صفقة "اس 400" بين الهند وروسيا.. واشنطن تهدد ونيودلهي ترد!

صفقة
الإثنين ٠٨ أكتوبر ٢٠١٨ - ١٠:١٦ بتوقيت غرينتش

احتفت وسائل الإعلام الهندية بتوقيع صفقة شراء منظومة صواريخ S-400 الروسية، خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للهند وذلك وسط معارضة أمريكية للصفقة التي بلغت قيمتها 5.43 مليار دولار. لكن الهند أكدت انها تنتهج سياسة مستقلة رغم تهديدات واشنطن بفرض عقوبات عليها لشرائها أسلحة روسية.

العالم - تقارير

أعلن رئيس أركان القوات البرية الهندية، بيبين روات، أن بلاده تعرف أن الولايات المتحدة يمكن أن تفرض عقوبات عليها لشرائها أسلحة روسية، لكنها تنتهج رغم ذلك سياسة مستقلة.

وصرح الجنرال روات لصحيفة "نيو إنديان اكسبرس": "نعم، نحن نفهم أنه قد تكون هناك عقوبات ضدنا، لكننا نطبق سياسة مستقلة".

وأضاف: :روسيا يجب ألا تشعر بالقلق" (بسبب تطوير العلاقات بين نيودلهي وواشنطن). "أنتم (روسيا) يمكن أن تكونوا على يقين أنه على الرغم من أننا نحافظ على اتصالات مع أمريكا للحصول على التكنولوجيا، فإننا ننتهج سياسة مستقلة. فبينما نناقش العقوبات.. فيما يجري الحديث عن العقوبات، يوقع فلاديمير بوتين وناريندرا مودي على العقد حول شراء مجمعات إس -400 ، على الرغم من حقيقة أنه في المستقبل قد نواجه صعوبات جمّة مع أمريكا".

عقد روسي-هندي

ووقعت روسيا والهند الأسبوع الماضي عقدًا لتوريد منظومات إس-400 لنيودلهي بـ 5.4 مليار دولار تشكل ثمن خمس كتائب من أحدث أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات. وستكون الهند ثالث مشتر خارجي بعد الصين وتركيا لهذه المنظومات الصاروخية المتطورة التي لا مثيب لها في العالم. 

وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها بشأن خطط دلهي شراء هذه المنظومات الصاروخية الروسية، وألمحت إلى أنه لا يستبعد فرض عقوبات ضدّها بموجب قانون CAATSA (مجابهة معارضي أمريكا بالعقوبات).

وقال مساعد وزير الدفاع لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، راندال شريفر، إن واشنطن تعترف بالعلاقات السابقة بين الهند وروسيا في المجال الدفاعي، ولكنها تريد في المستقبل إعادة توجيه نيودلهي لشراء حاجياتها من الأسلحة الدفاعية من الولايات المتحدة.

ومن جهتها صرح نائب رئيس الوزراء الروسي، يوري بوريسوف، يوم الأحد، بأن عقد توريد منظومة الدفاع الصاروخية "إس-400" بين الهند وروسيا مبني على أساس من التعاون لسنوات طوال بين البلدين، استطاع أن يقوض تهديدات الولايات المتحدة بفرض عقوبات عليها.

وأكد بوريسوف توقيع العقد خلال مقابلته مع قناة "روسيا" قائلا: "نعم. هو كذلك فعلا".

وأشار أن العقد "مبني على أساس من التعاون لسنوات طوال بين البلدين". وفي نفس الوقت أجاب عن سؤال بشأن أن العقوبات الأمريكية لم تستطع إقناع الهند بعدم توقيع العقد، قائلا: "نعم".

وقال ألكسندر ميخييف، الرئيس التنفيذي لشركة "روسوبورون إكسبورت"، إن روسيا بدأت تنفيذ عقد توريد منظومة "إس-400" للهند اعتبارا من يوم الجمعة.

وتعتبر روسيا والهند من أكبر وأقدم الشركاء في مجال التعاون العسكري – التقني، فأكثر من 70 % من الأسلحة والمعدات العسكرية المستخدمة في الجيش الهندي والقوات الجوية والبحرية من إنتاج روسي وسوفيتي. وتزود روسيا الهند بمعدات وأسلحة بقيمة عدة مليارات من الدولارات كل عام.

ماهي S-400؟

هي منظومة صاروخية دفاعية أرض جو يمكنها إسقاط الطائرات المعادية حتى ولو كانت ذات قدرة على التخفي.. وبحسب موقع "ديفينس نيوز" يمكنها العمل بفعالية بحيث تعترض الطائرات المقاتلة والصواريخ في مجال 400 كيلومتر، وبها صواريخ تعمل على نطاقات مختلفة مثل صواريخ 40N6 لمسافة 400 كيلومتر و 48N6  لمسافة 250 كيلومتر و صواريخ 9M96E2 لمسافة 120 كيلومتر وصواريخ 9M96E على مسافة 40 كيلومتر.

يعتبرها المحللون أيضا أخطر نظام صاروخي على الطائرة الأمريكية المقاتلة الجديدة f-35 والتي يفترض أن أمريكا عملت على تطويرها لسنوات وأنفقت فيها مئات المليارات من الدولارات بالتعاون مع شركة لوكهيد.

لماذا تريدها الهند؟

بحسب موقع "تايمز اوف إنديا" فإن القوات الجوية الهندية كانت أعلنت عن خطط لتطوير قدراتها العسكرية وخاصة في الدفاعات الجوية والطيران.

وأشارت الصحيفة إلى أن الهند تنظر لباكستان والتوترات بين البلدين في إقليم كشمير كدافع لتطوير قدراتها العسكرية حيث تملك باكستان طيران مقاتل خطير مع نماذج متطورة من f-16 وأيضا طائرات J-17  الصينية بأعداد كبيرة.

لكن بجانب باكستان كان هناك أيضا الصين المجاورة والمنافس التجاري والصناعي للهند، وتملك الصين أيضا 1700 طائرة مقاتلة بينها 800 من طراز 4-Gen.

سرقة الحلفاء وسوق سلاح

معارضة واشنطن للصفقة الهندية كان أحد أسبابها هو مخاوف واشنطن على حصتها في سوق السلاح العالمي، لكن الأخطر من مجرد صفقة هو الدول التي تشتري المنظومة الروسية، ففي العامين الماضيين ظهرت تقارير تتحدث عن شراء دول حليفة لأمريكا للمنظومة الروسية، على رأس القائمة كانت تركيا عضو الناتو والتي تملك سلاحا أمريكيا وقواعد عسكرية أمريكية، وتسببت الصفقة بين موسكو وأنقرة في غضب من واشنطن وحلف الناتو بدعوى أن تركيا تشتري سلاحا من دولة لها أنظمتها العسكرية الخاصة والتي لن تتوافق مع السلاح الأمريكي الموجود لدى باقي دول الحلف.

وحتى الدول التي ليست حليفة لأمريكا وتعمل على تطوير أسلحتها الخاصة بنفسها مثل الصين أبدت رغبتها في شراء S-400 الأمر الذي يسبب قلقا لأمريكا فإذا كانت هذه الدول ستشتري منظومات أجنبية فلماذا لم تختر شراء منظومة "ثاد" والتي كانت أمريكا تباهت بنشرها على حدود كوريا الشمالية.

ففي حال قررت الولايات المتحدة المضي قدماً في تشريعاتها المحلية وفرض عقوبات على نيودلهي فإن علاقات التعاون الثنائي لن تصمد حتما بحسب ما يقوله خبراء.

ويعتبر الخبراء الدوليون هذا الوضع شاذا لأن واشنطن ستضع روسيا وإيران والهند والصين في سلة "العقوبات" وهذا من غير المحتمل لأنها وبقراراتها هذه ستعزل نفسها عن العالم الخارجي.

وتتواجد الولايات المتحدة في موقف صعب بالنسبة لعلاقاتها مع الهند، فهي تسعى إلى تعزيز العلاقات مع نيودلهي لمواجهة الحزم المتنامي للصين وهذا الموقف يقلق الهند في حد ذاته.

هذا وفرضت الولايات المتحدة الشهر الماضي عقوبات مالية على الجيش الصيني بعد شرائه طائرات سوخوي سوخوي 35 وS-400 الروسية.

فيما أعلنت واشنطن ونيودلهي عن خطط الشهر الماضي للقيام بتدريبات عسكرية مشتركة في العام 2019 واتفقتا على تبادل المعلومات العسكرية الحساسة، فالولايات المتحدة هي الآن ثاني أكبر مورد للأسلحة للهند خلف روسيا ولهذا السبب فإن الصفقات الجديدة مع العملاق الآسيوي ستكون فوزًا كبيرًا لموسكو وضربة موجعة لواشنطن.