هل ستهدأ العاصمة الليبية بعد احتراق السفارة الاميركية؟

هل ستهدأ العاصمة الليبية بعد احتراق السفارة الاميركية؟
الثلاثاء ٠٤ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٣:٢١ بتوقيت غرينتش

وسط استمرار الاشتباكات العنيفة التي تشهدها العاصمة الليبية طرابلس منذ مطلع الاسبوع الجاري، أكدت وسائل إعلام ليبية اليوم اندلاع النيران في سور السفارة الأميركية بالعاصمة طرابلس، وأعلنت هيئة السلامة الوطنية أنها فقدت السيطرة على حريق بمقر السفارة الأمريكية في العاصمة الليبية، هو آخر مشهد تشهده العاصمة المضطربة.

العالم - تقارير

توتر أمني واشتباكات مسلحة غير مسبوقة تشهدها العاصمة الليبية طرابلس هي الاعنف منذ اربع سنوات. اشتباكات تواصلت منذ نحو اسبوع رغم اعلان حالة الطوارئ في العاصمة وضواحيها واندلعت بين ميليشيات تقول جميعها انها تابعة لحكومة الوفاق الوطني.

هذا وتحدث شهود عيان عن حركة نزوح للعائلات عن هذه المنطقة، مضيفين أن القتال المتواصل منذ عدة أيام تسبب في أضرار بشرية ومادية، وأن المناطق المأهولة تتعرض للقصف العشوائي.

وكانت حكومة الوفاق الوطني الليبية قد أعلنت حالة الطوارئ في طرابلس إثر مواجهات بين فصائل تتنافس على السلطة في العاصمة.

واعلنت هيئة السلامة الوطنية في ليبيا، الثلاثاء، أنها فقدت السيطرة على حريق بمقر السفارة الأميركية في العاصمة طرابلس. وأشارت الهيئة، إلى أن "عددا من سيارات الإطفاء توجهت إلى المكان، للسيطرة على الحريق الذي لم تعرف أسبابه بعد".

من جهته، أكد الناطق باسم جهاز الإسعاف والطوارئ أسامة علي، أنه تلقى "بلاغا من شهود عيان بمحيط السفارة الأميركية في منطقة طريق المطار بالعاصمة طرابلس، يؤكدون فيه اندلاع حريق بمقر السفارة"، مضيفا أن "وحدات الدفاع المدني لم تتمكن من دخول المنطقة بسبب كثافة النيران".

داخليا، أعلن النائب الأول لرئيس مجلس النواب الليبي فوزي الطاهر النويري في مدينة طبرق شرقي البلاد، أن الأحداث الدامية التي تمر بها العاصمة الليبية طرابلس والتي أسفرت عن سقوط ضحايا يجعل مستقبل البلاد قاتما ويكتنفه الغموض.

وقال النويري في بيان: "في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها عاصمتنا الحبيبة وما تشهده من أحداث دامية ترتب عليها سقوط ضحايا من أبناء الوطن وتخريب للممتلكات وأضرار بالبنية التحتية"، مشيرا إلى أن ذلك يعود "بسبب عدم إيجاد حلول جذرية للأزمة السياسية والتي تنعكس سلبا على المواطن من تردي للأوضاع الأمنية والاقتصادية الخانقة مما يجعل المستقبل قاتم ويكتنفه الغموض ويعرض كيان الدولة للخطر".

وطالب النائب الأول لرئيس مجلس النواب في بيانه "كافة الأطراف والجهات المعنية بتحمل مسؤولياتهم القانونية والتاريخية والإنسانية ووضع حد لهذه الأوضاع وتوحيد الكلمة"، وشدد على ضرورة "إيجاد حلول جذرية للأزمة السياسية معتبرا أن أنصاف الحلول هدفها إشباع مصالح شخصية أو مناطقية أو جهوية أو أيديولوجية لم تعد تنطلي على الليبيين ويجب إفساح المجال لمؤسستي الجيش والشرطة لفرض الأمن".

وأضاف البيان "نطالب الأمم المتحدة ممثلة في مبعوثها إلى ليبيا غسان سلامة تكثيف جهود البعثة بمزيد من الجدية في مساعدة الليبيين على إيجاد حل للأزمة السياسية وبناء الاستقرار في البلاد".

ودعا النويري كل من "يحملون السلاح تحكيم صوت العقل وتقديم تنازلات وتسليم أسلحتهم للجيش والشرطة النظاميين واحتكار استخدام القوة على الجهات المختصة التي يطلب منها الالتحاق بثكناتهم ومراكزهم وممارسة دورهم في حماية المواطن".

فرار مئات السجناء وتأهب تونسي

وكان قد فر حوالي 400 معتقل إثر اندلاع أعمال شغب الأحد في سجن بالضواحي الجنوبية للعاصمة الليبية طرابلس. وقالت الشرطة إن "المعتقلين تمكنوا خلع الأبواب والمغادرة" في وقت دارت مواجهات بين المليشيات المتناحرة قرب سجن عين زارة. ولم تكشف الشرطة عن طبيعة الجرائم التي ارتكبها السجناء الفارون.

من جهة اخرى قالت وسائل إعلام تونسية إن الأجهزة الأمنية والعسكرية في مدينتي بن قردان والذهيبة القريبتين من ليبيا كثفت عدد الدوريات البرية والجوية.

وأشارت إلى أن هذه الإجراءات تأتي بعد فرار نحو 400 سجين من سجن الرويمي بالعاصمة طرابلس على خلفية ارتفاع أصوات الأسلحة جراء الاشتباكات الحاصلة بمنطقة عين زارة.

ادانة أممية

ودان الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش استمرار المعارك في العاصمة الليبية طرابلس ومحيطها، داعيا جميع الأطراف الى وقف المعارك والالتزام باتفاقيات وقف اطلاق النار التي ابرمت برعاية أممية. ونددَ غوتيريش بالقصف العشوائي الذي تشهده مناطق المواجهات والذي وقع اربعين قتيلا واكثر من مائة جريح ومعظم الضحايا مدنيون.

اما بعثة الامم المتحدة في ليبيا فقد اعتبرت الاستخدام العشوائي للقوة في طرابلس انتهاكاً لحقوق الإنسان وشددت على ضرورة استئناف محادثات وقف إطلاق النار في حين اعربت موسكو عن أسفها لأوضاع البلاد التي تميل إلى تفاقم الأزمة وليس إلى الاستقرار بسبب الانقسامات الداخلية بها.

بدورها، وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني دعت إلى الاستجابة لدعوة الأمم المتحدة بعقد اجتماع ووقف الأعمال القتالية فوراً. واكدت موغريني في بيان لها أن الاتحاد الأوروبي سيواصل التعاون مع الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات من أجل تعزيز المؤسسات في ليبيا والمساعدة على إجراء انتخابات وتشكيل قوات أمنية. فيما شددت على ان العملية السياسية وحدها يمكنها أن تؤدي إلى حل شامل ومستدام للأزمة في هذا البلد.

من جهتها حملت وزيرةُ الدفاعِ الإيطالية اليزابيتا ترينتا فرنسا جزءا من المسؤولية عن الأزْمة الراهنة واتهمتها بأنها قَدّمتْ مصلحتَها على مصالح الليبيين وأوروبا نفسِها. فيما أكدتْ ضرورة التحرك لأجل الشعب الليبي كما استبعدت أي تدخل عسكري ايطالي في ليبيا.

وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا قد دعت في وقت سابق إلى إنهاء القتال في ليبيا، وذلك في بيان مشترك صدر في روما.

ويقول بعض المتتبعين للوضع في ليبيا ان هناك أطرافًا غير معلنة تستفيد من استمرار تلك الاشتباكات، مؤكدين أن الأمر مرشح للتصعيد وأن ليبيا على أبواب حرب خاصة وان الاطراف التي يستعان بها للتدخل للفصل بين الاطراف المتصارعة هي مجموعات لها أطماعها الخاصة في العاصمة طرابلس.

وانزلقت ليبيا إلى الفوضى عقب ثورة ضد نظام معمر القذافي في الخامس عشر من فبراير/ شباط عام 2011 حتى قتله متظاهرون في مدينة سرت في العشرين اكتوبر/ تشرين الاول من نفس العام. وتحكم البلاد حاليا حكومتان متنافستان في طرابلس وفي شرق البلاد، وتدعم كل منهما مجموعة من الميليشيات.