ما بين الاقتصاد والميدان والسياسة،قمة الدول الضامنة

قمة ثلاثية بأبعاد ثلاثية

قمة ثلاثية بأبعاد ثلاثية
السبت ٠٨ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٤:٤٧ بتوقيت غرينتش

لن تكون ادلب معركة عسكرية فقط، بل هي معركة معقدة بأبعاد، تتجاوز حدود الجغرافية الميدانية الى آفاق جيوسياسية واقتصادية، حيث المعركة هناك ستحسم ما تبقى للارهاب في الشمال السوري، ويترتب عليها إعادة تموضع سياسي، يشبه كثيرا بإعادة تموضع القوات العسكرية بعد الحرب، ويسبقه مراجعة شاملة للمواقف السياسية للدول في الاقليم وخارجه، التي رافقت الحرب على سورية، بالتوازي مع التفاف حاد في السياسة الدولية.

العالم- قضیة اليوم

ولذلك تبقى يد الجندي السوري التي على الزناد هي من تحدد تلك المتغيرات، ومن هنا تأتي القمة الثلاثية في طهران، قمة الضامنين الثلاثة، كونها ستحدد احداثيات المعركة المرتقبة في ادلب من الناحية العسكرية، وهذا الجانب العسكري هو الضلع الاول لثلاثية لقاء طهران، الوحيد القادر على رسم الاجندة القادمة للاحداث.

وعلى وقع طبول المعركة سيتم تحديد الرهانات العسكرية، وما عدا ذلك يدخل في الضلعين الاقتصادي والسياسي، كون العلاقات المركبة بين الدول، لن تسمح لاردوغان ان يفك علاقته بالرئيس الروسي بوتين، من الناحية السياسية والاقتصادية، ما يجعله يرضخ للخطة القادمة في ادلب، ومن جانب آخر، العلاقات الاقتصادية والسياسية بين روسيا وتركيا، والحدود التركية مع ادلب، تفرض أن يكون التركي جزء من الخطة القادمة، وهذا كله مرتبط ايضا بالحالة الاقتصادية، وتشكيل حلف جديد يُخرج العقوبات الاقتصادية الامريكية، من قوة مفاعیلها، أي إن الحرب الاقتصادية بين تركيا وايران وروسيا، والعقوبات الامريكية على الدول الثلاث، تجعل من انحياز اردوغان لروسيا منطقياً، بعد رفع التبادل التجاري بين البلدين الى سقف المئة مليار دولار سنويا، وبعدها صفقة صواريخ إس 400، بالتزامن مع الالتزام التركي والروسي للوقوف مع ايران في وجه العقوبات الاقتصادية الامريكية التي فُرضت عليها.

الاجتماع الثلاثي في طهران، سيضع النقاط على حروف خطة المعركة القادمة وما بعدها، و سيرسم من جديد تحالف يقف في وجه محور أمريكي، وهذا ما يُفسِّر وضع حد للمواقف الضبابية التركية فيما يخص معركة ادلب، والانضمام إلى ايران وروسيا في مشاركة الدولة السورية بانهاء تواجد ارهابيي ادلب، اما بالمعركة العسكرية او بالمصالحة وتسوية الاوضاع، بعد فشل كل المحاولات التركية لحل جبهة النصرة، ودمج عناصرها ضمن ما تسميهم انقرة بالمجموعات المعتدلة.

ما يعني ان العملية العسكرية باتت امراً محسوماً، وان التصعيد الغربي ضد هذه المعركة لن يجدي نفعاً امام قرار الدولة السورية وحلفائها، ويفتح الباب واسعا امام العملية السياسية، عبر وحدة الاراضي السورية، وانهاء تواجد اي قوة احتلال، امريكية کانت او تركية، او اي قوة دخلت بطريقة غير شريعة واذن من الحكومة السورية.

قرارات قمة طهران تأتي بعد نفاد حقيقي للصبر الروسي والايراني، بعد تجربة طويلة مع المشروع، اوصلت الجميع الى مساحات لم تعد تحتمل اي تسويف، فيما يخص تحديدا الوجود الارهابي في ادلب، ما يفسر الانقلاب التركي، بعد ادراج جبهة النصرة ضمن المجموعات الارهابية، ونزع اي مخاوف من تدفق اللاجئين نحو الاراضي التركية. واوقف بحث التركي عن اي ذرائع جديدة، لتأخير الحسم في ادلب، ومنع الامريكي من ترتيب اوراقه التي تتقاطع مع ذرائع تأجيل العملية العسكرية.

وهذا كله ياتي ضمن قرار نهائي لانهاء ملف ادلب، بعد ان ايقن الجميع ان الحرب العسكرية انتصر فيها الجيش السوري والحلفاء، ولايشغل بال احد هذا الضجيج المثار حول ادلب، وكل ما يقال عكس ذلك هو هلوسات امريكية، لا تسمن ولا تغني من جوع، امام ارادة الانتصار التي رسخ قواعدها الجيش السوري.

الاعلامي حسين مرتضى