هل سيؤدي اعتراف التحالف بارتكاب مجزرة ضحيان إلى التسريع بإنهاء الحرب؟

هل سيؤدي اعتراف التحالف بارتكاب مجزرة ضحيان إلى التسريع بإنهاء الحرب؟
الأحد ٠٢ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٣:٥٥ بتوقيت غرينتش

جميل أن يقر التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ويشن عدواناً على اليمن منذ أربع سنوات بوقوع "أخطاء" في الغارة التي نفذتها طائراته قبل شهر تقريباً واستهدفت حافلة تقل أطفالاً في مدينة مزدحمة شمال صعدة، مما أدى إلى مقتل 51 شخصاً من بينهم 41 طفلاً، متعهداً، أي التحالف، بمحاسبة المتسببين بهذه الأخطاء وتعويض أهالي الضحايا، ولكننا سمعنا الكلام نفسه أكثر من مرة، وبعد كل مجزرة ترتكب في هذا البلد، في محاولة لامتصاص ردود الفعل اليمنية والدولية.

العالم - مقالات وتحلیلات

التقرير الدولي الذي أصدره مجلس حقوق الإنسان قبل يومين، وصف هذه المجازر بأنها ترتقي إلى مستوى "جرائم الحرب"، والشيء نفسه فعلته عدة منظمات حقوق إنسان عالمية، ولكن البيان الأهم، والذي دفع التحالف، في رأينا، إلى التراجع عن "حالة الإنكار" التي تمسك بها طوال الأسابيع الماضية، هو الذي صدر عن الولايات المتحدة، وعلى لسان السيدة هيذر نويرت، المتحدثة باسم الخارجية، التي قالت أن حكومتها "تأخذ على محمل الجد تقريراً أمميا أشار إلى "جرائم حرب" محتملة ارتكبت في اليمن من أطراف النزاع كافة من ضمنها المملكة العربية السعودية"، وأضافت "إن الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي التي أشار إليها هذا التقرير تقلق بشكل عميق الحكومة الأميركية".

قلق الإدارة الأميركية يقلق التحالف وقيادته السعودية، لأن أميركا هي المصدر الأساسي لمعظم الأسلحة والطائرات الحديثة المتطورة والصواريخ التي تستخدم في حرب اليمن، وتقتل الآلاف من الأبرياء المسحوقين الذين لا يجدون قوت يومهم، ويواجهون المجاعات وأوبئة خطيرة مثل الكوليرا في اليمن.

طائرات التحالف السعودي الإماراتي التي تقول قيادتها أنها تطبق قواعد الاشتباك بدقة، وتضرب أهدافاً عسكرية فقط، استهدفت على مدى السنوات الأربع الماضية من عمر الحرب حفلات زفاف، ومجالس عزاء، ومدارس ومستشفيات، ومعامل تعبئة مياه، ومنسوب عدد الضحايا من الأطفال والمدنيين في ارتفاع مضطرد.

كان صادماً لنا، وللكثيرين مثلنا، التصريحات التي وردت في المؤتمر الصحافي الذي عقده العقيد تركي المالكي، المتحدث باسم التحالف يوم التاسع من شهر آب (أغسطس) الماضي، للتعليق على غارة على سوق في مدينة ضحيان شمال صعدة، وقال فيها "إن قصف حافلة الأطفال يعتبر عملاً عسكريا مشروعاً، ويأتي في إطار القانون الدولي، لأنه استهدف عناصر خططت ونفذت إطلاق صواريخ باليستية على مدينة جازان جنوب المملكة."

لا نعرف ماذا يقول العقيد المالكي الآن، وبعد تعبير قيادته السعودية العليا عن أسفها لوقوع هذه الغارة، وتقديمها تعازيها لأهالي الضحايا، معلنة تضامنها معهم، وتكليف لجنة للنظر في منح مساعدات لأسر المتضررين، وماذا سيرد على تقرير مجلس حقوق الإنسان، وما ورد فيه من اتهامات بارتكاب جرائم حرب تشكل انتهاكاً للقانون الدولي؟

فمن المؤكد أن أطفال الحافلة التي رأى العالم أشلاءهم المقطعة، وكانوا في رحلة مدرسية، لا يمكن أن يطلقوا صواريخ أو قنابل، أو حتى حجارة لصغر سنهم على المدينة المذكورة، أو أي مدينة أخرى.

من يجب عليهم أن يقدموا الاعتذار أيضاً، حتى وإن جاء متأخراً، هم المسؤولون في الحكومة اليمنية الشرعية، الذين التزموا الصمت عند وقوع هذه المجزرة، وكل المجازر المماثلة، ووفروا بصمتهم الغطاء لها، وكأن الضحايا ليسوا من أطفال اليمن.

التقرير الأممي الذي اتسم بالنزاهة، وأعده خبراء بناء على مشاهدات وتحقيقات ميدانية، ولم يترددوا لحظة في وصف حرب التحالف في اليمن، والحديدة خاصة، بـ"العدوان"، ويجب أن يكون هذا التقرير "جرس الإنذار" الأقوى، والأخير، لهذا التحالف، للمبادرة بوقف هذه الحرب في أسرع وقت ممكن، واستغلال مؤتمر جنيف الأسبوع المقبل فرصة في هذا المضمار.

* "رأي اليوم"