ماذا وراء رسالة أميركا الى مسلحي جنوب سوريا؟

ماذا وراء رسالة أميركا الى مسلحي جنوب سوريا؟
الأحد ٢٤ يونيو ٢٠١٨ - ٠٨:٢٠ بتوقيت غرينتش

بعد الانتصارات الكبيرة التي حققها الجيش السوري على الجماعات الإرهابية في مختلف مناطق البلاد وفي مقدمتها العاصمة "دمشق"، تتوجه الأنظار الآن إلى مدينة "درعا" حيث تعتزم القوات السورية تحريرها مما تبقى من التنظيمات الإرهابية، إلّا أن العملية وكما يبدو تواجه عراقيل بينها رفض أمريكا لتنفيذها.

العالم - تقارير

قبل شهر سارعت الولايات المتحدة إلى تحذير سوريا من عملية عسكرية يمهد لها الجيش السوري في محافظة درعا المشمولة باتفاق عدم التصعيد. فيما واصلت طائرات الجيش السوري إلقاء المنشورات عليها تمهيدا لعملية تحريرها.

وحذّرت الخارجية الأمريكية من إجراءات «حازمة ومناسبة» في حال تم خرق إطلاق النار في «منطقة خفض التوتر» في الجنوب السوري مع قرب استعداد الجيش السوري لإطلاق عملية عسكرية في تلك المنطقة.

وكلنا نتذكر المقابلة الاخيرة للرئيس السوري بشار الاسد مع قناة العالم التي اكد فيها ان درعا ستتحرر إما عن طريق المصالحة أو بالقوة.

لأن السيطرة على محافظة درعا ستؤدي إلى تأمين محافظة دمشق، نظرا الى قرب درعا من دمشق، علما أن أي تطور إقليمي أو ميداني قد يدفع المسلحين المتمركزين هناك إلى مهاجمة الغوطة ودمشق مجددا.

امريكا تطلب من الفصائل المسلحة “عدم الرد على الاستفزازات”



 ولكن في هذه الاثناء،  انتشر خبر عن فصائل مسلحة تابعة للمعارضة السورية جنوبي سوريا، قالت فيه إنها تلقت يوم الخميس الماضي (23.06.208)، رسالة من الولايات المتحدة الأمريكية بشأن التطورات الميدانية والتهديدات التي يطلقها الجيش السوري بشأن العملية العسكرية في المنقطة.

وبحسب الرسالة فإن الإدارة الأمريكية طلبت من الفصائل المسلحة “عدم الرد على الاستفزازات”، في إشارة إلى تهديدات الجيش السوري بعملية عسكرية في الجنوب السوري وحشده قوات إضافية في المنطقة.

وجاء في الرسالة: “إلى أصدقائنا في الجبهة الجنوبية وأهالي الجنوب، نحن في حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، نعمل حاليا للحفاظ على وقف إطلاق النار من خلال القنوات الدبلوماسية، ونبذل جهودا جبارة في سبيل تحقيق ذلك”.

وأضافت الرسالة: “نتوجه إليكم الآن لنؤكد ضرورة عدم الرد على الاستفزازات، لأن القيام بذلك لا يؤدي سوى إلى تسريع السيناريو الأسوأ للجنوب السوري وتقويض جهودنا. فكروا بعوائلكم وأبناء شعبكم وافعلوا كل ما في وسعكم من أجل حقن الدماء”.

غارات روسية تستهدف المسلحين جنوبي سوريا

تزامنت الرسالة الامريكية الى المعارضة المسلحة السورية بشن غارات روسية على مناطق تسيطرعليها فصائل المعارضة المسلحة في جنوب سوريا في وقت متأخر السبت وذلك للمرة الأولى منذ أن وافقت على وقف لإطلاق النار في هذه المنطقة قبل عام تقريبا، بحسب ما افاد ما يسمى بـ"المرصد السوري لحقوق الانسان".

وافاد "المرصد"، بأن هناك "غارات روسية مكثفة على عدة بلدات في ريف درعا الشرقي، لأول مرة منذ وقف اطلاق النار في الجنوب السوري منذ عام. هناك أكثر من 25 غارة جوية"، ولم يكن بوسع المرصد اعطاء حصيلة للضحايا.

 واشار "المرصد" الى ان المقاتلات المستخدمة السبت لشن الغارات اتت من قاعدة حميميم الواقعة في شمال غرب سوريا.

غارات روسية بدأت في 22,30 (19,30 بتوقيت غرينتش) وتوقفت بعد منتصف الليل

من الواضح أن الجيش العربي السوري وضع مناورة استكمال تحرير الجنوب السوري موضع التنفيذ العملي، وحيث تتركز في المرحلة الاولى من هذه المناورة  تغطيته الجوية والمدفعية على نقاط الارتكاز الأساسية للمسلحين في أرياف درعا غير المحررة، يبدو أنه يعمل على محورين رئيسين انطلاقاً من قاعدة مهاجمة واسعة في ريف السويداء الغربي، تمتد بعرض يتجاوز الـ 20 كلم، على جبهة عريضة ما بين مسيكة ومطار الثعلة، على أن تكون الأهداف الأولى للعملية بصرَ الحرير والمليحة (الشرقية والغربية) والكرك، وامتدادا ربط  ريف السويداء الغربي بخط أزرع - خربة غزالة الاستراتيجي في ريف درعا الشمالي الشرقي.

هذا التحرك الميداني والذي يؤكد القرار السوري باستكمال تحرير الجنوب، كان قد أكده سابقا بشكل واضح كلام الرئيس السوري بشار الأسد حول ذلك في اكثر من مناسبة اعلامية أو رسمية، وحيث كان الرئيس دائما واقعيا لناحية التقييدات الاستراتيجية والدولية التي تعيق استكمال هذا التحرير، ويحدد توقيت قراره بالعمليات العسكرية الكبرى على هذا الاساس، كانت تتحقق دائما اهداف العمليات التي يتخذ القرار بتنفيذها.

من الواضح ايضا، وحيث أصبحت قدرات الجيش وحلفائه متفوقة ولم يعد من امكانية لأي فصيل لمواجهتها، تبقى فقط التعقيدات والتقييدات الاستراتيجية الاقليمية والدولية هي العائق الوحيد أمام هذا الجيش، فكيف تتوزع هذه التقييدات الاستراتيجية؟ وهل يمكن للجيش العربي السوري وحلفائه تجاوزها، خاصة في ظل الرفض الاميركي العنيف لعملية تحرير الجنوب السوري المرتقبة؟

لناحية العدو الاسرائيلي، كما يبدو فإنه يلتمس رعاية روسية لاتفاق يعيد تثبيت خط وقف النار والهدنة من ناحية، ومن ناحية أخرى يحفظ  له ماء الوجه برضوخه للقرار السوري، وذلك عبر تغليف هذا الرضوخ بتحقق شرط أساس يتعلق بابتعاد ايران وحزب الله مسافة كافية ( تحدد بالاتفاق بين كافة الاطراف) عن حدود الجولان المحتل.

لناحية الاردن، هو ينتظر بفارغ الصبر حماية حدوده وعمقه واقتصاده، وقد اقتنع بأن ذلك لا يتحقق الا بانتشار الجيش العربي السوري على تلك الحدود، وتبين له أن الدولة السورية انتصرت وهي على الطريق لاستعادة كامل جغرافيتها ونفوذها، هذا النفوذ الذي كان دائما يحسب له حساب، خاصة وانه مرّ اخيرا بأزمة حادة، ظاهِرُها اجتماعي ماليّ، لكن حقيقتها ضغوط وإملاءات اقليمية خليجية ودولية تحت عناوين الملف الفلسطيني وغيره.

اعداد: ازاده كريواني