الى الجنوب ... من يقلق؟

الى الجنوب ... من يقلق؟
السبت ٠٢ يونيو ٢٠١٨ - ٠٧:٣٤ بتوقيت غرينتش

إتسم الموقف الاردني  أحيانا ً بالضبابية والحذر مقارنة مع باقي جيران سوريا. وطالما ساور عمان قلقا احيانا من خطر إمتداد عدم الإستقرار والعنف إلى أراضيه لكنه ومع ذلك وفي أواخر العام 2012، زاد الأردن من دعمه العسكري للمجموعات  المسلحة في جنوب سوريا، بما في ذلك السماح لبعض الأسلحة الخفيفة بالتدفق عبر الحدود.

العالم - مقالات

وبدأ الحديث في نهاية العام 2013 عن مركز قيادة عمليات سرية في الأردن، يعمل به مسؤولون عسكريون غربيون وعرب، مهمتهم تقديم الدعم الحيوي للمسلحين على الجبهة الجنوبية في سوريا، وتزويدهم بالسلاح والمشورة التكتيكية لمهاجمة الجيش السوري  وعرف المركز بغرفة عمليات ال “موك” (MOC: Military Operation Center

فصائل “الجبهة الجنوبية”، التي تشكلت في شباط 2014، وتضم حوالي 50 مجموعة مسلحة ومع غياب أي قيادة مركزية أو هيكل تنظيمي، حيث لا تعتبر “الجبهة الجنوبية” ك “منظمة”، بل هي عبارة عن إتحاد فضفاض لجماعات مسلحة غير متجانسة  فيه  من كل المشارب القبلية وبقايا الحر وتتعدد الولاءات وتتقاطع  وقد تتجه نحو النصرة او حتي ابعد منها. وصولا إلى "داعش".

 أحد أسباب التلكؤ الاردني اذا صح التعبير في بعض محطاته في العلاقة مع مسلحي الجنوب بروز معلومات عن تورط بعض قيادات “الجبهة الجنوبية” في صفقات بيع أسلحة لـ"داعش" ، كانت قد قدمتها “الموك” لاستخدامها في المعارك ضد الجيش السوري. 

لا شك أن سلوك الأردن القلق من تنامي التطرف على حدوده الشمالية قد شكل ضربة  لفصائل “الجبهة الجنوبية”، إكتملت إرتداداتها مع إنفتاح عمان على سياسة موسكو في سوريا، حيث حافظ الأردن على إتصالات وثيقة مع الكرملين، حتى قبل بدء روسيا حملتها الجوية في نهاية أيلول عام 2015.

ومما لاشك فيه فان رهان الاقليم على خرق في الجبهات المتعددة في الجنوب او الشمال او الغوطة الشرقية حينها كان السبب الرئيس في اعادة حسابات افرطت في التفاؤل وانتجت مجموعات متناحرة.

انتصار حلب  وانكفاء المسلحين في الجنوب السوري كله كان مقدمة  لاعادة الحسابات لداعمي المجموعات المسلحة اجبارا لا اختيارا  وبعد كل انتصار في اية بقعة من الارض السورية اصبحوا اكثر يقينا بان الاجدى اعلان فراق تكتيكي مع المسلحين في الجنوب السوري خاصة بعد انتصار الغوطة الشرقة  كل ماسبق  مقدمة لحقيقة ان الدولة السورية مصممة وفي اطار سيادي على اعادة كل معابرها وارضها جنوبا وشمالا وشرقا.

وايا تكن الترتيبات او الوسيلة فان المؤكد ان لدمشق كلمة الفصل في خياراتها المستقبلية في كل ملفات الصراع وان قبول هذا الطرف او ذاك الانكفاء هنا او هناك لم يكن لولا اتجاهات الميدان والانتصارات في كل الاتجاهات على الارض السورية.

الحرب هي الخيار الأسوأ. السوريون يتفقون على هذه الحقيقة. لكن مع مجموعات مثل القاعدة، و"داعش"، والنصرة والمجموعات الأخرى ذات العقليات المتشابهة ومع من يرفض المصالحات ما من خيار الا القوة وفي حالة الجنوب السوري لاباس بالاستعانة بضغط المجتمعات المحلية التي قد تفيد كثيرا. لتحقيق مصالحات مع من يرغب ولعل الخاسر الوحيد في بسط سيطرة الىولة السورية على الجنوب السوري هي تل ابيب المصابة بالهستريا  لفقد اعزاء لها هم النصرة و"داعش"، ومن يدور في فلكهما.

محمود غريب