5 سنوات من حكم تميم.. هل تجاوزت قطر الازمة؟

5 سنوات من حكم تميم.. هل تجاوزت قطر الازمة؟
الثلاثاء ٢٦ يونيو ٢٠١٨ - ٠٥:٠٤ بتوقيت غرينتش

تحتفل قطر اليوم، الإثنين، بذكرى مرور خمس سنوات على تولي الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، مقاليد حكم البلاد.

العالم - قطر

وفي الخامس والعشرين من يونيو/ حزيران 2013، أعلنت الإمارة القطرية تنازل أميرها السابق حمد بن خليفة آل ثاني عن الحكم، لنجله تميم بن حمد آل ثاني.

ووجه الشيخ حمد بن خليفة وقتها كلمة إلى الشعب القطري، أكد فيها أن عهدا جديدا يبدأ في الإمارة بتولى تميم الحكم. وأعلن في خطاب تليفزيوني تسليم ابنه الحكم، طالبا من الشعب القطري مساندته من أجل الوطن.

وبذلك يكون الأمير القطري قضى في الحكم 5 سنوات كاملة، مرت فيها على الإمارة أحداثا كثيرة أبرزها الموقف الخليجي من قطر، والذي لا يزال مستمرا حتى الآن.

من هو الشيخ تميم؟

الشيخ تميم المولود في 3 يونيو 1980 يعد أصغر حاكم عربي وتولى الحكم وهو في الـ33 من عمره.

تولى ولاية العهد في 5 أغسطس 2003، بعد أن تنازل له عنها أخوه الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني.

وحصل تميم على الشهادة الثانوية من مدرسة شيربورن بالمملكة المتحدة عام 1997، وتخرج في أكاديمية سانت هيرست العسكرية الملكية في بريطانيا عام 1998؛ ليلتحق بعدها بالقوات المسلحة القطرية.

وكأمير للبلاد يتولى الشيخ تميم قيادة القوات المسلحة ورئاسة مجلس العائلة الحاكمة.

وتولى الشيخ تميم سابقاً رئاسة المجلس الأعلى للبيئة والمحميات الطبيعية، ورئاسة المجلس الأعلى للتعليم، والمجلس الأعلى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومنصب رئيس مجلس إدارة هيئة الأشغال العامة، والهيئة العامة للتخطيط والتطوير العمراني.

وشغل أيضاً مناصب رئيس مجلس إدارة جهاز قطر للاستثمار، ورئيس مجلس أمناء جامعة قطر، ورئيس اللجنة الأولمبية الأهلية القطرية، ونائب رئيس المجلس الأعلى للشؤون الاقتصادية والاستثمار، ونائب رئيس اللجنة العليا للتنسيق والمتابعة، وعضو اللجنة الأولمبية الدولية.

السلطان قابوس وملك المغرب يهنئان امير قطر

وقد بعث الملك المغربي محمد السادس، برقية تهنئة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لمناسبة احتفال بلاده بذكرى توليه مقاليد الحكم".

وأعرب لأمير قطر، عن "أصدق التهاني والتمنيات بموفور الصحة والعافية، وللشعب القطري الشقيق بتحقيق المزيد من الإنجازات على درب التقدم والرخاء، في ظل قيادته الرشيدة"، مؤكداً "حرصه الراسخ على مواصلة العمل مع قطر، من أجل تعزيز العلاقات المتميزة بين البلدين وتوسيع مجالاتها".

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، زار الملك المغربي، دولة قطر، قادما إليها من الإمارات، في زيارة رسمية التقى خلالها أمير قطر، وأجريا مباحثات.

وعقب إعلان كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعتها لقطر، في يونيو/حزيران 2017، اختار الملك محمد السادس، ما وصفه بـ"الحياد البناء" بين الأطراف، والذي قال إنه "لا يمكن أن يضعه في خانة الملاحظة السلبية لمنزلق مقلق بين دول شقيقة"، واحتفظ بعلاقات جيدة مع جميع دول مجلس التعاون الخليجي.

كما بعث السلطان قابوس بن سعيد برقية تهنئة إلى أمير قطر، بمناسبة ذكرى توليه مقاليد الحكم في دولة قطر، متمنيا ان تحـقق للشعب القطري الشقيق المزيـد مما يتطلع إليه من رقي وازدهار.

السياسة الخارجية لامير قطر

فلسطين

جددت دولة قطر تأكيدها مرارا موقفها الثابت والراسخ في دعم القضية الفلسطينية ونصرة الشعب الفلسطيني حتى ينال جميع حقوقه المشروعة باعتبارها حقوقا أصيلة لا يمكن التهاون أو التقصير في حمايتها وتعزيزها. كما جددت دعمها للجهود الدولية الرامية ألى التوصل لحل عادل ودائم وشامل يُفضي إلى إقامة دولة فلسطين المستقلة القابلة للحياة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف، طبقا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

في عهد «تميم» أيضا زادت قطر من دعمها لقطاع غزة المحاصر، سياسيا واقتصاديا، وأعلن عن تكفله بتكلفة توليد الكهرباء للقطاع في أكثر من مرة، ودعم المحطة الرئيسية هناك بملايين الدولارات.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2013، وبعد أن تضررت غزة بسبب منخفض جوي عنيف أغرق المنازل ودمر المنشآت، أمر تميم بإرسال 10 ملايين دولار على وجه السرعة لشراء وقود لمحطة الكهرباء بالقطاع، علاوة على باخرة وقود تكفي لأربعة أشهر، وتحويل 5 ملايين أخرى كدعم للعائلات المتضررة من المنخفض.

استمرت قطر على هذا المنوال حيال غزة، بالتوازي مع جهد آخر لتثبيت المصالحة الفلسطينية، ففي يناير/كانون الثاني 2016، استضاف الدوحة محادثات بين حركتي «فتح» و«حماس»، بشأن عمل آليات تطبيق المصالحة الوطنية، ومعالجة العقبات التي حالت دون تحقيقها في الفترة الماضية.

أحدث التطورات كانت إعلان قطر رفضها واستنكارها للمذابح الإسرائيلية التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين في غزة، خلال نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وما رافقها من احتجاجات فلسطينية قمعتها (إسرائيل) بوحشية أنتجت عشرات الشهداء وآلاف الجرحى.

ودعت قطر إلى إجراء تحقيق دولي فيما حدث، لكن الدعوة ظلت قطرية، دون أن تجد تأييدا من الجيران الخليجيين الذين يحاصرونها، واكتفت بقية الأطراف بالشجب والتنديد.

انقلاب مصر

بعد انقلاب الجيش المصري، بقيادة وزير الدفاع -آنذاك- «عبدالفتاح السيسي» على الرئيس المنتخب «محمد مرسي»، شهدت البلاد حملة قمع عنيفة لأنصاره من جماعة «الإخوان المسلمون»، والمتعاطفين معه، تعززت بمذبحتي رابعة العدوية والنهضة في 14 أغسطس/آب 2013، والتي خلفت مئات القتلى وآلاف الجرحى والمعتقلين.

بادرت قطر برفض الأمر برمته، واعتبرت عزل مرسي انقلابا عسكريا في خطابها السياسي والإعلامي عبر قناة «الجزيرة» مما عرضها لسخط «القاهرة الجديدة»، ومعها الرياض وأبوظبي، أكبر داعمين للسيسي في حراكه، والذين اتضح أن قادتهم كانوا قد اشتركوا حتى في الخطط المتقدمة لسيناريو إسقاط الرئيس المصري المنتخب.

أقدمت قطر على استضافة قيادات وأفراد من جماعة الإخوان والمعارضة المصرية، الذين خرجوا من البلاد، وهو ما زاد من حجم الحنق عليها، وكانت تلك القضية محورية في العلاقة المتوترة بين قطر من جهة، وكل من السعودية والإمارات ومصر، من جهة أخرى.

الأزمة اليمنية

تعتبر الأزمة اليمنية من أَفْضُلُ الملفات التى ظهرت أَثناء فترة حكم تميم بن حمد، حيث شاركت قطر في التحالف العسكري الذي تقوده الريـاض في اليمن سَنَة 2015، لكنها انسحبت فيما بعد منه، وذكـر وزير الخارجية القطري عن الأمر "توجه التحالف العربي بقيادة المملكة العربية الريـاض الآن تغير، حيث ترى سجونا سرية وتعذيبا وأجندات متضاربة بين دول التحالف".

العلاقات مع إيران

بدأت العلاقات بين قطر وإيران في الازدياد عقب الأزمة الخليجية مع قطر، واستخدام الطائرات القطرية للأجواء الإيرانية، بعد أن أصبح غير مسموح لها المرور من أجواء دول المقاطعة.

ومؤخرا حَصَّل الرئيس الإيراني، حسن روحاني، اتصالا هاتفيا من أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، بمناسبة عيد الفطر، وهنأ أمير قطر، الحكومة والشعب الإيراني بحلول عيد الفطر السعيد، وأكد أن العلاقات العريقة بين إيران وقطر تنمو يوما بعد يوم.

وذكـر تميم إن "الدوحة عازمة على تنمية وتعزيز العلاقات الثنائية في شتى المجالات أكثر من السابق، وأنه يتابع شخصيا مسار تنمية العلاقات بين البلدين".

العلاقات القطرية التركية

مؤخرا صـرح عن تَعَهُد بين القوات الخاصة القطرية وشركة تركية على إنشاء قاعدة عسكرية شمال الإمارة.

وجاء الاتفاق بين الدوحة وأنقرة على هامش فعاليات معرض ومؤتمر الدوحة الدولي للدفاع البحري "ديمدكس 2018".

وأكدت قطر أن قاعدة بروج تشمل مركزا للتدريب والتجهيز، وتوجد بها كتيبة بحرية بصورة دائمة، للقيام بالدوريات والعمليات البحرية.

لم تنته الأزمة إلا في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، حينما أعلنت قطر التزامها ببعض مقررات توصل إليها الجميع في مجلس التعاون الخليجي، تخففت الدوحة على إثرها من تواجد رموز المعارضة المصرية على أراضيها، ورحيل بعض قيادات الإخوان إلى تركيا، علاوة على إغلاق قناة «الجزيرة مباشر مصر».

ومثلت تحركات قطر الدبلوماسية سببا آخر لفشل الحصار، حيث عمقت الدوحة من علاقاتها مع تركيا وإيران والدول الأوروبية، عبر جولات مكوكية لأميرها، ووزير خارجيته، وصولا إلى توقيع اتفاق شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب، كان بمثابة الصدمة الأكبر لدول الحصار، ومنذ ذلك الحين تعكف تلك الدول على البحث عن نقطة لإنهاء ذلك الأمر برمته، دون أن يكلفهم ماء وجوههم، وهو ماء الحياة أمام شعوب شاهدت شراسة غير مسبوقة في التعامل مع الجار القطري، لن يكون إنهاؤها سهلا بعد كل ما حدث.

مراحل الأزمة

يمكن التمييز في إطار تطورات الأزمة بين عدة مراحل أساسية، وذلك على النحو التالي:

ما قبل الحصار:

شهدت السياسة الخارجية القطرية منذ عام 1995 م، تحركات كانت بمثابة انطلاقة قوية لدولة قطر على المستوى الاقليمي والدولي. فقد بنت قطر علاقاتٍ متينةً مع الولايات المتحدة الأميركية، نتج عنها إقامة إحدى أكبر القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة، كما انفتحت على القوى الإقليمية الأخرى على الرغم من التناقضات الكبيرة فيما بين هذه الدول. وقد تميزت السياسة الخارجية القطرية باستخدامها” أدوات السياسة الناعمة”، بعد أن أطلقت ثورةً إعلاميةً عبر إنشاء قناة الجزيرة، والتي شرّعت في مناقشة قضايا كانت تعد “تابوهات” في الفضاء السياسي العربي المغلق. بعد أن تناولت أكثر القضايا حساسية في العالم العربي.

ومع انطلاق ثورات الربيع العربي، حاولت بعض الدول العربية تحميل الإعلام القطري قدر كبير من المسؤولية عنها. إلى أن جاء العام 2013م، والذي مثّل نقطةً مفصليةً في سياسة قطر الخارجية؛ إذ بدأت ثورات الربيع العربي بالانحسار. نتيجة لجهود عرفت باسم “الثورات المضادة” والتي قادتها الإمارات والسعودية، والتي حمّلتا قطر مسؤولية محاولة إفشال مساعيهم. مما أدي إلى تفجّر الخلافات بشكل علني بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى. والذي أدي إلى سحب الدول الثلاث لسفرائها من قطر مطلع عام 2014م، وقد استمر هذا الخلاف نحو تسعة أشهر. فيما طلبت الدول العربية من دولة قطر أن تقدم دعما للنظام المصري الجديد الذي جاء بعد انقلاب 2013 على حكم الرئيس محمد مرسي.

إلا أن هذه الخلافات توقفت في ذلك الوقت عند حدود سحب السفراء ولم تتخذ أبعادًا أكبر نتيجة حالة القلق التي انتابت عواصم الدول الخليجية من سياسات إدارة أوباما الثانية؛ فبعد أن أيّد أوباما في ولايته الأولى ثورات الربيع العربي، حاول في ولايته الثانية التقرّب من إيران. وسياساتُ أوباما، دفعت السعودية والإمارات تحديدًا إلى تأجيل خلافاتهما مع قطر. وتمت تهدئة الخلافات وعاد السفراء بعد أن قدمت قطر دعما إعلاميا وعسكريا مع بدء الحملة العسكرية على اليمن المعروفة باسم (عاصفة الحزم) مطلع عام 2015م2 . وقد سبق هذه الخطوة قيام قطر أيضا بتخفيف حملاتها الاعلامية ضد بعض الدول العربية، إلى جانب خروج بعض القيادات الاخوانية من أراضيها.

ومع انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، استعادت السعودية والإمارات الثقة بالنفس، ونشأ تحالف بين ولي عهد أبو ظبي وولي عهد المملكة العربية السعودية، لأسباب داخلية وخارجية. لتعود بعدها قيادات البلدين (السعودية والامارات) عادت القيادتان إلى سياستهما الهجومية، والتعبئة ضد قطر في وسائل إعلام غربية وأميركية عديدة، وصولًا إلى قمة الرياض، مايو 2017، التي قدّمت مؤشرات على وجود أزمة مكبوتة في العلاقات مع قطر، كان أبرزها محاولة تهميش الحضور القطري، في مقابل التركيز على الحضور المصري؛ قبل أن تنطلق هجمة إعلامية شرسة بعد يومين فقط على اختتام قمة الرياض .

انفجار الأزمة

استيقظ القطريون فجر الرابع والعشرين من أيار/ مايو 2017 م، على وقع حملةٍ إعلاميةٍ شديدةٍ قادتها وسائل إعلام إماراتية وسعودية نسبت فيها تصريحات إلى أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني5 ، أشار فيها ” إلى علاقات بلاده مع إيران، ويندد فيها بمؤامرة خليجية تحاك ضد بلاده، والى دور القاعدة الأمريكية في حماية بلاده من أطماع دول الجوار6 “. بعد اختراق وكالة الأنباء القطرية منتصف ليل الثلاثاء/ الأربعاء 23/ 24 أيار/ مايو7 . وبأسلوب الصدمة أيضًا، وفيما يشبه إعلان حرب، أعلنت كلٌ من السعودية والإمارات والبحرين ومصر صباح الخامس من حزيران/ يونيو قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع قطر، وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية معها، ومنع العبور في أراضيها وأجوائها ومياهها الإقليمية، ومنع مواطنيها من السفر إلى قطر، وإمهال المقيمين والزائرين من مواطنيها فترةً محددةً لمغادرتها، وكذلك منع المواطنين القطريين من دخول أراضيها وإعطاء المقيمين والزائرين منهم مهلة أسبوعين للخروج.

كما أخذت الهجمة الإعلامية على قطر شكلًا جديدًا غير مألوفٍ في التعامل البيني الخليجي في أوقات الأزمات؛ بعد ان وصلت حدّ توجيه الشتائم للأسرة الحاكمة . واتهام قطر بدعم الإرهاب، وتنمية علاقاتها مع إيران، وزعزعة استقرار دول مجلس التعاون.

الفعل ورد الفعل:

عندما قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر جميع الروابط السياسية والاقتصادية والدبلوماسية مع الدولة القطرية. منحت هذه الدول المواطنين القطريين 14 يومًا لمغادرة أراضيهم وحظرت على مواطنيهم السفر إلى قطر أو الإقامة فيها. 9 وفي حزيران/يونيو الماضي، اشترط الائتلاف المناهض لقطر على حكومة الدوحة تنفيذ قائمة تضمنت 13 مطلباً لتسوية الخلاف10 . أهم هذه الشروط إغلاق الدوحة لقناة الجزيرة، وتقليص التعاون مع إيران، وطرد القوات التركية من الاراضي القطرية، وإنهاء الاتصالات مع جماعة الإخوان المسلمين، وعلى قطر تنفيذ هذه الشروط في غضوت عشرة ايام فقط  .

كما شهدت الساحة الدبلوماسية للدول العربية المقاطعة ودولة قطر، العديد من الزيارات لقوى إقليمية ودولية، أما أشهر المناكفات الدبلوماسية تمثلت في انتخاب مدير عام “لمنظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، سنه 2017م، بعد ان ترشح لهذا المنصب، أربعة بلدان من “جامعة الدول العربية” (العراق ومصر ولبنان وقطر). أما المرشحون الآخرون فيأتون من أذربيجان وفيتنام وغواتيمالا وفرنسا والصين. إلا أن المنافسة العربية انحصرت بين مصر ومرشحتها الوزيرة السابقة مشيرة خطّاب، وقطر، التي تطرح مرشحًا لها حمد بن عبد العزيز الكواري، وزير الثقافة الذي لم يمضِ الكثير من الوقت على انتهاء ولايته12 . الا ان المرشحة الفرنسية أودرى أزولاى هي من تم اختيارها مديرة عامة جديدة لمنظمة اليونيسكو . بعد أن حصلت على 30 صوتا مقابل 28 صوتا لوزير الثقافة القطري السابق حمد بن عبد العزيز الكواري  .

ثم جاءت التقارير التي تتحدث عن قيام السعودية بدراسة مشروع حفر قناة مائية على طول حدودها مع قطر، وإلقاء نفايات نووية قريبة منها. وفي المقابل بذلت قطر الكثير من الجهد لتحسين صورتها في واشنطن، وقد توجت هذه الجهود بلقاء الأمير تميم بن حمد آل ثاني مع ترامب والذي أعرب عن دعمه لهذه الإمارة .

المواقف الإقليمية والدولية من الأزمة

 موقف الولايات المتحدة الأمريكية:

في بداية الأزمة القطرية غرد الرئيس الأمريكي “ترامب” على تويتر مبديا دعمه للسعودية والامارات ؛ مما أعطى الأمل للسعوديين والإماراتيين بأن الحكومة الأمريكية سوف تنقلب ضد أحد أقرب شركائها الأمنيين في المنطقة. إلى ان جاء موقف أمريكي أخر مختلف تماما عن موقف الرئيس الأمريكي، وتحديداً من قبل مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى آنذاك، ستيوارت جونز، الذي وصف الحصار على قطر بأنه ” قرار غير حكيم”. وقد زادت أصوات الحكومة الأمريكية الرافضة للحصار القطري، من خلال وزير الدفاع جيمس ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون. اللذان كانا على وعي تام بالقيمة الاستراتيجية والتجارية للشراكة القطرية. وتحديداً عبر المنشأتان العسكريتان القطريتان “العُديد” و”السيلية” واللتان تشكلان المركز العصبي للقوة الأمريكية في الشرق الأوسط الكبير، والتي تستضيف أكثر من 10،000 فرد. وتعد قاعدة (العديد) أكبر قاعدة جوية في الخارج تستخدمها الولايات المتحدة؛ وهي الوحيدة في الدول الخليجية القادرة على التعامل مع كل أنواع الطائرات في القوات الجوية الأمريكية، بينما قاعدة (السيلية) هو معسكر لوجستي أمامي قادر على خدمة لواء مدرع بالكامل.

كما أن وزير الخارجية الأمريكي الجديد “مايك بومبيو” في أول رحلة خارجية له للرياض منذ توليه المنصب أوصل رسالة بسيطة مفادها: “كفى”. وهي رسالة تشبه إلى حد كبير رسالة وزير الخارجية الامريكي السابق ريكس تيلرسون . كما أكدت الولايات المتحدة الامريكية بأنها لا تملك أدلة على أن الحكومة القطرية تموّل داعش الجماعة الإرهابية وتعتقد أن أفراداً في قطر يساهمون على المستوى الشخصي في تمويل هذا التنظيم وغيره.

لذا فإنه يمكن القول أن وجهة نظر الأمن القومي الأمريكي، في الأزمة الخليجية، تتمثل في أن رسم قطر كممثل إقليمي سلبي لا يخدم مصالح الولايات المتحدة. خاصة بعد أن قامت قطر بتوقيع مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة حول مكافحة الإرهاب، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017م.

وبعيداً عن منظور الأمن القومي الأمريكي للأزمة القطرية لا يمكن تجاهل المكاسب المالية التي حصلت عليها الولايات المتحدة الامريكية من السعودية ودولة قطر . وبناء عليه انتهجت الولايات المتحدة مقاربة العصا والجزرة مع حليفتها القطرية بحيث انهالت بالثناء على الأنظمة الجديدة التي وضعتها لمكافحة تمويل الإرهاب، فيما عمدت إلى ردعها في السر عن دعم التنظيمات الإرهابية وأحياناً لومها علناً على ذلك.

الموقف الروسي:

اعتبرت روسيا أن الأزمة الخليجية «شأن خاص»، من دون التعليق على طبيعة الاتهامات التي وجهتها الدول الخليجية للدوحة، بشأن دعمها للتنظيمات الإرهابية؛ فقد جاء أول تعليق للكرملين على لسان «دميتري بيسكوف»، الناطق باسم الرئيس الروسي، يشير إلى أن موسكو “لا تتدخل في شؤون دول أخرى، ولا في شؤون الدول الخليجية، لأنها تقدر علاقاتها مع الدول الخليجية مجتمعة ومع كل دولة على حدة”.

بيد أن الموقف الروسي سرعان ما تغير من مرحلة الحذر والحياد إلى الانحياز بشكل ما إلى الجانب القطري، حيث عرضت موسكو دعمًا اقتصاديًا للدوحة، من خلال ما أعلنه نائب وزير الزراعة الروسي «جنبلاط خاتوف»، من أن «روسيا مستعدة لزيادة تصدير المنتجات الزراعية إلى قطر»، كما دعا وزير الخارجية «سيرغي لافروف» في مؤتمر صحفي مع نظيره القطري يوم 10 يونيو 2017م؛ إلى ضرورة تسوية الأزمة على طاولة الحوار، موضحًا أن قرار بعض الدول العربية قطع علاقاتها مع الدوحة أثار «قلق موسكو»، مشيرًا إلى أن روسيا لا يمكن أن يسرها تدهور العلاقات بين شركائها.

ويرجع تغير الموقف الروسي من الحياد إلى الانحياز بسبب العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدوحة وموسكو، ولا سيما في مجال الغاز الطبيعي، فالعلاقات الاقتصادية بين موسكو والدوحة على أعلى مستوى، ويسعى البلدان لرفع التبادل التجاري بينهما إلى 500 مليون دولار في المرحلة المقبلة، كما أن الاستثمارات القطرية في روسيا كبيرة من خلال صندوق الثروة السيادي القطري، فضلا عن أن قطر لاعب رئيسي في اتفاق “فيينا” الخاص بتخفيض الإنتاج النفطي بهدف امتصاص الفائض من النفط في الأسواق، ففي حال انسحبت قطر من الاتفاق وانهياره قد يؤدي هذا إلى هبوط أسعار النفط وتكبد الاقتصاد الروسي خسائر كبيرة . وعليه فإن الموقف الروسي تجاه الأزمة الخليجية مفهوم في ضوء أهداف السياسة الخارجية الروسية في منطقة الشرق الأوسط الهادف إلى تعزيز تواجدها الدولي بالشكل الذي لا يسبب له عزلة دولية.

الموقف الأوروبي:

ألمانيا الدولة المحورية الكبرى في أوروبا، بدت أولى الدول الأوروبية استجابة للأزمة الخليجية، بعد أن أصدرت خطابها الحيادي وعدم تغليب كفة أحد الطرفين لاسيما أنها شريك تجاري لكلٍ من قطر والسعودية والإمارات. ففي بداية الأزمة استقبلت ألمانيا وزيري الخارجية القطري والسعودي، واستمعت للطرفين، داعية للحوار. أما بريطانيا اكتفت في البداية بإجراء اتصالات هاتفية تدعو فيها الأطراف إلى تهدئة الأجواء والجلوس على طاولة الحوار. إلا أن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون طالب قطر بالاستماع إلى مطالب جيرانها. الموقف البريطاني المتغير جزئيا لصالح السعودية يرجع إلى طبيعة العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين السعودية وبريطانيا.

بينما فرنسا الدولة الثالثة في أوروبا هي أيضاً معنية بالازمة الخليجية وتعد الأكثر نشاطاً في الوساطة رغم كونها الأقرب للطرف السعودي – الإماراتي كونها ترتبط بعلاقات اقتصادية هامة مع السعودية وتعاون عسكري وأمني مع الإمارات توج عام 2008 م، بإنشاء القاعدة العسكرية الفرنسية في الإمارات، غير أن فرنسا لم تعلن وقوفها بجانب الدول المقاطعة لقطر، وتبنت دوراً فاعلاً في الوساطة، داعية إلى رفع الإجراءات التي تمس المدنيين في قطر جراء الحصار المفروض من قبل الدول العربية الأربع عليها، وهو ما تجلى في تصريحات وزير الخارجية الفرنسي “جان إيفل ودريان” حول عدم التصعيد في المنطقة، تجنباً للمزيد من التوتر في المنطقة .

الموقف الايراني:

إقليمياً كانت إيران من أولى الدول التي تفاعلت مع الأزمة الخليجية، وكان الاتجاه العام في إيران يميل لصالح الوقوف مع قطر، قد عبّرت وزارة الخارجية الإيرانية بداية ًعن قلقها من التطورات في علاقات بعض الدول الخليجية، ودعت إلى حل الخلافات عن طريق الحوار الشفاف وليس بأي أسلوب آخر، وكان حميد أبو طالبي، نائب مدير مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني قد حذر من أن قرار بعض الدول الخليجية ومصر قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، لن يساهم في حل الأزمة بالشرق الأوسط.

وكتب أبو طالبي، في سلسلة تغريدات على حسابه في موقع “تويتر”: “عهد التحالفات والشقيق الأكبر قد انتهى وأن الهيمنة السياسية واللعب على الورقة القبلية والأمنية والاحتلال والعدوان لن يفضي سوى إلى زعزعة الاستقرار”. كما أبدت إيران استعدادها بمد قطر بكافة احتياجاتها الغذائية والمعيشية، وقد أرسلت بالفعل خمس طائرات و3 سفن محملة بالمواد الغذائية.

الموقف التركي:

دعت تركيا في البداية لضرورة حل الخلافات سلمياً بين الدول الخليجية، رافضة في الوقت نفسه إجراءات الحصار والمقاطعة التي نهجتها تجاه قطر. في المقابل قامت تركيا بتزويد الأسواق القطرية بالبضائع الغذائية، إلى جانب نشر 5000 جندي تركي في قاعدة الريان العسكرية في قطر. الإجراءات التركية أرسلت رسالة واضحة تفيد باصطفافها إلى جانب قطر بكافة الوسائل. هذا إلى جانب قيام وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بالعديد من الزيارات شملت كل من قطر والكويت والسعودية. كما حاولت تركيا الفصل بين الموقف السعودي والاماراتي. حيث أن الأتراك ينظرون بعين الريبة تجاه الدور الإماراتي، لا سيما أن مسؤولين ووسائل إعلام تركية اتهمت الإمارات أكثر من مرة بالدعم والوقوف خلف الانقلاب الفاشل في تركيا العام 2016م .

موقف دول الآسيان:

في ظل الأزمة القطرية العربية، قامت كوالالمبور بتوقيع أربعة مذكرات تفاهم في مجالات الدبلوماسية والتعليم والتعاون القانوني والقضائي مع قطر. كما أشادت بجهود الدوحة في مكافحة الإرهاب، الأمر الذي أظهر التباعد الماليزي عن الرؤية السعودية الاماراتية التي تطالب بقطع العلاقات مع دولة قطر. بينما صرح الرئيس الاندونيسي جوكو ويدودو أنه “لا يوجد فائز” في أزمة قطر. كما رفضت الدول الأسيوية الكبرى الصين، واليابان دعم الحصار المفروض على قطر.

أما الهند التي تعتبر شريك رئيسي للغاز والنفط مع قطر، فقد جاء الرد الهندي على لسان وزير الشؤون الخارجية سوشما سواراج، وصفا الأزمة الخليجية بأنها “مسألة داخلية في دول مجلس التعاون” ويجب حلها من خلال عملية الحوار البناء والمفاوضات السلمية .

تداعيات الأزمة وأثارها

سياسياً:

ناقشت دولة الامارات علنا مسألة طرد قطر من مجلس التعاون، مما يعد مؤشراً لتفكيكه، ليس لخروج دولة قطر فحسب بل لوجود (السعودية والامارات والبحرين ) في جهة، وقطر في جهة اخري ـ في حين قدمت دولة الكويت نفسها كوسيط في الأزمة، بينما حافظت سلطنة عُمان، العضو الآخر، على علاقاتها مع الدوحة .

وفي دراسة أعدها الباحثان نيتسان فيلدمان ويوئيل جوزينسكي لمركز الأمن القومي الاسرائيلي، جاء فيها أن الأزمة الخليجية سببت إحراج لمكانة السعودية كدولة قائدة للدول الخليجية “لفشلها في إخضاع دولة تعد صغيرة” . كما أشارت الدراسة، إلى أنه بدلاً من أن “تفضي العقوبات إلى حصار قطر فإنها أسفرت بشكل واضح عن تضرر شبكة التحالفات والعلاقات الخارجية للسعودية”. وقد تطرقت الدراسة للتوتر الذي طرأ على العلاقات السعودية الباكستانية في أعقاب إصرار إسلام أباد على تبني موقف محايد من الأزمة كمثال على ذلك.  في المقابل نوهت الدراسة إلى أن الأزمة منحت الفرصة لقطر لتعزيز علاقاتها مع قوى إقليمية كبيرة، مثل تركيا، إذ لم يعد تعزيز العلاقة بين الجانبين ينحصر في تطور العلاقات الاقتصادية فقط، وأشارت إلى أن الاستيراد من تركيا قفز من 36 مليون دولار في شهر مايو/أيار إلى 52 مليون دولار. كما تعاظم مستوى التعاون العسكري . ولفتت الدراسة إلى أن الأزمة أفضت أيضاً إلى تعزيز العلاقات القطرية الإيرانية .

 اقتصاديا:

تعرضت البنوك والقطاعات المصرفية في كل من السعودية ودولة الإمارات، التي كانت مرتبطة بقطر، لخسائر كبيرة . كما حرصت جهات تجارية في كل من السعودية والإمارات على تصدير بضائع لقطر عبر دولة ثالثة. وأدت الأزمة إلى تعطيل المخططات الطامحة لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي المتمثلة في ربط شبكات الكهرباء والطرق والقطارات بين هذه الدول، مع العلم أن بعض هذه المخططات قد خرج للتنفيذ قبل تفجر الأزمة .

ومن مؤشرات التأثر السلبي للدول الخليجية اقتصاديا هو أن اقتصادياتهم في الفترة ما بين سبتمبر إلى ديسمبر 2017م نمت بنسبة 0.3% فقط، بينما في الفترة ما بين يونيو إلى سبتمبر من نفس العام نمت 1.9%، وهذا يقدم مقياسا واضح على تراجع معدلات النمو في اقتصاديات الدول الخليجية. كما انخفضت معدلات السياحة في قطر بنسبة 20%؛ وانخفضت الرحلات إلى قطر بنسبة 25%. وقد قدرت “كابيتال إيكونوميكس” أن إيرادات السياحة في قطر من بداية الحصار في يونيو ولنهاية العام 2017 م، قد انخفضت بمقدار 600 مليون دولار مقارنة بالعام السابق 2016م . كما انخفضت أسعار العقارات بنسبة 9.9%33 . في حين أعلنت شركة الخطوط الجوية القطرية أن خسائرها التشغيلية تقدر بـ 703 ملايين دولار للسنة المالية 2017 المنتهية .

قطر من الداخل

على المستوى الداخلي بعد إعلان الحصار في يونيو/حزيران 2017، صاغ الأمير تميم علاقة من نوع جديد مع الشعب القطري والمقيمين هناك، قامت على الاعتراف بدورهم الرئيسي في تجاوز المحنة، ووضع المقيمين مع المواطنين في كفة واحدة بهذا الإطار، في سابقة تاريخية بالدول الخليجية.

مهدت هذه الحالة لما أراده تميم، وهو خلق جبهة داخلية موحدة لا ثغرات بها، ضد الحصار، وهو ما حدث، فكانت قطر تسير بخطوات داخلية شديدة الثبات، ولم تستطع دول الحصار اللعب على نغمة النفاذ إلى المعارضين والحانقين لإسقاط تميم، رغم محاولاتهم المستمرة في هذا الإطار.

لا شك أنها كانت 5 سنوات شديدة الصعوبة على الأمير تميم، لكنه اجتازها على أية حال، وبأقل الخسائر حتى الآن.

استراتيجية إدارة الأزمة

لم تتبع الدول العربية المقاطعة، وكذلك قطر استراتيجية العنف في التعامل مع الأزمة، والهادفة إلى إلحاق تدمير داخلي أو خارجي لأي دولة. فقد اقتصرت الأزمة على الأوضاع الاقتصادية. بل غلب على ادائهم اتباع استراتيجية وقف نمو الأزمة، وربما لعبت الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوربي دورا مهما في تعزيز هذه الاستراتيجية. ومن مؤشرات استخدام هذه الاستراتيجية ان قطر توفر لدبي بموجب الاتفاقيات التجارية المختلفة مع دولة الإمارات 80% من إمدادات الطاقة، كما توفر 40% من إمدادات الطاقة إلى دولة الإمارات، والتي لم تنقطع. بينما تحرص دولة قطر إلى إتباع استراتيجية التجزئة للأزمة، من خلال اتباعها دراسة وتحليل والأزمة والتعامل معها وفقا لقضايا مجتزئة. وقد أولت دولة قطر الجزئية المتعلقة بالأزمات المعيشية أهمية كبيرة، بعد أن سعت إلى نشر شعور بأنّ الحياة طبيعية على الرغم من العزلة الإقليمية التي تعاني منها الدوحة، وذلك باستخدام احتياطياتها الكبيرة لمواجهة تأثير الحصار، حيث يبلغ احتياطي البنك المركزي القطري 340 مليار دولار . ومن أجل تأمين الإمدادات الغذائية الفورية، أرسلت الحكومة القطرية في اليوم الأول من الحصار، أي يوم 5 حزيران/يونيو، طائرتيْ نقل عسكري إلى تركيا لنقل سلع استهلاكية أساسية. كما واصلت الحكومة القطرية مراقبة أسعار المواد الغذائية.

المسارات المستقبلية للأزمة

في إطار التطورات التي مرت بها الأزمة، وفي إطار مواقف القوى الإقليمية والدولية تجاه الأزمة، والاستراتيجيات التي تم الاعتماد عليها في إدارة الأزمة، تبرز مجموعة من المسارات المستقبلية، أهمها:

انتهاء الأزمة سلمياً

في الغالب سيكون هذا السيناريو برعاية أمريكية، وذلك من أجل الاحتفاظ بحلفائها في المنطقة عموما والدول الخليجية على وجه الخصوص، والأسباب التي قد تعزز هذا المسار تتمثل في:

في حال قامت قطر بتقليص حجم دعمها المقدم لجماعة الاخوان المسلمين، دون أن تصل إلى حد القطيعة. وهو ما قد تتفهمه دولة الإمارات خاصة أن المؤشرات تدلل أن نسبة كبيرة من الشعب الاماراتي تختلف رؤيتها عن رؤية الحكومة الاماراتية تجاه حركة الاخوان المسلمين. وأن تتعهد الدوحة بالسيطرة على شبكة الجزيرة الممولة من الدولة.

انتهاء الأزمة عسكرياً:

وقد يأخذ هذا السيناريو عده أشكال فرعية:

الأول، من خلال تحرك عسكري داخلي، يهدف إلى تغيير النظام القطري على أن يتم استبدال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بأحد أفراد عائلته الذين يتصفون بقدرتهم على التكيف، وعلى الرغم أن هذا الاحتمال مستبعد نوعا ما إلا أنه لا يزال قائما  .

الثاني: يتمثل بالتصعيد العسكري ضد قطر، ومن مؤشراته تصريح وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة في تغريده له حمل فيها الدوحة مغبة التصعيد العسكري في المنطقة ؛ إضافة إلى اعتزام الدول العربية الاربعة ” المقاطعة” إقامة قاعدة عسكرية في البحرين . وقد يحدث هذا السيناريو في حال نجحت الدول المقاطعة بإقناع الولايات المتحدة الأمريكية، بضرورة السيطرة العسكرية على قطر، مقابل تقديم ضمانات للقواعد العسكرية الأمريكية، وتقديم تمويل “سخي” للولايات المتحدة الامريكية بعد السيطرة على مقدرات قطر الاقتصادية، أو في حال فشلت قطر في اقتناع الولايات المتحدة الأمريكية بأهمية الدور القطري في المواجهة الأمريكية الإيرانية المتوقعة.

استمرار الوضع الراهن:

وهذا المسار قد يأخذ عده أشكال؛ الأول. تشديد الحصار وفرض عقوبات جديدة، من خلال قيام دول الحصار بتجميد عضوية قطر في مجلس التعاون، وتجميد ودائع قطر في الدول المقاطعة (دون أن يتم الإعلان عن حجم تلك الودائع) . الثاني. تجميد الأزمة والتعايش معها وذلك يرجع للحاجة إلى حلول وتسويات خارج دائرة الخبرة القطرية وخبرة الدول الخليجية ومصر، مما يجعلها بحاجة لوقت أطول.

لم تعد الأزمة القطرية، قرارا عربيا خالصا، بل تعتبر أطراف المنظومتين الاقليمية ” تركيا –إيران” والدولية ” الولايات المتحدة الامريكية وروسيا”، لها الكلمة المفصلية فيها. وعليه، فإن شهر سبتمبر القادم من العام 2018م، والذي من المتوقع أن يشهد عقد اجتماع بين قطر ودول الحصار برعاية أمريكية، سيحدد بدرجة كبيرة مصير الأزمة القطرية. مما يعني ترجيح السيناريو الأول “انتهاء الأزمة سليما”. أما في حال تأجل اللقاء ولم يعقد في موعده، فإن هذا يعني الرهان على مسارات غير متوقعة ترتبط بطبيعة التحولات الداخلية في السياسة القطرية من ناحية، أو ما يمكن أن تشهده دول الحصار من تحولات، وخاصة في ظل البيئة الحالية التي تتسم بمعدلات عالية من عدم الاستقرار.

106-10