول في حرب عسكرية حتى الآن”.

هي الكأس المرة التي تتجنب تجرعها (إسرائيل) وتقاوم ذلك حتى الآن: أن يهب الشعب الفلسطيني على الطريقة “الغاندية” التي حررت الهند من المستعمر البريطاني، فيحرر أرضه الفلسطينية. هكذا يحسبون وهكذا يفجرون الأزمات التي تأخذ بلب الإعلام الدولي، كي ينسى الناس ما يجري هنالك من ظلم للفلسطينيين وقتل الأبرياء العزل على يد الجيش الإسرائيلي بطرق إرهابية.انشغال العالم بتهديد الغرب بضرب سوريا شكل تعمية كثيفة الظلال على التحرك الفلسطيني السلمي فتحجب الإعلام العالمي عنه بدرجة مريحة لـ(إسرائيل) ورعاتها، وحلفائها الجدد من العرب بعد أن كانت تصريحات ولي العهد السعودي قمة التخلي عن القضية الفلسطينية العادلة، والتي، وفي نفس السياق، تضعف تلك التعمية منسوب الحرج الذي تسببه للأمير ولي العهد.؟!


-هيبة أميركا الدولية
يكاد يجمع المراقبون على أن هيبة أميركا الدولية وموقعها القطبي الأول في تراجع على الساحة الدولية، وهي في هزيمة مشروعها في سورية ستتلقى الضربة القاضية على هذا المستوى، وهي هنا أمام خيارين:
الأول: أن تمضي قدما في تنفيذ تهديداتها بضرب سوريا.
الثاني: أن تنسحب من سوريا.
لكل من الخيارين أنصاره في أميركا، فمن حث الرئيس الأميركي” ترامب” على التصريح بالانسحاب القريب من سوريا، يؤمن بأن خسائر أميركا ستكون أقل مما لو مضت إلى الحرب في الشرق الأوسط بدءا من سورية، وإن (عش الدبابير) المقاوم، في ظل الوجود الروسي الجاد في المنطقة، سيوجه ضربة موجعة إلى المصالح الأميركية على المستويين المادي، خسائر بالعتاد والأرواح، والمعنوي، دق آخر مسمار في نعش موت القطبية الأميركية الأحادية على الساحة الدولية. في مقابل ذلك رأينا تراجع درامي عن الموقف الرئاسي الأميركي المعلن حول الانسحاب من سوريا، ولعل هذا الأمر من تداعيات تحرك اليمين المتصهين في أميركا خدمة لـ(إسرائيل) التي حشرتها في الزاوية مسيرات العودة الفلسطينية أكثر بكثير مما يتوقعه المراقب، فالرأي العالم العالمي الإنساني، ومنه العربي والإسلامي والمسيحي، سوف لن يداهن أمام قتل الفلسطينيين العزل فوق أرضهم بدم بارد..القضية فقط قضية استمرار من قبل الفلسطينيين لأنهم أصحاب الأرض والحق، حيث لم يعد مجديا الاتكال على الغير، سيما وإن من يعتبر نفسه وصيا على الإسلام في بلاد الحرمين الشريفين يطأطيء الرأس أمام جبروت الظلم الأميركي- الإسرئيلي للفلسطينيين والشعب العربي عموما، ويبيع كل شيء، فقط لأجل مصالح شخصية في الحكم. حيث لا مبادئ تحكم مسيرة ذلك الحكم الملكي هناك.؟!

إذن أميركا هنا أمام هذين الخيارين فتراجع الثاني لصالح الأول سيكون، بتقديري، تراجعا مؤقتا، لعل أميركا تعتقد أنها به تحقق مطالب لها، وقد طفا على السطح أهمها: (إسقاط الرئيس الأسد).هاهم الإسرائيليون يعلنون أن التخلص منه بات ضرورة، بالاغتيال أو غيره، وهاهي أصوات قوية بدءا من صوت الرئيس في أميركا تخرج عن العرف الدبلوماسي وتصف وتدعو إلى تغييب الرئيس “الأسد”؟! وتدعو روسيا إلى التخلي عن التحالف معه، ربما اعتقاد الغرب بأن الضغوط عبر التهديد بالحرب سيجبر روسيا على التخلي عن دعم سوريا، وهم في الغرب يدعون إلى التخلي عن “الأسد” ، لعلهم يعتبرون تحقيق أمنيتهم هذه باليد الروسية ثمنا كافيا يرضيهم ويوقف تهديداتهم، لكنهم ينسون إن إسقاط الرئيس يعني إسقاط سوريا من المعادلة الدولية، والتي تعتبرها روسيا بيضة قبان حضورها العالمي ورمز هيبتها الواقعي الذي إذا ما ضرب، ولو بمجرد خطوة صغير إلى الوراء، سيغيّب روسيا عن الساحة الدولية إلى أمد بعيد.

*تنفيذ أميركا لتهديدها بضرب سوريا سيلقى مقاومة عنيفة، وموجعة، أتى على ذكرها أولا الروسي، ومن ثم محور المقاومة. بالتالي سيتمرغ أنف أميركا وتخرج من الشرق بلا عودة، ما ينسحب بحكم الواقع المستجد بعدها على (إسرائيل). وينفضّ كنتيجة، معظم حلفاء أميركا عنها، وتتغير موازين القوى العالمية، ويدخل العالم في عصر جديد يكون فيه الدور الأميركي دورا متراجعا على طريق النهاية إلى حد كبير. هل تقامر أميركا بذلك؟ لا أعتقد، فخسائر خيار الانسحاب من سوريا أقل بكثير من خسائر الحرب عليها، والنهج البراغماتي الأميركي يرجح ما نذهب إليه. لننتظر ونر…

رأي اليوم

102-10