العلاقات الإيرانية-العراقية.. الماضي وآفاق المستقبل

العلاقات الإيرانية-العراقية.. الماضي وآفاق المستقبل
الأربعاء ١٠ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٧:٢٦ بتوقيت غرينتش

من يُراجع تاريخ العلاقات الايرانية العراقية يجد انها مبنية على اسس متينة أهمها العقيدة الاسلامية، كما ان روابطهما اﻻجتماعية والثقافية متجذرة وضاربة في عمق التاريخ، بالاضافة للروابط الجغرافية حيث الحدود الدولية بينهما الممتدة الى ۱٤٥۸ كيلو متر ودورها في التداخل والتمازج بين الشعبين.

العالم_العالم الإسلامي 

 هناك الآلاف من المواطنين العراقيين يزورون المدن الإيرانية للسياحة وزيارة العتبات الدينية المقدسة بالإضافة الى الدخول الى المنطقة الحرَّة في مدينتي خرمشهر وآبادان، وأن هناك تعاوناً كبيراً بين السفارة والجهات الإيرانية المختصة لتنظيم دخول العراقيين والايرانيين من والى العراق وايران دون عائق.

وأكدت الشركات السياحية العراقية إنَّ هذه اﻻيام تشهد اقبالاً كبيراً وإستثنائياً من قبل العراقيين لزيارة إيران 

مناسبة زيارة عاشوراء واربعين اﻻمام الحسين (عليه السَّلام) على اﻻبواب هاتان المناسبتان اللتان تساهمان في تعزيز الروابط اﻻخوية بين جميع الأطراف سواء بين الايرانيين والعراقيين أو بين مختلف أصحاب اﻻديان والمذاهب، الامر الذي حيّر عقول علماء اﻻجتماع والسياسة حول القدرة التي تمتلكها كل من هاتين المناسبتين في تجذير اواصر اﻻخوة بين ابناء البشر ناهيك عن المسلمين.

 ان هذا الوتر الذي يريد أعداء التقارب بين ابناء البشر تفرقة الشعوب المسلمة ﻻسيما الشعبين الايراني والعراقي. ايران وزيارة الاماكن الدينية المقدسة او في مجال الدفاع عن سيادة العراق ضد اﻻحتلال اﻻمريكي او المشاركة في طرد داعش  لولا هذا التعاون والمساعدات السخية التي قدمتها الجمهورية اﻻسلامية الايرانية للشقيقة جمهورية العراق لكان داعش الى يومنا هذا يعيث فسادا بأرض العراق ومقدساته.

 والجميع يتذكر التصريحات التي صدرت من وزارة الدفاع اﻻمريكية التي مفادها أن إخراج داعش من العراق يحتاج ثلاثين عاما من العمليات العسكرية المتواصلة، تلك التصريحات التي كانت تبث روح اليأس والإحباط في نفوس ابناء العراق، وتزامن مع هذه التصريحات إمتناع الوﻻيات المتحدة عن تسليم العراق الأسلحة التي أشتراها منها، ولكن التعاون العسكري بين ايران والعراق اختصر التقديرات اﻻمريكية الى ثلاث سنوات بفعل الخبرات واﻻسلحة المجانية التي قدمتها القوات الايرانية لنظيرتها العراقية.

فوز صالح للرئاسة وتكليف عبدالمهدي بتشكيل الحكومة

رأى مراقبون سياسيون، في فوز القيادي الكردي برهم صالح بمنصب رئاسة الجمهورية، وتكليف السياسي المستقل عادل عبد المهدي بمنصب رئاسة الوزراء، خطوات ايجابية نحو صياغة توجهات سياسية عراقية اكثر وضوحا علي الصعيدين الاقليمي والدولي، بما يساهم في تعزيز علاقات العراق مع حلفائه واصدقائه.

ويؤكد مراقبون سياسيون ان وجود صالح وعبد المهدي في قمة هرم السلطة بالعراق، يمكن ان يدفع بأتجاه تقوية وتمتين العلاقات العراقية-الايرانية في شتي المجالات

وتنطلق هذه الرؤية المتفاءلة من جملة حقائق ومعطيات، من بينها ان صالح وعبد المهدي عرفا بمواقفهما المساندة والداعمة لطهران حيال مختلف القضايا، وقد برز وتجلي ذلك واضحا، في موضوعة العقوبات الاقتصادية الاميركية التي اقرها الرئيس الاميركي دونالد ترامب ضد ايران قبل عدة اشهر، وموضوعة احراق القنصلية الايرانية في محافظة البصرة الشهر الماضي.

كم اكد صالح بأكثر من مناسبة علي 'اننا نري ايران حليفا استراتيجيا لنا، ونثمن اسنادها للعراق في مواجهة الارهاب ومساعدته، والوقوف مع الشعب العراقي لاجل استتاب الامن والاستقرار في هذا البلد'.

وخلال توليه منصب نائب رئيس الوزراء قبل حوالي عشرة اعوام، دعا صالح عدة مرات الي بناء منظومة علاقات وتحالفات استراتيجية تجمع العراق وايران وتركيا وسوريا.

وسواء من خلال المواقع الحكومية التي شغلها في الحكومة المحلية بمنطقة كردستان العراق، او في الحكومة الاتحادية ببغداد، او عبر موقعه الحزبي القيادي، كان برهم صالح من ابرز الشخصيات السياسية العراقية التي تبنت تفعيل وتعزيز العلاقات بين بغداد وطهران، وابعادها عن المؤاثرات والضغوطات الدولية والاقليمية السلبية.

وهذا نفس الدور والاتجاه الذي اضطلع به عبد المهدي في مختلف المواقع التي شغلها والعناوين التي تحرك ضمنها.

وفيما يتعلق بالعقوبات الاميركية ضد ايران، يري عبد المهدي، 'ان هذه القرارات مخالفة للقانون الدولي، وتأتي بعد تراجع الولايات المتحدة عن توقيعها والتزاماتها، وبعدما اودعت وثيقة الاتفاق النووي في الامم المتحدة، وشهادة وكالة الطاقة الدولية بسلامة الاجراءات والمنشآت الايرانية.. وتاتي بضغوطات يمينية، خصوصاً من 'اسرائيل' وبعض الدول، وسط رفض عالمي، خصوصا من الاتحاد الاوروبي وروسيا والصين ومعظم دول العالم'.

وهناك في الاوساط السياسية العراقية، من يقول ان وجود صالح وعبد المهدي في رئاستي الجمهورية والوزراء، يعني فيما يعنيه تبني سياسات عقلانية متوازنة تراعي مصالح العراق ومصالح اصدقائه، ولاشك ان ايران تمثل طرفا فاعلا ومؤثرا وحليفا مهم للعراق، وهذا ما سيتوضح ويترسخ اكثر فأكثر في عهد صالح وعبد المهدي

ترحيب طهران

ورحبت طهران بأنتخاب برهم صالح لرئاسة الجمهورية وتكليف عادل عبد المهدي لرئاسة الحكومة، لانها ترى ان مثل تلك الخيارات تضمن تنامي وتطوير العلاقات بين بغداد وطهران، وهذا بدا واضحا من خلال ردود الافعال الايرانية الايجابية المرحبة، فقد ابدت الحكومة الايرانية علي لسان المتحدث بأسم خارجيتها بهرام قاسمي، تفاؤلها بالخطوات العراقية الجديدة، بتعبيرها عن الامل 'بأن تشهد العلاقات العريقة والراسخة والاخوية بين البلدين الجارين ايران والعراق في المرحلة الجديدة المزيد من النمو والرسوخ، وان تقود هذه العلاقات الي الازدهار والرفاهية الاقتصادية وتطوير الصداقة بين شعبي البلدين وتعزيز التعاون الثنائي علي المستويين الاقليمي والدولي'.

وفي هذا السياق اكد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشة، أن الرئيس العراقي ورئيس الوزراء الجديدين، يفهمان العلاقات الإيرانية العراقية بشكل أفضل من المسؤولين السابقين، معربا عن ثقته في أن: "الحكومة العراقية الجديدة لن تشهد أي نهج يدعم العقوبات الأمريكية ضد إيران.

ويضيف فلاحت بيشه: "لن تشهد الحكومة العراقية الجديدة أي نهج يدعم العقوبات الأمريكية ضد إيران". وقال "إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترحب بانتخاب برهم أحمد صالح رئيسا جديدا للعراق، كما ترحب بإنتخاب عادل عبد المهدي رئيسا للوزراء العراقيين . إن تعزيز العلاقات الخارجية للعراق، والحفاظ على وحدة البلاد وسلامتها، ومنع تفكك العراق، والتعاون المتبادل مع دول المنطقة، تعتبر من أفكار ونهج جلال طالباني الراحل و شهدنا مواقف للرئيس العراقي "برهم صالح" تشابه مواقف جلال طالباني، ومنها إدانته للعقوبات ضد إيران".

وأعرب فلاحت بيشة عن أمله بحدوث تطورات إيجابية جديدة في العراق، وقال: "نأمل أن نشهد تطورات إيجابية جديدة في السياسة العراقية

طهران وبغداد حليفان قديمان

 و خلال اللقاء الذی جمع بین لاریجانی ونظیره العراقی محمد الحلبوسي؛ وذلك علي هامش الاجتماع الثالث لبرلمانات منطقة اوراسیا فی انطالیا التركیة، اشار رئیس مجلس الشورى الاسلامي في هذا اللقاء الى مساندة الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة للعراق في مرحلة ما بعد الاطاحة بنظام صدام؛ واصفا طهران وبغداد بانهما 'حلیفان قدیمان'.

وفیما شدد على ضرورة تعزیز العلاقات بین طهران وبغداد، لفت لاریجانی الى المرحلة الراهنة فی العراق حیث زوال تنظیم داعش الارهابي؛ محذرا من محاولات الامریكیین الشیطانیة الفاشلة فی هذا الخصوص وقال، ان 'هؤلاء لیسوا اصدقاء للعراق'.

كلمات دليلية :