كيف تتحلى بعقل "مرن" يقودك إلى الابتكار والتجديد؟

كيف تتحلى بعقل
الجمعة ٢٥ مايو ٢٠١٨ - ٠٥:٠٠ بتوقيت غرينتش

العمل بشركة "ألاينس" للمطاط أشبه بخلية نحل في مصنعها بمدينة هوت سبرينغز في ولاية أركنسو الأمريكية. فمنذ ابتكر مؤسسها ويليام إتش سبنسر الأربطة المطاطية عام 1923 من البطانة الداخلية لإطارات السيارات من نوع "غوديير"، مستخدما إياها في حزم الجرائد، أدركت الشركة التي توارثتها أسرته بعد ذلك الأهمية التجارية لهذه الصناعة.

العالم - منوعات 

من وقتها، تعددت منتجات الشركة، وباتت تخدم قطاعات مختلفة، منها الصحة والسفن، ناهيك عن الاستخدامات الرياضية، والصناعات العسكرية.

وتدخل المنتجات المطاطية للشركة بكثافة في السوق العالمي لسرطان البحر، الذي يدر أرباحا ضخمة.

ويقول جيسون ريزنر، مدير العمليات الاستراتيجية للشركة: "في البداية كانت تُستخدم مشابك خشبية لضم مخالب سرطانات البحر التي يتم اصطيادها لأغراض استهلاكية حتى لا تتعارك فيما بينها بمجرد تخزينها في أحواض السفن، ما يجعلها تصل إلى المستهلك تالفة."

ويضيف: "غير أن تلك المشابك كانت تضر بلحم سرطانات البحر، وتصيبه بالعدوى، وبالتالي لزم ابتكار وسيلة جديدة". وكانت تلك الوسيلة هي الرباط المطاطي الذي بات يحافظ على السرطانات سليمة لحين وصولها للمستهلك".

كما تدخل تلك الحلقات المطاطية البسيطة في استخدامات أهم من سرطانات البحر، إذ تساهم في الحفاظ على حياة هواة القفز بالمظلات، باستخدامها في طي ونشر المظلات، وتيسير انبساطها في الهواء. ولا تكاد تلك الحلقات المطاطية تختلف عن الأدوات المكتبية المطاطية المألوفة، وأربطة الشعر.

ولا سبيل لشركة ألاينس لمواصلة النجاح إلا بالابتكار الدائم ومواجهة المنافسة التي بدأت تفرضها المنتجات التايلاندية والصينية، وبالتالي تعمد الشركة لتوظيف أشخاص مبتكرين يعكفون على التجارب في هذا المجال والخروج باستمرار بأفكار غير مسبوقة.

ولا تتوقف الحركة الذهنية الدؤوبة داخل مقر الشركة، وتجاذب الأفكار، ويعد تبني العاملين للمرونة إطارا أساسيا لتفكيرهم.

والتفكير نوعان، نوع تحليلي يعتمد على التسلسل والتتبع المنطقي، وآخر يجد غايته في المواقف التي تتجاوز الأطر وتبادر إلى الجديد.

والتفكير المرن ليس أمرا مبتدعا، بل عرفه الإنسان منذ أحقاب عدة، ومع ذلك يقول المؤلف والفيزيائي لينارد ملادينوف إنه آن الأوان كي يتبنى الكثيرون هذا الفكر "المطاطي" لمواجهة عالم دائم التغير.

توسيع المدارك

يركز ملادينوف في كتابه "التفكير المرن في عالم دائم التغير"، على الوسائل المطلوبة لهذا التفكير، والتي يقول إنها بمتناولنا جميعا.

ويقول ملادينوف إن التفكير المرن يعمل على توسيع المدارك وانتهاج آلية "من أسفل لأعلى" في التفكير بدلا من البدء من القمة وصولا إلى التفاصيل، كما في التفكير التحليلي.

ويضيف أن هذا النمط المرن يتسم بالرغبة في الإبداع، وجموح الخيال، وتوالد الأفكار، والخروج عن الفكر المألوف.

وفي لقاء بالجمعية الملكية للفنون بلندن، وصف ملادينوف التفكير المطاطي بأنه ليس حكرا على الفنانين والكتاب، بل صالح لكل المهن، وأنه بمثابة رصيد لدى المرء يمكن تطويره.

وأضاف: "نعمل جميعنا على الخروج بحلول لمواجهة المشكلات الخطيرة أو رغبة في تحقيق المزيد في عالمنا المتغير. والدماغ البشري لديه تلك القدرة".

ويقول ملادينوف إن الفكر يتدرج بين التحليلي والابتكاري، "فالتفكير المنطقي التحليلي مفيد جدا في حل مشكلة سبق أن تعرض المرء لمثلها، عندها يمكن اللجوء لوسائل وأساليب مجربة للتعامل مع الموقف. أما المستجدات، فتستدعي فكرا مطاطيا، وليس اتباعا للقواعد".

ويصف ملادينوف شركتي أوبر وغوغل كنموذجين بارزين على الابتكار ومواكبة التطور، ويقول إن "الفكر المطاطي" كان قاسما مشتركا بين فنان عصر النهضة ليوناردو دافينشي ومبتكرو لعبة "بوكيمون غو"؛ إذ كانوا جميعا يتحلون بالقدرة على استحداث الجديد، والسير في الطرق غير المطروقة سابقا، دون أن يهابوا الفشل.