هواجس ترامب وبوتين خلال القمة المرتقبة

 هواجس ترامب وبوتين خلال القمة المرتقبة
السبت ٣٠ يونيو ٢٠١٨ - ١٠:١٥ بتوقيت غرينتش

أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب سيعقدان قمتهما الثنائية في 16 يوليو في هلسنكي والتي تهدف الى تحسين العلاقات المتدهورة تماماً بين موسكو وواشنطن.

العالم-الأميركيتان

وقال الكرملين في بيان إنه خلال هذا اللقاء، ستتم مناقشة "الوضع الحالي ومقاربات تطوير العلاقات الروسية الأميركية" اضافة إلى المواضيع الرئيسية الدولية.

وأشار البيت الأبيض من جهته إلى أن الرئيسين "سيناقشان العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا اضافة إلى عدد من المواضيع المتعلقة بالامن القومي".

وسبق أن التقى الزعيمان مرتين على هامش أحداث دولية فيما تحدثا ثماني مرات على الأقل هاتفيا. كما أدلى كل منهما بتصريحات إيجابية متفرقة عن الآخر من بينها إشادة بوتين بالنهج ترامب الاقتصادي.

من الواضح أن التحضيرات لقمة ترامب وبوتين التي ستعقد في يوليو/ تموز، جارية على قدم وساق. والسفير الأمريكي في روسيا، «جون هانتسمان» منهمك في التحضير للقاء الشخصي الثالث بين ترامب وبوتين. وقد عرضت النمسا بالفعل، استضافة الحدث الذي يستحوذ على الاهتمام. في العام الماضي، أجرى الزعيمان لقاءين وجيزيْن وجهاً لوجه، على هامش اجتماعات قمة مجموعة العشرين، واجتماع منظمة «أبيك» (منظمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي). وفي مارس/ آذار، أجرى دونالد ترامب مكالمة هاتفية لتهنئة فلاديمير بوتين على الفوز في الانتخابات الرئاسية. 


وأثناء قمة مجموعة الدول السبع، التي عُقدت في كندا في 8-9 يونيو/ حزيران قال الرئيس الأمريكي، إنه يؤيد فكرة عودة روسيا إلى المجموعة، مما يجعلها مجموعة الدول الثماني مرة أخرى. وفي الشهر القادم، سيكون ترامب في أوروبا لحضور قمة حلف شمال الأطلسي في الفترة من 11-12 يوليو/ تموز. ويمكنه استخدام هذه الرحلة لتعزيز أجندة السياسة الخارجية الأمريكية بعد انتهاء الحدث السنوي في بروكسل. 

ما هي أبرز الملفات المتوقع أن تتم مناقشتها في القمة هلسنكي؟

وتوجد لدى الزعيمين مجموعة كبيرة من القضايا التي تتطلب التعامل معها على وجه السرعة. خذ مسوّدة مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2019، الذي وافق عليه مجلس الشيوخ في 18 يونيو/ حزيران. إنه يقول إن من حق واشنطن أن تعلّق تطبيق معاهدة «القوى النووية المتوسطة المدى»، كلياً، أو جزئياً، طالما استمرت روسيا «في الخرق المادي». ومستقبل معاهدة «ستارت الجديدة»، على أرضية مزعزَعة. ومعاهدة الأجواء المفتوحة في مأزق، وأصبح النزاع حول الدفاع الصاروخي البالستي، حجر عثرة يعيق أي محاولات للمضيّ قُدُماً. وهنالك مشاكل تتعلق بمعاهدة عدم الانتشار التي تحلّ الذكرى ال50 لتوقيعها في 1 يوليو/ تموز. وينبغي معالجة هذه القضايا، وكثير غيرها دونما تأخير لمنع نظام الحدّ من الأسلحة وعدم انتشارها، من التآكل. 
من جانب آخر يجب ألاّ يُسمَح للعلاقات الثنائية بأن تزداد سوءاً. فقانون مواجهة أعداء أمريكا من خلال العقوبات، ينظم إجراءات عقابية ضدّ موسكو. ويجري شنّ حرب تجارية. وفي 19 يونيو/ حزيران، أعلنت روسيا فرض تعرفات استيراد على سلع أمريكية معينة، ردّاً على الضرائب التي فرضتها واشنطن على واردات الصُّلب والألومنيوم. ومعركة العقوبات والعقوبات المضادة مستمرة. ممکن أن یکون إجراءات عقابية أمريكية ضد موسكو من أهم قضايا التي تحدثا عنها الرئيسان.

من هذا المنطلق، قال ترامب اليوم السبت ردا على سؤال حول إمكانية رفع العقوبات عن روسيا: "سنرى ما ستفعله روسيا".

ولدى القوتيْن وجهات نظر متضاربة حول الأزمتين في أوكرانيا وسوريا. والعلاقة في الحضيض، ولكن الكيمياء الشخصية دائماً ما لعبت دوراً بالغ الأهمية، إذا ألقينا نظرة على تطور العلاقات الثنائية بعد الحرب العالمية الثانية. 

ويمكن القيام ببعض الأمور على الفور. يمكن إعادة تنشيط اتفاقية الحوادث في البحار، واتفاقية منع الأنشطة العسكرية الخطيرة. ويمكن الشروع في اتصالات عسكرية ثنائية وعقد اجتماعات غير رسمية بين الخبراء في الحدّ من التسلح والشؤون العسكرية بالإضافة إلى الاتصالات بين رؤساء الأركان. وعلى ضوء التطورات الأخيرة، فإن الوضع في ليبيا هو القضية التي يمكن للدولتين أن تتعاونا بشأنها. والوقت ملائم لقيام الرئيسيْن بتبادل وجهات النظر حول سوريا لمنع أي فرصة للحوادث والمواجهة. 

وحتى من دون اختراقات تحبس الأنفاس، فإن الحفاظ على الحوار على مستويات مختلفة، أفضل بكثير من الوضع غير العادي، الذي نشهده في الآونة الأخيرة، مع تفاقم الهوة التي تفصل بين القوتين النوويتيْن الرائدتيْن. 

وقد يُصبح تغيير اتجاه المَدّ، من مآثر ترامب قبل الانتخابات النصفية في نوفمبر/ تشرين الثاني. ويمكن أن يعزز تخفيفُ التوتر مع موسكو، فُرَصه في الفوز بفترة ولاية ثانية. 

قال ترامب موضحاً قراره لقاءَ الرئيس الروسي في اجتماع أبيك في العام الماضي: «إن بوتين مهم جدّاً». وهو عازم على فعل ذلك على الرغم من كل العقبات في الطريق. والتوترات الجارية على أشُدّها لا تفيد موسكو بأي شكل من الأشكال. وسوف يكسب الجميع، إذا تم تطبيع العلاقات.

وكان ترامب قد طرح فكرة اللقاء في 21 مارس، بعدما هنأ في اتصال هاتفي نظيره الروسي على فوزه في الانتخابات. يومها، قال إنه اتفق مع بوتين على إمكانية عقد لقاء بينهما، "في مستقبل ليس ببعيد"، ما عرّضه لانتقادات شديدة، أبرزها من السناتور الأمريكي جون ماكين الذي اتهمه بتهنئته الحكام المستبدين على الفوز بانتخابات زائفة.

بحسب بولتون، سيبحث ترامب وبوتين تحسين العلاقات الأمريكية الروسية وإرساء الاستقرار حول العالم، وبحسب ترامب سيبحثان التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية وأزمتي أوكرانيا وسوريا و"قضايا أخرى كثيرة".

ومن المتوقع أن تكون عدة قضايا شرق أوسطية ضمن هذه "القضايا الأخرى الكثيرة". فما هي أبرز الملفات الشرق أوسطية المتوقع أن تتم مناقشتها في هذه القمة؟ وقال ترامب، الیوم السبت، في حديث للصحفيين من متن طائرته الرئاسية قبيل توجهه إلى ولاية نيوجيرسي، ردا على سؤال حول أجندة لقائه مع بوتين: "أوكرانيا وسوريا والانتخابات... إننا لا نريد أن يتدخل أحد في انتخاباتنا".

من هذا المنطلق، لن يخلو لقاء الرئيسين من حديث مطوّل حول الملف السوري. إن أهداف كل من روسيا والولايات المتحدة كانت متباينة دائماً بخصوص هذا الملف، وهو الأمر الذي زاد من الأزمة وجعلها الأسوأ في العصر الحديث، مضيفاً أن العمل المشترك صار ضرورة ملحة بين البلدين، لإنهاء الحرب الدائرة هناك منذ سبع سنوات.

أن أهداف روسيا كانت واضحة منذ البداية، وأهمها ألا يتم تغيير النظام السوري بالقوة، لكن الولايات المتحدة كانت ترى أن الأولوية هي لرحيل الرئيس السوري بشار الأسد، والقضاء على داعش، وأن تصبح هناك هيمنة أمريكية على بعض المناطق السورية.

الاستراتيجية الروسية بأنها كانت محددة منذ بداية الأزمة، بسبب هيمنة بوتين على القرار في بلده، لكن الأمر ليس كذلك في الولايات المتحدة، حيث هناك اختلافات عدة في الرؤى بين الإدارات الأمريكية المختلفة وداخل كل منها.

يتوقع من قمة بوتين وترامب المرتقبة أن تساههم في إنهاء ملف الحرب في سوريا بشكل كبير، خصوصاً أن ترامب يختلف تماماً عن سابقه أوباما في التعاطي مع هذا الملف.

وكانت قناة "CNN" الأمريكية قد كشفت أن ترامب يسعى لإبرام صفقة مع نظيره الروسي بشأن سوريا خلال القمة، تتيح سحب القوات الأمريكية من هناك. بحسب الصفقة المقترحة ستكون القوات الحكومية السورية قادرة على فرض سيطرتها "فوق الأراضي القريبة من الحدود مع الأردن" بدعم من روسيا.

ونقلت القناة عن مصادر أن الرئيس الأمريكي تحدث عن نوايا سحب القوات الأمريكية من سوريا في اجتماعه مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في البيت الأبيض. وتتوقع القناة أن يتمكن ترامب من تنفيذ اتفاق مع بوتين يتعلق بمنطقة جنوب غرب سوريا، الأمر الذي سيسمح للولايات المتحدة بالخروج من البلاد في أقرب وقت ممكن.

وتعني الصفقة التي تتحدث عنها القناة الأمريكية أن تتمكن السلطات السورية، بدعم من القوات الروسية، من فرض سيطرتها على الأراضي القريبة من الحدود مع الأردن، في مقابل أن يحصل ترامب على ضمانات من روسيا تتعلق بأمن المعارضة السورية، وبألا تتواجد القوات المدعومة من إيران في جنوب غرب سوريا على مقربة من الحدود مع إسرائيل، لا سيما مقاتلي حزب الله اللبناني الذين تخشى الدولة العبرية من أن يفتحوا جبهة ضدها في الجولان.

ونقل المكتب الصحفي للبيت الأبيض عن ترامب قوله: "سوف نتحدث عن الأحداث التي تجري على هذا الكوكب، وسوف نتحدث عن السلام، يمكننا حتى التحدث عن تقنيين الملايين من الدولارات على الأسلحة، سننشئ قوة لم يرها أحد من قبل".

هذا وكان الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة قد وقعا في عام 1972 اتفاقية الحد من المنظومات المضادة للصواريخ، وهي اتفاقية ليست محددة المدة، إلا أنه يمكن إلغاؤها في أي وقت.

وأعلنت الولايات المتحدة في عام 2001 انسحابها من هذه الاتفاقية، وفي عام 2002 توقفت اتفاقية الحد من المنظومات المضادة للصواريخ عن العمل.

ويُشار إلى أن شبه جزيرة القرم، ومدينة سيفاستوبول، انضمتا إلى روسيا، بعد الاستفتاء الذي جرى فيهما في 16 آذار/ مارس من عام 2014، بعد أن أيد خلاله معظم السكان الخروج من قوام أوكرانيا، والانضمام إلى روسيا.

وأعلنت موسكو مرارا وتكرارا، أن سكان شبه جزيرة القرم قد صوتوا لصالح إعادة الوحدة مع روسيا من خلال الوسائل الديمقراطية، وفي إطار الامتثال الكامل للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة