خط عمان ــ دمشق على رأس أولويات ملك الاردن!

خط عمان ــ دمشق على رأس أولويات ملك الاردن!
السبت ٠٤ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٦:٢٧ بتوقيت غرينتش

يعود ملك الأردن عبد الله الثاني وعلى رأس أولوياته ما بعد الحسم في الجنوب السوري والتنسيق المباشر مع الجيش السوري، الامر الذي بدا واضحاً من اعلان الجيش الأردني "أخيرا" قصف مراكز لتنظيم "داعش" الوهابي، في حوض اليرموك جنوب غرب سوريا، ومن زيارة ملك البلاد للقيادة العامة للقوات المسلحة كأول زيارة يقوم بها، ولاحقا استقباله وزير الخارجية الفرنسي الذي يبحث سبل تطوير التعاون الدفاعي بالزي العسكري.

العالم - الاردن

في الأولوية المذكورة، يحسم عبد الله الثاني (الذي ظهر بالزي العسكري كقائد اعلى للقوات المسلحة في اول ظهور له منذ عاد من اجازته الطويلة) الملف الأول الذي كان ينتظره لصالح عمان، خصوصا والأخيرة تراقب الإشارات الروسية السورية التي تظهر رغبة في تعزيز الدور الأردني في الشمال العربي (سوريا ولبنان ومن خلفهما روسيا) خلافا لما تشعره العاصمة الأردنية من جنوبها (السعودية ومن خلفها الولايات المتحدة)، خاصة فيما يتعلق بملف "إسرائيل والتعامل معها".

وهنا يمكن التنبؤ بتصاعد التعاون الأردني مع السوريين والانفتاح على سوريا خصوصا مع تزامن اعلان الجيش عن العملية (وقعت الثلاثاء الماضي) مع اعلان روسي (على لسان رئيس هيئة العمليات برئاسة أركان القوات المسلحة الروسية، سيرغي رودسكوي) بتأمين الحدود الشمالية الأردنية كاملة. من هنا تنبع أهمية الإعلان الأردني عن قصف مناطق "داعش" في سوريا في هذا التوقيت، حيث الملك لا يحسم فقط التعاون العسكري، بل وسيحسم ملف الزيارة البرلمانية السياسية لدمشق والتي يفترض ان تبحث تفاصيل فتح الحدود مع سوريا.

الجيش الأردني انتقل بالإعلان الأخير عن القصف من مرحلة التنسيق مع الجيش السوري الى مرحلة المشاركة والاشتباك إلى جانب الجيش السوري، وهذا يظهر من صياغة البيان حيث المناورة ضد تنظيم داعش وقصفه وحماية الحدود، ومساندة الجيش السوري في القتال.

وجاء في البيان الذي نقله موقع "هلا اخبار" التابع للقوات المسلحة "أن بعض عناصر هذه الجماعات حاولت الاقتراب من حدودنا، حيث تم تطبيق قواعد الاشتباك فوراً معهم وباستخدام كافة أنواع الأسلحة من خلال كتيبة حرس الحدود العاشرة، إحدى وحدات المنطقة العسكرية الشمالية، واستمرت عمليات القصف والتطهير لكامل المنطقة حتى ظهر يوم الأربعاء دون السماح لأي واحد منهم تجاوز الحدود الأردنية، وتم إجبارهم على التراجع إلى الداخل السوري وقتل بعض عناصرهم". متابعاً "إن القوات السورية في المنطقة تابعت مطاردتهم داخل القرى والبلدات السورية المحاذية، للحدود الأردنية في منطقة حوض اليرموك".

ويتزامن ذلك مع اعلان الروس ان "العمليات القتالية في جنوب غرب سوريا كانت تتم ضد التشكيلات الإرهابية لـ "داعش" و"جبهة النصرة"، الإعلان المذكور يمكن قراءته كتبرئة للأردن من أي رواية محتملة عن محاربته ضد المعارضة السورية أيا كانت، خصوصا وعمان تربطها علاقات لا تريد لها ان تنقطع من العشائر الجنوبية السورية.

بهذه الصورة تخرج عمان "كالشعرة من عجينة الجنوب" دون أي ضرر حقيقي يذكر، لا بل وبمكاسب سياسية واستراتيجية، حيث تعاون عسكري رفيع جدا على المستويين السوري والروسي، الى جانب الموجود أصلا على الصعيد الأمريكي وحتى الإسرائيلي. من هنا يمكن التنبؤ وخلال ساعات بحسم ملف "زيارة البرلمانيين" الى دمشق وماهية الرسالة التي سيحملونها تحديدا، خصوصا وان الجيشين اليوم تتعظم بينهما القواسم المشتركة حيث عدو مشترك لا يزال موجودا ورغبة في ضبط الحدود، إضافة لحاجة الدولتين الى فتح الحدود اقتصاديا واستثماريا وحتى من بوابة إعادة الاعمار.

بعد حسم ملف الجنوب السوري، يكون ملك الأردن حسم اهم الملفات العسكرية على طاولته وان لم يكن اكبرها، حيث ينتظره ملف ما عرف بـ "الناتو العربي" الذي تروجه الإدارة الامريكية كحلف لمحاربة إيران والذي كانت عمان تنتظر عودته للحسم فيه.

في الملف الأكثر تعقيدا (الناتو) سيجد الأردن نفسه كمن يمشي على الألغام، حيث إيران التي تريد اليه الولايات المتحدة محاربتها هي ذاتها التي عرضت الإدارة الامريكية عليها الحوار، على غرار ما فعلته واشنطن بعمان في ملف كوريا الشمالية، حيث قطعت عمان علاقتها بكوريا الشمالية بينما اعادتها واشنطن بعد ذلك بأسابيع.

مع إيران الكلف باهظة أكثر، حيث طهران موجودة في دمشق وبغداد اللتين يفترض ان تصبحا الرئتين الحيويتين برا للأردن، الى جانب كون إيران أساسا لا تشكل تهديدا لعمان.

بكل الأحوال، الملفات العسكرية ليست هي كل ما ينتظر ملك الأردن لحسمه، فالأردن بانتظار شروحات واضحة ومن عبد الله الثاني مباشرة عما يعرف بـ "صفقة القرن" التي باتت تشكل رعبا في نفوس النخبة السياسية قبل الشارع، وتداعياتها، خصوصا وان الملك أصلا غاب عن الأردنيين بعد زيارته الى واشنطن.

الملفات الداخلية أيضا بانتظار الملك، حيث حسم في ملفات الفساد وفي غطاء الحكومة ورئيس وزرائها ودورة استثنائية للبرلمان بانتظار ان يتم تحديد موعدها. كل هذه تفاصيل سيبدأ حسمها خلال الأيام المقبلة، ولكن على ما يبدو انها ستبدأ بعد التأكد من ان المشروع الأردني السوري بات على "سكته الصحيحة".

فرح مرقة - رأي اليوم