احتجاجات الاردن.. اسبابها ونتائجها !!

احتجاجات الاردن.. اسبابها ونتائجها !!
الأربعاء ٢٧ يونيو ٢٠١٨ - ١٠:١٣ بتوقيت غرينتش

انطلقت في اواخر شهر مايو/ايار من العام الجاري احتجاجات شعبية غاضبة في عموم المدن الاردنية ضد مشروع قانون ضريبة الدخل المعدَّل والذي رفعته الحكومة إلى مجلس الأمة لبحثه وإقراره في دورة استثنائية، اضافة الى رفع الأسعار وضرائب قدرها 5.5 في المئة لأسعار المحروقات، و19 في المئة في أسعار الكهرباء.

العالم - الاردن

هذه الاحتجاجات لم تكن المرة الأولى، ففي أكتوبر/تشرين الأول عام 2012، قامت نقابات المعلمين والمهندسين والمهندسين الزراعيين بإضرابات عامة في معظم المدن الأردنية بسبب قرار الحكومة برفع أسعار معظم المواد الاستهلاكية وعلى رأسها النفطية، والتي أدت إلى احتجاجات جماهيرية واسعة في البلاد.

ما الذي اشعل شرارة الاحتجاجات في الاردن..؟

وكان السبب في اندلاع الاحتجاجات، الزيادة المقترحة في ضريبة الدخل التي تقضي بأن يدفع كل من لديه دخل سنوي قدره 8000 دينار أو أعلى، ضريبة الدخل، وكلما ارتفع الدخل، ترتفع الضريبة المدفوعة، أي أن الشركات ستواجه ضريبة أكبر، مع تشديد قانون معاقبة المتهربين من الضريبة.

وكانت الحكومة قد أقرت رفع الأسعار بالإضافة إلى ضرائب قدرها 5.5 في المئة لأسعار المحروقات، و19 في المئة في أسعار الكهرباء، ولكن الملك عبدالله الثاني أمر بتجميد تلك الزيادات بسبب الاحتجاجات الغاضبة التي تعم البلاد لمدة شهر.

أسباب انتهاج الحكومة سياسة التقشف وفرض الضرائب

اقترضت الحكومة الأردنية من صندوق النقد الدولي مبلغاً قدره 723 مليون دولار، بهدف القيام بإصلاحات اقتصادية في البلاد، والعمل على التقليل من الدين العام من حوالي 94 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 77 في المئة بحلول عام 2021.

ودعا مجلس محافظة العاصمة، الحكومة ومجلس الأمة، إلى فتح حوار وطني شامل حول مشروع قانون ضريبة الدخل، للوصول الى اجماع وطني توافقي، فأكد المجلس في بيان له أصدرته في 3 يونيو/حزيران من العام الحالي، على "ضرورة تغليب المصلحة الوطنية على جميع الاختلافات، مطالباً الحكومة بحماية الطبقة الفقيرة والمتوسطة في اي قرارات اقتصادية تتخذها" .

الاحتجاجات الشعبية تطيح برئيس الوزراء هاني الملقي

وعلى خلفية تواصل موجة الاحتجاجات الشعبية والاعتصامات على التعديلات الضريبية، استدعى ملك الاردن، عبد الله الثاني رئيس الوزراء هاني الملقي، الذي أعلن عقب اللقاء استقالة الحكومة.

وفي المقابل، كلف عمر الرزاز بتشكيل حكومة اردنية جديدة، وهو خبير اقتصادي ويشغل منذ 14 يناير 2017 منصب وزير التربية والتعليم.

وسبق أن عمل رئيسا لمجلس إدارة البنك الأهلي الأردني، كما كان رئيسا الفريق الفني الأردني لإعداد الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، ومديراً عاماً للضمان الاجتماعي. كما سبق ان عمل مديرا عاما في البنك الدولي في واشنطن وبيروت.

الرزاز يعلن عن إجراءات جديدة في الحكومة

أكد رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز أن الهدف من التغيير الحكومي لم يكن تغيير كل الوجوه وإنما تشكيل فريق اقتصادي يدرك الأبعاد الاجتماعية للقرارات المالية.

وأشار عمر الرزاز إلى أن الفريق لديه أهدافا محددة عليه أن يحققها ويساءل ويحاسب عليها، مؤكداً  بالقول"سوف نخرج بحزمة إجراءات قبل نهاية الأسبوع ونعلن عن أدوات محددة للتواصل والحوار... نسعى إلى مشاركة واسعة في صنع القرار وبلورة ثقافة وممارسات تقودنا إلى المستقبل بخطوات ثابتة".

اياد خفية تقف خلف المظاهرات والاحتجاجات في الاردن

تحدثت وسائل اعلامية عن ان الاحتجاجات التي ضربت الأردن تقف ورائها كل من السعودية والإمارات ومصر و"إسرائيل" والولايات المتحدة لسببين.

الأول،استبعاد عمان من الاتفاق الذي تم بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" والسعودية ومصر، في موضوع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس".

وأما الأمر الثاني، فهو "تظاهر الأردنيين في المدن الكبرى ضد رفع أسعار النفط والكهرباء والنية لإعداد ضريبة دخل جديدة لكل مواطني الدولة، مع التنويه بأن هذا فقط للمواطنين وليس لمن يسكنون في الأردن وعددهم هائل".

واضافت أنه "في الظاهر لا يوجد صلة بين الأمرين، فنقل السفارة سياسي، ومطالب الأردنيين تتعلق بالشأن الاقتصادي"، مؤكدة أن هناك صلة بين الأمرين، "فالأردن الذي يتصرف كدولة غنية، يعيش عمليا على التبرعات والمساعدات الأجنبية منذ سنوات عديدة".

انعقاد قمة مكة لانقاذ الاردن من ازمته الاقتصادية

في اعقاب تفاقم الوضع الاردني، دعا الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، ملك الاردن وامير الكويت وولي عهد الامارات، لمناقشة ما يسمى تقديم مساعدات الى الاردن لاعادة الاستقرار الى هذا البلد، في وقت عزت فيه بعض وسائل الاعلام اضطراب الوضع في الاردن الى قطع المساعدات السعودية والامريكية عنه، والعامل الرئيسي لذلك هو نتيجة المعارضة الامريكية والسعودية لمشاركة الاردن في الاجتماع الطارئ الاخير لقادة منظمة التعاون الاسلامي في تركيا، والذي كان يهدف حماية الشعب الفلسطيني.

وباعتقاد هذه المجموعة، فان اي دولة تعارض مشروع صفقة ترامب يجب معاقبتها وخنقها من اول وهلة كي تكون عبرة لغيرها، باعتبار، ان الموقف الاردني اتى خلافاً للصفقة، والذي ركز بطبيعة الحال على اقامة علاقة طويلة الامد مع الكيان "الاسرائيلي".

واستناداً على ما سبق فانه يتضح جلياً ان الهدف من المساعدات في إعادة الاستقرار للأردن على خلفية الاحتجاجات الشعبية الغاضبة، وصلت للملك عبد الله الثاني، فالرسالة الاميركية الاسرائيلية السعودية تحذر الاردن من الثمن الذي قد يدفعه في حال مخالفته "لاسرائيل" وصفقة ترامب، رغم ان الاردن كان دائما من السباقين الى التطبيع مع "اسرائيل" خلال العقدين الاخيرين، ومن السباقين أيضا في إقامة العلاقات معها.

علي الدمشقي