أزمة الكهرباء في العراق... الى أين؟

أزمة الكهرباء في العراق... الى أين؟
الأحد ٠٨ يوليو ٢٠١٨ - ٠٣:٥٥ بتوقيت غرينتش

كشف الارتفاع الكبير في درجات الحرارة خلال فصل الصيف الجاري في العراق، عجزا حكوميا هائلا عن توفير الخدمات الأساسية للمواطنين

العالم - مقالات وتحليلات

وبعد موسم أمطار مميز شهده العراق على غير العادة واستمر حتى مطلع شهر يونيو الماضي، سجلت الأيام الأولى من شهر يوليو الجاري معدلات مرتفعة لدرجات الحرارة، قاربت نصف درجة الغليان مع انتصاف النهار.

ومنذ غزو العراق للكويت عام 1991، وما تخللها من هجمات أميركية على المنشآت الحيوية في العراق وبينها محطات توليد الطاقة، يعاني العراق عجزا كبيرا في توفير الكهرباء.

وبعد إسقاط نظام صدام من قبل الولايات المتحدة، العام 2003، تعمق العجز العراقي في قطاع الطاقة الكهربائية، لكن الأعوام اللاحقة شهدت تخصيص المليارات من الدولارات لحل هذه المشكلة.

ومنذ العام 2004 تعاقب على إدارة حقيبة الكهرباء وزراء من طوائف وأحزاب مختلفة، فشلوا جميعا في إيصال البلاد إلى نقطة سد الحاجة من منتجها المحلي.

ولا توفر المؤسسات العراقية المختصة أي بيانات ثابتة عن حجم الإنفاق في قطاع الطاقة، لكن خبراء يقولون إنه بلغ نحو 40 مليار دولار منذ 2004.

ووفقا لنظام المحاصصة المعمول به في تشكيل الحكومات العراقية منذ العام 2005، تناوب عدد من الوزراء على حقيبة الكهرباء، أنهى معظمهم مدته متهما بالفساد المالي والفشل في إيجاد حلول لهذه الأزمة المزمنة.

وتتضمن موازنة البلاد العامة، سنويا، تخصيصات كبيرة لقطاع الكهرباء، تستند إلى الخطط التي تقدمها الوزارة ولا ينفذ منها شيء في العادة.

وسجلت خلال الأعوام السابقة خروقات كبيرة في عقود الكهرباء تمثلت في التعاقد على محطات توليد لا تتناسب والأجواء العراقية، أو شراء قطع غيار بمبالغ طائلة ظهر أنها غير مطابقة للمواصفات، أو التعاقد مع شركات غير متخصصة أو وهمية لصيانة محطات الطاقة وأبراج النقل.

ولم تتمكن أجهزة الرقابة، إلا في حالات محدودة للغاية، من إدانة المسؤولين المتورطين في إبرام هذه العقود.

ويحصل وزير الكهرباء في الحكومات العراقية المتعاقبة، منذ 2005، على معونة كتل برلمانية مؤثرة كلما تعرض لعملية استجواب أثارها حزب متضرر من سياسة الوزارة أو مجموعة نواب لم يحصلوا على عقد من الوزارة هنا أو هناك كما حدث مع الوزير الحالي، الذي فشلت عملية استجوابه النيابية بعدما أيد معظم النواب أجوبته التي قدمها خلال جلسة المساءلة.

وخلال فصول الشتاء والخريف والربيع، يشهد أداء الوزارة تحسنا كبيرا وتزداد معدلات تجهيز السكان بالكهرباء بسبب تدني معدلات الاستهلاك. لكن فصل الصيف الذي عادة ما يستمر في العراق لنحو نصف عدد شهور العام، يمثل أزمة الكهرباء الكبرى، إذ تنخفض معدلات التجهيز إلى نحو ساعتين يوميا فقط في بعض المناطق، لذلك تزدهر المولدات الأهلية التي تقدم تيارا كهربائيا متقطعا لقاء مبالغ كبيرة تصل في بعض الأحيان إلى ثلثي مرتب موظف عادي.

وحتى منتصف يونيو من هذا العام، كان أداء قطاع الكهرباء الحكومي في العراق متوازنا، لكنه سجل انهيارا كبيرا في الأيام التالية.

وحاولت وزارة الكهرباء ابتكار "حيلة" تمكنها من ضبط معدلات الاستهلاك لدى السكان، عندما أعلنت عن برنامج "خصخصة" تتولى بموجبه شركات من القطاع الخاص جباية أجور الكهرباء الحكومية لقاء تجهيز مقنن بمعدل شبه ثابت وبأسعار مرتفعة نسبيا، قياسا للتعريفة الحكومية القديمة.

وطبق هذا البرنامج في مناطق محدودة من العاصمة بغداد، لكنه جوبه بمعارضة شديدة في مدن الجنوب الغنية بالنفط والفقيرة في معدلات الدخل الشهري.

ويقول المعترضون إن الوزارة المعنية تحتال عليهم بإعادة بيعهم الكهرباء الوطنية بأسعار مرتفعة، متسائلين عن سبب تردي التجهيز إذا كانت معدلات الإنتاج كافية.

ووجهت اتهامات عديدة للوزارة بأنها أوكلت عقود الجباية، في إطار مشروع الخصخصة، إلى شركات مملوكة من قبل أقارب مسؤولين. أما المناطق التي طبق فيها المشروع فقد شهدت استقرارا نسبيا في التجهيز، بالرغم من أن معدلات الاستهلاك انخفضت كثيرا بسبب ارتفاع الأسعار.

ولكن ارتفاع درجات الحرارة، مطلع الشهر الجاري، كشف عجز الوزارة عن تلبية حاجة السكان من الكهرباء في المناطق المشمولة بالخصخصة وغيرها.

وعاد سكان المناطق المشمولة بالخصخصة في بغداد إلى طلب الكهرباء من المولدات الأهلية، وصاروا يدفعون للحكومة وللمولدات، ما ضاعف معدلات إنفاقهم على هذه الخدمة من دون أن يحصلوا عليها بشكل مستمر.

وتشهد مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، منذ أيام، حملات واسعة ضد وزارة الكهرباء وأدائها المرتبك. 

ويتظاهر العراقيون كثيرا احتجاجا على ازمة الكهرباء وقد شمل الاحتجاج أكثر المحافظات العراقية وكلها كانت احتجاجات سلمية ولم يتدخل الامن او الجيش في اعتراضها ولكن التطور الذي حصل اليوم في هذه القضية تمثلت في تصدي قوات الشرطة العراقية للمتظاهرين في البصرة واصابت مجموعة منهم كما قتل شخص او شخصان على الاقل في هذه المواجهة.

تصنيف :