أزمة تونس تهدد استقرارها.. فهل تقدم الحكومة استقالتها؟

أزمة تونس تهدد استقرارها.. فهل تقدم الحكومة استقالتها؟
الإثنين ١٦ يوليو ٢٠١٨ - ٠٥:٣٩ بتوقيت غرينتش

تتجه الأنظار إلى قصر قرطاج الرئاسي، اليوم الاثنين، حيث من المقرر أن يرأس الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي اجتماعا يوصف بالحاسم، وسط ترقب لما ستؤول إليه نتائجه، في ظل الأزمة السياسية الاقنصادية التي تهدد استقرار البلاد.

العالم - تونس

الأزمة السياسية الاقتصادية في تونس، تتلخص في أن هناك دعوات كثيرة تطالب بتغيير الحكومة كاملة، بمن في ذلك رئيسها يوسف الشاهد،  الذي يعد أحد قادة حزب "نداء تونس" الحاكم، ويتزعم تلك المطالب، المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي، ابن رئيس الجمهورية.

ونالت تونس إشادة باعتبارها قصة النجاح الديمقراطي الوحيدة بين الدول التي شهدت انتفاضات "الربيع العربي" في 2011. لكن حكومات متعاقبة فشلت في إحداث التغييرات اللازمة لتقليص عجز الميزانية وتسريع النمو وخلق فرص عمل وأمل لأكثر من نصف مليون عاطل.

ويرى حافظ السبسي وأنصاره في الحزب، ضرورة إقالة حكومة الشاهد كلها بدعوى إخفاقها في إنعاش الاقتصاد المنهك ووصول المؤشرات الاقتصادية إلى مستوى مرعب.

الشاهد الذي يترأس الحكومة منذ أغسطس/آب 2016، أقر مؤخرا بوجود أزمة سياسية تمر بها البلاد، محملاً مسؤوليتها للمدير التنفيذي لحزب "نداء تونس" حافظ السبسي، نجل الرئيس التونسي الحالي الباجي قايد السبسي.

لكنه يرفض الاستقالة، كما يرفض التقدم إلى البرلمان وطرح الثقة في حكومته للتصويت عليها، وهو ما يحتاج إلى 109 أصوات برلمانية، وهي نسبة يستحيل تأمينها بحسب ما يقوله النائب الصحبي بن فرج.

كما يرفض حزب "النهضة" المساس برئيس الحكومة، فقد صرح زعيمه راشد الغنوشي، بأن حزبه يدعم تعديلا جزئيا ولكنه لا يقبل بتغيير الحكومة لأن ذلك يضرب الاستقرار السياسي برمته في البلاد.

ولفت الشاهد إلى أن الحرب على الحكومة بدأت مباشرة إثر إعلانه الحرب على الفساد، مشددا على أن الحرب على الفساد ستستمر.

واتهم الحزب بتصدير أزمته الداخلية إلى مؤسسات الدولة، قائلا: ''أزمة نداء الحزب موضوع وطني لأنها تسربت إلى مفاصل الدولة وأصبحت تهدد المسار الديمقراطي والتوازن السياسي في تونس".

ومع رفض الشاهد تقديم استقالته، واستحالة تأمين النسبة المطلوبة لإقالته برلمانيا في ظل اعتراض حزب "النهضة"، وإصرارها على بقائه رئيسا للحكومة، أفرزت حالة الانسداد السياسي "اعتصام الخلاص الوطني"، وهو "حراك شعبي سلمي لا علاقة له بأي حزب ولا أي أجندة ولا أي حسابات ضيقة"، وفق ما تقوله بثينة قرقري الناطقة الرسمية باسم تنسيقيته.

وزير تونسي يستقيل منددا بالدعوات لاستقالة الحكومة

بينما تتعالى الدعوات المطالبة برحيل الحكومة، أعلن وزير العلاقات الدستورية، والمجتمع المدني، في تونس، مهدي بن غربية، استقالته من منصبه.

وجاءت استقالة بن غربية عقب انتقاده الشديد لمطالب المعارضة بإقالة حكومة الشاهد، وتحميلها مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس. 

وأوضح مهدي بن غريبة أن خدمة تونس لا تكون فقط عبر منصب وزاري "للأسف ما يحدث غير جدي، ولا مجد للبلاد، ويقترب من العبث".

السبسي يدعو رئيس الوزراء للاستقالة اذا استمرت الأزمة

مع تفاقم الأزمة دعا الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى "الاستقالة أو طلب تجديد الثقة بحكومته من البرلمان" إذا لم تحل الأزمة الصعبة التي تعيشها البلاد.

وكشفت تصريحات الباجي قائد السبسي، عن صراع بين مؤسستي الرئاسة والحكومة، خاصة أنه خير يوسف الشاهد  بين الاستقالة أو التوجه للبرلمان لطلب الثقة مرة ثانية.

ويؤكّد مراقبون للمشهد السياسي التونسي أن خروج رئيس البلاد من منطق التلميح، إلى التصريح بوجود خلاف مع رئيس الحكومة، دليل على عمق الأزمة بين الطرفين وعلى صعوبة حلّها.

ويؤكّد سياسيون أن الصراع القائم بين الطرفين لا يمكن أن يُحلّ إلاّ بإجراء تحوير في الحكومة الحالية وإسقاط رئيسها يوسف الشاهد.

هل تنجح خارطة الطريق التونسية في حل أزمات الاقتصاد؟

و قد كشفت الحكومة التونسية عن برنامج اقتصادي واجتماعي جديد حددت من خلاله مجموعة من الإجراءات والآليات التي ستمثل خلال المرحلة المقبلة "خارطة طريق" لعملها حتى 2020.

تعاني البلاد من تصاعد وتيرة التضخم، حيث أعلن المعهد التونسي للإحصاء مؤخرا عن ارتفاع التضخم السنوي إلى حدود 7.1 في المئة خلال شهر شباط/ فبراير الماضي، لأول مرة في تونس منذ عقدين من الزمن.

ويعاني القطاع العام في تونس من فائض كبير في العمالة، إذ اضطرت الحكومات التي تلت سنة 2011 لانتداب آلاف المطرودين من أعمالهم من قبل النظام السابق في إطار العفو العام التشريعي، وهو ما دفع صندوق النقد الدولي للتوصية بضرورة تخفيض عدد موظفي القطاع العام من قرابة 650 ألف موظف إلى 500 ألف موظف فقط.

وكان الشاهد قدصرَّح بأنه عازم على المضي في تنفيذ إصلاحات اقتصادية تشمل المؤسسات العمومية، مهما كان الثمن السياسي، مشيرا إلى أن خسائر المؤسسات العمومية وصلت عام 2016 إلى حدود 6.5 مليار دينار، تعادل نحو 2.7 مليار دولار، وبيعها يمكن أن يعطي للمالية العمومية إمكانيات كبيرة دون الالتجاء للقروض من الخارج.

الحكومة التونسية تلقت دعما ماليا من بريطانيا لمواجهة الاحتجاجات

و كانت صحيفة ‘الغاردين’ البريطانية قد نشرت تقريرا كشفت فيه أن الحكومة البريطانية قدمت الدعم المالي لشركة اشهارية بريطانية لمساعدة الحكومة التونسية في مواجهة الاحتجاجات التي عارضت قانون المالية في شهر الماضي عبر حملات دعائية تستهدف الشاب لتوعيتهم بضرورة هذه الاصلاحات التي تقوم بها تونس بتوصيات من صندوق النقد الدولي و لتلميع صورة الحكومة التونسية.

و كان الناطق الرسمي باسم الحكومة اياد الدهماني قد نفى هذا الأمر مؤكدا أن التعاون مع المملكة المتحدة، يتم في إطار اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم الممضاة بين الحكومة التونسية والحكومة البريطانية.

وثمنت الهيئة السياسية للحزب الحاكم "نداء تونس" دعوة رئاسة الجمهورية إلى عقد اجتماع اليوم الاثنين، وقالت إنها تدعم بشكل كامل "المساعي المتواصلة لرئيس الجمهورية لإيجاد حل توافقي ونهائي للأزمة السياسية التي عطلت السير العادي لمؤسسات الدولة".

ويرى رئيس الهيئة السياسية لحركة "تونس أولا"، رضا بلحاج، أن الشاهد يتشبث بالكرسى ويرفض الاعتراف بفشله، على العكس من سلفه الحبيب الصيد.

وكانت حكومة الصيد واجهت نفس المشكلة التي تواجه حكومة الشاهد حاليا، حتى رحلت بعدما سحب البرلمان الثقة منها، في 31 يوليو/تموز 2017، عقب توقيع "وثيقة قرطاج" بهدف إخراج البلاد من "أزمة حقيقية ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية".