ما اهمية معبر نصيب للاردن؟

ما اهمية معبر نصيب للاردن؟
السبت ٠٧ يوليو ٢٠١٨ - ٠٣:٥١ بتوقيت غرينتش

انتشر عناصر من الجيش السوري في معبر نصيب الحدودي مع الأردن لتثبيت حالة الأمن فيه بعد تطهيره ودحر المجموعات الارهابية منه. وتاتي عملية تحرير معبر نصيب بعد ثلاثة اعوام من انسحاب السلطات السورية منه نتيجة انتشار الجماعات الارهابية وفي مقدمتها داعش وجبهة النصرة والتي تلقت دعما من دول مجاورة والكيان الاسرائيلي.

العالم - سوريا

فماذا يعني ذلك بالنسبة للمواطن الأردني؟

المعبر هو نقطة إستلام وتسليم بين جهتين أو دولتين يجري فيها إنتقال الأشخاص والبضائع بالتوافق، وإلا ستُردّ الى الداخل لكي لا تبقى عالقة على الحدود، فكيف يتم الإختيار المكاني لنقطة الإلتقاء هذه.

المعبر هو مقصد تختاره الدولة ليكون الأنسب من حيث الربط بالتجمعات السكانية والفعاليات الإقتصادية من خلال شبكة الطرق والمواصلات.

بالنسبة للأردن، فقد كان المعبر القديم مع سورية يمر من خلال مدينة الرمثا وبالنسبة لسورية، يمر المعبر من خلال مدينة درعا وهذا واقع حضري تطور بفعل النشاط التجاري الرسمي منه والموازي (البحارة) الذي تشهده المدن الحدودية.

لقد أزعج هذا الوضع القائمين على المعابر وُطلب من المخططين إختيار منفذ بديل يعالج هذه الخصوصية بالإضافة لتحسينات معمارية وأمنية وحضرية أخرى، فكان الموقع الجديد في جابر من الجهة الأردنية وبالقرب من قرية نصيب السورية لعدم تكرار الوضع السابق.

موقع المعبر للبلدين

لقد أحسن البلدان إختيار الموقع من خلال التنسيق لسنوات بما يعود بالإستفادة على الطرفين، فتم ربط هذين المعبرين بذكاء مع شبكة الطرق الداخلية (شمال-جنوب) في البلدين، فكيف تم ذلك.

بالنسبة للأردن، تم التركيز على ضرورة ربط جابر بمدينة المفرق كونها تشكل عقدة نقل لوجستية مهمة للأردن وفيها جامعة آل البيت ومنطقة المفرق الصناعية التنموية ومطار تنموي، كما أنها ترتبط بالطريق الدولي الى العراق.... والداخل الأردني بإتجاه الجنوب، وهذا تخطيط ذكي يُسجّل للمخطط الأردني.

بالنسبة لسورية، تم التركيز على ربط المعبر بالطريق الدولي M5 الذي يربط شمال سورية بجنوبها، وقد نُقل عن الخبراء العسكرين بأن تغيير الإستراتيجية الحربية من القتال على أطراف هذا الطريق إلى التركيز لإخضاعه عسكرياً مما قلب موازين المعركة لصالح الجيش السوري، فعمل هذا الطريق (كمحور ربط) على وصل الأجزاء المشتتة بعضها ببعض مما أعطى الجيش السوري عمق إستراتيجي أخذ بالتوسع على طرفي الطريق مع الوقت ومَنع التواصل بين المناطق التي خرجت عن سيطرة الدولة وتقطيع أوصالها من المحور (شمال-جنوب) عرضياً (شرق-غرب) ليسهل دخولها.

ما يهمنا هنا، هو التركيز على أهمية الطريق الدولي الذي لا يمر بالمدن لضمان الإنسيابية ويستخدم طرق دائرية خُططت بذكاء، ويجب التنويه هنا الى أن الدولة السورية مركزية، تسيطر فيها الدولة على نمو المدن من خلال لامركزية المحافظات بحيث تُبقي على إنسيابية الطرق، خلافاً لما هو متبع في الدولة الأردنية بحيث نلاحظ بأن مدينة الزرقاء زحفت بإتجاه الطريق الدولي الذي يربط عمّان بالمفرق لغياب مخطط نِطاق عمراني، واتصلت الزرقاء بالرصيفة وبعمّان، وهذه نقطة لا يجوز المرور عليها بإستخفاف لأن ذلك يعني ضرورة إستعمال طرق بديلة مثل طريق المطار-الأزرق بما يزيد المسافة ويربك التخطيط الإقليمي.

المخططون يعملون المطلوب إنطلاقاً من رؤية تنموية ويضعون هذه المراكز والطرق والبنية التحتية بمتناول المستوى السياسي الذي من المفترض أن يسخرها لخدمة الإقتصاد الوطني والتكامل بين الدول، فمن يعتقد بأن هناك دولة مكتفية ذاتياً ومستقلة بالتمام والكمال عن جيرانها فهو مخطيء إن لم يكن مخبول سياسياً، فما بالك بدولة صغيرة كالأردن في أشد الحاجة للإبتعاد عن سياسة المحاور لضمان ربطها اللوجستي بالمحيط الإقليمي.

المعبر هو الاهم اقتصاديا للاردن

وبفرض أن معبر جابر/ نصيب هو الأهم إقتصادياً للأردن لأنه يمكّن التاجر الأردني من الوصول من وإلى الموانيء السورية واللبنانية، والوصول الى تركيا وأوروبا، كما يفتح المجال لإستيفاء رسوم الترانزيت للبضائع من وإلى الخليج الفارسي التي تقدر بمليار دولار سنوياً.

هذا بالإضافة إلى ان المخططين بالبلدين قد أنشأوا منطقة حرة مشتركة ترتبط مباشرة بمعبرين منفصلين الى الداخل السوري والأردني، وقد لعبت هذه المنطقة دوراً مهماً بإقتصاد الدولتين آملين أن يعاد فتحها عن قريب.

الدولة السورية ليست بعجلة من أمرها لفتح المعبر لأن علاقتها بدول مجلس التعاون مقطوعة وستظل كذلك لسنوات. إلا أن فتح المعبر أولوية أردنية بإمتياز وستطلب الدولة السورية مواقف وأثمان باهضة للتفكير بترميم العلاقة بين البلدين.

العراق يراقب، فإذا رضي الحليف السوري... سيتم تفعيل معبر طريبيل من وإلى العراق. وحتى تركيا ستقدم تنازلات هائلة لإستخدام معبر نصيب للوصول الى الخليج الفارسي.

ولا بد في الختام من الإشارة الى أن على الدولة الأردنية العمل جلياً لإقناع الجانب السوري بفتح المعبر، وذلك من خلال شخصيات ونواب مقربة من الشقيقة سورية، وإستبعاد شخصيات التأزيم التي تفرغت بسنوات الأزمة لدق أسافين الفرقة والخلاف بين الدولتين الشقيقتين.