لتأليف على قاعدة "من يصرخ أولاً"!

لتأليف على قاعدة 
الخميس ٢٨ يونيو ٢٠١٨ - ٠٥:٥٤ بتوقيت غرينتش

بعد أن كانت الأجواء، التي رافقت تسمية رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، توحي بأن مهمته ستكون سهلة، عادت الأمور إلى المربّع الأول مؤخراً، نتيجة الخلافات بين مختلف الأفرقاء على توزيع الحصص، لا سيما بين "​التيار الوطني الحر​" وكل من حزب "القوات اللبنانية" و"​الحزب التقدمي الإشتراكي​"، وصولاً إلى التوتر بين "التيار الوطني الحر" وتيار "المستقبل".

العالم - مقالات وتحليلات

في المرحلة الراهنة، بات تحديد موعد لولادة الحكومة المقبلة من المستحيلات، لا سيما مع تداخل العوامل الإقليمية والمحلية، في ظل المعلومات عن رغبة سعودية في منع الإخلال بالتوازنات الداخلية نتيحة ​الإنتخابات النيابية​ الأخيرة، التي أفرزت تقدماً لقوى الثامن من آذار على حساب قوى الرابع عشر من آذار.

في هذا السياق، تشير مصادر متابعة لعملية تأليف الحكومة، عبر "النشرة"، إلى أن الولادة عالقة عند إصرار كل فريق على موقفه وعدم الرغبة في تقديم أي تنازل، خصوصاً أن عمرها قد يمتد إلى حين موعد الإنتخابات النيابية المقبلة، التي ستسبق أيضاً الإنتخابات الرئاسية في العام 2022، ما يرجح أن يستمر الوضع على ما هو عليه طويلاً، لا سيما مع قرار رئيس الحكومة المكلف الإصطفاف إلى جانب كل من رئيس "الإشتراكي" ​وليد جنبلاط​ و"القوات" ​سمير جعجع​، نتيجة التحالفات التي يحتاج لها عند طرح الملفات السياسية الخلافية.

وفي حين تلفت المصادر نفسها إلى أن الثنائي الشيعي، أي "​حزب الله​" و"​حركة أمل​"، يبدو الأكثر إرتياحاً في الوقت الراهن، نتيجة عدم دخوله في أي إشتباك مع أي فريق محلي وتقاسم الحصة التي سيحصل عليها بين الحزب والحركة مسبقاً، تؤكد بأن لدى الحزب مخاوف من أن يكون ما يحصل هو بقرار إقليمي، من السعودية تحديداً، من أجل الضغط عليه لتقديم تنازلات في ساحات أخرى، في ظل الأوضاع الإقتصادية الضاغطة على المستوى الداخلي، والمعلومات عن توجه ​الولايات المتحدة​ إلى فرض المزيد من العقوبات عليه، لا سيما أن "النقمة"، من جانب الرياض، على رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، تعود إلى وقوفه إلى جانب الحزب في العديد من المحطات.

في هذا الإطار، توضح هذه المصادر أن رئيس الحكومة المكلف يبدو مرتاحاً لعدم قدرة أي جهة على إجباره على تقديم التنازلات، بسبب غياب أي نص دستوري أو قانوني يحدد له مهلة للتأليف أو وسيلة لنزع التكليف عنه، وبالتالي هو قادر على الإستمرار في موقعه حتى تتحقق الشروط التي يريدها، بينما رئيس الجمهورية هو المتضرّر الرئيسي من الواقع الحالي، نظراً إلى رغبته في تأمين إنطلاقة العهد بأسرع وقت ممكن، خصوصاً أنه يعتبر أن الحكومة المنتظرة هي حكومة العهد الأولى، التي عليها مسؤولية مواجهة الكثير من الملفات الصعبة، لا سيما الإقتصادية منها وأزمة ​النازحين السوريين​.

من جانبه، لا يبدو "التيار الوطني الحر" مستعداً لتقديم تنازلات لا يريدها، بحسب ما تؤكد المصادر نفسها، لا سيما إلى القوى التي قررت أن تكون في الجانب المعارض لرئيس الجمهورية، بعد التجربة التي خاضها مع "القوات" في الحكومة السابقة، وذهاب رئيس "الإشتراكي" إلى وصف العهد بـ"الفاشل"، وهو يريد أن يكرس حضوراً قوياً له في الحكومة المقبلة، لتأمين القدرة على الإنجاز، لكنه أيضاً يدرك ضرورة الإنتهاء من مرحلة التأليف بأسرع وقت ممكن.

بناء على هذه المعطيات، تؤكد هذه المصادر أن الواقع السياسي في البلاد يعود تدريجياً إلى ما قبل ​التسوية الرئاسية​، التي فرضت تعاوناً بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وتشير إلى أن المخرج الوحيد يكمن بالذهاب إلى تسوية جديدة، إلا أنها تشدد على أن الأمر ليس بالسهولة التي يتصورها البعض، نظراً إلى أنها تُرسم، على ما يبدو، على قاعدة "من يصرخ أولاً".

ماهر الخطيب /  النشرة 

109-2