دجلة والفرات ...الماء أيضا يتحدث في السياسة!!

دجلة والفرات ...الماء أيضا يتحدث في السياسة!!
السبت ٠٢ يونيو ٢٠١٨ - ٠٦:٣٤ بتوقيت غرينتش

لطالما كان العامل الاقتصادي مهما في اتخاذ القرارات السياسية على مستوى العالم، تزيد هذه الاهمية او تنقص بحسب موقع البلد الجغرافي وحجم الثروات الموجودة فيه وكيفية ادارتها.


 وقد ظهرت في السنوات الأخيرة أزمات تتعلق بحجم الثروات الطبيعية والتي بدأت تتناقص في بعض المناطق من العالم نتيجة التغيرات المناخية وسوء الاستخدام اضافة للعامل الاهم حاليا والمتمثل بمدى التوافق السياسي.

الفرات ودجلة ..الثروة المشتركة
تصاعدت مؤخرا مطالبات عراقية تتعلق بحل ازمة المياه القائمة مع الجارة تركيا منذ عقود ، فمنابع دجلة والفرات موجودة في الاراضي التركية لكن روافد هذين النهرين تغذي العديد من الاراضي والمحافظات العراقية في الوقت نفسه . ويجمع البلدان على ضرورة الاستفادة القصوى من المياه وتحديدا في عمليتي التنمية الزراعية وتوليد الطاقة ، المشروع الذي بدأت به تركيا منذ سبعينيات القرن المنصرم والذي عارضه العراق بشده نتيجة اختلاف ظروف البلدين السياسية ، فتركيا من جهة قامت بتدشين أكثر من عشرين سدا عند حوضي النهرين عبر عدة سنوات ، ما اثر على تدفق المياه نحو الاراضي العراقية وخفض منسوب النهر الى نحو النصف في فترة من الفترات ، الامر الذي عارضته العراق بشدة ووصل بها الى حد التهديد بضرب "سد اتاتورك" داخل الاراضي التركية عام 1991.


نهضة تركية ..انشغال عراقي
تغير شكل الحياة في تركيا بعد مجيء حزب العدالة والتنمية الى الحكم والذي رافقه توجه سياسي لاعادة تركيا الى الواجهة خاصة وانها تتمتع بالعديد من المقومات الطبيعية والجغرافية والسياسية جعلتها فيما بعد احدى القوى الاقليمية الكبرى ، وقد عملت تركيا مثلا على تحويل المياه من مادة طبيعية الى سلعة اقتصادية عبر السدود ومحطات التوليد التي سمحت لتركيا من تسخير المياه لخدمة الناتج القومي .

في الوقت ذاته دخل العراق في دوامة من الازمات السياسية الداخلية اضافة لمشاكل شمالي العراق المتعلقة بالحركة الانفصالية للأكراد الأمر الذي استنفذ موارد الدولة في الملفات الامنية على حساب التنمية لمناطق العراق وفي مقدمتها الشمال الذي اصبح يعاني من التصحر لقلة الموارد المائية .

الترك والعرب ..التأرجح بين الخلاف وحسن الجوار
يشدد الاتراك على أن التنازل عن كميات المياه الفائضة لديها لدول المصب (العراق وسوريا) مرهون بتحقيق مسألة حسن الجوار والذي يعني اغلاق الملفات الامنية معها بشكل يرضي تركيا ويخلق في الوقت ذاته علاقات تجارية واسعة تجني منها الحكومة التركية فوائد قد تفوق بأضعاف ما قد تحصل عليه من مطالبتها بثمن المياه الاضافية من الدولتين _المسألة التي تشوبها اساسا ضبابية قانونية_ الامر الذي تقف عنده الدول المعنية كثيرا ، فتعارض الرؤية السياسية لتركيا مع دول الجوار لكثير من القضايا (وعلى رأسها لقضية الفلسطينية) يطرح سؤالا حول مدى قدرة الدول الثلاثة على تحمل المزيد من النفقات في عالم يسعى لايجاد لغة مشتركة اصلا. نفقات قد تنتقل من ملف المياه الى امور اخرى تهدد الامن القومي اكثر واكثر....