عبد الباري عطوان:

طبول الحرب تقرع.. و صيف ملتهب ستشهده المنطقة

طبول الحرب تقرع.. و صيف ملتهب ستشهده المنطقة
الأربعاء ٢٥ أبريل ٢٠١٨ - ١٠:٣٣ بتوقيت غرينتش

رغم أنّنا ما زِلنا على بُعدِ أُسبوعَين على الأقل من المَوعِد المُحَدِّد لانسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتّفاق النَّووي الإيراني (12 أيّار)، إلا أنّ حرب التَّهديدات والتَّهديدات المُضادَّة تزداد سُخونَةً، وتَدخُل في مُنعَطفاتٍ بالِغة الخُطورة من الجانِبَين الأمريكي والإسرائيلي من ناحِية، والإيراني من ناحِيةٍ أُخرى، واللَّافِت أنّ سورية سَتكون مَيدان المُواجَهات المُحتَمَلة.

العالم - مقالات وتحليلات

الرئيس ترامب كتب تَغريدةً ذات لهجةٍ تهديديّةٍ عالِية قال فيها “إيران ستُواجِه مُشكَلاتٍ أكبر من أيِّ وَقتٍ مَضى إذا ما استأنَفت بَرامِجها للأسلحة النَّوويّة، وأنّها سبب كُل المَشاكِل في المِنطقَة، أمّا حليفه بنيامين نتنياهو، فذَهب إلى ما هُو أبعَد من ذلك عندما تَوعَّد “لن نَسمح للدُّول التي تُريد فناءَنا بالحُصول على أسلحةٍ نَوويّة.. فإمّا أن يُعَدَّل الاتّفاق كُلِّيًّا أو يُلغَى كُلِّيًّا”.

هذهِ التَّهديدات المَسعورة لن تُرهِب إيران، ولن تَدفَعها للتَّنازُل عن الاتّفاق، أو تَعديلِه، بِما يُؤدِّي إلى حظر تَجارِبها الصَّاروخيّة الباليستيّة التي باتَت تُشَكِّل مَصدر قَلق دولة الاحتلال الإسرائيلي والقَواعِد الأمريكيّة في مِنطَقة الخليج ( الفارسي ) خاصَّةً، لأنّها تُدرِك جيّدًا، ومِن تَجارِب الآخرين في المِنطقة أنّ تَنازُلاً واحِدًا سيَقود إلى سلسلة من التَّنازلات لا قاعَ لها، والمَوقِف الصَّلب الرَّافِض للضُّغوط الأمريكيّة هو الأقل كُلفَةً.

الجِنرال علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القَوميّ الإيرانيّ، لَمَّح إلى هذهِ المَسألة عندما أكَّد في حَديثٍ مُتَلفَز أنّ إيران لن تُفاوِض على بَرامِجها الصَّاروخيّة، ولن تَدفع “فِدية” لترامب مُقابَل الإبقاء على الاتّفاق، وتَوعَّد "إسرائيل" بـ”عِقابٍ لا رَجعةَ فيه” رَدًّا على قَصفِها لمطار “تيفور” العَسكري في سورية، وقَتل سبعة مستشارين إيرانيين، وقال “إنّ طبيعة، وزَمان ومَكان، وكيفيّة الرَّد على الكِيان الصُّهيوني ستُحَددها حُكومَتنا لاحِقًا”.

مَصادِر مُقرَّبة من “حِزب الله” أكَّدت لمُراسِل هذهِ الصَّحيفة بأنّ الرَّد الإيرانيّ حَتميّ، وسَيكون مُفاجِئًا في حَجمِه وتأثيره، ولا يُمكِن أن يَتِم التَّراجُع عن هذهِ المَسألة الاستراتيجيّة، لأنّ الأمر يَتعلَّق بِهَيبة الدَّولة الإيرانيّة”.

صحيفة “يديعوت أحرونوت” نَقلت اليوم عن مَسؤولٍ إسرائيليٍّ قوله “أن الجيش يأخُذ التَّهديدات الإيرانيّة بالجِديّة، وأنّه في حالِ تأهُّبٍ”، أمّا إفيغدور ليبرمان فقد بلغت وقاحته درجةً غير مَسبوقة عندما قال أنّ الجيش الإسرائيلي سيَرُد في حالِ استخدمت سورية صواريخ دِفاعيّة روسيّة ضِد طائِراتها لأنّ هذهِ الأسلحة الدِّفاعيّة يَجِب ألا تُستخدَم ضِدنا، فنَحن لا نتدخَّل في الشُّؤون الدَّاخِليّة السُّوريّة”.

مِئة غارة نَفّذتها الطَّائِرات الإسرائيليّة في عُمق الأراضي السُّوريّة في السَّنوات الخَمس الماضِية، حسب اعتراف رئيس السِّلاح الجويّ الإسرائيليّ السَّابِق، فإذا كانت هذه الغارات لا تُعتَبر تَدخُّلاً في الشُّؤون الداخليّة السُّوريّة.. فمَا هو التَّدخُّل إذن؟ وهل هُناك وَقاحة أكثر من التَّهديد بقَصف سورية إذا ما استخدمت صواريخ روسيّة للدِّفاع عن نَفسِها، فلماذا تَحصُل سورية على هذهِ الصَّواريخ أصلاً؟ للتَّصدِّي لهُجومٍ لُبنانيٍّ مَثَلاً؟.

عندما يُشَدِّد الجِنرال شمخاني على أنّ "إسرائيل" ستُواجِه “عِقابًا” لا رجعة فيه “فإنّ هذا يَعني أن الرَّد باتَ وَشيكًا، وربّما بعد انتهاء الانتخابات البَرلمانيّة اللُّبنانيّة (6 أيٍار ـ مايو المُقبِل) لأنّ “حزب الله” يُريدها أن تَجري دون أيِّ تأخير، واتّخاذ ترامب قراره النِّهائي بِشَأن الاتّفاق النَّووي بَعدها بأُسبوع.

مُعظَم حُروب مِنطقة “الشَّرق الأوسَط” اشتعلت أوزارها في الصَّيف، وكذلك انقلاباتها، ولا نَعتقِد أنّ هذا الصَّيف سيكون استثناء، بالنَّظر إلى تصاعُد حِدَّة التَّوتُّر، وحالة القَلق في صُفوف الإسرائيليين خاصَّةً.

شُعوب المِنطقة اكتسبت خِبرةً كَبيرة، وتأقلمت مع هذهِ الحُروب التي جَرى فرضها عليها، ولم يَتبقًّ لديها الكثير لكي تَخسره، على عَكس الإسرائيليين الذين لم تَصِل الحُروب إلى عُمقِهم، ويبدو أنّ الحَرب القادِمة إذا ما اشتعل فَتيلها، لن تَكون كذلك أبَدًا.. والأيّام بَيْنَنَا.

عبد الباري عطوان / رأي اليوم

109-2