المباحثات العسكرية بين الخرطوم والقاهرة

المباحثات العسكرية بين الخرطوم والقاهرة
الإثنين ٠٦ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٨:٣٧ بتوقيت غرينتش

أعلنت وزارة الدفاع السودانية، عن انطلاق جلسات المباحثات العسكرية المشتركة بين السودان ومصر على مستوى الخبراء في جولتها الخامسة.

العالم - السودان

جاء ذلك في بيان صادر عن الوزارة، لم تشر فيه لمدة هذه المباحثات أو موعد نهايتها، مكتفية بذكر أنها انطلقت صباح الأحد.

وذكر البيان أن رئيس الأركان المصري، الفريق محمد فريد، من المنتظر أن يصل العاصمة السودانية، الخرطوم، في وقت لاحق الإثنين، دون ذكر مدة الزيارة وتفاصيلها.

وأشار رئيس الجانب السوداني في المباحثات، الفريق ركن هشام عبد المطلب أحمد، لـ”ضرورة الاستفادة من الخبرات التراكمية للقوات المسلحة في البلدين لصالح العمل المتشرك، وتعزيز التعاون، وتبادل الخبرات والتجارب”، وفق البيان.

من جانبه أكد اللواء أركان حرب، خالد لبيب رئيس الجانب المصري، وفق ذات المصدر، حرص بلاده على تعزيز علاقات التعاون وتعزيزها في كل المجالات.

وفي 19 يوليو/ تموز الماضي، اتفق السودان ومصر على ضرورة التشاور والتنسيق المستمر بمنطقة البحر الأحمر، وتعزيز التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والتجارية، وذلك إبّان زيارة السيسي للخرطوم.

ومن آن إلى آخر، تشهد العلاقات بين السودان ومصر تباينات في وجهات النظر على خلفية قضايا خلافية، منها: النزاع على مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد الحدودي، والموقف من سد “النهضة” الإثيوبي على نهر النيل. 

مصر والسودان.. خمسة ملفات تؤجج التوتر

وقصة التوتر السوداني المصري ليست جديدة، حيث توجد بين البلدين خمسة ملفات تعتبر سببا في استمرار التوتر والتصعيد بينهما بين الفينة والأخرى.

وهذه الملفات هي ملف حلايب وشلاتين، وسد النهضة، وتقاسم مياه نهر النيل، ودعم مصر للمعارضة السودانية، وأضيف لها مؤخرا الملف الذي أغضب مصر وهو ملف جزيرة سواكن.

وقد قرر الرئيس السوداني عمر حسن البشير قبل أيام إعلان حالة الطوارئ في ولاية كسلا المتاخمة للحدود مع إريتريا شرق البلاد لاستكمال عملية جمع السلاح من المواطنين.

وتطور الأمر قبل يومين بإعلان والي كسلا إغلاق الحدود مع إريتريا، والتي يبلغ طولها ستمئة كلم، وتشهد حركة نشطة للأفراد والتجارة بين البلدين، وكشفت مصادر سودانية أن قوات الجيش انتشرت بالقرب من الحدود مع إريتريا.

لكن مصادر سودانية قالت إن السبب يعود لوصول قوات مصرية إلى إريتريا محملة بأسلحة حديثة ودبابات، وإن اجتماعا عسكريا عقد في قاعدة إماراتية هناك بحضور ضباط من الإمارات ومصر وإريتريا تحت عنوان "أمن البحر الأحمر"، وقالت مصادر إن قيادات سودانية معارضة حضرت الاجتماع.

وتزامنت هذه التطورات مع قرار الخرطوم استدعاء سفيرها في القاهرة للتشاور، في حين ردت مصر بأنها ستقيم الموقف من القرار السوداني وسترد في الوقت المناسب.

جزيرة سواكن

وأول وأحدث ملفات التوتر جاء إثر زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسودان، وقرار الخرطوم منح جزيرة سواكن السودانية إلى تركيا لمدة محدودة لتطويرها، وهو ما اعتبر دخولا لتركيا بقوة على ملف البحر الأحمر، حيث تتحدث مصادر عن توجه أنقرة لنقل قوات تركية إليها.

 وأعقبت القرار السوداني تحركات مصرية قادت وزير الخارجية سامح شكري لأبو ظبي، ثم الاجتماع بنظيره السعودي عادل الجبير أمس في العاصمة الأردنية عمان، وأكدت الخارجية المصرية أن شكري بحث مع الجبير "أمن البحر الأحمر"، وهو ما اعتبر استكمالا للتحركات العسكرية المصرية في إريتريا بالقرب من الحدود مع السودان.

حلايب وشلاتين

والملف الثاني في التوتر بين البلدين هو ملف حلايب وشلاتين الذي عاد للسطح مؤخرا بعد زيارة أردوغان إلى الخرطوم، حيث بث التلفزيون المصري خطبة الجمعة الأخيرة من العام الماضي من حلايب، كما بث تقارير تتحدث عن مشاريع تنمية في المنطقة المتنازع عليها مع السودان.

عرض الصورة على تويترعرض الصورة على تويترعرض الصورة على تويترعرض الصورة على تويتر

وكان ملف حلايب وشلاتين عاد إلى الواجهة بعد اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية العام الماضي، وذلك بعد قرار مصر منح جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، حيث ورد في الاتفاقية تبعية حلايب وشلاتين لمصر.

وتطالب الخرطوم القاهرة إما بإعادة المثلث المتنازع عليه بين البلدين لسيادتها، أو القبول بتحكيم دولي ينهي الأزمة التي مرت بفصول عديدة، لكن القاهرة رفضت هذه الدعوات، وقامت في عام 2014 بإدخالها ضمن دوائر الانتخابات.

سد النهضة

أما ملف التوتر الثالث فهو سد النهضة الإثيوبي، وأحدث حلقة فيه كانت ما أعلنته وسائل إعلام إثيوبية أن مصر طلبت من أديس أبابا استبعاد السودان من مفاوضات سد النهضة، وهو الأمر الذي نفته الخارجية المصرية في ما بعد.

وبشأن هذا الملف أعلنت الخرطوم وأديس أبابا أنهما متفقتان حياله، وهو ما أغضب مصر التي ترى أن بناء السد المتوقع انتهاء العمل فيه العام الجاري يهدد حصة مصر في مياه النيل، الأمر الذي تعتبره القاهرة تهديدا لأمنها القومي.

تقاسم مياه نهر النيل

وملف التوتر الرابع هو ملف حصة البلدين من نهر النيل، حيث جدد السودان على لسان وزير خارجيته إبراهيم الغندور اتهام مصر بالاعتداء على حصته من مياه النيل، وهو ما نفته مصر على لسان وزير خارجيتها.

دعم مصر للمعارضة السودانية 

والملف الخامس في أزمة البلدين هو اتهام السودان مصر بتسليح المعارضة الانفصالية في دارفور، حيث أعلن الرئيس السوداني حسن البشير العام الماضي أن بلاده وضعت يدها على مركبات ومدرعات مصرية الصنع كانت مع متمردي دارفور، ونفى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وقتها ضلوع بلاده بتقويض استقرار السودان.

ويبدو أن الأزمة في طريقها لمزيد من التوتر، حيث طالب نواب في البرلمان السوداني يوم الأحد بلادهم بإعلان إلغاء اتفاقية "الحريات الأربع" مع مصر، وهي حرية التنقل والتملك والعمل والإقامة لمواطني البلدين والموقعة منذ عام 2004.

وقالت صحيفة الصحافة السودانية إن السودان التزم بهذه الاتفاقية وعمل على تنفيذها بعد شهر من توقيعها، وهو ما لم تلتزم به القاهرة، على حد ما ذكرت الصحيفة.

ووسط هذه الملفات والتفاصيل الشائكة في علاقات البلدين يتهم إعلاميون سودانيون مصر بأنها تمارس ما يعتبرونها "وصاية" على السودان، وأن مصر تمارس هجوما على بلادهم كلما زارها مسؤول "لا يعجب القاهرة".