جورجيات على أرصفة دمشق… لم يتزحزحن رغم الحرب!

جورجيات على أرصفة دمشق… لم يتزحزحن رغم الحرب!
الثلاثاء ٠٥ يونيو ٢٠١٨ - ٠٩:١٧ بتوقيت غرينتش

لم تمنع تفاصيل الحرب الطاحنة سونيا، المنحدرة من أصل جورجي، هي ورفيقاتها من ممارسة عملهن في دمشق، على الرغم من المخاطر التي تلف المدينة من احتمال وقوع تفجير أو سقوط قذيفة صاروخية أو أي خطر آخر.

العالم - سوريا

لم تكن سونيا الوحيدة التي هجرت بلادها بعيدا عن عائلتها بل هناك عشرات النسوة الجورجيات اللواتي يعملن في سورية ويرفضن العودة إلى بلدهن على الرغم من إعلان سفارتهن تقديم المساعدة للعودة.. «الأيام» «دردشت» مع بعض هؤلاء البائعات الجورجيات اللواتي يبعن البضائع على أرصفة دمشق، وقد انتخبت تلك النسوة السيدة «سونيا» نيابة عنهن، كي تتحدث عما يفعلن في دمشق، تقول سونيا بلغة عربية “مكسرة”، إنها بدأت عملها سابقاً مع صديقتها في منطقة مشروع دمر بعد أن شجعتها على ذلك حيث لاقى عملها رواجاً، وأصبح لديها زبائن يشترون بضاعتها، وتقول السيدة الجورجية إنها مضطرة لمساعدة أبنائها «فهم يحتاجون المال من أجل تربية أحفادي»، وتضيف: إن العمل في بلادي قليل جدا، والمردود المادي لا يكفي العائلة هناك، لذلك قررنا نحن النسوة أن نبقى للعمل في سورية.

البائعات الجورجيات لا يوجد لديهن قلق من الحرب في سورية، فهن موجودات هنا منذ 15 عاماً، ويعملن لكسب لقمة عيشهن وقد اعتدن المجتمع السوري بعاداته وتقاليده، كما تقبّل المجتمع وجودهن فيه لذلك تراهنّ يعملن بحرية ومن دون خوف، ولم يتعرضن لمشاكل غير اعتيادية في دمشق.

ورغم ذلك تواجههن عقبات من نوع آخر، تقول سونيا: «في أحد الأيام قامت دورية من محافظة دمشق، بمصادرة بضائعنا، وقامت بتغريمنا مبلغاً من المال»، وبصعوبة بالغة استطاعت النسوة الجورجيات الحصول على جزء من البضاعة، لكنهن مع الوقت أصبحن يعرفن كيف يتعاملن معهم، ويتدبرن أمورهن في الحالات المماثلة، «لا بأس من أن نعطي كل فرد بالدورية قطعة من اختياره مقابل المحافظة على باقي البضاعة» هكذا أسرّت سونيا ضاحكةً، كما عملن على إنشاء علاقات ودية مع دوريات المحافظة ليتابعن العمل.

وعن كيفية استيراد البضائع، أوضحت البائعات، بأنهن يقمن بجلبها عن طريق لبنان، ومنها إلى دمشق، وذلك بالتناوب فيما بينهن، أما بالنسبة لكيفية تجاوز موضوع الجمارك فإنهن يقمن بالتمويه على تلك البضاعة بحيث تبدو وكأنها هدايا لبعض الأصدقاء، إلا أن هذه الرواية لا تنجح بشكل دائم. «في بعض الأوقات ندفع بعض المبالغ البسيطة لدوريات الجمارك في الطرقات أو في مركز الجمارك كي يتغاضوا عنا» حسب ما قالت البائعة الجورجية.

لسونيا وصديقاتها صيت ذائع بين سكان دمشق، الكثير منهن اعتاد الشراء من بسطات الجورجيات المنتشرة بأماكن محددة في شوارع دمشق والتي أصبحت معروفة.

وفي حديث الموظفة بشرى إحدى زبائن البسطات الأجنبية في شارع العابد، قالت: «غالباً ما أمر من هنا وأجد دائماً هذه البسطة، وتلفت نظري بعض البضائع التي أرغب باقتنائها»، مضيفةً «اليوم اشتريت كنزة بمبلغ 5000 ليرة، والبائعة تقول إنها صناعة أجنبية، لكني لا أستطيع الجزم بذلك فليس من المستحيل أن تضع علامة صنع في إيطاليا مثلا وهي صناعة محلية، لكن رخص ثمنها يغري أي شخص لشرائها».

وأضافت بشرى: «الأسعار بالمجمل تقل على البسطة سواء كانت من البائعات الجورجيات أو البائعين السوريين، إنها تقل بمقدار الربع إلى النصف عن أسعار المحلات، فسعر الفستان يتراوح ما بين 3 إلى 4 آلاف ليرة، وسعر البنطال بحدود 3000 آلاف ليرة، وهذه الأسعار مناسبة جداً للموظف الحكومي». وفي سياق متصل تقول المعلمة منال: «أتردد من فترة إلى أخرى على بسطات الجورجيات لأن أسعارهن موحدة وهي جيدة ومميزة، فنحن لا نستطيع شراء الملابس من الماركات لأن سعرها مرتفع جداً».

نساء جورجيات ازدانت أرصفة دمشق بهن حين رفضن مغادرتها والعودة إلى بلادهن، رغم قسوة ظروف الحرب، يقبلن بالقليل كي يعشن، أحببن السوريين وعاداتهم وطقوسهم وتفاصيل حياتهم ووفرن لبعضهم الثياب الجميلة والرخيصة.
نور ملحم - شام تايمز
6