اسباب خفية للحرب السورية..

اسباب خفية للحرب السورية..
الأحد ١٧ يونيو ٢٠١٨ - ٠٥:٥٩ بتوقيت غرينتش

اذا اردنا الحديث عن اسباب الحرب في سوريا ودوافعها ومن يقف خلفها ولماذا حدثت، قد نحتاج لمجلدات واشهر وربما سنوات من الاحصاء والتحليل، ولكن نحن في هذا المقال سنسلط الضوء على عوامل ساهمت بطريقة غير مباشرة في انهاك سوريا على مدار سنوات عدة وهو ما ادى في نهاية الامر الى المساعدة في الوصول الى ما نحن عليه الان.

العالم - سوريا

التفكك العائلي والفساد الاسري، يعتبر من اول هذه العوامل، من يتابع العائلة السورية في اخر عقدين يرى تفكك رهيب وشرخ كبير ضربها، وخلال فترة العقد والنصف الماضية من يتابع المجتمع السوري ويدرسه حتى وان كان عن طريق الدراما التي تعكس المجتمعات، يرى ان هناك قضايا قد تم طرحها وكانت من المستحيلات والمحرمات في المجتمع السوري قبل سنوات، مثل العلاقات غير الشرعية وتعاطي الممنوعات وتشكيل عصابات السرقة، وخلال هذه السنوات زادت حالات الطلاق بشكل كبير وهو ما انعكس سلبا على الابناء الذين يشكلون نواة المجتمع في المستقبل.

اما التفكك الاجتماعي فهو آفة كبرى ضربت المجتمع السوري، فقبل عقدين من الزمن لم يكن المواطن السوري متوسط الدخل او ضعيف الدخل يشعر بالفارق الطبقي بينه وبين الطبقة الغنية، التي ما لبث اصحابها حتى غزوا مجتمعنا بطريقة رهيبة، وساهموا بالقضاء على جزء كبير من الطبقة الوسطى او محدودة الدخل، وهذا الامر خلق نزعة حقد دفينة داخل عدد كبير من ابناء المجتمع، وساهمت هذه الطبقة بشكل مباشر او غير مباشر بتهجير اليد العاملة السورية والعقول، واستقطبت السعودية وتركيا عدد مهم من هذه العقول وقامت بغسلها وتحضيرها لما نحن عليه الان. اضافة الى ان ظهور طبقة غنية جاهلة نتيجة انحسار الطبقة الوسطى المثقفة ادى فيما بعد ان وجود ازمة ثقافة.

الفساد الاداري كان من اهم الاسباب التي ساهمت بتمزيق النسيج السوري من الداخل، حيث ان المحسوبيات والواسطات والقربى اهم من جميع الشهادات عند التعيين في وظيفة ما، وذلك ناهيك عن الفساد بحد ذاته عن طريق اخذ الرشاوة بغير وجه حق، وتعطيل المعاملات والمشاريع الاستثمارية لاسباب مجهولة. وهذا الفساد سهل بطريقة مباشرة بادخال السلاح الى البلاد عبر الجهات الخارجية التي ارادت تدمير سوريا، فلولا وجود هؤولاء الفاسدين الذين تغلغلوا في مفاصل حساسة للدولة، كيف كان سيسمح للايادي الخارجية بادخال الارهابيين والسلاح الى بلادنا؟ وخلال سنوات الحرب خرج فاسدين كثر كانوا في مراكز عليا، وذلك بعد خيانتهم للبلاد، امثال رياض حجاب الذي كان رئيسا للحكومة، فالسؤال هنا الا يجب محاسبة من ساهم بتزكية حجاب لدى القيادة لكي يصل الى هذا المنصب المهم، ومن ساهم ايضا بترقيته في الدولة والمناصب التي تقلدها، وطبعا حجاب وغيره من الشخصيات الفاسدة، سواء التي اعلنت خيانتها بشكل علني، او التي لا تزال تخفي الخيانة وتعمل على اضعاف الدولة وبنيتها عبر الفساد وترقية الفاسدين والمتملقين والاقارب.

اما النوع الخطير من الفساد كان الفساد الاعلام، حيث ساهم بعض المسؤولين في هذه المؤسسة في اخفاء معاناة القاعدة الشعبية عن القيادة، وطبعا القيادة تعلم حال الشعب عن طريق الاعلام والمسؤولين، لان القيادة لا تعلم الجهر وما اخفى، لكنها تبني الافكار المستقبلية والنظرة للشعب عبر تقارير اعلامية ومن المسؤولين. لذلك الفساد الاعلام ساهم بصورة غير مباشرة في تأزيم معاناة الشعب مما سبق ذكره.

اما الفساد التعليمي فهو مصيبة بحد ذاتها، فذهبت هيبة التعليم والمعلم وحل مكانها هيبة المال الذي اجتاح بشكل كبير هذا القطاع المهم من بناء المجتمع والاجيال، وخصوصا الدرجات التي تباع ان كان الطالب في مدرسة خاصة او يأخذ دروسا خصوصية لدى هذا المدرس او ذك، والتعليم العالي لم يكن افضل حالا من التعليم الاساسي.

الفساد الديني كان الطامة الكبرى التي ضربت النسيج السوري، فقد سمح خلال هذه الفترة بخروج شيوخ ودعاة ذو خلفيات دينية متطرفة، بالبروز في المجتمع، بالاضافة الى قيام الوهابية عبر بعض عملائها بغزوا عشرات الالاف من المساجد في القرى السورية وارياف المحافظات ما ساهم في غسل ادمغة الشباب السوري العاطل عن العمل، بسبب ما سبق ذكره، وتم تهيئة هذا الجيل لما نحن عليه الان.

القيادة السورية تنبهت لهذا الامر، وهو ما اكد عليه الرئيس السوري بشار الاسد في مقابلته الاخيرة مع قناة العالم، اكد ان الجميع يتحمل مسؤولية الخلال الواقع في المجتمع والذي ادى لتجنيد البعض من قبل الاحتلال الاسرائيلي، وشدد على العمل على معالجة الأسباب التي أدت لهذه الحالة.

يجب ان نتعلم من هذا الدرس القاسي علينا وعلى وطننا وان نعيد بناء الاسرة والمجتمع والادارات الحكومة والاعلام والدين، لكي ننهض من جديد، لاننا لن نتحمل حربا اخرى.

ابراهيم شير - كاتب واعلامي سوري