بالفيديو..

لاول مرة؛السعوديات يقدن السيارات بعد منع استمر لعقود

الأحد ٢٤ يونيو ٢٠١٨ - ٠٣:٤٢ بتوقيت غرينتش

بدأت النساء في السعودية صباح اليوم الأحد قيادة السيارات في شوارع المملكة بعد رفع الحظر الذي استمر لعقود، في خطوة قد تفتح أبواب المملكة المحافظة على صفحة جديدة من العلاقات الاجتماعية بعد عقود من التشدد.

العالم - السعودية

وقالت سبيكة الدوسري بعد قيادتها سيارتها في مدينة الخبر في شرق السعودية لوكالة فرانس برس "انها لحظة تاريخية في حياة كل امرأة سعودية".

وتابعت الاعلامية وهي تجتاز جسر الملك فهد باتجاه مملكة البحرين حيث تعمل "لا يمكن وصف شعوري الآن. أريد الصراخ عاليا"، مضيفة "لن يوقفني شيء بعد اليوم عن زيارة أهلي".

وكانت دائرة المرور في السعودية قد أعلنت في وقت سابق أنه سمح للنساء اللاتي يحملن رخص قيادة مناسبة بقيادة المركبة على الطرقات في عموم المملكة اعتبارا من الساعات الأولى لليوم الأحد 24 يونيو/حزيران.

وينظر الى رفع الحظر، الذي يأتي بعد سلسلة توقيفات طالت ناشطات سعوديات في مجال حقوق الانسان، على انه أبرز التغييرات الاجتماعية، حيث ومن المتوقع ان تبدأ آلاف النساء قيادة السيارات فورا في السعودية التي كانت حتى آخر دقيقة من يوم السبت البلد الوحيد في العالم الذي يمنع النساء من القيادة.

وكان ينظر الى الحظر على انه أكثر الاجراءات قمعا للمرأة، وسيؤدي رفعه الى تغيير كبير في الحياة اليومية للنساء اللواتي لن يعدن بحاجة الى سائقين ذكور للتنقل وسيتمكنّ من توفير الأموال التي كانت تدفع لصالح هؤلاء السائقين.

وقالت هاتون بن دخيل (21 عاما) طالبة الصيدلة "لم نعد بحاجة الى رجل".

وفور بدء تطبيق قرار رفع الحظر، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى شاشات القنوات السعودية صور النساء وهن يقدن في شوارع المملكة.

ونشر الملياردير السعودي الامير الوليد بن طلال تسجيلا مصورا على حسابه بتويتر وهو يجلس في سيارة الى جانب ابنته ريم التي كانت تقود، وقال "المرأة الآن انطلقت وأخذت حريتها".

وصفّق شبان وقفوا على جانب الطريق في أحد شوارع الرياض لسيدات وهن يعبرن بسياراتهن، بينما قام رجال المرور في جدة بتوزيع الورود على سائقات.

وكانت المملكة بدأت في حزيران/يونيو الحالي بإصدار رخص القيادة للنساء للمرة الاولى منذ عقود، وقامت النساء اللواتي يمتلكن رخصة قيادة دولية باستبدالها برخصة سعودية.

وتشير شركة "برايس واتر هاوس كوبرز" للاستشارات الى ان عدد السعوديات اللواتي سيمتلكن رخص قيادة بحلول عام 2020 قد يصل الى ثلاثة ملايين.

وسمحت السلطات، منذ صدور القرار الملكي القاضي برفع الحظر في ايلول/سبتمبر الماضي، بفتح معاهد تعليم قيادة السيارات والدراجات النارية.

وبالاضافة الى السيارات، يسمح للنساء بقيادة الدراجات النارية والحافلات الصغيرة والشاحنات.

ويتوجب على السيدات اللواتي بحوزتهن رخص قيادة من دول الخليج (الفارسي)، ان يقمن بتحويلها الى رخص سعودية بحسب ما أعلنت إدارة المرور السعودية.

بينما سيكون بإمكان السيدات اللواتي يحملن رخص قيادة دولية القيادة في المملكة لمدة تصل الى عام كامل، وبعدها سيطلب منهن الحصول على رخصة سعودية.

وسيتم الحصول على رخصة لقيادة سيارة خاصة لكل الفتيات ابتداء سن 18 عاما، اما رخص النقل العام فهي ابتداء من سن 20 عاما، مثل الرجال. 

قيادة المرأة لا تجوز

وعلى مدى عقود، قال رجال دين (وهابيون) متشددون في المملكة ان السماح للنساء بقيادة السيارة "معصية"، وان المرأة تفتقد للذكاء الكافي للممارسة حقها هذا.

ويرى خبراء ان القرار جاء بتحفيز من الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها المملكة بسبب تراجع اسعار النفط.

وتقدّر وكالة بلومبرغ المالية ان الخطوة ستساهم في إضافة 90 مليار دولار الى الناتج الاقتصادي بحلول عام 2030.

لكن السيدات اللواتي يرغبن بقيادة السيارات يتخوفن من ان يصبحن عرضة لهجمات من المحافظين، في دولة يمارس فيها الاقارب الذكور - سواء الاب او الزوج او غيرهم من الذكور - الوصاية على النساء من خلال نظام "ولاية الرجل".

قانون عقوبة المتحرشين بالنساء وفتح دور السينما.. تمهيد لرفع الحظر..

وتمهيدا لرفع الحظر عن قيادة السيارات، قامت السعودية بإقرار قانون يعاقب المتحرش بالنساء تصل العقوبة فيه الى السجن مدة خمس سنوات ودفع غرامة قدرها 300 الف ريال (80 ألف دولار). 

والسماح للنساء بقيادة السيارات في المملكة سبقته خطوات "اصلاحية" اجتماعية عديدة، بينها اعادة فتح دور السينما واقامة فاعليات موسيقية مختلطة، ضمن حملة تغييرات قال ولي العهد انها تهدف الى اعادة المملكة للاسلام المعتدل.

وعلى الرغم من الايجابية التي تُرافق وضع قرار السماح للنساء بقيادة السيارات موضع التنفيذ، تراجَع الى حد ما التفاؤل حيال الإصلاحات بعد اعتقال نشطاء بارزين لطالما دعوا الى رفع حظر القيادة.

وأعلنت السعودية في أيار/مايو الماضي اعتقال 17 ناشطا وناشطة بارزين في مجال حقوق المرأة، واتهمتهم وسائل اعلام محلية بالخيانة والعمل على تقويض استقرار المملكة. وتم الافراج عن عدد منهم ثم اعتُقل آخرون.

"قمع مستمر".. لجين الهذول.. نوف عبد العزيز.. مثالا..

ومن بين المعتقلات لُجين الهذلول البالغة من العمر 28 عاماً، والتي احتُجزت في العام 2014 لأكثر من 70 يوماً لمحاولة دخول المملكة وهي تقود السيارة من دولة الإمارات العربية المتحدة، وعزيزة اليوسف، الأستاذة المتقاعدة من جامعة الملك سعود بالرياض.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" هذا الاسبوع ان السلطات السعودية تمارس "قمعا مستمرا"، معلنة اعتقال الكاتبة والناشطة نوف عبد العزيز في 6 حزيران/يونيو الحالي بعد ان "عبّرت علنا عن تضامنها مع ثلاث من ناشطات حقوق المرأة اللواتي اعتقلن في أيار/مايو".

في 10 حزيران/يونيو، اعتقلت السلطات الناشطة مياء الزهراني، صديقة نوف عبد العزيز، بعد أن نشرت رسالة طلبت منها عبد العزيز أن تعلن عنها في حال اعتقالها، بحسب المنظمة الحوقية.

ووصف مراقبون كثيرون، بينهم أشرس المؤيدين لولي العهد السعودي، اعتقال النشطاء بأنه "خطأ".

لكن آخرين رأوا فيه تحركا محسوبا لاسترضاء رجال الدين المشددين في ظل حملة التحديث، ولتوجيه رسالة للنشطاء مفادها ان التغيير لا يحصل تحت الضغط انما بقرار من السلطات.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" انه "إذا أقرت السلطات بدور النساء اللواتي ناضلن من أجل رفع الحظر عن القيادة، سيعني ذلك الإقرار بأنه يمكن كسب الإصلاحات من خلال النضال، ومن ثم قد يطالب السعوديون بالمزيد".

اعداد: علي النعيمي