"البدون".. غياب الهوية والحقوق

الثلاثاء ١٦ أكتوبر ٢٠١٨ - ١١:٤٣ بتوقيت غرينتش

لقد تشكل الشعب الكويتي من خليط من قوميات مختلفة نزحت الى هذه المنطقة من المناطق المجاورة في الجزيرة العربية والعراق والشام وأقليات من مناطق أخرى, والبدون هم فئة من مواطني هذا البلد من الذين ينتمون الى الأعراق والقوميات نفسها التي جاء منها معظم الشعب الكويتي، وترفض الحكومة الكويتية الاعتراف بهم كمواطنين وتحرمهم من حقوق المواطنة.

العالم - تقارير

بما أن أكثرية "البدون" هم من أبناء البادية الرحل من قبائل شمال الجزيرة العربية الذين استقر بهم المقام في الكويت بعد ظهور الحدود السياسية بين دول المنطقة، فيضاف إليهم أعداد من النازحين من الشاطئ الشرقي لغالبية الدول الخليجية .

وقد بدأت هذه المشكلة في عام 1959 عندما صدر قانون الجنسية في الكويت.

وبرزت الى السطح بشكل واضح بعد استقلال الكويت عام 1961 اذ لم يعالج القانون أمر من طالب بالجنسية الكويتية بعد هذا التاريخ الى أن تفاقم عددهم ليقدر ما بين 220 ألفا الى 350 ألفا قبل الغزو العراقي للكويت 1990،وهو رقم يقارب نصف تعداد الكويتيين في ذلك الوقت.

ثم تقلص هذا العدد ليصبح أقل من 120 ألفاً،حسب الإحصاءات الرسمية الحالية، بسبب سياسة الضغط والتهجير التي تتبعها الحكومة في حق هذه الفئة.

وقد كانت الحكومة في العقود الثلاثة الأولى من المشكلة تتعامل مع هذه الفئة كمواطنين لحاجتها الى جهودهم في خدمة البلاد, فكانت تقبل توظيفهم في مختلف وزارات الدولة خصوصاً وزارتي الداخلية والدفاع.

حيث كانوا يشكلون نسبة كبيرة جداً فيهما, وكان يقبل أبناؤهم في المدارس الحكومية.

ولكن، ومع مرور الوقت، بدأت الحكومة تتنكر لحقوقهم شيئاً فشيئاً، حتى وصل بهم الحال الى الوضع الحالي، حيث أصبحت تلك الفئة محرومة من أبسط حقوق العيش الكريم في الكويت، فلا هوية تعريف ولا إذن بالعمل ولا حق بالتطبيب ولا التعليم ولا التزويج ولا غيرها من الحقوق الأساسية الموثقة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. 

وقد اخفق عدد كبير منهم في الحصول على الجنسية الكويتية قبل عقود عدة من الزمن، وذلك لاسباب كثيرة يمكن ان نوجز أهمها بالآتي:

* قصر فترة الإعلان عن التقدم الى طلب الجنسية الكويتية، وضعف حملة التوعية الرسمية بأهمية حصول المواطن آنذاك عليها، خصوصا في اوساط السكان المقيمين خارج المدينة ما بعد عام 1959. 

* قصر فترة عمل اللجان التي منحت الجنسية في ذلك الوقت، فحصل على الجنسية من سارع، ولم يحصل عليها من تأخر. 

* اعتبار الاقامة في الكويت بين عامي 1920 و1950 شرطا للحصول على الجنسية بمختلف درجاتها، مما منع الكثير من المواطنين آنذاك من الحصول عليها، خصوصا اذا عرفنا انه لم تكن هناك اي احصاءات رسمية قبل عام 1950 يمكن الاستناد اليها لضمان تجنيس جميع من يستحقها. 

* تأثير العوامل القبلية والطائفية والقناعات الشخصية على سلوك أعضاء تلك اللجان، الامر الذي ضيع حقوق الكثيرين من المواطنين المقيمين في البلاد منذ عقود طويلة من الزمن. 

* الأمية المنتشرة في اوساط المواطنين آنذاك، والتي ساهمت بفاعلية في التأثير السلبي على استيعاب الناس لاهمية الحصول على الجنسية، خصوصا ان البلاد كانت تمر في فترة انتقالية من المجتمع البدائي القبلي الى مجتمع المؤسسات المدنية والنظام الدستوري يساعد في ذلك المداخيل الهائلة التي صبت على خزينة الدولة آنذاك من بيع النفط واستثمار عائداته. 

* تباطؤ الحكومة وعدم اهتمامها لايجاد حل مبكر للمشكلة منذ البداية، الامر الذي ادى الى تفاقمها لتصبح مع مرور الوقت معضلة يصعب حلها كما هي عليها الآن, وقد يكون هذا التباطؤ هو السبب الاساس وراء الغاء العديد من الناس لهوياتهم الاجنبية وادعائهم بالانتماء لتلك الشريحة المظلومة املا في الحصول على الجنسية الكويتية يوما ما.

هذا وتقول الحكومة الكويتية أو من يمثل وجهة نظرها، أن هؤلاء البدون هم مواطنون من دول عربية أخرى قدموا الى الكويت في نهاية الستينات وبداية السبعينات للعمل، ثم قاموا بإخفاء جوازاتهم وهوياتهم، رغبة منهم في الاستفادة مما كان يتمتع به البدون من امتيازات.

وغيرت الحكومة تسمية هذه الفئة من المقيمين أكثر من مرة خلال العقود الخمسة الماضية:

ففي الخمسينات لم تكن هناك مسميات معينة للجنسية، وإنما كان الجميع "مواطنين في إمارة الكويت"، أما في الستينات، فتم استخدام مسمى "بادية الكويت"، أي سكان الصحراء، للتعبير عن جنسية فئة البدون.

وفي السبعينات ظهر للمرة الاولى مسمى "البدون", أما في الثمانينات، فقد استبدلت الحكومة ذلك المسمى بمصطلح "غير كويتي" ورمزت له بـ "غ،ك". 

اما في التسعينات، فقد انقسمت الى فترتين الأولى قبل الغزو العراقي للكويت حين استخدمت الحكومة مسمى "غير محدد الجنسية" أملاً في ان يتجه هؤلاء الى تحديد جنسياتهم، والثانية بعد التحرير حيث استخدمت المسمى "مجهول الهوية"، وأخيراً استخدمت الحكومة مسمى "مقيم بصورة غير قانونية" في اشارة الى عدم رغبة السلطة استمرار اقامة هؤلاء في البلاد. 

ضوابط جديدة ... منح "البدون" الجوازات وهذه الشروط !

سابقاً لأعمال الصيانة، وذلك لبدء استقبال طلبات هذه الجوازات من المقيمين بصورة غير قانونية (البدون)، وفق ضوابط جديدة.

وأوضحت معلومات اعلامية أن تلك الضوابط تضمنت أن يكون التقديم لحملة إحصاء 65، ولأغراض العلاج والدراسة، ولأبناء وأزواج المواطنات، وزوجات الكويتيين من "البدون"، شريطة سلامة المتقدم من القيود الأمنية والجنائية، إلى جانب تقديم تقارير صحية معتمدة من وزارة الصحة لحالات العلاج، مؤكدة أنه لن يعتد بالتقارير الصادرة من جهات خاصة إلا بعد اعتمادها من الوزارة.

وذكرت أن الضوابط اشترطت على المتقدمين للحصول على جوازات للدراسة تقديم ما يثبت تصديق أوراقهم من المكاتب الثقافية في سفارات الكويت ببلدان الدراسة، مبينة أن الإدارة العامة للجنسية ووثائق السفر بدأت استقبال الطلبات مطلع الأسبوع الجاري، في وقت لم تتوقف طلبات الدارسين والعلاج طوال مدة إغلاق القسم خلال الفترة الماضية. 

وتشير بعض الدراسات إلى أن أكثرية "البدون" في الكويت -الذين لا تعترف بهم الحكومة بوصفهم رعايا كويتيين وتقطن أغلبيتهم مناطق الجهراء وتيماء والصليبية- هم من أبناء البادية الرحل من قبائل شمال الجزيرة العربية، وقسم كبير منهم ينتمي إلى الطائفة الشيعية.

ويُقسّم "البدون" في الكويت إلى مجموعتين، الأولى هي "عديمو الجنسية القانونيون" وأصحابها لا يتمتعون بأي جنسية، وسيبقون كذلك إلى أن يُمنحوا الجنسية الكويتية أو يَكتسبوا جنسية دولة أخرى.

أما المجموعة الثانية فهي فئة "عديمو الجنسية الفعليون" وهم الذين تقول الحكومة الكويتية إنهم أخفوا جنسياتهم الفعلية ويصعب إثبات انتمائهم إلى أي دولة أخرى.

وتتلخص شكاوى "البدون" في حرمانهم من حق المواطنة أي الجنسية والهوية المدنية مما يفوت عليهم فرص الحصول على متطلبات الحياة الأساسية التي يتمتع بها الكويتيون، كالحق في الالتحاق بالمدارس الحكومية المجانية، والرعاية الصحية المجانية، وحق العمل بالقطاع الحكومي والملكية العقارية، إضافة لتوثيق عقود الزواج والطلاق، والحق في التنقل بين البلدان بجواز السفر. 

ويتحدر بعض "البدون" من عائلات مقيمة في الكويت ولكنهم لا يحوزون أوراقا ثبوتية منذ أجيال عدة، في حين أن الباقين منهم مواطنون من البلاد العربية الأخرى، جذبهم اكتشاف النفط في البلاد.

وتتباين التفسيرات في أسباب ظاهرة "البدون"، وأغلبها يشير إلى فوضى التشريع وعدم تطبيق بعض نصوص مواد قانون الجنسية الكويتي الصادر في 1959، أو إهمال التقدم بطلبات الحصول على الجنسية، أو إخفاء الهويات الأصلية.

وكان القانون الكويتي يتيح للعرب المقيمين بالكويت منذ 1945 والأجانب المقيمين فيها منذ 1930 المطالبة بالجنسية، لكن هذا القانون حل محله آخر أصدره مجلس الأمة الكويتي عام 2000 وينص على تجنيس ألفي شخص من "البدون" سنويا، ممن يقيمون في الكويت منذ 1965 على الأقل.

ويتيح القانون لحوالي 36 ألفا و700 من "البدون" المطالبة بالجنسية الكويتية من أصل 122 ألفا.

مطالبات وردود ...#نرفض_استمرار_الجهاز_المركزي

حيث نقل "البدون" معركتهم "من أجل الكرامة" بنشر تاغ #نرفض_استمرار_الجهاز_المركزي، على موقع تويتر  قائلين إن السكوت على ما تجاهل الحكومة قضيتهم،هو دليل على تبلد المشاعر واجحاف القوانين تجاه الذين يتعرضون للاعتقال وحتى السجن بسبب مطالبتهم بحقوق البدون المدنية.