الحرب التجارية تستعر.. الصين تتخذ اجراءات عقابية ضد اميركا

الحرب التجارية تستعر.. الصين تتخذ اجراءات عقابية ضد اميركا
السبت ٢٢ سبتمبر ٢٠١٨ - ١١:٢٧ بتوقيت غرينتش

وسط تصاعد الحرب التجارية بين الصين وامريكا بتبادل الرسوم الجمركية بين البلدين، قامت الصين بإلغاء محادثاتها التجارية مع واشنطن وفرض تعريفات جمركية على منتجات أميركية إضافية، ردا على رسوم بقيمة 200 مليار دولار فرضتها اميركا على الصين.

العالم - تقارير

بكين ترد على الرسوم الاميركية وتلغي المحادثات مع واشنطن

أمر الرئيس الاميركي دونالد ترامب، الخميس الماضي، بفرض رسوم بقيمة 200 مليار دولار على الصين، فيما قامت بكين بإلغاء محادثاتها التجارية مع واشنطن بعد إدخال منتجات أمريكية إضافية لقائمتها للتعريفات على الواردات في أول رد فعل صيني على العقوبات الاميركية. 

وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلا عن مصادر إن الصين ألغت المحادثات التجارية المقبلة مع الولايات المتحدة ولن ترسل ليو خه نائب رئيس الوزراء إلى واشنطن هذا الأسبوع. وأضافت الصحيفة أنه كان من المقرر أن يسافر وفد متوسط المستوى إلى واشنطن قبل زيارة ليو ولكن هذه الزيارة ألغيت الآن.

وكانت الصين قد أضافت الأسبوع الماضي منتجات أمريكية بقيمة 60 مليار دولار لقائمتها للتعريفات على الواردات ردا على الرسوم التي فرضتها الولايات المتحدة على سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار ومن المقرر أن يبدأ سريانها في 24 سبتمبر/ أيلول.

وانتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصين، بعدما فرضت بكين سلسلة جديدة من الرسوم الجمركية على السلع الأميركية، مؤكداً في مقابلة مع "فوكس" إنه حان الوقت لاتخاذ وقفة مع الصين مضيفا "ليس لدينا خيار.. لقد انقضى وقت طويل.. إنهم يلحقون بنا الأذى".

وذكرت وكالة بلومبرغ أن الضربة المقبلة التي سيوجهها ترامب في إطار الحرب التجارية بين البلدين تتمثل في فرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المائة على واردات صينية بقيمة 200 مليار دولار، ومن الممكن رفع النسبة إلى 25 في المائة العام المقبل.

كما هدد الرئيس الأمريكي بفرض رسوم جمركية إضافية على منتجات مصنوعة في الصين بقيمة 267 مليار دولار، وهو الإجراء الذي يمكن أن يؤثر في كافة المنتجات الاستهلاكية بما في ذلك الهواتف المحمولة والأحذية والملابس.

وتستورد الولايات المتحدة من الصين بضائع أكثر بكثير من تلك التي تصدرها لها. وتسود مخاوف من أن فرض المزيد من التعريفات الجمركية سيؤثر على الشركات والمستهلكين على حد سواء.

وكانت الصين قد حققت نمواً في الناتج المحلي الاجمالي بلغت نسبته 6.8 في المائة خلال النصف الأول من العام الجاري، متجاوزا هدف الحكومة السنوي الذي تبلغ نسبته نحو 6.5 في المائة.

تصاعد الحرب التجارية بين الصين وامريكا بتبادل الرسوم الجمركية

وتصاعدت الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، في الـ6 من تموز/ يوليو العام الجاري، بعد ان فرضت الولايات المتحدة الأمريكية رسوما بنسبة 25% على استيراد 818 منتجا من الصين، من بينها سيارات وقطع تدخل في صناعة الطائرات او الاقراص الصلبة لاجهزة الكمبيوتر لكنها تستثني الهواتف المحمولة او التلفزيونات، وذلك بحجم 34 مليار دولار أمريكي سنويا. ومن جانبها، وكإجراءات مضادة، فرضت الصين في نفس اليوم، رسوما جمركية بنسبة 25% على استيراد كمية مساوية من البضائع الأمريكية.

بدورها، أعلنت منظمة التجارة العالمية، أنّ الإجراءات الأميركية غير قانونية، مما أغضب واشنطن عليها فأعلنت أنّها ستعاقب المنظمة واتهمتها بعدم الفاعليّة.

وتتهم واشنطن بكين باتباع ممارسات تجارية غير نزيهة، الأمر الذي تنفيه الأخيرة.

الحرب التجارية الصينية الاميركية تدفع “جاك ما” للتخلي عن وعده

وتخلى “جاك ما”، مؤسس مجموعة «علي بابا» العملاقة للتجارة الإلكترونية، عن وعده بتأمين مليون وظيفة في الولايات المتحدة بسبب الحرب التجارية، بحسب مقابلة أجراها معه الإعلام الرسمي الصيني نشرت الخميس. حيث كان “جاك ما”، قد أعلن هذا الالتزام في يناير 2017 في نيويورك، في حضور “دونالد ترامب” بعيد انتخابه رئيسا.

وقال “جاك ما”، لوكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية: «هذا الوعد كان يستند إلى شرطين مسبقين، تعاون ودي بين الصين والولايات المتحدة، وتجارة ثنائية عقلانية وموضوعية».

وأضاف أن : «الوضع الراهن يهدد هذين الشرطين المسبقين ويجعل الوفاء بهذا الالتزام مستحيلا، لكننا لن نوقف جهودنا، سنواصلها بهدف تطوير العلاقات التجارية الصينية الأميركية في شكل صحي».

وكان الوعد الذي أطلقه رجل الأعمال أثار شكوكا، وخصوصا أن الرقم الذي ذكره يشكل نحو 1% من مجمل الوظائف في الولايات المتحدة ولكنه قال أمس : أن «الوضع الحالي قد دمر بالفعل الفرضية الأصلية».

"وول مارت" حذرت ترامب من آثار الحرب التجارية على الأميركيين

من جانبها حذرت شركة "وول مارت" للتجزئة الاميركية منذ أسبوعين من الآثار السلبية المحتملة على المستهلكين الأميركيين من فرض تعريفات جمركية جديدة.

وقالت الشركة - التي توظف 2.3 مليون موظف حول العالم و 1.5 مليون موظف في ​الولايات المتحدة​ – في خطاب ارسلته إلى الممثل التجاري روبرت لايتايزر إن فرض رسوم جديدة سيرفع الأسعار على المستهلكين والضرائب على الشركات والمصانع الأميركية.

ولم ينجح خطاب "وول مارت" في تحقيق هدفه، حيث فرضت الإدارة الأميركية في بداية الأسبوع الحالي رسوما جديدة على بضائع صينية بقيمة ملياري دولار.

ما هي ذرائع ترامب لفرض الرسوم الجمركية على الصين؟

وساقت الإدارة الأميركية برئاسة ترامب أسباباً لفرض رسومها الجمركية على واردات من الصين، وهي:

أولاً: عدوان الصين على حقوق الملكية الفكرية، حيث تدعي الولايات المتحدة أنّها تتعرض لخسارة تبلغ مئات الملايين من الدولارات سنويا، نتيجة لتغاضي الصين عن العدوان على الحقوق الفكرية للمنتجات الأميركية. وهو ما تنفيه الصين وتطلب من المتظلّمين اللجوء إلى المحاكم والقوانين المحلية، التي تقول إنها تكفل المحافظة على الحقوق الفكرية.

"يبدو أنّ ترامب يعتقد أنّ الحروب الاقتصادية سهلة وغير مكلفة، كما صرح بذلك في إحدى تغريداته؛ ولذا فإنّه -على ما يبدو- يريد جني مكاسب ماليّة كبيرة بالضغط على الآخرين، لكي يقدّم لناخبيه الأموال والوظائف التي طالما وعدهم بها. وهو يريد جنيها ليس من الصين فحسب، بل من كل الأطراف بمن في ذلك حلفاؤه كالسعودية واليابان والأوروبيين"

ثانياً: معاملة الصين بالمثل، إذ تفرض الصين جمارك بنسبة 25% -حسب قول الرئيس الأميركي- على السيارات الأميركية.

ثالثاً: التلاعب الصيني بأسعار العملة المحلية (اليوان) كي تبقيها متدنيّة أمام الدولار الأميركي، وهو ما يجعل قدرة الصين التنافسية على التصدير أكبر، نتيجة رخص بضائعها وصعوبة استيراد البضائع الأميركية بسبب ارتفاع سعر الدولار مقابل اليوان.

رابعاً: تعديل الميزان التجاري بين البلدين الذي يميل بشدة نحو الصين، إذ يبلغ حجم التبادل التجاري السنوي بينهما قرابة 800 مليار دولار، ويبلغ مقدار العجز التجاري لصالح الصين حوالي 375 مليار دولار. ويرد الصينيون قائلين إنهم لا ذنب لهم في عجز البضائع الأميركية عن المنافسة بالقدر المطلوب.

وبحسب المحللين، فإنّ ارتباط الاقتصاد الصيني بنظيره الأميركي أصبح ارتباطاً عضويّاً، إلى درجة أنّ أي إضرار بالاقتصاد الأميركي سيقود إلى خسارة كبيرة للاقتصاد الصيني، وذلك لكون الصين هي أكبر دائن خارجي لأميركا.

إذ يبلغ ما استثمرته الصين مباشرة في سندات الخزانة الأميركية 1.17 تريليون دولار، وهي تستثمر -بشكل مكثف- في الشركات الأميركية الكبرى؛ ولذا فإنّ خطوة كهذه يترتب عليها توجيه ضربة لأسواق الأوراق المالية الأميركية أو لسعر الدولار، لا يمكن أن تقدم عليها الصين حاليا.

إنّ ما أعلنته الصين من إجراءات مضادة ليس إلاّ رداً أوليّاً، وأغلب الظنّ أنّها ستلجأ إلى عقوبات ذكيّة لا تسبّب ضرراً كبيراً للاقتصاد الأميركي، ولكنّها ستؤثر مباشرة على تلك الفئة من الناخبين التي تساند ترامب، وستضر بصورته أمامهم، فهي إذن عقوبات سياسية مغلفة بغطاء تجاري.

وربما ستلجأ الصين إلى التقليل من شراء سندات الخزانة الأميركية، بحيث تجعل قدرة الولايات المتحدة -وهي المدين الأكبر في العالم- على الإيفاء ببعض التزاماتها الداخلية والخارجية، أكثرَ صعوبة.

كما أنّ الردود الصينية على القرار الأميركي قد لا تتوقف عند الرد الاقتصادي، فمصالح الولايات المتحدة منتشرة في كل مكان من العالم، وخاصة في قارة آسيا التي تعدّ الفناء الخلفي للصين.

وتحدث ترامب خلال حملته الانتخابية في عام 2016 عن "اغتصاب" الصين للاقتصاد الأمريكي، وطالب في عام 2017 بالتحقيق في سياسات الصين التجارية، قبل أن يبدأ بزيادة التعريفات الجمركية في وقت سابق من العام الحالي.

ويبرر ترامب اعتقاده هذا بأن الصين وغيرها من البلدان تستغل الشركات الأمريكية من خلال بيع بضائعها بأسعار زهيدة جداً.

وفي الصين، أدى انخفاض تكلفة الإنتاج وضعف العملة إلى الحفاظ على أسعار تنافسية. ونتيجة لذلك، فإن حجم واردات الولايات المتحدة من الصين أصبح يفوق صادراتها إلى البلد الآسيوي.

ويرى ترامب أن من شأن زيادة التعريفة الجمركية أو الضريبة على البضائع أن تساعد الشركات الأمريكية التي ستكون بضاعتها أرخص داخل الولايات المتحدة بالمقارنة.

لكن مكتب التمثيل التجاري في الولايات المتحدة قال إن بعض الشركات - مثل شركات صناعة السيارات - اشتكت من أن أعمالها تأثرت سلباً بذلك لأنها تدفع هذه التعريفة لحاجتها لتلك البضائع.

وأعرب ممثل عن مجموعة "جيميني شيبر" للشحن عن اعتراضه على قرار زيادة التعريفة الجمركية على البضائع الصينية، قائلا: "سيقود ذلك إلى تدمير فرص العمل الأمريكية وإلى احتمال إفلاس الشركات الأمريكية الصغيرة".

أما بالنسبة للصين، فهي تصدّر بشكل كبير للولايات المتحدة وكذلك للكثير من الدول في حين أن البضائع الأمريكية عالية الضريبة هذه ليست من الأساسيات وتندرج تحت تصنيف بضائع الرفاهية.

ولذلك فإن مجموعة البضائع الأمريكية التي يمكن للصين زيادة ضرائبها عليها هي أقل عدداً، وهو ما يجعل التأثير على الولايات المتحدة أقل بكثير.

لكن بكين بالمقابل يمكن أن تجعل سير الأعمال الأمريكية في الصين أصعب بكثير عن طريق رفع تكلفة ونوع الإجراءات والأوراق المطلوبة.

وبالإضافة إلى الصين، فرضت سياسة ترامب التي حملت شعار "أمريكا أولاً" ضرائب على المكسيك وكندا والاتحاد الأوروبي لتشجيع المستهلك على شراء المنتجات الأمريكية، وبالطبع قامت تلك الدول بالمعاملة بالمثل.

والسؤال هنا الى متى سيستمر ترامب في حربه الاقتصادية ضد الدول الاخرى ومن بينها الصين؟