الجنوب السوري يتراوح بين معركتين.. "سياسية وعسكرية"

الجنوب السوري يتراوح بين معركتين..
الأربعاء ٢٠ يونيو ٢٠١٨ - ٠٧:٥٢ بتوقيت غرينتش

ارتفعت نسبة التوتر في المنطقة الجنوبية السورية تمهيدا للصراعات الواسعة مع وصول تجهيزات المسلحين وتعزيزات "ضخمة" لقوات الجيش السوري إلى درعا على مدار الايام الاخيرة. رغم ذلك ان هناك قد يرجح بعض اللاعبين تسوية ملف منطقة خفض التصعيد جنوب سوريا بالعمل السياسي.

العالم-تقارير

الجيش السوري ألقى عبر الطائرات، امس الثلاثاء، مناشير على بلدات ابطع وداعل وغرز شمال مدينة درعا، يدعو فيها المدنيين إلى التعاون مع الجيش السوري بوجه التنظيمات المسلحة من خلال طردها من مناطقهم كما حصل في الغوطة الشرقية. وجاء في أحد المناشير: «أهلنا الأعزاء، الجيش العربي السوري يقاتل لتخليصكم من المسلحين والإرهابيين الذين عاثوا في بلداتكم وقراكم دماراً وخراباً…». بالتوازي، نشرت وكالة «انا نيوز» الروسية مشاهد لأرتال ضخمة من الجيش السوري متوجّهة نحو محافظة درعا، ويظهر في الفيديو حجم التعزيزات العسكرية التي استقدمت، والتي تشي باقتراب موعد انطلاق عملية عسكرية في المنطقة الجنوبية. وخلال الفترة القريبة السابقة، وصلت تعزيزات من الجيش السوري إلى الجنوب، من ضمنها قوات من الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة، التي انتشرت في مواقعها تحضيراً للعملية العسكرية التي تسعى إلى استعادة السيطرة على المنطقة، بعدما تعثّر «الاتفاق» الذي كان قد أُعلن سابقاً. في غضون ذلك، تؤكّد مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» أنّ «الهجوم المرتقب في الجنوب ليس وشيكاً الى هذا الحد، لكن ما يحدث هو تحرّكات محدودة تهدف إلى تغيير واقع عسكري معيّن تمهيداً للحملة الكبيرة على المسلحين لاستعادة السيطرة على مدينة درعا وريفها حتى الحدود الأردنية».

تحركات الجيش السوري في جنوب سوريا وقلق واشنطن

استهدف الجيش السوري خلال الايام الاخيرة مواقع المسلحين في المنطقة الواقعة على الحدود الفاصلة بين المحافظات الجنوبية الثلاث برشقات مدفعية وصاروخية متقطعة، كان أعنفها على مسلحي ريف القنيطرة، وذلك دون أي تحرك عسكري فعلي من قوات النخبة المُقاتلة المُستقدمة، تزامناً مع تفاعل سياسي لملف هذه المنطقة حيث جددت واشنطن قلقها قبل عملية عسكرية مقبلة للجيش السوري، إضافةً إلى كشف وسائل إعلام العدو الصهيوني عن زيارة لقائد الشرطة العسكرية الروسية المتواجدة في منطقة خفض التصعيد جنوب سوريا فلاديمير إيفانوفيسكي؛ قالت أنها تهدف لإجراء محادثات مع كبار ضباط جيش العدو، وكل ذلك يجعل من مشهد الجنوب السوري ضبابياً مع توقعات بين التأكيد على حتمية تحرك الجيش السوري وأخرى ترجح حدوث سيناريو ما يبعد الحسم العسكري.

على الجهة المقابلة من الجبهة، أعلنت الفصائل المسلّحة الاستنفار الكامل على طول خطوط المواجهة مع الجيش السوري في المنطقة الجنوبية. وقد رُصدت تحركات لافتة للمسلحين في منطقة اللجاة، بالإضافة الى استقدام تعزيزات عسكرية الى المنطقة لمواجهة هجوم متوقع للجيش السوري، يهدف إلى عزل اللجاة عن ريف درعا الشرقي. في موازاة ذلك، نقلت تنسيقيات المسلحين دعوات قادة الفصائل لـ«الشباب الثائر» في الجنوب، إلى الالتحاق بالجبهات في أسرع وقت ممكن، مع التأكيد أن «ثمّة سلاحاً يكفي للجميع، ولا ينقصنا إلا الرجال للقتال».

 

الاحتمالات التي قد تشهدها المنطقة الجنوبية خلال الأيام القادمة

مصدرٌ سياسي سوري مراقبٌ للوضع في الجنوب السوري تحدث لموقع “العهد” الإخباري عن الاحتمالات التي قد تشهدها هذه المنطقة خلال الأيام القادمة، مؤكداً أنه “ليس من مصلحة الجميع خوض عملية عسكرية واسعة تؤدي إلى اشتباك إقليمي حتمي، فكيان العدو الصهيوني يدرك تماماً خطورة الوضع وتداعيات المسألة لن تكون في إطار مقدراته وحساباته، إضافةً إلى كون المنطقتين اللتين ستشكل استعادتهما من قبل الدولة السورية البداية الفعلية لنهاية الحرب على سوريا هما إدلب ودرعا، لذلك يتم التأخير بالاتفاق على أي سيناريو من قبل أميركا والعدو الصهيوني”.

المصدر لفت الى أنّ “ما يعقد مشهد ملف الجنوب أيضاً هو ارتباطه بملف التواجد الأميركي في منطقة التنف الذي يهدف لحجز مساحة في الحل السياسي النهائي بحسب مخططات أميركا التي تحاول الضغط على الدولة السورية عبر دفع فلول الإرهابيين هناك لشن هجمات على الجيش السوري، مع الإشارة إلى أنه ليس من مصلحتها حتماً البقاء في التنف”، وتابع إنّ “حدوث عملية عسكرية موضعية في الجنوب سيناريو وارد جداً وقد حدث بالعديد من المناطق السورية مسبقاً، لكن مثل هذا الأمر بالجنوب مختلف نوعاً ما عن غيره من المناطق لجهة التماس المباشر مع العدو الصهيوني ومع الأردن أيضاً، وبالتالي يبدو المشهد معقداً جداً”.

هذا وأطبق الجيش العربي السوري الحصار على القاعدة الأمريكية في منطقة التنف قرب الحدود السورية العراقية بعد سيطرته على كامل الشريط الحدودي الممتد من البوكمال إلى التنف.

روسيا و دورها في العمل التفاوضي

الحليف الروسي يقوم بدور الوساطة ويخوض محادثات معقدة وشائكة جداً مع الحلف المعادي لسوريا وزيارة قائد الشرطة العسكرية الروسية في الجنوب السوري لكيان العدو الصهيوني بحسب ما نشرت وسائل إعلام الأخير تأتي في إطار مسار المحادثات، وعندما تنتهي هذه الوساطة وينسحب الحليف الروسي منها، فإن بدء العملية العسكرية للجيش السوري على التنظيمات الإرهابية المدعومة من كيان العدو الصهيوني سيكون أمراً حتمياً، ولكن هذا العمل التفاوضي يبدو أنه لا يزال مستمراً حتى اليوم وذلك حسب حديث المصدر السياسي السوري ذاته. وأكد المصدر لـ”العهد” الإخباري أنّ “الروس يسعون جاهدين لإيجاد حل سلمي التزاماً منهم باتفاق هامبورغ المبرم بينهم وبين الأميركيين، ورغم أنّ المنطقة الجنوبية تبقى مفتوحةً على كل الاحتمالات إلا أنّه يمكن البناء على الجهود الروسية لتجنب تعقيدات جديدة تؤدي للعمل العسكري الذي لن يكون لصالح التنظيمات الإرهابية”.

يرى الكثير من المراقبين والمحللين ان المنطقة الجنوبية بسوريا قد تقبلُ على معركة عسكرية ستكون لها تداعيات كبرى بلا شك، لكن المؤكد أنّ المعركة السياسية الغامضة والشائكة باتت في أوجها الآن مع عرقلة صهيو – أميركية للجهود الروسية الرامية للحل.

ولكن السوال الذي يطرح هنا هو انه إذ وصل التوتر بين اللاعبين الدوليين لمستويات غير مسبوقة، فهل ترجح كفة العمل السياسي أم أنّ المعركة الواسعة ستبدأ؟

هذا ويحشد الجيش السوري قواته في المنطقة الجنوبية من سوريا, مع توقعات ببدء عملية تحرير الجنوب السوري من الميليشيات الارهابية المسلحة خلال أيام قليلة.

حسيني

HUS-2