برهم صالح رئیسا للعراق وعبد المهدي رئيسا للوزراء

برهم صالح رئیسا للعراق وعبد المهدي رئيسا للوزراء
الخميس ٢٧ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٣:٤٥ بتوقيت غرينتش

تكاد تُجمع التسريبات السياسية والاعلامية في العراق وبعد حسم منصب رئيس البرلمان لمحمد الحلبوسي، فان منصبي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء قد حسما لبرهم صالح وعادل عبد المهدي على التوالي ولكن دون ان يصدر أي تأكيد رسمي علني لحد الآن. وبما أن الساحة السياسية العراقية سريعة التقلب، فقد تتغير التحالفات والاتفاقات والاصطفافات وحتى الترشيحات في أية لحظة.

بعد مسيرة ماراثونية منذ اجراء الانتخابات التشريعية قبل نحو خمسة أشهر، وما رافقها من طعن في النتائج ثم اعادة الفرز اليدوي، يبدو أن حبس الأنفاس وضبابية مشهد التحالفات السياسية على وشك ان يصل خط النهاية رغم تعب الرحلة وعثرات الطريق.

تكاد تتفق التسريبات على أن منصب رئيس الجمهورية الذي صار عرفا سياسيا ان يكون من نصيب القومية الثانية في العراق اي الكرد، قد حسم للسياسي برهم صالح مرشحا عن الإتحاد الوطني الكردستاني رغم انه خاض الانتخابات منشقا عن الإتحاد وزعيما لحركة جديدة سميت بتحالف الديمقراطية والعدالة. ومع ذلك، هناك من ينفي ان يكون صالح هو المرشح الوحيد للكرد بل ان هناك مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني فؤاد حسين علاوة على مرشحين آخرين قد لا تكون لهم حظوظ وازنة في منافسة صالح او خصمه  الرئيسي فؤاد حسين تحت قبة البرلمان.

الانقسامات هذه المرة في البيت الكردي افقدت أربيل والسليمانية صفة بيضة القبان التي كانت فرصة في استحصال تنازلات من بغداد على اكثر من مستوى لان البيت الشيعي كان خلال الاعوام الثمانية الماضية عرضة لانقسامات شديدة ومنافسة شرسة بين مكوناته السياسية على منصب رئيس الوزراء وهو المنصب الاكثر اهمية في البلاد لما له من صلاحيات تنفيذية مدنية وعسكرية.

البيت الشيعي بعد العملية الإنتخابية لم تكن انقساماته شديدة فحسب بل أكثر زادت انقساما حين دخل الانتخابات بخمسة ائتلافات اعادت تجميع صفوفها بعد اعلان نتائج الانتخابات في تحالفين هما تحالف الاصلاح والإعمار بقيادة مقتدى الصدر وتحالف البناء بزعامة هادي العامري وليخرج حزب الدعوة الاسلامية لأول مرة من رئاسة اي تحالف ويكتفي بعضوية منقسمة بين تحالفي العامري والصدر، وبالتالي تراجعت حظوظه في اقتناص منصب رئاسة الوزراء كما اعتاد منذ عام ٢٠٠٥.  

وما زاد من ابعاد حزب الدعوة او احزاب اخرى عن المنصب التنفيذي الاول في العراق هو ما وضعته المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف من شروط ومواصفات لمن يشغل هذا المنصب. وكثرت التكهنات والتوقعات وتعددت الأسماء المرشحة لهذا المنصب وفق معايير المرجعية العليا حتى استقرت حمى الترشيحات المسربة على عادل عبد المهدي السياسي المخضرم الذي انتقل بين انتماءات سياسية مختلفة كان آخرها المجلس الإسلامي الاعلى العراقي الذي منحه وفق حسابات المحاصصة منصب وزير المالية ونائب رئيس الجمهورية ووزير النفط لكنه، بعد ذلك اختفى من المشهد السياسي، وكأنه اعتزل العمل الحزبي، واختار ان يكون مستقلا.  

على هذا، واذا تأكدت بشكل رسمي هذه الترشيحات المسربة والمتداولة في كواليس المحافل السياسية، فان تركيبة القيادة العراقية ستتكون من الشاب محمد الحلبوسي والسياسيين المخضرمين برهم صالح وعادل عبد المهدي. ولا يخفى ان بين برهم صالح وعبد المهدي علاقة وطيدة وقديمة ستسهل الكثير من التفاهم في المرحلة المقبلة ما لم يضع منافسوهما في الفضائين؛ الكردي والشيعي، العصي في دولاب الانسيابية السياسية لعرقلة حركتهما مع الحلبوسي للتفرغ لإعادة البناء وتقوية الاقتصاد وتحسين الخدمات وتمتين اللحمة الوطنية وإعادة تعزيز الهوية الوطنية على حساب هويات قومية وطائفية وحزبية اضعفت البلاد وفرقت العباد ونشرت الفساد.

وهنا قد يتبادر الى الذهن السؤال التالي؛ وأين الدور الأميركي الذي اعطى وقتا واهدى أموالا وأطلق تهديدات حتى للنواب، من هذه النتيجة السياسية؟ وقد يكون الجواب بسهولة تتجاوز التعقيدات والملابسات، ان الأميركي رضي بالهزيمة ولعله فضل  ان يكون خروجه مغلوبا بالنقاط وليس بالضربة القاضية. ولكن، هل يملك الأميركي خيارات أخرى؟ إلا ان تستهويه الضربة القاضية في وقت يصر على أن يتبختر امام حلفائه المذعورين، وهو لا يتورع من ان يصفهم بالبقرة الحلوب تارة، ويبتزهم بحمايته العسكرية لهم تارة أخرى فيزيد في حرجهم وضعفهم غافلا كان او عامدا.

احمد المقدادي