الاردن.. ما هو مصير مشروع قانون الضريبة مع عودة الحراك للشارع؟

الاردن.. ما هو مصير مشروع قانون الضريبة مع عودة الحراك للشارع؟
الخميس ٢٧ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٧:٢٠ بتوقيت غرينتش

لم يجد مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل تحت قبة البرلمان الأدرني من يدافع عنه، سوى نواب لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، فيما ارتفعت وتيرة نقد نواب للقانون، مطالبين برده وسحبه، ومذكرين الحكومة بما تعرضت له إبان جولة وزرائها في المحافظات لتسويق المشروع.

العالم - تقارير

بينما انخفضت وتيرة نقد بعض النواب مع الاحتفاظ بموقف رافض للقانون، لكن مع تأييد تحويله للجنة المختصة، معتبرين أن رد القانون 'يسقط' حق النواب بإدخال تعديلات مناسبة على المشروع، وأن الرد يعني ذهاب المشروع لمجلس الأعيان وإسقاط حق النواب في التعديل.

وشدد سواد النواب، في مداخلاتهم بجلستهم أمس، على رفض مسودة مشروع القانون، محذرين من تبعاته على النسيج الاجتماعي، ورأى نواب أن تحويل مشروع القانون للجنة المختصة لا يعني الموافقة عليه كما ورد من الحكومة، وإنما تعديله بما يراعي مصلحة المواطن والوطن.

جاء ذلك في الجلسة، التي عقدها مجلس النواب صباح أمس برئاسة رئيس المجلس عاطف الطراونة وحضور رئيس الوزراء عمر الرزاز، وتحدث فيها، بعد قراءة أولى موسعة لمشروع قانون ضريبة الدخل، نحو 100 نائب، حيث أحال المجلس بختام النقاشات المشروع إلى اللجنة الاقتصادية، بعد فشل التصويت برد القانون الذي أيده 28 نائبا فقط.


تحويل مشروع القانون الى اللجنة الاقتصادية يعني أن مشروع القانون سيرحل الى الدورة العادية الثالثة لمجلس الامة، والتي تبدأ دستوريا في الأول من الشهر المقبل، مع ارتفاع التوقعات بان يتم ارجاؤها لمدة لن تتجاوز 15 يوما.

جاء موقف النواب بتحويل القانون للجنة المختصة على اعتبار أن التحويل يعني ادخال تعديلات جوهرية عليه، وان المجلس لن يتوانى عن إدخال تعديلات ترفع 'اي ظلم' وقع على المواطن، مؤكدين أن الحكومة خبرت رد فعل الناس على مشروع القانون خلال الجولات التي قامت بها في المحافظات.

ورفض نواب الضغط الذي يمارسه صندوق النقد الدولي على المملكة، معتبرين ان تلك الضغوطات 'الهدف منها لي الذراع والموافقة على القرارات السياسية التي يطرحها الغرب'.

وكانت إرادة ملكية صدرت الاثنين الماضي بإضافة 5 مشاريع قوانين على جدول الدورة الاستثنائية، شملت قوانين: معدل النزاهة ومكافحة الفساد، الكسب غير المشروع، ضريبة الدخل، الجرائم الإلكترونية، وضمان حق الحصول على المعلومات.

تعديلات حكومية على مسودة مشروع القانون والنواب ينتقدونها

وكان مجلس الوزراء الاردني أقر مساء الاثنين الماضي مشروع القانون المعدل لضريبة الدخل لإرساله إلى مجلس النواب حسب مقتضيات وأحكام الدستور.

وينص مشروع القانون الجديد على زيادة المساهمات الضريبية على الأفراد والشركات وهو يؤثر بنسبة أكبر على الطبقة الوسطى. 

وينص القانون على إعفاء من ضريبة الدخل للأفراد الذين لا يتجاوز دخلهم السنوي تسعة آلاف دينار (حوالى 13 ألف دولار)، والعائلات إذا كان مجموع الدخل السنوي للزوج والزوجة أو المعيل 18 ألف دينار (حوالى 25 ألف دولار). كما رفع مشروع القانون الضريبة على المصارف من 35 بالمئة الى 37 بالمئة.

وفي الجلسة امس، انتقد نواب التعديلات التي أدخلتها الحكومة قبل إقرار مشروع قانون ضريبة الدخل وبعد الحوارات التي أجرتها في المحافظات، وقالوا إن التعديلات 'بعد الحوارات تصب في مصلحة التحصيل ولم تلتفت إلى المقترحات التي تقدم بها المواطنون والفاعليات المختلفة'.

وطالبوا الحكومة بربط إقرار قانون ضريبة الدخل وتعديلاته بجدول زمني محدد، تلتزم فيه الحكومة بتخفيض ضريبة المبيعات، وبإلغاء بند فرق المحروقات على فواتير الكهرباء، ووضع معادلة ضريبة متوازنة بين حاجة الخزينة وظروف الأغلبية الشعبية.

وشدد نواب على ضرورة توفير مظلة حماية للشرائح متوسطة الدخل، وليس فقط من الضريبة بل وانعكاسهاعلى دخولهم مع مراعاة توزيع العبء الضريبي للعائلات حسب عدد أفرادها.

ونوهت النائب ديمة طهبوب، بعد ان عبرت عن رفض القانون، الى الموعد الخاص بتحديد الموقف من أراضي الباقورة والغمر التي تستأجرهما إسرائيل بموجب اتفاقية وادي عربة، حيث يستحق الموعد منتصف الشهر المقبل، وطالبت طهبوب الحكومة ببيان موقفها من هذه الاراضي، التي يخشى أن يتم تجديدها مع الكيان الصهيوني لـ25 سنة قادمة.

فيما سأل نواب عن خطط الحكومة البديلة عن 'استنزاف' جيب المواطن بالضرائب والرسوم، وطالب نواب بقانون عفو عام، وتأمين صحي شامل للمواطنين، وشدد متحدثون على أن الحكومة عليها عدم الزج بالدولة في أزمات اجتماعية.

وكان مجلس الوزراء الادرني أقر للمرة الاولى في 21 مايو مشروع قانون ضريبة الدخل وأحاله إلى مجلس النواب للتصويت عليه، لكن المشروع واجه حركة احتجاجات واسعة في عموم البلاد ما حدا بالملك الاردني عبد الله الثاني الى إقالة رئيس الوزراء هاني الملقي في الرابع من يونيو وتعيين عمر الرزاز في مكانه.

وكان أول قرار اتخذه الرزاز هو سحب مشروع القانون من البرلمان في السابع من يونيو، المطلب الرئيسي للمحتجين. وقد تعهد حينها "بإجراء نقاش وحوار عميق حتى نصل للقانون لأنه يؤثر على الجميع".

وزار وفد وزاري المحافظات في الأيام الماضية لشرح ابعاد مشروع القانون الذي أدخلت عليه تعديلات طفيفة على ما يبدو، لكنه واجه رفضا في عدد من المحافظات.

وتفيد الأرقام الرسمية أن معدل الفقر ارتفع مطلع العام إلى 20 بالمئة ونسبة البطالة إلى 18,5 بالمئة في بلد يبلغ معدل الأجور الشهرية فيه نحو 600 دولار والحد الأدنى للأجور 300 دولار.

انتقادات لاذعة من شقيق ملك الأردن لمشروع قانون ضريبة الدخل

وفي هذا السياق وجه الأمير حمزة بن الحسين شقيق الملك عبد الله الثاني انتقادات حادة للمسار المتبع في بلاده بشأن إدارة القطاع العام والتوجهات الاقتصادية.

وقال الأمير في تغريدة له على صفحته الرسمية في موقع "تويتر": "ربما البداية يجب أن تكون بتصحيح نهج الإدارة الفاشلة للقطاع العام، وإجراء جدي لمكافحة الفساد المتفشي، ومحاسبة جادة للفاسدين، وإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة، وليس بالعودة لجيب المواطن مرارا وتكرارا لتصحيح الأخطاء المتراكمة، إلا إذا كان القصد دفع الوطن نحو الهاوية".

عودة الحراك للشارع وفعاليات احتجاجية تحت شعار "هلكتونا"

وبدأت مظاهر الاحتجاج بالعودة للشارع الأردني تباعًا عقب إرسال حكومة الرزاز مشروع قانون ضريبة الدخل إلى مجلس النواب للتصويت عليه، إذ عبّر مجموعة من التجار في عمّان عن رفضهم لسياسات الحكومة الجبائية عبر إطفاء "آرمات" محالهم.

وعلى الجانب الآخر، دعت أحزاب جبهة العمل الإسلامي والشراكة والإنقاذ والأردن أقوى، للمشاركة في سلسلة فعاليات احتجاجية تحت شعار "هلكتونا".

وأعلنت الأحزاب عن إطلاق أول فعالية احتجاجية على السياسات الضريبية التي تمارسها الحكومة مطالبة بإجراء إصلاح حقيقي وفعال سياسيًا واقتصاديًا ومحاربة الفساد والبدء بإصلاح سياسي الجمعة المقبل أمام المسجد الحسيني.

وأعلنت الأحزاب الثلاثة في بيان صادر عنها أن الحملة تسعى لتجميد تعديلات "ضريبة الدخل الجديد"، والمطالبة بإعداد قانون انتخاب جديد، يفرز كتلا برلمانية برامجية وصولا لتشكيل حكومات برلمانية، وإجراء استفتاء على هذا القانون بحرية ونزاهة وإقراره بموعد لا يتجاوز ستة أشهر، بالإضافة لـ "محاربة جدية للفساد".

وأكدت أن الحكومة لم تقرأ نبض الشارع، وكل الحوارات التي أجرتها الحكومة كشفت أنها ليست سوى محاولات لذر الرماد بالعيون وكسب الوقت لمحاولة تجميل صورة مشروع القانون بتعديلات هزيلة شكلية لا ترقى لمعشار المطالبات التي قدمتها بعض الأحزاب وغرف الصناعة والتجارة والنقابات المهنية والعمالية والمستقلة واتحادات وجمعيات المزارعين وغيرها من مؤسسات المجتمع.

وحسب تقارير رسمية، سجل المستوى العام للأسعار في الأردن ارتفاعا بنسبة 5.3% خلال الشهر الماضي، مدفوعا بالزيادة التي طرأت على أسعار العديد من السلع والخدمات التي يحتسب على أساسها معدل التضخم وخاصة السلع التموينية والمتطلبات الضرورية.