«بادية السويداء».. نهاية الارهاب جنوب سوريا وبداية نهايته في الشمال

«بادية السويداء».. نهاية الارهاب جنوب سوريا وبداية نهايته في الشمال
الثلاثاء ٠٧ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٩:٤٢ بتوقيت غرينتش

واصلت وحدات من الجيش السوري لليوم الثالث على التوالي تعزيز انتشارها على جميع الخطوط على اتجاه بادية السويداء لإنهاء وجود "داعش" في آخر بؤر تجمعاته في الجنوب الشرقي لسوريا، وفي إطار الرد على العملية الإرهابية التي وقعت في محافظة السويداء الشهر الماضي.

العالم-تقارير

وشن سلاح الجو السوري يوم أمس غارات مكثفة ضد مواقع تنظيم "داعش" الإرهابي في بادية السويداء مع استكمال الوحدات البرية استعدادها لاكتساح مواقع التنظيم.

في هذا السياق، اكد مصدر ميداني ان الجيش السوري فتح العملية من ثلاثة محاور وتقدم باتجاه الدياثة بعمق 3 كم وباتجاه الكراع بمعق 5 كم فيما تتقدم قوات اخرى باتجاه تل دكوة الاستراتيجي.

وتعتبر منطقة البادية شمال شرقي السويداء آخر منطقة لتجمعات التنظيم التكفيري في جنوب سوريا، والتي ينطلق منها للاعتداء على القرى والتجمعات السكنية في ريف السويداء من الجهتين الشرقية والشمالية الشرقية.

وقالت مصادر سورية أن سلاحي الجو والمدفعية نفذا يوم الاثنين ضربات مركزة ودقيقة على تحركات وآليات لإرهابيي “داعش” في مناطق الوعر وأرض الكراع ومزارع الخطيب وصنيم الغرز وإلى الشرق من دياثة وخربة الحصن وتل رزين على عمق يتراوح بين 15 و30 كم من قرى الريف الشرقي والشمال الشرقي. وحققت الرمايات إصابات مباشرة.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن خطة الجيش تقضي بشن الهجوم انطلاقا من المحور الشمال الشرقي لإنهاء وجود “داعش” في آخر بؤر تجمعاته في الجنوب الشرقي لسوريا، وفي إطار الرد على العملية الإرهابية التي وقعت في محافظة السويداء الشهر الماضي.

كما هو متوقّع، بعد إنجاز الجيش السوري والحلفاء تحرير جنوب سوريا بشكل كامل وإنهاء وجود الجماعات الإرهابية في هذه المنطقة الأكثر حساسية في الحرب الوطنية السورية، لم يعُد أمام الجيش السوري سوى التوجه شمالاً إلى محافظة إدلب وشرق الفرات في الشرق لتحريرهما من آخر بقايا الإرهاب، ما يعني أنّ سورية باتت تقف فعلياً على أعتاب تحقيق النصر النهائي ضدّ أشرس حرب إرهابية تعرّضت لها دولة في التاريخ الإنساني.

ولهذا فإنّ استحقاق تحرير ما تبقى من محافظة إدلب وشرق الفرات إنما هو استحقاق داهم لا يقبل التأجيل، فإما يتمّ ذلك عبر القوة العسكرية أو عبر التسوية والمصالحة، أو كلتيهما معاً على غرار ما حصل في جنوب سوريا. وليس هناك من إمكانية لأيّ مساومة في هذا الأمر من قبل الدولة الوطنية السورية كما أعلن أكثر من مرة الرئيس بشار الأسد بتأكيد التصميم على استعادة سيادة سوريا على كامل أراضيها وصولاً إلى فرض رحيل القوات الأجنبية المحتلة لأجزاء من الأرض السورية بلا قيد ولا شرط.

ويبدو من خلال قراءة المشهد في الشمال والشرق، أنّ جميع الأطراف الإرهابية والدولية الداعمة لها في وضع المأزوم والفاقد للقدرة على منع أو إعاقة قرار الدولة السورية في تحقيق هدفها بتحرير هذه المناطق بعد أن أصبحت في وضع مَن يقرّر مسار الأمور في الميدان والسياسة، بما ينسجم مع مصالح سوريا الوطنية بعدم التنازل عن حقها في الحفاظ على استقلالية قرارها الوطني من ناحية، ورفض أيّ تسوية سياسية لا تحترم إرادة وحق الشعب السوري في تقرير مصيره بعيداً عن اي تدخل خارجي من ناحية ثانية.

في كلّ الأحوال فإنّ نهاية الحرب الإرهابية على سوريا باتت قريبة بعد تحرير الجنوب، ولهذا فإنّ معركة استعادة ما تبقى من مناطق في الشمال والشرق لنفس قد دنت ليعلن بعدها الانتصار النهائي لسوريا وحلفائها وولادة مرحلة جديدة سورياً وعربياً وإقليمياً ودولياً من هذا الانتصار التاريخي والاستراتيجي الذي غيّر المعادلات وموازين القوى لمصلحة محور المقاومة والدول الساعية إلى إعادة بناء النظام الدولي على أسس من التعددية والتعاون واحترام سيادة واستقلال الدول وحق شعوبها بتقرير مصيرها بعيداً عن الهيمنة الاستعمارية الأميركية الغربية.

والآن أصبحت ادلب المأوى الأخير للآلاف من المسلحين الذين ضاقت بهم الأرض، ولم يجدوا مفراً غيرها، بعد اتفاقات مصالحة تنصّ على ترحيل من يرفض تسوية وضعه وترك حمل السلاح، حيث تم ترحيل مسلحي داريا بتعداد 1400 مسلح، و المعضمية بما يقارب 1000 مسلح، و قدسيا والهامة 2000 مسلح، و التل 1500 مسلح، بالإضافة للمئات من حي الوعر الحمصي، وحي القدم والعسالي بريف دمشق، الذي لم تكتمل فيه المصالحة حتى الآن.

وتُمثّل إدلب ساحة “المعركة الأخيرة” قبل الإعلان عن نهاية الأزمة السورية، في بُعدها العسكري على الأقل، وعلى الرغم من سعي تركيا لتوحيد الجماعات المسلّحة في إدلب في تشكيلٍ موحّد، وتوزيع المهام القيادية والقتالية بينها، إلا أن اتجاهات الفعل الرئيسة هي في مكانٍ آخر، وهو البحث عن حلٍ بالسياسة والمساومة، بكل ما يعنيه ذلك من تحدّيات، ذلك أن الأزمة السورية لا تزال تُواصِلُ أهم ميزة فيها حتى الآن، وهي مُغالطة وحتى تكذيب التقديرات والرهانات حولها!

وسط التساؤلات المتصاعدة عن مآلات المشهد في إدلب، برزت أخيراً مؤشرات على توتر جديد على صعيد العلاقة بين عدد من المجموعات المسلّحة وبين «جبهة النصرة». وراجت من جديد اتهامات للأخيرة بـ«التمهيد لخيانة الثورة، وعقد صفقات مع الروس». وتدور في الكواليس أنباء عن أنّ «الحملة الأمنيّة» التي شنّتها «الجبهة الوطنية للتحرير» في حماة تستهدف في الدرجة الأولى «عملاء الجولاني من عرّابي المصالحات»

إدلب تغلي «داخليّاً» من جديد. وعلى رغم حرص مختلف المجموعات المسلّحة على تصدير صورةٍ توحي بأنّ «الوحدة» هي سيّدة الموقف في ما بينها، فإنّ ما يدور في الكواليس مختلفٌ كليّاً ويفتح الباب أمام احتمالات اندلاع جولة جديدة من جولات اقتتال «الإخوة الأعداء». أسباب الاقتتال كادت تكتمل، وإذا ما استمرّت المُجريات في السير على المنوال الراهن فإنّه قد يكون في حاجة إلى الشرارة الأولى فحسب. ولا يمكن فصل الخلافات المتفاقمة عن «المشهد الكبير» الذي يتجاوز جغرافيا إدلب ليشتمل على الحراك الإقليمي المستمر لترتيب أوراق المرحلة السوريّة المقبلة.

وجاء إعلان تشكيل «الجبهة الوطنيّة للتحرير» بمثابة فاصلةٍ بين مرحلتين في ما يخصّ العلاقة بين معظم المجموعات المسلّحة وبين «هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة». وتفيد معلومات «الأخبار» بأنّ اجتماعاً عاصفاً كان قد عُقِد قبل إعلان التشكيل بين اثنين من مُساعدي زعيم «الهيئة» أبو محمد الجولاني، وبين وفد من «الجبهة الوطنيّة» معظم أعضائه محسوبون على «فيلق الشام». وشهد الاجتماع تبادلاً للاتهامات بين الطرفين، لينحرف عن مساره الأصلي. ووفقاً للمعلومات فقد كان الهدف من الاجتماع «استكمال مناقشة بعض التفاصيل قبل إعلان اندماج كبير بمشاركة هيئة تحرير الشام». ولا تتوافر تفاصيل دقيقة عن سبب تغيّر وجهة الاجتماع، لكنّ مصادر «الأخبار» تشير إلى أنّ «مُساعدي الجولاني تعمّدا اختلاق المشكلة».