ترامب.. ایران العنيدة وكوريا الشمالية الغامضة

ترامب.. ایران العنيدة وكوريا الشمالية الغامضة
الأحد ٠٨ يوليو ٢٠١٨ - ٠٦:٢٠ بتوقيت غرينتش

ترامب وبناء على اوهامه كان يتصور بان تهديداته ضد كوريا الشمالية آتت اكلها، لذلك صعد من فتيل تهديداته لايران، لكن عودة وزير خارجيته خالي الوفاض كشفت مرة اخرى عن خطأ جديد ارتكبه ترامب في حساباته.

العالم - قضية اليوم

وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو بعد عودته من كوريا الشمالية وكما هو المتوقع من الشخصيات الاستخباراتية اكتفى بترديد المقولة الروتينية القاضية بان الزيارة كانت بناءة، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الامريكية لم يستعرض اي تفاصيل عن محادثاته مع الكوريين، ولم يفصح ايضا ان كان زعيم كوريا الشمالية قد استقبله ام لا؟ وبالطبع لو كان تحقق مثل هذا الامر لرجح بومبيو استغلاله اعلاميا لاضفاء صبغة من النجاح على زيارته.

الهدف من الزيارة والجولة الثالثة من المفاوضات بين الجانبين كما أُعلن مسبقا كان يتركز على الالغاء التدريجي للعقوبات المفروضة على كوريا الشمالية في مقابل نزع سلاحها النووي، ورغم ان بومبيو اعلن في تصريحات ادلى بها في مطار اليابان قبيل توجهه الى بيونغ يانغ ان قادة البلدين اتفقا نهائيا على موضوع نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية خلال المحادثات التي جرت بينهما في سنغافورة، وانه يريد التفاوض بشان التفاصيل وآليات التنفيذ ، إلا ان مسؤولي كوريا الشمالية وصفوا نتائج المفاوضات بانها مؤسفة. 

الحقيقة هي انه خلال اللقاء الذي جرى بين ترامب وكيم في سنغافورة لم يتم التوقيع على اي وثيقة مهمة ومؤثرة كما يزعم، ومخرجات ذلك اللقاء لم تكن سوى تاكيدات ثنائية من قبل ترامب وكيم، الاول على نزع سلاح كوريا الشمالية والثاني على نزع سلاح شبه الجزيرة الكورية. 

هذا في حين ان تصريحات مسؤولين استخباراتيين اميركيين وبشهادة بعض صور الاقمار الاصطناعية ( حسب ادعاء الاميركييين) واخيرا تصريحات مسؤولين بكوريا الجنوبية، تشير الى ان كوريا الشمالية وخلال الايام التي تلت مفاوضات سنغافورة كانت مستمرة في تخصيب اليورانيوم وتوسع قدراتها النووية، ما يعني ان كوريا الشمالية ليس فقط لا تثق بالوعود التي قطعها الرئيس ترامب خلال لقائه مع كيم، بل انها لم تنس نقض العهود من قبل اسلافه. 

وما زاد الطين بلّة وزاد من زعزعة اسس الامال المعقودة على صعيد التقارب بين البلدين، هو استمرار التهديديات الاميركية ضد كوريا الشمالية وآخرها تلك التهديدات التي اطلقها مستشار  الامن القومي الاميركي جان بولتون.

ففيما كانت وسائل الاعلام تؤكد وتركز على انه وخلافا للاتفاق النووي السيئ مع ايران، فقد توصل ترامب الى اتفاق جيد مع كوريا الشمالية، اعلن رسميا بانه يمكن تفكيك البرنامج النووي لكوريا الشمالية في غضون عام واحد.

في مثل هذه الظروف حيث تشير المؤشرات الى ان بومبيو عاد بخفي حنين من كوريا الشمالية، يرى الكثير من المحللين بان الفائز لحد الان من اللعبة الاميركية الكورية هو الزعيم الكوري الذي نجح في لعبة شطرنج السياسة التلاعب ببيدق اسمه ترامب كما شاء ليزيد صفحة اخرى الى السجل السياسي الفاشل لترامب واخطائه التي ارتكبها خلال العامين الماضيين من حكمه.

تصعيد ترامب لتهديداته ضد ايران وانسحابه من الاتفاق النووي كان مبنيا على تصوراته واوهامه بشان نجاحه في احتواء ازمة كوريا الشمالية اكثر من اي رئيس اميركي آخر، ولكنه عمليا وجد نفسه وحيدا ومعزولا من قبل الدول الاربع الاخرى الموقعة على خطة العمل المشترك الشاملة حين انسحب منه. 

كما ان ترامب كان يتصور ان الجميع ينتظرون اشارة منه لتطبيق الحظر ضد ايران وهو ما لم يتحقق ايضا. 

واخيرا فان ترامب انسحب من الاتفاق النووي وهو يتوهم ايضا بان رفع فتيل التهديدات والحظر ضد ايران سيؤدي الى ضرب الوحدة الايرانية وسيرغمهم بالتالي على الرضوخ لخوض جولة جديدة من المفاوضات والتوصل لاتفاق جديد او كما يحلو له وصفها بالتعديلات على الاتفاق النووي. 

طبعا ان ترحيب "اسرائيل" والسعودية والامارات وبعض دول الخليج الفارسي، لعب دورا في تعزيز هذه الاوهام الترامبية.

وهنا ينبغي القول بناء على ما ذكر آنفا ان ترامب ارتكب خطأ آخر في حساباته، وذلك لانه ليس فقط بانسحابه من الاتفاق النووي لم يتحقق مأربه بانهيار معاهدة دولية ولم ترحب الكثير من الدول بفرض الحظر على ايران، بل ان الظروف الجديدة جعلته يواجه ظاهرة ايرانية جديدة من المقاومة والصمود، تلك المقاومة التي تؤكد الحفاظ على القدرات النووية بشكل خاص، وصيانة الانجازات الصاروخية والاقليمية الايرانية وبالتالي تعرف (هذه المقاومة) جيدا آلية التعاطي والتصدي لاي تهديد او حظر او عدوان.

التصريح الاخير للرئيس روحاني والقاضي بانه اذا لم تستطع ايران تصدير نفطها فان سائر بلدان الخليج الفارسي ايضا لن تستطيع، هو احد هذه الآليات.

ابورضا صالح