10/1/2011 عائد الطيب aaedtayyeb2@gmail.com

الإثنين ١٠ يناير ٢٠١١ - ١٠:١٤ بتوقيت غرينتش

عبقرية و لكن مدمرة يبدو أن الانقسام الفلسطيني سيصبح إحدى العبقريات التي تدخل كتب التاريخ من أوسع أبوابه, إن إضفاء وصف العبقرية على الانقسام الفلسطيني دقيق بكل ما تحمل الكلمة من معان , فعلى مدار التاريخ البائد و الإسلامي و المعاصر و القادم لفلسطين لن تمر حالة كهذه التي نمر بها , إن فلسطين مساحة محدودة قياسا بالدول الأخرى و تعاني الاغتصاب الصهيوني من عقود عدة و تتعرض لحرب بشتى أنواعها العقائدية و العسكرية و الثقافية و الاقتصادية و الهوية و كل ما يتعلق بفلسطين و بدلا من التكاتف و التعاضد و إدارة و توجيه المعركة نقع في حالة كان الأولى و الأجدر ألا يقع فيها شعب يرزح تحت نير أبشع احتلال ع

عبقرية و لكن مدمرة

يبدو أن الانقسام الفلسطيني سيصبح إحدى العبقريات التي تدخل كتب التاريخ من أوسع أبوابه, إن إضفاء وصف العبقرية على الانقسام الفلسطيني دقيق بكل ما تحمل الكلمة من معان , فعلى مدار التاريخ البائد و الإسلامي و المعاصر و القادم لفلسطين لن تمر حالة كهذه التي نمر بها , إن فلسطين مساحة محدودة قياسا بالدول الأخرى و تعاني الاغتصاب الصهيوني من عقود عدة و تتعرض لحرب بشتى أنواعها العقائدية و العسكرية و الثقافية و الاقتصادية و الهوية و كل ما يتعلق بفلسطين و بدلا من التكاتف و التعاضد و إدارة و توجيه المعركة نقع في حالة كان الأولى و الأجدر ألا يقع فيها شعب يرزح تحت نير أبشع احتلال عرفه التاريخ .

 

إننا لم نصف حالة الانقسام بالعبقرية لمجرد التلاعب بالألفاظ و لكنها حقيقة واقعة , أن عبقرية الانقسام للأسف في الاتجاه الآخر , الاتجاه القاتل الذي يشكل تهديدا حقيقيا وواقعا على مسيرة الحلم الفلسطيني الذي تتوارثه الأجيال و بوقود الدماء الطاهرة , اتجاه يمنح العدو الصهيوني كل ما يحلم به منذ انطلاق الحركة الصهيونية في مؤتمر بال ( بازل ) في سويسرا في العام 1897 م إلى يومنا هذا , فالأراضي الفلسطينية تبتلع بالمغتصبات السرطانية الصهيونية و المعالم تهود و تهدم و القدس تحاصر بالمجمعات و الكتل الإغتصابية و المسجد الأقصى معرض للانهيار بسبب شبكة الأنفاق التي تحفر تحت أساساته و حائط البراق تنطلق حملة صهيونية لتهويده ليكون حائط المبكى كما يرغبون .

 

تهديدات صهيونية تتصاعد و لا نقصد هنا مجرد التهديد بش حرب جديدة على غزة فقط و لكن التهديدات تمتد لتشمل مناحي أخرى أصعب و أخطر و أشد تتعلق بالوجود الفلسطيني نفسه إنسانيا و دينيا و حضاريا وثقافيا , يقابل ما سبق عبقرية تكريس الانقسام بشكل ذهولي غير مسئول , وكأن الانقسام هو المنتهى و نهاية المطاف و لتبقى الأوضاع على ما هي عليه و كل طرف يتصرف بما يتوافق مع سياساته و رؤيته و تناسى الجميع أن تكريس الانقسام و الإصرار عليه قد يؤدي إلى فقدان زخم فضح الممارسات الصهيونية المجرمة و تعرية سياساتهم و ضعف الدعم و التأييد لكل ساعد مقاوم و طلقة مقاومة .

 

الكيان الصهيوني و منذ نشأته و بداية أطماعه في أرض فلسطين يحلم بالتخلص من غزة سواء بالإلقاء في البحر أو الوصاية المصرية وترك الضفة المحتلة للوصاية الأردنية ( مشروع أيالون ) , و حاول الكيان الصهيوني الكثير لتحقيق هدفه و لكنه فشل لعقود عدة إلى أن جاء الانقسام العبقري الذي جعل غزة كيان و الضفة كيان آخر كل له حكومته و مرجعياته و أجنداته و دارت رحى حرب الشرعية و من الأحق بتولي زمام الأمام و كل طرف بدأ في استغلال عبقرياته و فكره و مقوماته للنيل من الطرف الآخر و غابت فلسطين التاريخية لتحل غزة و الضفة مكانها , و يتحقق حلم أيالون بالفصل بالضفة وغزة و تقزيم القضية الفلسطينية ونزع الكثير من زخمها و توهجها .

 

الشعب الفلسطيني قدم الكثير من التضحيات و العطاء منذ الانتداب البريطاني و الثورات المتوالية التي شكلت تاريخا رائعا مرورا بحرب 1948 م و حرب 1967 م و انتفاضة 1988م و انتفاضة النفق وصولا إلى انتفاضة الأقصى في العام 2000م و إلى الآن , كلها علامات بارزة تجملها الدماء الطاهرة التي نزفت لتوقف الأطماع الصهيونية و تمنعها من التمدد و التسلق وتكون سدا منيعا يكفل الحفاظ على ما تبقى من فلسطين .

 

إن الوقت لم يفت بعد للتصدي للإطماع الصهيونية و إفشال كافة مشاريعهم سواء القديمة أو الحديثة و لكن لزاما على الجميع الفلسطيني أن يعي أنه مسئول عن حالة الانقسام و اقتلاعها من جذورها و العمل على تحقيق مصالحة حقيقية شاملة لا تترك مجالا لعودة تلك الحالة لتهدد مسير الجهاد والمقاومة و التصدي للكيان الصهيوني , لا يجوز لأحد أن ينفض يديه و يقول تلك مشكلة طرفي الانقسام , آثار الانقسام تهدد الجميع و لا تستثني أحدا و التهديدات الصهيونية تستهدف الكل الفلسطيني , و فلسطين عندما تسرق و تزيف هويتها فهي أمانة في أعماق كل فرد مسلم و ليس فقط فلسطيني , يجب على الجميع أن يتوحدوا أمام تلك العبقرية المدمرة و توجيهها صوب وجهتها التي تعود بالخير و المزيد من الثبات في مواجهة التهديدات و الهجمات الصهيونية لتكون بالفعل هي العبقرية في مكانها و اتجاهها الصحيحين و تكون الضامنة للتقدم و عدم المزيد من التراجع .