ضربني وبكى سبقني واشتكى؛ ماذا يجري بجنوب سوريا؟!

ضربني وبكى سبقني واشتكى؛ ماذا يجري بجنوب سوريا؟!
السبت ٢٣ يونيو ٢٠١٨ - ٠٥:٣٢ بتوقيت غرينتش

تعود جبهة النصرة مرة ثانية إلى واجهة الأحداث السورية بعد غيابها لفترة طويلة عن الأحداث على الأقل في الجنوب السوري فبعد أن كانت منهمكة بصراعاتها الداخلية إلى حد كبير، ها هي اليوم تظهر مجددا ولكن بتناغم اكبر من ما سبق مع اميركا التي تتبنى عودتها طالبة من الروس التوسط لدى الحكومة السورية في سبيل وقف عملياته بإتجاه جماعة النصرة الإرهابية متجاهلة أن النصرة هي من بدأت بإستهداف الجيش السوري من المناطق الجنوبية منتهكة اتفاق خفض التصعيد.

العالم-سوریا 

وقالت وزارة الدفاع الروسية إن أكثر من ألف مسلح من “جبهة النصرة” هاجموا مساء أمس الجمعة مواقع للجيش السوري في منطقة “خفض التصعيد” جنوبي سوريا.

وأكد مركز المصالحة الروسي في بيان، اليوم السبت، 23 يونيو/حزيران، هجوم أكثر من ألف مسلح من “جبهة النصرة” الإرهابي على مواقع للجيش السوري في مناطق خفض التصعيد الجنوبية، مما أدى إلى استشهاد خمسة جنود سوريين وإصابة 19 آخرين، وقد وبلغت خسائر القوات الحكومية 5 شهداء و 19 جريحا. 

وبدأ هذا الهجوم بعد تطهير مساحات شاسعة في مختلف انحاء البلاد من الجماعات الارهابية وتوجه انظار الجيش السوري وحلفائه الى الجنوب وتحديدا السويداء ودرعا حيث تسيطر الجماعات الارهابية على مناطق هناك.

ويوم الجمعة دخلت القوات الحكومية السورية بلدتي داما والشياح التي كانت تحت سيطرة مجموعة كبيرة تابعة لـ “الجيش الحر” بمنطقة خفض التصعيد الجنوبية بينما أعلن مسؤول المجموعة الكبيرة “تجمع ألوية العمري”، المدعو “وجدي أبو ثليث”، عن الانتقال إلى جانب الحكومة السورية.

وأشار مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية في سورية إلى أن “أبو ثليث” أكد أن جماعته ستقاتل “جبهة النصرة” وداعش جنوب سورية إلى جانب الجيش السوري.

وبعد هذه الانتصارات حضّت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي روسيا الجمعة على ممارسة نفوذها لدى الجيش السوري “ليتوقف” عن انتهاك اتفاق خفض التوتر في جنوب غرب سوريا.

مضيفة: “نتوقع أن تقوم روسيا بدورها في تنفيذ وضمان اتفاق خفض التوتر الذي ساعدت في وضعه” و”استخدام نفوذها لوضع حد لهذه الانتهاكات التي يرتكبها الاسد وكل زعزعة للاستقرار في الجنوب الغربي وعبر سوريا”.


اذا نعتبر ان عملية تحرير درعا لها أولوية ملحة لدى القيادة السياسية، باعتبارها بوابة للنصر النهائي والناجز على الإرهاب، فتكبيرات النصر التي تتعالى الآن في درعا يتردد صداها في مختلف المناطق بعد تمكن الجيش السوري من السيطرة ناريا على خطوط إمداد تنظيم “النصرة” في منطقة اللجاة شمال شرق درعا إيذانا ببدء المنازلة الكبرى ضد الإرهاب في مناطق الجنوب السوري.

أن إنطلاق هذه العملية… كعملية مخططة توافرت لها على كل وسائل النجاح.. لا يعني ذلك بداية النهاية لمسلحي جبهة النصرة بل النهاية ذاتها .وحقق الجيش السوري خلال المعارك مع الجماعات المسلحة تقدمات ميدانية كبيرة بعد استعادة السيطرة على مواقع استراتيجية في المنطقة الشرقية لدرعا، بذلك استعاد الجيش السوري زمام المبادرة وانتقل من مرحلة التموضع إلى مرحلة استعادة الأرض على مختلف مناطق الجنوب السوري، خاصة بعد النجاحات التي تحققت بتحرير حزام دمشق في الغوطة ودوما ولاحقا في مناطق مخيم اليرموك ضد تنظيم داعش، بذلك بات المسلحين يعيشون فترة ترنح ما قبل السقوط مع استمرار سلسلة الانهيارات التي تتعرض لها المجاميع المسلحة الأخرى من الشمال إلى الجنوب إلى الشرق السوري.

أمريكا ونظريات دعم مسلحي النصرة

النظرية الأولى: في هذا السياق حاولت أمريكا وحلفاؤها مراراً، تحسين وضع مسلحي جبهة النصرة الضعيف في الميدان العسكري في الجنوب السوري كونه من المهم لهم أن تبقى المناطق الاستراتيجية المحررة من قبضته، الواقعة على الحدود المشتركة بين سورية والأردن والعراق، بعيدة كل البعد عن قبضة الجيش السوري وحلفائه، وازدادت المخاوف الأمريكية أكثر عندما أصبح من السهل افتتاح طُرق برية بين طهران ودمشق وبعد ذلك وصولها إلى لبنان وإلى الأراضي المحتلة.

النظرية الثانية: نجاح الجيش السوري فى إستعادة السيطرة على مدينة درعا وإعادة الأمن والاستقرار إليها يعني كسر العمود الفقري للمسلحين و البداية الحقيقية لطردهم من كافة الأرض السورية وهو الهدف الاستراتيجى للجيش لإنهاء الارهاب، لذلك فأن أحلام أمريكا وذيولها إلى تلاش وطرق مسدودة، وإن السوريين باتوا اليوم على مقربة من إعلان نصر إستراتيجيٍ، هذا الإنتصار سيكون نكسة للقوى المتطرفة وللسياسة الأمريكية في المنطقة، فواشنطن التي لم تتأخر يوماً عن دعم الإرهاب، أصبحت تجد نفسها اليوم أمام واقع مُغاير رسخه صمود الجيش السوري، الذي إستطاع إستعادة وإسترداد المناطق الواقعة تحت سيطرة المسلحين.

النظرية الثالثة: بدا واضحا في محيط سورية أن بعض القوى الإقليمية شرعت في مراجعة موقفها من الوضع بعد دخول الجيش السوري على خط المواجهة في درعا، هذا مثلاً تعمل المملكة الأردنية، وفق تصريحات مختلفة، لإيجاد حل يُغلق ملف جنوب سورية، المتاخم لشمال الأردن، بالمحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، وجعله بعيداً عن الحرب، لخوفها من موجات نزوحٍ جديدة وهي التي أعربت أساساً عن موقف مرن تجاه عودة الحكومة السورية للسيطرة على المناطق الحدودية معها، كما يتوقف تصاعد العمليات العسكرية على ما قد ينتج من التفاهمات السياسية بين الدول الإقليمية والدولية المعنية بملف الجنوب السوري.

الأكيد أن تحرير مدينة درعا سيكون صفعة قوية للمشروع الأمريكي- الغربي وهو حدث سيربك أيضا حسابات اسرائيل الإرهابية، وأخيراً ربما نستطيع القول، إن سورية على موعد مع النصر ولا يفصلها سوى خطوات قليلة من زمن اللحظة التاريخية التي تفوح بدماء الشهداء الذين سقطوا على كل الأرض السورية حول قضية واحدة هي تحرير سورية من براثن الإرهاب وكف يد العابثين بأمن  “سورية” واستقرارها.