السينما.. جسر التواصل بين ايران والجزائر

السينما.. جسر التواصل بين ايران والجزائر
السبت ١١ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٦:٤٧ بتوقيت غرينتش

شهدت العلاقات الثقافية الإيرانية الجزائرية في المجال السينمائي انتعاشا ملحوظا في السنوات الأخيرة، وليس أدل على ذلك من جعل إيران ضيفة شرف مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي وتكريم المخرج الراحل عباس كيارستمي بالجزائر عام 2016 وكذلك مشاركة المخرجة الإيرانية رخساره قائم مقامي في أيام الفيلم الملتزم وفوزها بجائزتين عن فيلمها سونيتا.

العالم - ايران

وتعدّ إيران إحدى أهم المدارس السينمائية الآسيوية، والأفلام الإيرانية تتميز في المهرجانات العالمية وتتوجه بالكثير من الجوائز، كما تحوز هذه الأفلام تقييما عاليا في عدد من المواقع السينمائية المتخصصة.

الجزائر تستفيد من خبرات إيران في السينما

وتربط الجزائر وإيران، منذ زيارة وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي وقتها رضا صالحي أميري للجزائر في آذار / مارس 2017 اتفاقية تعاون بين هيئة فارابي الايراني للسينما وبين المركز الجزائري للسينما والسمعي البصري لتعزيز الإنتاج الثنائي السينمائي المشترك والتعاون في مختلف مجالات السينما بين البلدين.

وتنص الاتفاقية على تعزيز الإنتاج السينمائي المشترك، من خلال تسهيل تدابير تنقل وإقامة المستخدمين الفنيين والتقنيين المساهمين في الأعمال السينمائية، وكذا تيسير استيراد وتصدير الأجهزة الضرورية في إنجاز هذه الأعمال واستغلالها في كل دولة.

كما تتضمن الاتفاقية التعاون في مجال التكوين السينمائي، وتوسيع التعاون والتبادل بين مدارس السينما بإيران والجزائر، وكذلك بين مراكز إنتاج الأفلام والمتاحف السينمائية، بالإضافة إلى تقديم الدعم للاستفادة من المدن السينمائية.

بالإضافة إلى ذلك تنص الاتفاقية على ترميم الأعمال السينماتوغرافية وترقية المهرجانات والأسابيع السينمائية وكذلك التوزيع المتبادل للأفلام والسعي لعرض الأعمال السينمائية الطويلة الإيرانية والجزائرية في دور العرض لكلا البلدين.

فرص التعاون الثقافي بين ايران والجزائر

وقد إشاد وزير الثقافة الجزائري بالسينما الإيرانية ومكانتها العالمية والمساعي المبذولة لتقوية التعامل السينمائي بين ايران والجزائر.

وقال الوزير عز الدين مهيوبي يوم 6 اب/ آغسطُس ان التعاون المشترك بين البلدين في الفيلم التاريخي "احمدباي" وهو أول تجربة تعاون سينمائية بين الجزائر وإيران من إنتاج جزائري وإخراج إيراني أساس متين من أجل تعاون سينمائي أكبر .

وأضاف قائلا: لقد تعاملت السينما الجزائرية مع السينما الإيطالية والفرنسية وبعض الدول العربية  وخلال هذا الفيلم تجرب التعاون مع السينما الإيرانية.

وأشاد ميهوبي بالسينما الإيرانية ومكانتها العالمية إذ قال: السينما الإيرانية تحتل مكانة مرموقة في السينما العالمية و زاخرة بتجارب قيّمة وجمال شورجه الذي يتولى مهمة إخراج هذا الفيلم يعتبر من أفضل المخرجين الإيرانيين ويتمتع الفريق الإيراني بالدقة والجدية في العمل والسعي الدؤوب والانضباط ومعرفة قيمة الوقت بشكل جيد بالإضافة إلى أنهم ينفقون الكثير من الدقة في البحث والتحقيق في المراحل التاريخية لحياة "أحمد باي" والوسط الذي كان يعيش فيه والملابس والعادات والرسوم المتبعة في تلك الحقبة.

وصرّح أيضا :أن فيلم أحمد باي سوف يكون فيلماً مميزاً جدّا لبراعة ومهارة الكادر الفني الإيراني.

انطلاق تصوير أول عمل سينمائي جزائري-إيراني

أعطيت بمدينة السينما بالعاصمة الجزائرية في 5 اغسطس 2018 إشارة انطلاق فيلم أحمد باي، وذلك بحضور وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي.

وهذا الفيلم من إنتاج المنتجة السينمائية سميرة حاج جيلاني وإخراج المخرج الإيراني جمال شورجه وكتب السيناريو رابح ظريف.

وفيلم أحمد باي يصور جزء من حياة أحمد باي (۱۷۸٦-۱۸٥۰) حاكم الشرق الجزائري في العهد العثماني أو ما يعرف بـ 'بايلك الشرق' من ۱۸۲٦ إلى غاية سقوط قسطنتينة ومقاومته للاحتلال الفرنسي في ۱۸۳۷.

وقد قاد أحمد باي مقاومة شرسة ضد الاحتلال الفرنسي، وحتى بعد سقوط قسطنتينية، فر إلى الصحاري وبقي يحث على المقاومة والثورة إلى أن ضعفت قواه، وسلم نفسه، فنقل إلى الجزائر العاصمة ووضع في الإقامة الجبرية إلى أن وافته المنية في ۱۹٥۱.

رابح ظريف: علينا ان نتواصل مع إيران في المجال السينمائي

وأعرب كاتب السيناريو رابح ظريف، في تصريح، عن سعادته لأن يكون مخرج إيراني في حجم جمال شورجة يخرج سناريو له، وقال:" أنا سعيد للاحتكاك مع تجارب سينمائية أخرى، فبعد تعاملي مع المخرج السوري باسل الخطيب في سيناريو عبد الحميد بن باديس، ها أنا أتعامل مع تجربة جديدة هي التجربة الإيرانية".

وأضاف ظريف أن في إيران تجربة سينمائية قوية، يجب أن نتواصل معها وأن نمد جسور التواصل بين الجزائر وإيران في المجال السينمائي.

وبحسب ظريف فإن تجربة فيلم أحمد باي مع مخرج إيراني فرصة لأن ننتج فيلما بتقنيات عالمية. كما أنها فرصة للإيرانيين لأن يتعرفوا على جزء من التاريخ الجزائري وعلى الجو الثقافي في الجزائر.

وأكد ظريف أن فيلم أحمد باي "سيقدم شخوصا تاريخيا سيطلع عليها الجزائريون لأول مرة في الشاشة الكبيرة. كما أنه يقدم مقاوما جزائريا مائة في المائة".

أما الممثل محمد طاهر زاوي الذي سيؤدي دور البطولة في أحمد باي، فأكد قائلا: "تشرفت كثيرا لما عرفت أن الأستاذ جمال شورجه هو مخرج الفيلم، وأنا سعيد بالعمل تحت إدارته، وليس لدي شك في أن العمل سيكون جميلا، وفي المستوى الذي نتطلع إليه".

وأضاف زاوي أن المخرج جمال شورجه "شخص طيب جدا وتواصلي جدا، ويريحك جدا، وهو متعاون، وفوق كل هذا يبعث فيك ثقة كبيرة في شخصيتك وفي التعامل معه".

وأثنى على السينما الإيرانية، وقال "إنها سينما عالمية، بدليل أن أحسن عمل أجنبي في الأوسكار كان فيلما إيرانيا". كما أثنى على فريق العمل الإيراني والجزائري، قائلا: "أحببت احترافيتهم وكيف يتقنون عملهم'، مضيفا أنه رأى أشياء جميلة من حيث المكياج والملابس والأكسسوارات".

شورجة: نحاول تنشيط السينما الجزائرية بمساعدة ايرانية

واعتبر جمال شورجة المخرج الايراني الشهير الذي بدأ بإعداد فلم أحمد باي بأنه منطلق للتعاون السينمائي بين البلدين وقال: نحاول عبر هذه المشاريع تنشيط السينما الجزائرية بمساعدة متخصصين ايرانيين.

واعلن شورجة يوم 11/ آب/اغسطس عن إتفاق ايراني جزائري في نطاق السينما والأفلام بدا منذ أعوام وياتي هذا المشروع ضمن هذا التعاون.

وقال شورجة: إنّ نصف عدد طاقم انتاج الفلم هم من ايران لكنّ الممثلين جميعهم من الجزائر مشيراً الي انتقال الأداء والتجربة السينماية الايرانية شيئاً فشئا الي الجزائر كما كانت عليه سابقاً حيث كان هذا البلد ينتج سنويا50 أو60 فلماً مصرحاً بأنّ القضايا الأمنية والمشاكل السياسية في الجزائر حالت دون استمرار هذا النشاط ما جعل الطاقم السينمائي الجزائري يهاجر ولم يتجاوز حالياً عدد الافلام السينمائية المنتجة في هذا البلد 4 أفلام سنوياً.

ولفت شورجة الي إستمرار عملية تسجيل الفلم خلال فترة زمنية تتراوح بين 90 الي 110 أيام.

وأعرب المخرج الايراني عن أمله بأن يحصد هذا الفلم جوائز في مهرجانات دولية ومحلية ويكون مَطلعاً ومنطلقاً للتعاون السينمائي بين البلدين.

ومعلوم أن شورجه المخرج وكاتب السيناريو الإيراني من الطراز الرفيع وعرف عنه اهتمامه بالأفلام التاريخية، وهو بصدد الإعداد لإخراج مسلسل تلفزيوني عن النبي موسى عليه السلام، بممثلين عرب، كما أخرج أفلاما عن المقاومة مثل فيلم ۳۳ يوما .

ولعل هذه الخبرة هي التي دفعت إلى اختيار المنتج له لإخراج هذا الفيلم الذي يصور جزءا من تاريخ المقاومة الجزائرية للاحتلال الفرنسي. كما سيكون لتجربة المخرج جمال شورجه العمل مع ممثلين عرب دور في تسهيل هذه التجربة الجديدة له والأولى من نوعها بالنسبة إلى مخرج إيراني مع الجزائر.

ويعد هذا التعاون الإيراني الجزائري في مجال السينما الثاني من نوعه، بعد استعانة الجزائر بخبراء إيرانيين في التجميل والأكسسوارات بقيادة السيدة سودابة خسروي في فيلم ابن باديس للمخرج السوري باسل الخطيب، وقد أثارت التجربة إعجاب الجزائريين سواء من طاقم التصوير أو الممثلين أو الجمهور.