سوريا.. ورقة مزاعم الكيميائي وأهدافها

سوريا.. ورقة مزاعم الكيميائي وأهدافها
الأحد ٢٢ أبريل ٢٠١٨ - ٠٥:٢٨ بتوقيت غرينتش

يبدو أن مزاعم وروايات اتهام سورية باستخدام «السلاح الكيميائي» لفبركة تبرير تستعمله الدول الاستعمارية التاريخية الكبرى لشن حرب مباشرة على سورية بدأت تتحول إلى «إستراتيجية» عند هذه الدول، ففي آب 2013 استند إليها الرئيس باراك أوباما ووظفها على المستويات السياسية والإعلامية لتبرير عدوان عسكري كبير أميركي غربي مباشر حدد له توقيته وحشد له قواته وفي النهاية تراجع عنه دون أن يتوقف عن اتهام سورية باستخدام هذا السلاح رغم موافقة سورية على كل شروط التخلي عنه على مرأى من العالم باتفاق روسي سوري أميركي.

العالم - مقالات
استمرت الحرب الإعلامية التي قادتها واشنطن وعشرات الدول المتحالفة معها في أوروبا والمنطقة على سورية بنفس الوتيرة المتصاعدة من هذا الباب «الكيميائي» رغم أن «منظمة حظر السلاح الكيميائي» التابعة للأمم المتحدة أعلنت في كانون الثاني من عام 2016 أن سورية لم يعد يوجد فيها أي سلاح كيميائي واعتقد الكثيرون أن سورية نزعت أي مبرر لاتهامها أو لتبرير العدوان العسكري الغربي المباشر عليها، لكن الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب عادت ووضعت نفس هذه الاستراتيجية على جدول عملها فاتهمت سورية في نيسان 2017 بنفس التهمة وقرر ترامب عدم انتظار لجنة تحقيق من الأمم المتحدة وشن هجوماً محدوداً بصواريخ توماهوك على مطار الشعيرات بعد توجيه كل وسائل الإعلام المسخرة لخدمة الإمبريالية الأميركية لاتهام سورية باستخدام الكيميائي في خان شيخون، ومع ذلك لم تتوقف إدارة ترامب وحلفاؤها عن الاستمرار بحملة الاتهام هذه بين فترة وأخرى إلى أن توجتها بموضوع مدينة دوما في نيسان الجاري ونفذت عدواناً عسكرياً لاستعراض قوتها واجهته سورية بصواريخ مضادة وبالإعلام عن الاستعداد لمجابهة كل أشكال العدوان بثقة وقدرات عسكرية متجددة.

رغم فشل العدوان العسكري الأميركي، وقدرة الجيش وحلفائه على إحباطه، استمرت الحملات الإعلامية التي تشنها واشنطن وحلفاؤها في القنوات التلفزيونية العربية لاتهام سورية «بالاحتفاظ بأسلحة كيميائية» وأصبحت العبارات المستخدمة في هذه الحملة تصل إلى درجة التصريح بأن واشنطن تراقب سورية وتحذرها من استخدام ما تبقى لديها من هذا السلاح الكيميائي، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا تصر واشنطن وحلفاؤها على الاستمرار في هذه الحملة؟.

يبدو بموجب ما يمكن قراءته بين سطور التحليلات الغربية والإسرائيلية أن إبقاء هذه الحملة الإعلامية في هذا الاتجاه سيظل يشكل سلاح قوة ناعمة «سوفت باور» لشيطنة القيادة السورية والجيش وحلفاء سورية، تمهيداً لاستمرار فبركة متجددة لاتهام سورية وإعلان المبرر العدواني عليها.

أما السبب الآخر لأهداف هذه الحملة، فهو محاولة فرض حظر دولي على استيراد سورية للأسلحة الروسية وغير الروسية وخلق العراقيل والصعوبات على روسيا لمنعها من بيع الأسلحة الدفاعية لسورية بعد إلصاق تهمة «دائمة» تشوه سورية باستخدام، أو بنية استخدام السلاح الكيميائي!.

وهذه الاستراتيجية العدوانية الإمبريالية استخدمتها واشنطن وتل أبيب معاً ضد إيران حين جرى اتهامها بمحاولة تصنيع سلاح نووي وبدأت الحملة لحشد دول عربية وغربية ضد طهران إلى أن تم التوصل لاتفاق فيينا مع الدول الخمس + واحد في 2015، لكن الحملة على إيران لم تتوقف عند اتهامها بصناعة الصواريخ بل وصل الحد عند ترامب إلى الإعلان عن رغبته بعدم الالتزام بهذه الاتفاقية وتهديد إيران بعدوان عسكري أميركي.

لا شك أن موسكو بصفتها الحليف الأساسي والإستراتيجي لسورية وإيران، تدرك أن هذه الإستراتيجية الإعلامية السياسية الأميركية تحمل أهدافاً عديدة أهمها خلق العراقيل أمام روسيا في الدفاع عن حليفيها السوري والإيراني، كما تدرك موسكو أن إدارة ترامب تسعى إلى فرض عقوبات على كل دولة تقدم السلاح لسورية وإيران بل إلى حشد أكبر عدد من الدول ممن تنفذ قراراتها بفرض العقوبات، لكن هذه التمنيات «الترامبية» لم تعد قابلة للتنفيذ أمام التغير المطرد في ميزان القوى الإقليمي في المنطقة لمصلحة روسيا وحلفائها وفي العالم لمصلحة جميع الدول المناهضة للهيمنة الأميركية ونظامها العالمي المتآكل بفضل صعود أطراف النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب.

تحسين الحلبي / الوطن

109-4