العلاقات المصرية السودانية.. هذا ما يحدث بين البلدين!

العلاقات المصرية السودانية.. هذا ما يحدث بين البلدين!
الخميس ٠٩ أغسطس ٢٠١٨ - ١٠:٢٦ بتوقيت غرينتش

مصر والسودان هما دولتان تقعان في قارة أفريقيا ولكن عند معرفة تاريخ مصر والسودان فنجد أن السودان تعتبر أمتداد طبيعي لمصر، فالعلاقات المصرية السودانية هي علاقات ذات طابع خاص حيث يصفها البعض بالازلية والبعض الاخر بالتاريخية، حيث نجد أن مثل هذه العلاقات لا تتوافر بين أي دولتين ولكنها توجد في العلاقات بين مصر والسودان.

العالم - مصر

العلاقات المصرية السودانية بدأت منذ القرن التاسع عشر ومع مرور الازمنة وأختلاف الحكومات مرت هذه العلاقة بعلاقات المد والجزر أي كان هناك تعاون ووفاق في بعض الأوقات وكان هناك خلاف في أوقات أخري لذلك أطلق عليها علاقة المد والجزر، وهناك تكامل بين مصر والسودان نتيجة للتاريخ والجغرافيا وثوابت الامن القومي والمصالح المشتركة لكل منهما.

وتتحدد العلاقة بين مصر والسودان تبعا لبعض المحددات التي تتحكم في هذه العلاقة سواء كانت داخلية أو خارجية، لذلك نجد أن هناك روابط سياسية وأقتصادية بينهما كما هناك علاقات أقليمية في بعض القضايا والمسائل التي تخص الاقليم الافريقي.

الاجتماعات التحضيرية للجنة الرئاسية العليا المصرية السودانية

عقدت الاجتماعات التحضيرية للجنة الرئاسية العليا المصرية السودانية أمس الأربعاء 8 من أغسطوس، وشارك فيها ممثلون عن كافة الوزارات والجهات المعنية بالعلاقات المصرية السودانية من الجانبين، ورأس الجانب المصري السفير حسام عيسى مساعد وزير الخارجية ومدير إدارة السودان وجنوب السودان، كما رأس الجانب السوداني السفير عبد الغني النعيم وكيل وزارة الخارجية السودانية.

وتناولت الاجتماعات كل موضوعات التعاون بين الجانبين في المجالات الدبلوماسية والقنصلية والأمنية والإقتصادية والتجارية والزراعية والإستثمارية والنقل البحري والنهري والتعدين والبترول والكهرباء والطاقة والخدمات والإعلام والتعليم والتعليم العالي وغيرها من المجالات التي تربط بين الدولتين الشقيقتين.

كما تم التباحث فيما يقرب من عشرين مشروع اتفاقية ومذكرة تفاهم مقترحة لدراستها من الجانبين استعدادًا للتوقيع خلال اجتماعات اللجنة الرئاسية العليا المقرر عقدها في الخرطوم في أكتوبر القادم.

ومن المقرر عقد اجتماع تحضيري شامل آخر برئاسة وزيري الخارجية يوم 29 أغسطس الجاري وفقًا لما اتفقت عليه قيادتا البلدين الشقيقين خلال الزيارة الأخيرة للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الخرطوم في يوليو الماضي.

أهم نقاط الخلاف بين البلدين

شهدت العلاقات المصرية السودانية في السنوات الأخيرة تذبذبا على وقع خلافات عدة، تهدف زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للخرطوم إلى حلها.

وأجرى الرئيس المصري الخميس والجمعة الماضيين محادثات مع نظيره السوداني عمر البشير حول الملفات المشتركة بين البلدين، في زيارة هي الأولى للرئيس المصري إلى السودان لأول مرة بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية في نيسان/أبريل.

ولم تكشف البيانات الرسمية للطرفين بشكل تفصيلي تطرق الرئيسين للخلافات العالقة بين البلدين التي ساهمت في تدهور العلاقات وأدت إلى سحب السودان سفيرها إلى مصر في أوائل كانون الثاني/ يناير الماضي قبل أن تعيده بعد شهرين.

وكان السودان فرض العام الماضي تأشيرات دخول على المصريين الرجال من سن 18 إلى 50 عاما في خطوة أشار المتحدث باسم الخارجية السودانية حينها إلى أنها تأتي في نطاق المعاملة بالمثل.

إلا أن نقاط الخلاف بين القاهرة والخرطوم تمتد إلى أبعد من ذلك، وهذه أبرزها:

مثلث حدودي

تحتج الخرطوم من وقت لآخر على إدارة مصر لمثلث حلايب وشلاتين الحدودي، وأعيد فتح الملف مرة أخرى بعد اتفاقية بين مصر والسعودية حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في البحر الأحمر.

ويقع مثلث حلايب وشلاتين على الطرف الأفريقي للبحر الاحمر وتبلغ مساحته أكثر من 20 ألف كيلومتر مربع.

ويطالب السودان بمثلث حلايب وشلاتين منذ عام 1958، وتقول القاهرة إنها أراض مصرية. ورفضت مصر في 2016 طلبا من الخرطوم لبدء مفاوضات لتحديد الأحقية في السيادة على المنطقة الحدودية أو اللجوء للتحكيم الدولي.

سد النهضة

تخشى القاهرة تأثير السد الإثيوبي، الذي بدأت أعمال بناءه في 2012، على منسوب نهر النيل الذي تعتمد عليه مصر لتأمين معظم احتياجاتها من المياه. وتعتبر مصر حماية حصتها من مياه النيل مسألة أمن قومي.

وتأمل إثيوبيا أن يجعلها السد منتجا هائلا للكهرباء التي تحتاج إليها هذه المنطقة من أفريقيا بشدة وتنفي أنه سيضر بحصة مصر من المياه.

وتوترت العلاقات بين مصر والسودان عندما أيدت الخرطوم بناء السد نظرا لاحتياجها للكهرباء.

وأدى الموقف السوداني من المحادثات بين البلدان الثلاثة إلى انتقادات في الشارع المصري للخرطوم ومطالبات باتخاذ موقف متشدد من السودان ، لكن الرئيس المصري حاول طمأنة السودان وإثيوبيا في منتصف كانون الثاني/يناير الماضي وقال إن "مصر لن تحارب أشقاءها ... أنا أقول هذا الكلام كي يكون رسالة لأشقائنا في السودان".

وأضاف "أقول هذا الكلام لأشقائنا في السودان وإثيوبيا: نحن لا نتآمر ولا نتدخل في شؤون أحد وحريصون جدا جدا على أن تكون علاقتنا طيبة جدا".

اتهامات متبادلة

السودان اتهم مصر العام الماضي بالتدخل في شؤونه الداخلية بل واتهم الرئيس السوداني عمر البشير القاهرة بدعم الحركات المتمردة في السودان. وتنفي القاهرة بشكل قاطع التدخل في الشؤون الداخلية السودانية.

وتتبادل وسائل الإعلام بالبلدين خلال الأعوام القليلة الماضية الاتهامات حول السماح لمعارضي الحكومة المصرية بالبقاء في السودات ولمعارضي الحكومة السودانية بالبقاء في مصر.

وشهد هذا الملف انفراجتين أولها كانت في نيسان/أبريل 2017 عندما تعهد وزيرا خارجية البلدين بعدم "إيواء أو دعم" معارضي الحكومتين في كلا البلدين، وثانيها حدث قبل أسابيع عندما رفضت مصر دخول رئيس حزب الأمة السوداني المعارض الصادق المهدي لدى عودته إلى مصر.

وتشير وسائل إعلام مصرية إلى أن زيارة السيسي الجارية قد تشهد بادرة مماثلة من الجانب السوادني بتسليم معارضين مصريين للقاهرة.

علاقات السودان بتركيا

أدى اتفاق بين السودان وتركيا في كانون الأول/ديسمبر يقضي بإعادة الاخيرة بناء ميناء سوداني على البحر الأحمر، إلى تصدع في العلاقات بين الخرطوم والقاهرة التي تتخذ موقفا مناوئا لتركيا.

وتخوفت القاهرة من تعاون عسكري بين الخرطوم وأنقرة، وعقب اجتماع بين وزيري خارجية البلدين في شباط/فبراير الماضي أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري على وجود توافق بين مصر والسودان على رفض وجود علاقات ثنائية للبلدين "يترتب عليها أثر سلبي على الطرف الآخر مع مراعاة بعض الحساسيات وبعض التوترات في علاقتنا مع بعض الأطراف الإقليمية والدولية".

مستقبل العلاقات في ظل الأزمات الحالية

أدت الأزمات المتعددة والمتكررة بين النظامين إلى خروجها إلى العلن رغم محاولة الطرفين الظاهرية لإظهار التقارب والتفاهم عبر اللقاءات والزيارات المتكررة وتوقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية ومذكرات التفاهم التي لا يتعدى معظمها الرطانة الدبلوماسية لا أكثر.

يبدو أن هذه التوترات والخلافات قد تأبى على الحلول والتفاهم لطبيعة النظامين العسكرية التي تأبى الحلول السياسية القائمة على مبدأ المنفعة المشتركة، فضلًا عن تصدير التعامل الأمني للتعامل مع الملفات المشتركة.

إلا أن الأزمات الداخلية المتفاقمة والمتصاعدة في البلدين التي تهدد استقرارهما قد تدفعهما للتهدئة وتجميد الأمور، وهو أمر غير جديد على تاريخ العلاقات المصرية السودانية؛ تلك العلاقات التي لم تخرج من نفق الوضع المأزوم طوال تاريخها مقدمة نموذجًا فريدًا من المد والجزر في حركة دائرية تأبى أن تتقدم إلى الإمام.