ما طبيعة السياسة الأميركية بالشرق الأوسط؟

ما طبيعة السياسة الأميركية بالشرق الأوسط؟
الخميس ١٢ مايو ٢٠١١ - ١١:٤٧ بتوقيت غرينتش

على الرغم من مقتل بن لادن، فلاتزال الولايات المتحدة تواجه واقعاً سياسياً صعباً يتمثل بانهيار وضع المراوحة الهش في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ كانت تلك المراوحة هي التي واجهت تهديد القاعدة وحافظت على استقرار ظاهري في المنطقة، ومن بين الاحتمالات المطروحة، قد نُجبَر على مواجهة نزعة التطرف و القاعدة واحتوائهما وهزمهما بمفردنا، أو على الأقل بمساعدة عدد أقل من الحلفاء في المنطقة.

إنه اقتراح مقلق على مستوى الأمن القومي والاقتصاد وحقل الأعمال، وقد ظهر في مرحلة حرجة للغاية، فهل ستكون الأنظمة الجديدة في مصر واليمن وتونس حليفة للأميركيين، أم ستكتفي بموقف محايد، أم ستعزز التهديدات التي نواجهها؟ إلامَ ستؤول أعمال العنف السائدة في ليبيا ؟ تُعتبر الاضطرابات القائمة في هذه البلدان فرصة مهمة ومصدر خطر في آن على الولايات المتحدة وخصومها.

 عند مواجهة القاعدة ، تركزت معظم الخطط على العراق وأفغانستان وباكستان، وقد نجحت الجهود العسكرية والسياسية باحتواء عمق القاعدة في هذه البلدان وتقليص قدرتها على تهديد أجزاء أخرى من العالم، لكن في الوقت عينه، تنامت فروع القاعدة في شبه الجزيرة العربية وفي منطقة المغرب العربي في شمال إفريقيا.

 من أجل محاربة تهديد فروع القاعدة ، عمدنا إلى تعزيز علاقاتنا مع الأردن، والكويت، والمملكة العربية السعودية، وباكستان، ومصر، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، ومع توسع نطاق التهديدات القائمة لتشمل المغرب الإسلامي، قررنا تعزيز علاقاتنا مع الدول الصديقة منذ فترة طويلة كالمغرب وتونس، وفي الفترة الأخيرة، أقمنا علاقات مع الجزائر، وحتى معمر القذافي في ليبيا. لقد اعتبرنا أن تقوية العلاقات الثنائية تصب في المصلحة الأمنية للفريقين، وهكذا أغفلنا عن السياسات المناهضة للديمقراطية وانتهاكات حقوق الإنسان في عدد من تلك الدول. ما يجمع بين هذه الأطراف هو اعتماد مبدأ عدوّ عدوي هو صديقي ، وقد دفعتنا هذه النظرية إلى التعاون معاً لمواجهة القاعدة والتطرف الذي يترافق مع أعمال العنف.

 لقد نجحت هذه الاستراتيجية، وأذكر أنني التقيتُ القذافي في ثلاث مناسبات مختلفة خلال السنوات الثماني الأخيرة، حين حدد تفاصيل نشاطات ليبيا لمحاربة التطرف، وسمعتُ تصريحات مماثلة خلال اجتماعاتي مع القادة في مصر وتونس والجزائر ودول أخرى، فعلى سبيل المثال، كان اليمن يتعاون في مجال محاربة أمثال أنور العولقي و القاعدة في شبه الجزيرة العربية التي تُعتبر على الأرجح أكثر الفروع التي تركز على استهداف الأرض الأميركية والنقطة التي انطلق منها مخطط تفجير الطائرة الأميركية في يوم عيد الميلاد... باختصار، وضعت الولايات المتحدة استراتيجية لصون أمنها القومي تشمل الحفاظ على الاستقرار والأمن في أنحاء المنطقة.

 كان الأمن هو المفتاح السحري لهذه الاستراتيجية في حين بقيت القضايا الأخرى هامشية، وكانت تلك الاستراتيجية هي التي اعتمدتها الإدارات الأميركية، الجمهورية منها والديمقراطية، طوال سنوات، لكن انهارت تلك الاستراتيجية الآن، فقد سقطت الأنظمة في تونس ومصر، وذلك بدعمٍ شبه ضمني من الولايات المتحدة، فهل من مصلحتنا الآن أن يتم استبدال تلك الأنظمة؟

 يقدم مقتل بن لادن فرصة فريدة من نوعها لإدارة أوباما من أجل صياغة استراتيجية جديدة لصون الأمن القومي في الشرق الأوسط. لا تزال التهديدات الأمنية كبيرة، إذ تبقى طبيعة الحكومات التي ستنشأ على أنقاض الأنظمة السابقة في المنطقة غير موثوقة، فبعد الانتفاضة الهائلة التي اجتاحت المنطقة، هل ستعتمد الولايات المتحدة استراتيجية أمنية فاعلة تشمل حلفاء رئيسيين هناك، أم أنها ستواجه الاقتراح المريب الذي يفرض عليها التحرك وحدها؟ ستسود فترة طويلة من التشكيك والترقب في أوساط الاقتصاد الأميركي وإدارة الأعمال قبل أن نحصل على جواب وافٍ عن هذا السؤال. يجب أن نتمنى النجاح لإدارة أوباما في مساعيها لإعادة السيطرة على الوضع بطريقة تخدم مصالحنا، وإلا سنجازف بأن يتحول ربيع العرب إلى شتاء عاصف تشوبه موجات من الاستياء العارم في الولايات المتحدة.

 * ناشيونال ريفيو- بيتر هوكسترا - عضو سابق في الكونغرس عن ولاية ميتشيغان، عمل كرئيس تنفيذي للجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب وكان عضواً مرموقاً فيها، وهو الآن رئيس «خدمات هويكسترا العالمية»، وهي شركة استشارية في شؤون الأمن القومي.

كلمات دليلية :