رغم "سعودة" الوظائف.. البطالة بين السعوديين في ازدياد

رغم
السبت ٠٧ يوليو ٢٠١٨ - ٠٦:١٧ بتوقيت غرينتش

واصل معدل البطالة في السعودية ارتفاعه، رغم خروج ما يقرب من ربع مليون عامل أجنبي من المملكة في الربع الأول من العام الجاري 2018، وتوسع الحكومة في سياسة توطين الوظائف وإحلال العمالة الوطنية بدلا من الوافدة، ومعاناة الوافدين من زيادة الأعباء المعيشية والرسوم الحكومية المفروضة.

العالم - السعودية 

وحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء في السعودية (مؤسسة حكومية) اليوم الخميس، فقد سجل معدل البطالة في المملكة مستوى قياسياً بين المواطنين السعوديين ليبلغ 12.9% في الربع الأول من العام الحالي، صعوداً من 12.8% النسبة المحققة في الربع الأخير من عام 2017.

وذلك رغم خطوات سعودية، رفعت على إثرها منذ ثلاثة أعوام، وتيرة "سعودة" العديد من القطاعات الاقتصادية داخل المملكة، بهدف خفض نسب البطالة في صفوف المواطنين.

وأظهرت نشرة سوق العمل الحكومية للربع الأول من العام 2018 الصادرة عن هيئة الإحصاء اليوم الخميس، خروج 234.2 ألف أجنبي من سوق العمل خلال هذا الربع الأول من العام الجاري.

وبلغ إجمالي العاملين الأجانب في السعودية بنهاية الربع الأول 2018 نحو 10.18 ملايين، مقارنة بنحو 10.42 ملايين في الربع الذي سبقه.

وتم خلال الربع الأول 2018 خروج نحو 210.3 ألف أجنبي من الذكور من سوق العمل في السعودية و 23.9 ألفا من الإناث.

وأظهرت نتائج مسح القوى العاملة للربع الأول 2018 الصادرة عن هيئة الإحصاء اليوم، أن مجمل عدد العاملين في السعودية انخفض إلى 13.33 مليون فرد مقارنة بنحو 13.58 مليون فرد بنهاية الربع الذي سبقه.

ويمثل الذكور من إجمالي العاملين بنهاية الربع الأول من العام الجاري 11.30 مليون فرد، ما نسبته 84.7% من إجمالي المشتغلين، وتمثل الإناث منهم 2.03 مليون بنسبة 15.3%.

ووفقاً لبيانات هيئة الإحصاء التفصيلية فقد بلغ عدد الأجانب العاملين 10.18 ملايين، ما يمثل 76.4% من إجمالي العاملين في السعودية، فيما بلغ عدد العمال السعوديين 3.15 ملايين فرد، وهو ما يمثل 23.6% من الإجمالي.

وتمركز أغلب المشتغلين بالسعودية في أنظمة ولوائح التأمينات الاجتماعية، بـ 9.7 ملايين عامل، ما يمثل 72.8% من إجمالي العاملين، ثم الخاضعين لأنظمة ولوائح الخدمة المدنية بـ 9.2 %، فيما بلغت نسبة العمالة المنزلية 18 % من الإجمالي.

وحسب بيانات صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، بلغ معدل بطالة السعوديين 7.6 بالمائة للذكور، و30.9 بالمائة للإناث.

وارتفع معدل البطالة الإجمالي (سعوديون وأجانب) إلى 6.1 بالمائة في الربع الأول 2018، مقابل 6 بالمائة في الربع الرابع من 2017.

وتوقعت الوزارة، أن يصل معدل البطالة بين المواطنين إلى نحو 10.6 بالمائة في 2020، فيما تستهدف المملكة في رؤيتها المستقبلية 2030، خفض معدل البطالة بين مواطنيها إلى 7 بالمائة.

تقرير سوق العمل السعودي يوليو 2018

وحسب مراقبين فإنه يبدو أن كل تدابير السلطات السعودية على المستوى الاقتصادي لم تؤتِ ثمارها بعد بالنسبة إلى انفراج أوضاع أزمة البطالة بين المواطنين السعوديين التي ارتفعت إلى مستوى قياسي لامس 13% في الربع الأول من العام الجاري، وفق بيانات رسمية.

وفيما تمضي حكومة المملكة قُدما في تنفيذ ما تعتبره "إصلاحات اقتصادية" لتطوير صناعات غير نفطية وتوفير فرص العمل، فإن الزيادات الضريبية والإجراءات التقشفية الأخرى الهادفة إلى سد العجز الهائل في الموازنة، كلها تؤثر سلبا على كثير من أرباب عمل القطاع الخاص.

ومؤشر البطالة هو واحد من جملة مؤشرات اقتصادية هابطة رغم هذه "الإصلاحات". فالشهر الماضي أفاد تقرير دولي بأن المستثمرين الأجانب، يتفادون وضع أموالهم في السعودية.

وأظهرت أرقام أصدرتها مطلع الشهر المنصرم إحدى مؤسسات الأمم المتحدة،  تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديد في السعودية إلى أدنى مستوياته في 14 عاماً، على رغم التدابير الهادفة إلى زيادة تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية.

وتفيد بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، بانكماش تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 1.4 مليار دولار في 2017 من 7.5 مليارات دولار عام 2016، بما يتماشى مع أرقام نشرها البنك المركزي السعودي في الأسابيع الأخيرة.

وتظهر هذه الأرقام المصاعب التي تواجهها الحكومة مع مضيها قدما في تطبيق إصلاحات تهدف لتقليص اعتماد الاقتصاد على صادرات النفط.

وتهدف الإصلاحات لتطوير صناعات غير نفطية وتوفير فرص عمل، لكنها تشمل أيضا خطوات تقشفية لسد العجز الكبير في الميزانية. وجرى فرض ضريبة قيمة مضافة بنسبة خمسة بالمئة في بداية العام الحالي.

وتؤثر إجراءات التقشف سلبا على كثير من الشركات الخاصة.

وتسعى السلطات لجذب المزيد من السعوديين، خصوصا النساء، إلى القوة العاملة من أجل تعزيز كفاءة الاقتصاد وتخفيف العبء المالي عن الحكومة.

لكن أحدث البيانات المعلنة لم تظهر تحقيق تقدم يذكر في هذا المجال حيث انخفض عدد السعوديين الباحثين عن وظائف إلى 1.07 مليون في الربع الأول من 1.09 مليون في الربع السابق على الرغم من انخفاض عدد السعوديين العاملين.

وأظهرت أرقام نشرت في وقت سابق هذا الأسبوع أن الناتج المحلي الإجمالي للسعودية المعدل في ضوء التضخم نما بنسبة 1.2 بالمئة على أساس سنوي في الربع الأول من 2018، ليبدأ التعافي بعد انكماشه في 2017.

لكن هذا التعافي يرجع بدرجة كبيرة إلى استقرار إنتاج النفط. ويتوقع خبراء اقتصاد أن يقود قطاع النفط النمو في وقت لاحق من العام الحالي، مع عدم توسع الشركات العاملة في القطاعات غير النفطية إلا قليلا وهو اتجاه قد يبقي معدل البطالة مرتفعا.

#توظيف_الاردنيين_وشبابنا_عاطلين

الإعلان عن وجود وظائف جديدة خاصة بالأردنيين في السعودية في ظل ارتفاع معدلات البطالة فيها، تناولها المغردون العرب على مواقع التواصل الاجتماعي كان أبرزها في السعودية، حيث أطلق مغردون سعوديون هاشتاغ توظيف_الاردنيين_وشبابنا_عاطلين الذي تصدر الترند في المملكة حاصدا أكثر من مئة ألف تغريدة بعد الإعلان عن وجود وظائف جديدة خاصة بالأردنيين في السعودية.

وتفاعلت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية السعودية مع غضب المواطنين على تويتر فغردت على حسابها الرسمي قائلة: " توضح الوزارة بأن أنظمة وإجراءات الاستقدام تمنع توظيف وافدين من خلال إعلانات عن وجود فرص وظيفية لهم في المملكة".

ولكن هذا لم يمنع السعوديين من التعبير عن غضبهم عبر مواقع التواصل.

 

السعودية في مواجهة البطالة

وقال رجل الأعمال السعودي فهد الدغيثر: إن الاقتصاد السعودي بمكوناته والأداء العام وأقصد بذلك أداء الحكومة، في حاجة إلى تحول كبير في الآليات والأدوات، ولهذا تم الإعلان عن التحول الوطني والرؤية، فموضوع مواجهة البطالة هو الآخر قصة كاملة ومرهقة، ولم تنل نصيبها من الاهتمام العملي المطلوب. لا يكفي أن نقول إن تدفق الاستثمارات الجديدة سيخلق الوظائف، وهو سيخلق وظائف بلا شك، ولكن مساهمتها في مواجهة البطالة التي تتضخم يومياً لدينا ستكون جزئية. كما لا يمكننا أن نقول إن ضعف مخرجات التعليم سبب رئيسي من أسباب البطالة، وإن كان ذلك جزئياً صحيحاً أيضاً. الحقيقة أن حض الشباب والشابات على الانخراط في سوق العمل ومنافسة أكثر من ١٢ مليون أجنبي وأجنبية ويزداد عددهم كل عام في حاجة إلى تطوير آليات جديدة وغير مسبوقة.

واضاف: معاناتنا مع البطالة ليست وليدة اليوم، وملايين الأجانب لم يهبطوا على السوق السعودية دفعة واحدة، ولم يتغلغل بعضهم في مناصب مهمة في مؤسسات القطاع الخاص المتوسطة بين يوم وليلة. سبب تمكنهم في الواقع هو تجاهلنا ولعقود متعددة أهمية العمل، وإهمالنا خلق البيئة المواتية المشجعة على انخراط شباب وشابات المملكة في هذا النوع من المنشآت. اليوم وبعد أن تحولت البطالة إلى همٍّ وطني وأمني وعبء على المجتمع والاقتصاد، انصبّت الجهود نحو فرض سعودة القوى العاملة بالقوة، وأخيراً توجهنا نحو رفع كلفة الأجنبي بحيث يتساوى راتبه الشهري مع الراتب الذي يتطلع له الشاب السعودي. فعلنا ذلك وقد نفعل المزيد، لكننا لم نجرب إجراء دراسة نفسية اجتماعية لتقييم قابلية السعوديين نحو العمل في القطاعات المتوسطة المتنوعة، وفي مهن ومسؤوليات جديدة لم يعتادوا عليها، كي نحفزهم على الانخراط بها.

توطين القطاعات ليس الحل

وفي مارس 2017، طرحت وزارة العمل السعودية خطة "سعودة" سوق العمل، التي تنص على رفع نسب التوطين في الشركات العاملة في البلاد، كما أصدرت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية السعودية، أواخر يناير 2018، قراراً بقصر العمل في 12 نشاطاً على السعوديين والسعوديات فقط، على أن يبدأ العمل بالقرار بعد نحو 7 أشهر وعلى مراحل.

وتتضمن المرحلة الأولى منع الأجانب من العمل في محلات السيارات والدراجات النارية، ومحلات الملابس الجاهزة والأطفال والمستلزمات الرجالية، ومحلات الأثاث المنزلي والمكتبي الجاهز ، ومحلات الأواني المنزلية.

وتشمل المرحلتان الثانية والثالثة كلاً من محلات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، ومحلات الساعات والنظارات والأجهزة والمعدات الطبية، ومحلات مواد الإعمار والبناء، ومحلات قطع السيارات، ومحلات الحلويات، ومحلات السجاد بكلأنواعه.

كذلك أجبرت الضرائب التي فرضتها السلطات السعودية على الوافدين والمقيمين، عشرات الآلاف منهم على الرحيل، حيث بدأت الحكومة مطلع 2018 تحصيل مقابل مالي على العمالة الوافدة يتراوح بين 300 - 400 ريال (80 إلى 106.7 دولارات) شهرياً.

وكان الخبير الاقتصادي، حسام عايش، قد رأى أن خروج العمالة الأجنبية في هذا الوقت قد يسبب مشكلات اقتصادية للسعودية، تتمثل في صعوبة توفير عمالة محلية بديلة ومدربة؛ ما قد يؤثر على الأداء الاقتصادي لبعض القطاعات.

رحيل العمال الأجانب

وقال عايش، في حديث سابق لـ"الخليج أونلاين": إن "رحيل العمال الأجانب سيكون له نتائج غير محسوبة، خاصة بخروجهم من قطاعات اقتصادية لم يتهيأ السعوديون بعد للعمل فيها، أو ربما يستنكفون عن العمل بها".

وأوضح أن عدم وجود عمالة سعودية مؤهلة وبديلة للعمال الأجانب سيؤدي إلى تراجع الإنتاجية بقطاعات اقتصادية مختلفة، وهو ما قد يحدث نوعاً من الهزة في تقديم الخدمات بالمملكة، وسينعكس سلباً على اقتصاد البلاد.

وتوقع عايش خروج المزيد من العمالة الأجنبية من السعودية خلال السنوات المقبلة، خاصة من متوسطي الدخل.

وحول إمكانية إحلال عمالة محلية في سوق العمل السعودي، قال عايش: إن "تأهيل العمالة السعودية يحتاج إلى وقت، إضافة إلى أنهم قد يرفضون العمل وفقاً للشروط التي كانت مفروضة على العمالة الوافدة".

وأشار إلى أن المجتمع السعودي غير معتاد على العمل في مهن ربما تكون شاقة، أو تحتاج إلى جهد عضلي أو عقلي كبير.

سياسة تعليمية فاشلة

بدوره قال الباحث الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي: إنه "على مدار عقود لم ينجح التعليم بالسعودية في تقديم خريجين يسدون الفجوة بسوق العمل، أو مؤهلين للوظائف المطلوبة التي يشغلها العمال الأجانب".

كما أن القطاع الخاص السعودي، وفق الصاوي، لا يزال يفضل العمالة الأجنبية لعدة مزايا؛ منها انخفاض الرواتب، وارتفاع درجة المهنية والإنتاجية، أما العامل السعودي فيفضل العمل الحكومي محدود الفرص؛ لما يوفره له من مزايا اجتماعية ومالية أفضل، بحسب الخبير الاقتصادي.

يذكر أن نائب وزير العمل السعودي، أحمد الحميدان، كان قد كشف في تصريحات له، في أكتوبر الماضي، أن 90% من مؤسسات القطاع الخاص وشركاته في المملكة تتهرب من توظيف السعوديين، وتتحايل على وزارة العمل من خلال تكليف إدارة الموارد البشرية بوضع الحلول المناسبة حيال استمرار استقدام العمالة الوافدة.

كلمات دليلية :