أين سيلتقي ترامب الرئيس الأسد ؟!

أين سيلتقي ترامب الرئيس الأسد ؟!
الثلاثاء ٠٣ يوليو ٢٠١٨ - ٠٣:٠٨ بتوقيت غرينتش

من يتابع اداء الرئيس الامريكي دونالد ترامب سيدرك انه يعي ما يريد، رغم الانتقادات الحادة التي تواجهه واتهامه بالتقلب وعدم الثبات، ولكن حقيقة رغم سيل الانتقادات الموجهة اليه الا انه يعرف ماذا يريد ويحصل ايضا على مايريد!

ابان ترشح ترامب للانتخابات الرئاسية الامريكية اعلن انه يريد اعادة العلاقات الروسية الامريكية واعترافه بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني اضافة لانتقاده قوانين الهجرة والاتفاقيات التجارية العقيمة التي اضرت بالولايات المتحدة الامريكية ورغبته بإعادة الجنود الامريكيين الى بلادهم وعدم رضاه عن الاتفاق النووي مع ايران، وانه ليس برجل حرب بقدر ماهو رجل اقتصاد بارع جدا ويظهر ذلك جليا من خلال كتابه “فن الصفقة” الذي اخرجه من ازمته المالية ليتربع على عرش امبراطوريته المالية وظهر ذلك بشكل واضح من خلال فن صناعة الازمة والكسب منها الى ان يحصل على صفقة تدر له المال الوفير، وقد قام بدمج الاقتصاد بالسياسة ليكن العائد اكبر بكثير من ما يتوقعه الاخرون .
منذ ان تم تنصيب ترامب شرطيا على العالم ظهرت العديد من الازمات وتوالت، الازمة القطرية مع دول الحصار وهنا اعلنت واشنطن ترامب قبلة للسعودية و قطر زيارة يرد عليها بزيارة واستثمار يرد عليه بأستثمار وعقود تسليح يرد عليها بعقود تسليح اخرى، يقابلها وعد بالحماية والتهدئة ولكن دون وضع حلول لتلك الازمة , والارصدة الامريكية ترتفع بشكل جنوني !
اراد الديمقراطيين وضع العراقيل امام خطوات ترامب بتقاربه من الروس والذي لطالما ردد ترامب اعجابه بشخصية “بوتين” علانية وظهرت ازمة التدخل الروسي بالانتخابات والتي اعقبها سيل من الفضائح التي تخص ترامب , ولكن ذلك لم يمنع من مقابلة ترامب لبوتين والذي يرى فيه ترامب ان ابرام علاقات قوية مع روسيا تغنيه عن الحليف الاوروبي السابق الغارق معظمه في المديونية والعجز .
رغم الانتقاد وعدم اعتراف ترامب بأحقية سابقه اوباما بنوبل للسلام خرج ترامب من الاتفاق النووي مع ايران غير ابه لشركاء الولايات المتحدة الامريكية من الاوروبيين، وقام بفرض عقوبات قاسية على ايران ومن يتعامل معها اقتصاديا حتى ان منظمة اوبك ستكون عرضة للعصف امام قطار ترامب السريع كما كانت سابقها منظمة التجارة العالمية والتي خرج منها وقام بفرض الرسوم الجمركية على كل واردات الولايات المتحدة الامريكية والتي لم ترضي الصين واوروبا والدول في القارة الامريكية .
في منتصف حزيران حقق ترامب ما عجز عنه غيره من الروؤساء سابقيه بمقابلته للرئيس الكوري الشمالي كيم والذي حقق من خلال هذا اللقاء فك الشيفرة النووية لتلك الدولة التي وقفت ندا قويا للعالم اجمع بعد فرض عقوبات عليها دفعتها للتفاوض وليكن هذا اللقاء ممهدا لنوبل على طريقة ترامب الذكي .
حلم الكيان الصهيوني تحقق من خلال اعتراف ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الامريكية الى القدس وتلويح بالانسحاب من هيئة الامم المتحدة كما انسحب من منظمة حقوق الانسان اكثر منتقدي جرائم الكيان الصهيوني، نعم فعلها ترامب وحقق وعده تجاه الكيان الصهيوني وليس ذلك فحسب بل جعل الدول العربية والاسلامية تتسابق تجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني علانية كيف لا وترامب يعلنها صراحة وعلى مسمع الجميع بأن الولايات المتحدة هي من تحمي العروش ودونها لن يستمر عمر الانظمة التي تنطوي تحت عبائتها لاكثر من “اسبوعين” فقط . والتحضير لصفقة القرن جار على قدم وساق وبمبادرة عربية اسلامية خالصة .
حقق ترامب جل وعوده وبطريقة متسارعه والخزائن الامريكية تحقق نموا ملحوظا في الايرادات , حيث اصاب الطرف الاخر للصفقة بالعطب ليأتي اليه راجيا توقيع صكوك الصفقة السادية بعد صناعة مستنقعات اغرقت خصومه.
من يعي حقيقة ما يجري في سورية يدرك ان سورية لم تكن الا هدفا يحقق من خلاله الامن للكيان الصهيوني، وذلك بأرهاقها ببنية مدمرة، ومديونية فلكية، واضفاء تنافرا شعبيا وطائفيا ليسود النزاع والصراع فيها الى ابعد مدى زمني متوقع، ولكن حقيقة سورية وجدت لها من الحلفاء الروسي والايراني ما يدعمها للثبات ومقاومة الحرب الكونية التي اعلنت عليها من القريب قبل الغريب، حتى ان الرؤى العربية الاسلامية توافقت بالنظرى تجاه سورية واتحدت الاهداف ايضا، واكرر في معرض حديثي ان سورية ارهقت خصومها بجدية لابل واسقطت انظمة بحد ذاتها ودفعت بعضها لتغيير جلدتها , ومع توالي الانتصارات على الارض السورية التي حققها الجيش العربي السوري عادت خطوط الهاتف الدولية تعمل بشكل ملحوظ عربيا وغربيا، ناهيكم عن اعجاب عربي خالص بتحالف سورية مع حلفائها الروسي والايراني واللذان لم يقبلا ترك حليفتهم كما ترك الامريكي حلفائه يتساقطون توالين، وهنا يعي الامريكي ترامب انه لا جدوى من صفقة القرن او اي صفقة على شاكلتها دون الحضور السوري وهذا ياتي بعيد عدم تحقيق عملية السلام السابقة لغايتها بتحقيق الامن للكيان الصهيوني والذي لم يجني ثمار تطبيعه مع العرب كما اراد وخطط .
ابرام ترامب لصفقة مع سورية يغنيه عن الصفقات السابقة ولكن بعيد 7 اعوام من الحرب والازمة السورية كيف لترامب ان يحقق مبتغاه ويطلب لقاء الرئيس السوري بشار الاسد ؟ سورية فرضت عليها العقوبات الاقتصادية منذ امد طويل، ومن خلال الازمة السورية امتلكت خبرة حربية قادرة على اي مواجهة تفرض عليها , ووصفها سابقا رئيس الوزراء الماليزي مهاتير بأنها يابان العرب لقدرتها على الانتاجية ولوجود عامل الابداع لدى شعبها القادر على النهوض بها بفترة وجيزة، وهنا استذكر خطاب السيد حسن نصرالله بأن سورية عرضت عليها فرصة تاريخية حوت انهاء للازمة واعادة اعمار مجاني وحكم مطول متوارث ولكنها ابت الخروج من محورها !
يبدوا ان ترامب يفكر بجدية بالحصول على جائزة نوبل للسلام تمهد له حقبة رئاسية جديدة ! والطريق تجاه الحصول على هذة الجائزة لن يكن الا بعقد قمة امريكية سورية وهذا حاليا يبدوا قريبا ولكن لن يمر دون لقاء “بوتين” و “ترامب” اولا ومن ثم الحصول على رضا ايران بعيد حللة ازمة الاتفاق النووي والذي سيشهد ايضا قمة بين “روحاني” و “ترامب” لنكن هنا امام “صفقة القرن” الحقيقية لا الهزلية والتي ستحقق منها الولايات المتحدة الامريكية الكثير كما سيحقق منها السوري والروسي والايراني الكثير الكثير، صفقة لا تعرف خاسر لاي من اطرافها كما عهدنا مسبقا وسيكون للفلسطينيين شان بها كما هو للجولان المحتل، ربما ستكون القمة الامريكية الروسية في منتصف الشهر القادم اولى خطواتها ومن ثم سيعقبها زيارات متعددة متبادلة بين الانداد لازالة العوائق التي تقف امام قمم اتية تمهيدا لبدئ مرحلة جديدة معنونة بالاعتراف بعدم فردية ادارة العالم، وقبول شركاء اثبتوا حضورهم بقوة على جميع الصعد .

* مهدي العيسى - شام تايمز