ما هي عواقب قانون "القومية" العنصري؟

ما هي عواقب قانون
الأحد ٢٢ يوليو ٢٠١٨ - ٠٩:٤٠ بتوقيت غرينتش

أقر الكنيست الإسرائيلي يوم الخميس مشروع قانون یسمی بـ "قانون القومية" مما اثار غضبا عارما واستنكارا شديدا لدى الشعوب والحكومات والاوساط الدولية التي حذرت من عواقبه على القضية الفلسطينية.

العالم - فلسطين المحتلة

ويمنح هذا القانون "اليهود فقط حق تقرير المصير" بينما وصفه العرب بأنه عنصري ويؤسس للفصل العنصري ومزقه نواب العرب في جلسة الكنيست.

ويزعم القانون أن “إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي” وأن حق تقرير المصير فيها “يخص الشعب اليهودي فقط”.

كما ينزع عن اللغة العربية صفة اللغة الرسمية إلى جانب العبرية، ويجعلها لغة "لها مكانة خاصة" فقط، مما يعني أن من الممكن مواصلة استخدامها في المؤسسات الصهيونية.

ويزعم القانون أيضا على أن "القدس عاصمة إسرائيل"، وأن "الدولة مفتوحة أمام الهجرة اليهودية إليها"، وأن الدولة "ملزمة بتطوير الاستيطان اليهودي (في الضفة الغربية) وجعله من القيم الوطنية".

تجدر الإشارة إلى أن مشروع القانون وضع على جدول أعمال الكنيست منذ سبع سنوات، وجاء في ظل رفض الجانب الفلسطيني الاستجابة لشرط الاعتراف بـ" إسرائيل كدولة يهودية"، وهي الورقة التي بدأت حكومة اليمين الإسرائيلي، بقيادة نتنياهو، التلويح بها لوضع المزيد من العقبات في وجه العملية السياسية المتعثرة.

القانون يسرق الأرض بأنامل الدين، وكذب القومية، إلا أنه بالأساس يستهدف الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، ويهدف لإلغاء الهوية العربية، والحقوق الجماعية للشعب الفلسطيني، ويعرضهم لخطر التهجير والعنصرية.

ويؤكد القانون الخطر الوجودي الذي يواجه قرابة مليون ونصف مليون فلسطيني في الأراضي المحتلة، فهو يؤسس لفوقية قومية اليهود بالقاعدة الدستورية للتشريعات، مع تهميش وإقصاء المكانة القانونية لفلسطينيي 48 وحرمانهم من أي امتيازات تشريعية، كما ألغى اللغة العربية لغةً رسمية.

كما أن القانون العنصري يؤسس لنظام الفصل العنصري وتطبيق نظام "الأبرتهايد" عبر تشريعات تمييزية بقوانين تمهد لإلغاء الوجود الفلسطيني في الداخل.

هذا وقال خبراء فلسطينيون، إن إقرار الكنيست الإسرائيلي ، قانون "القومية"، يؤسس لمرحلة جديدة من الفصل العنصري والتطهير العرقي، وينسف عملية التسوية.

واعتبر الخبراء، أن "القانون" يمهد الطريق لارتكاب عمليات تهجير فردي أو جماعي بحق الفلسطينيين وخاصة فلسطيني 1948.

وقال المحلل السياسي طلال عوكل إن "إسرائيل تتدهور وتنحط نحو العنصرية، وتؤسس لسياسة تطهير عرقي بحق فلسطيني 1948".

وأَضاف "الفلسطينيون في إسرائيل سيتعرضون لتمييز وضغط مضاعف، والمشروع سيسرع من عملية التهجير الفردي أو الجماعي للفلسطينيين تحت مسميات عدة".

ولفت إلى أن "القانون من شأنه طرد الفلسطينيين من المدن المختلطة التي يعيشون فيها جنبا إلى جنب مع اليهود".

ووصف "عوكل" القانون بقانون التمييز العنصري في جنوب إفريقيا، وقال "العالم لم يتحمل العنصرية في جنوب إفريقيا، ولن يتحمل العنصرية الإسرائيلية".

وأشار إلى أن "الاستيطان بات جزءاً من سياسة اسرائيل، وبالرغم من ممارسته عبر السنوات الماضية، وتشجيع الحكومة له، لكن القانون يشرع عملية إزاحة الفلسطينيين من أرضهم وتوطين اليهود بدلا منهم".

وقال "إسرائيل من خلال تشريع سلسلة من القوانين تنهي عملية السلام مع الفلسطينيين".

بدوره، وصف الكاتب والمحلل السياسي عبد المجيد سويلم قانون القومية بـ"العنصري والفاشي والنازي، وينتمي للعصور الوسطى".

وشدد سويلم على "ضرورة محاصرة القانون واسقاطه، حيث يرفض القانون الدولي قيام أي نظام سياسي على أسس عنصرية، أو عرقية، وقال "القانون يتنافى مع المنظومة القانونية والأخلاقية الأممية".

وأشار إلى "أن إسرائيل جعلت من الاستيطان في الأراضي المحتلة عام 1967 جزء من المصالح العليا".

من جانبه، قال جهاد حرب أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، إن "القانون يعطي حق تقرير مصير لليهود وينفي تاريخ أو ارتباط أي جماعات أخرى بالأرض، ويتعامل مع أصحاب الأرض الأصليين كأقلية لا يحق لها تقرير مصيرها".

وأشار إلى "أن القانون هو واحد من مجموعة قوانين عنصرية، ويوصف اتباع الديانة اليهودية بأنهم أعلى درجة في المواطنة من أي جماعات أو ديانات أخرى".

وقالت الدكتورة شيماء الشوا، أستاذ القانون الدولي، إن قانون "القومية " يأتي في إطار سلسلة من القرارات العنصرية التي تستهدف الوجود الفلسطيني، فقد جاء القانون في إطار رسمي لإضفاء شرعنة للعنصرية الإسرائيلية، الأمر الذي يعتبر تعبيراً واضحاً وصريحاً على حقيقة النظام العنصري الذي تقوم عليه إسرائيل والقائم على أساس من التمييز والتشريد والتهجير.

وأضافت د. شيماء: لقد جاء إقرار هذا القانون في محاولة جديّة لمسح الشعب الفلسطيني من وطنه الأم " فلسطين التاريخية" ليس مادياً فحسب، بل وقانونياً أيضاً.

وأشارت إلى أن الكنيست الإسرائيلي لم يكتفِ بذلك، بل قد جاء إقراره للقانون في مخالفة صارخة للقوانين الدولية، وذلك بتشريعه للاستيطان الإسرائيلي ودعمه.

وحذرت "الشوا" من هذه الخطوة تعتبر محاولة جدية ورسمية لإغلاق باب العودة للاجئين الفلسطينيين بشكل نهائي وصريح، ضارباً بعرض الحائط جميع القرارات الدولية التي تؤكد على حق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها عام 1948، والتي لعل أهمها القرار رقم (194) لعام 1948 الصادر عن الأمم المتحدة.

في السياق ذاته، قال المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عماد عمر، إن قانون القومية الذي أقرته الكنيست الإسرائيلي قانون استيطاني ينفي وجود الشعب الفلسطيني في وطنه الأصل فلسطين، وينكر حقه في تقرير مصيره ويلغي حقه في العودة إلى وطنه، وحقه في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وفقا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

وشدد على أن القانون يأتي لإضفاء الشرعية للاستيطان والتنكر للوجود الفلسطيني ولسكان الأرض الأصليين وفيه نفي واضح لحقوق ومصالح الشعب الفلسطيني وتحد صريح للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، التي تجرم الاستيطان ونشاطات إسرائيل الاستيطانية.

وطالب المحلل الفلسطيني المجتمع الدولي بإدانة هذا القانون العنصري المعادي للديمقراطية الذي ينطلق من تأكيد حقوق السكان الطارئين ونفي حقوق السكان الأصليين، والتوقف عن التعامل مع الاحتلال واعتباره كيان احتلالي استيطاني يمارس التمييز العنصري.