تحرير درعا لا نقاش فيه.. خيارات المشهد الأخير

تحرير درعا لا نقاش فيه.. خيارات المشهد الأخير
الأربعاء ٠٦ يونيو ٢٠١٨ - ١٠:٣٠ بتوقيت غرينتش

تتشابك الجبهات السياسية بشكل أكثر تعقيداً مما سبق، توترات هنا ومفاوضات هناك، الأمريكي كثور جريح يريد "رفس" كل من حوله بمن فيهم شركائه في أوروبا وكندا، والإسرائيلي الممتعض من الروسي والخائف من الإيراني ينخرط في مناورات عسكرية مع حلف الناتو على تخوم روسيا.

العالم-مقالات و تحليلات

السعودية تحاول الولوج إلى الأكراد الذين تعتبرهم تركيا كابوساً، فيما يستمر الجيش السوري بتقدمه وحشوداته العسكرية، والعنوان العريض معركة الجنوب، المتزامنة مع تصريحات الرئيس بشار الأسد الذي توعد بإخراج كل الغرباء والمحتلين عن أرض بلاده سواءً بتفاهم أو بالقوة العسكرية.

تلقفت إدارة ترامب تصريحات الرئيس الأسد بانزعاج كبير، صدى كلمات الأسد لا تزال تتردد في أروقة البيت الأبيض، مشهد عودة الصناديق الخشبية محملة بأشلاء جنود واشنطن تعود لتطرق أذهان الأمريكيين في حال أصر ترامب على المضي قدماً في السباحة وسط المستنقع السوري.

فيما اعلنت العشائر السورية تشكيل المقاومة الشعبية للوجود الأمريكي، وهذا الإعلان لا يمكن فصله بطبيعة الحال عن وعد الأسد بإخراج الأمريكي.

الأمريكي يعلم جيداً أن القيادة السورية تمتلك خبرة كبيرة في هندسة حركات المقاومة، كان ذلك في فلسطين ولبنان والعراق، فكيف والآن القتال على التراب السوري ضد وجود أمريكي؟!

بالعودة للحراك الداخلي السوري، فقد بدأ وفد من معارضة الداخلية زيارة إلى مدينة القامشلي لإجراء لقاءات مع مسؤولين كرد من عدة تيارات، على مايبدو فإن تلك الزيارة هي محاولة جادة من قبل سورية حكومةً ومعارضة داخلة لاستيعاب الأكراد وسحب ورقتهم من السعودي الحالم باستغلالهم كورقة ضغط ضد السوري وضد التركي في آن واحد.

فهل ينقسم الكرد بين انتمائهم لسوريا ودولتها وبين تلقي الدعم والأحلام من الأمريكي وبين الوافد السعودي الجديد؟

وعود الرئيس الأسد بإخراج الأمريكي قد يكون على صلة أيضاً بزيارة وفد المعارضة والمعلومات التي قالت بوجود اتصالات بين الحكومة وبعض القيادات الكردية، ضمانات ووعود وحقوق للأكراد لكن عليهم الاختيار بين بلدهم وبين الأمريكي قبل بدأ عهد حرب التحرير.

هل نقلت عضو وفد المعارضة ميس الكريدي رسالة مباشرة للأكراد مفادها بأن عليهم الوقوف إلى جانب دولتهم ضد واشنطن قبل أن يكونوا في موقف محرج أمام باقي أطياف وأعراق الشعب السوري، خوفاً من أن يظهروا بمظهر المختلف المدعوم أمريكياً.

أيضاً فإن كلام وزير الخارجية وليد المعلم بعدم وجود تسوية للجنوب، يؤكد بأن دمشق ماضية في خطتها لتحرير جبهة الجنوب، ومع التوتر الروسي ـ الإسرائيلي ومشاركة الأخير في مناورات الناتو، قد تقوم موسكو بردة فعل تبرز مظاهرها في الجنوب وفي درعا تحديداً.

ميدانياً لا تزال الحشود العسكرية تتوالى تمهيداً لمعركة درعا، فيما تعمد كل من تل أبيب والأنظمة الخليجية لتسويق مزاعم التواجد الإيراني في سوريا، قاعدة التنف مرتبطة بما يحدث داخلياً من مظاهرات في الأردن، الملك عبد الله في أسوأ أيامه ولن يكون قادراً على فتح جبهة ضد دمشق مع التوترات الداخلية، والأمريكي سيكون باجة لتعزيز حماياته في الشرق السوري، كل ذلك يجعل من معركة الجنوب أصعب على خصوم مشق.

ما سيحدث لاحقاً ضمن القراءة السياسية، سيكون على شكل خيارات، إما بدء معركة الجنوب وهو المرجح ليكون المشهد النهائي هو تحرير درعا وجوارها، مع إمكانية مواجهات عسكرية خاطفة بين السوري وحلفائه من جهة وبين الإسرائيلي من جهة أخرى، أو أن تحدث تسوية يتم من خلالها ترحيل مسلحي الجنوب إلى الشمال مقابل تواجد روسي أممي على الحدود مع الأراضي المحتلة، أما فيما يخص الشرق السوري فسيكون على موعد مع بدأ معارك العشائر ضد الأمريكي، وقد نرى أكراداً منشقين ينسقون مع حكومة بلادهم في دمشق كي يضمنوا مستقبلهم بعد الأزمة، يقاتلون مع العشائر، في الشرق المشهد معقد أكثر مما يبدو، والتوتر السعودي ـ التركي مرشح للعودة للظهور على السطح.

علي مخلوف-عاجل

HUS-2