اين وصلت محادثات الطلاق بين بروكسل ولندن؟

اين وصلت محادثات الطلاق بين بروكسل ولندن؟
الإثنين ١٥ أكتوبر ٢٠١٨ - ١١:٤٨ بتوقيت غرينتش

بعدما شددت لندن على أن التوصل لاتفاق ينظّم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو أمر "أساسي" للحفاظ على الأمن في أوروبا، أكّد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين أنّ الوقت لا يزال متاحا للتفاوض والتوصل الى اتفاق حول بريكست منظّم، حتى مع فشل آخر جولة مفاوضات بشأن اتفاق ينظم خروج بريطانيا من التكتل.

العالم - اوروبا

وفي اجتماع عقد في لوكسمبورغ، توافق وزراء الخارجية الأوروبيون على أنه لن يكون بالإمكان التوصل الى اتفاق خلال قمة قادة الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع، والتي كان وصفها رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك في وقت سابق بأنّها "لحظة الحقيقة" لضمان خروج منظّم لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وزراء خارجية الإتحاد: الوقت لا يزال متاحا للإتفاق

وأكد الوزراء أن الوقت لا يزال متاحا لحل القضايا العالقة البارزة، ومن بينها الخلاف حول مسألة الحدود مع ايرلندا الشمالية، قبل قمة طارئة مقررة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. 

وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت للصحافيين عند وصوله لحضور اجتماع وزراء الخارجية "أعتقد بالفعل أن هذه الفترة صعبة".

وتابع "إلا أن علينا أن نتذكر أن قدرا كبيرا من التقدم قد تحقق. هناك قضية واحدة أو اثنتين معلقتين، لكنني أعتقد أنه يمكننا التوصل (لاتفاق)".

من جانبه أكد وزير الخارجية الاسباني جوسيب بوريل أن الوزراء المجتمعين خاب أملهم من عدم التوصل لمسودة اتفاق خلال عطلة نهاية الأسبوع، لكنه أضاف "ليس علينا أن نأخذ الأمر بشكل دراماتيكي. لا يزال لدينا وقت. ما زال أمامنا شهر كامل".

فيما شدد وزير الخارجية المالطي كارميلو أبيلا على أن جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي يريدون أن يتوصلوا الى اتفاق لتجنب الفوضى والأضرار الاقتصادية الناجمة عن  خروج "بلا اتفاق" لأحد أكبر اقتصاديات التكتل الاوربي. 

وتابع "كما قال كبير المفاوضين (الأوروبيين في ملف بريكست ميشال بارنييه) مرارا، بريكست وضع خاسر للجميع لذا علينا بذل قصارى جهدنا لكي لا نخسر مئة بالمئة".

وهو الرأي الذي يؤيده أيضا وزير خارجية سلوفاكيا ميروسلاف لاجاك. وقال  لاجاك "كنا نأمل التوصل الى اتفاق الليلة الماضية. لم يحدث ذلك، لكن هذا لا يدعو للذعر. لا يزال لدينا وقت".

وكان بارنييه التقى الأحد بنظيره البريطاني دومينيك راب في بروكسل، لكنهما فشلا في التوصل الى مسودة اتفاق بشأن الطلاق بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي، قبل وصول قادة الاتحاد الأوروبي إلى المدينة الأربعاء.

ومقابل هذا التفاؤل بالتوصل الى اتفاق، قال سامي ويلسون المتحدث باسم الحزب الوحدوي الديموقراطي في إيرلندا الشمالية حليف رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إن عدم التوصل الى اتفاق بين لندن وبروكسل "حتمي على الارجح".

وقال ويلسون لصحيفة بلفاست نيوز ليت "استنادا إلى الطريقة التي يتعامل بها الاتحاد الاوروبي والركن الذي وضعوا تيريزا ماي فيه، لا أرى اتفاقا في الوقت الراهن يمكن ان يحصل على غالبية في مجلس العموم".

وتابع "على الارجح وبشكل حتمي سينتهي الأمر بسيناريو لا اتفاق".

وفي وقت سابق، أكد مسؤولون في الاتحاد الأوروبي، فشل المفاوضين بشأن خروج بريطانيا من التكتل في التوصل لاتفاق، بالرغم من سلسلة اجتماعات عقدوها في بروكسل لدفع المحادثات قدما.

لندن: الاتفاق حول بريكست أساسي لأمن أوروبا

وأكّد وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، اليوم الاثنين أنّ التوصّل لاتّفاق ينظّم خروج المملكة المتّحدة من الاتّحاد الأوروبي هو أمرٌ "أساسيّ" للحفاظ على الأمن في أوروبا.

وقال هانت في بيان إنّ إبرام هكذا اتفاق هو "أمر أساسي لأمننا لأن علاقاتنا الاقتصادية تقع في صميم جميع شراكاتنا، بما في ذلك التحالفات، الحيوية، للأمن الذي ننعم به مع أصدقائنا في أوروبا".

ويأتي بيان هانت في الوقت الذي تواجه فيه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي معركة على جبهتين هذا الأسبوع، إذ إنّها تقاتل من أجل إقناع وزرائها وكذلك أيضاً إقناع بروكسل بخطتها بشأن بريكست، في وقت دخلت فيه المفاوضات حول خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي منعطفاً خطيراً.

ويتعيّن على ماي أولا استيعاب تمرّد حكومي ضدّها، ثم محاولة التغلّب على أزمة مفاوضات الطلاق في قمة لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، رغم أن إحرازها اختراقًا ما زال يبدو بعيد المنال.

هل تتأثر الموازنة الأوروبية بسبب بريكست؟

هذا وقد استبعدت المفوضية الأوروبية، وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، تأثير خروج بريطانيا من عضوية التكتل الموحد دون اتفاق على الموازنة الأوروبية الحالية.

جاء ذلك قبل أيام من اجتماع مجلس الشؤون العامة للاتحاد الأوروبي، المقرر في لوكسمبورغ الثلاثاء، للبحث في تطورات ملف انسحاب بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي.

وخلال تصريحات من بروكسل، استبعد المفوض الأوروبي المكلف شؤون الموازنة، غينتر أوتينغر، أي تأثير سلبي لخروج بريطانيا "بريكست" دون اتفاق على الموازنة الأوروبية الحالية. ومن المفترض أن تستمر بريطانيا في الوفاء بالتزاماتها المالية التي قطعتها على نفسها ضمن الإطار المالي 2014 - 2020، وذلك بعد أن تصبح خارج الاتحاد بحلول 29 مارس 2019.

ويقول المفوض: لم نتلقَ أي إشارة من المفاوضين البريطانيين تدل على إمكانية عدم احترامهم لالتزاماتهم. وأشار إلى أن دول الاتحاد الأوروبي الـ28 ستستمر في العمل بمجال الموازنة معاً، معرباً عن ثقته بعدم ضرورة التحرك نحو موازنة استثنائية على مستوى الدول الـ27 قبل انتهاء الإطار المالي الحالي.

وتوقع أوتينغر أن يتم التوصل خلال الأيام أو ربما الساعات المقبلة إلى اتفاق بين بروكسل ولندن حول مسألة الحدود بين شطري آيرلندا، وهي من أهم المشكلات العالقة في المفاوضات الجارية بين الطرفين.

وعلى الرغم من تأكيد كل الأوساط الأوروبية ضرورة العمل للتوصل إلى اتفاق مع لندن، فإن المخاوف تتزايد من الاحتمالات المتزايدة من اتفاق "بريكست" قاسٍ، مع ما قد يحمله الأمر من آثار على التجارة والاقتصاد والوضع المالي الأوروبي.

ومن وجهة نظر كثير من المراقبين الأوروبيين، لا تزال بروكسل ولندن تتقاذفان المسؤولية عن عدم تحقيق التقدم المنشود، وتطالب كل واحدة الأخرى بمزيد من المرونة والتنازلات.

ومن المقرر أن تصبح بريطانيا دولة جارة للاتحاد بحلول 29 مارس 2019، سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا.

ولا تزال قضيتا الحدود بين آيرلندا وآيرلندا الشمالية وشكل العلاقات التجارية بين الطرفين تعرقلان أي تقدم. واستبعدت زعيمة أكبر حزب في آيرلندا الشمالية، الأسبوع الماضي، أي عمليات مراجعة في التجارة مع الأراضي البريطانية الرئيسية، بعد أن حاول مفاوض بريكست في الاتحاد الأوروبي إقناعها بأن مثل هذه الضوابط يمكن نزع سمتها الدرامية التهويلية.

خروج بريطانيا وتأثيره على الدول الاوروبية

وفي يوليو 2016، قال تقرير إن خروج بريطانيا سيؤثر بشكل واضح في بعض الدول الأوروبية ومنها بلجيكا وآيرلندا وإسبانيا وقبرص، حسبما جاء في تقرير وكالة التصنيف موديز، ونشرت صحيفة دي ستاندرد على موقعها الإلكتروني في وقت سابق أجزاء من التقرير، مشيرة إلى أن هذا التأثر الكبير الذي من المتوقع أن تعاني منه بلجيكا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعود إلى العلاقات التجارية التي تربط بين بلجيكا وبريطانيا العظمى، وهو ما ينطبق كذلك على آيرلندا، في حين أن إسبانيا وقبرص ستعانيان بقوة من هذا الخروج، بوصفهما يشكلان الوجهة السياحية الرئيسية لكثير من البريطانيين، خصوصاً مع ما تعانيه الدولتان من مديونيات كبيرة تثقل كاهليهما، مقارنة بدول أخرى داخل الاتحاد الأوروبي.

كما لفت التقرير إلى أن دولاً أخرى في الاتحاد الأوروبي لن تعاني من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، نظراً لقوة اقتصادها، كما الحال مع ألمانيا أو هولندا أو السويد، وإن كانت هذه الدول الثلاث ستطالَب في القريب بزيادة ما تدفعه سنوياً من أموال للاتحاد الأوروبي، لسد العجز الذي سينتج عن خروج بريطانيا من الاتحاد، ولكن التقرير قلل من أثر هذه الزيادة في اقتصاد هذه البلدان.

وبدأ الوقت ينفد في محادثات الطلاق بين بروكسل ولندن، وقد تكون قمة قادة الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع حاسمة في التوصّل إلى اتفاق بين الطرفين.

ومع اقتراب خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي في نهاية مارس المقبل، أكّد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الجمعة الحاجة إلى تحقيق "تقدم جوهري" في مفاوضات بريكست، خصوصاً في ما يتعلق بمسألة الحدود الايرلندية.

ووصف رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك القمة التي تبدأ الأربعاء بأنّها "لحظة الحقيقة" لخروج منظّم لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي.