خاشقجي يقسم الشارع السعودي بين المطبل والمرتاب

خاشقجي يقسم الشارع السعودي بين المطبل والمرتاب
الثلاثاء ١٦ أكتوبر ٢٠١٨ - ١١:٥٧ بتوقيت غرينتش

بعد مرور اربعة عشر يواما من اختفاء خاشقجي و كلام عن ضلوع بن سلمان في اغتياله ورسم سيناريوهات لطريقة تصفيته، من تذويبه بالأسيد الى تعذيبه وثم تقطيعه وغيره من القصص.

العالم-السعودية

بدايةً، تجاهلَ الإعلامُ السعودي الذي يُبثّ داخل المملكة أو خارجها قصةَ اختفاء جمال خاشقجي، ووسطَ الزخمِ الإعلامي قال لاحقاً إنها "مؤامرةٌ تستهدف المملكة".

ردة فعل الشارع السعودي باغتيال خاشقجي

بعضُ السعوديين الموالين للنظام نشروا وسم (هاشتاغ) مضاداً لوسم #أين_جمال_خاشقجي الذي انتشر الساعاتِ الأولى لاختفائه، فاختاروا وسم: أين جمال يا خديجة (خطيبة خاشقجي)، أين جمال يا تركيا، أين جمال يا قطر، أين جمال يا أردوغان، في خطة دفاعٍ تعتمدُ على الهجوم عوضَ تقديم القرائن، فرَغم مرور أسبوعين على اختفاء الصحافي، لم يقدم النظام السعوديُّ أيَّ دليلٍ على مغادرته القنصلية.

وانتشرت يوم السبت حملةٌ أخرى على تويتر للدفاع عن "المملكة" بعد الانتقادات التي تعرضت لها، واسمُها: #الوطن_غالي_فلاحياد

تعامل وسائل الإعلام الرسمية مع قضية اختفاء خاشقجي وغياب وزير الخارجية الذي تزامن مع اختفاء الصحفي، زاد حيرة الشارع السعودي.

وزيرُ الداخلية السعودي، الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز أعلن السبت عن "شجبِ المملكة واستنكارِها لما يتم تداولُه في بعض وسائل الإعلام من اتهاماتٍ زائفة، وتهجُّمٍ على السعودية"، على حد تعبيره.

لكن من يتهجّمُ على الشعب السعودي؟ لا الإعلامُ العربيّ المستقل تهجَّم على الشعب السعودي ولا الأجنبيُّ كذلك، إنما هناك انتقاداتٌ للنظام السعودي لتلكؤه بدايةً، ثم الاستهانةِ باختفاء خاشقجي، ثم لاحقاً لاتهامه أطرافاً أجنبيةً بأنها تتآمر على المملكة، إضافةً إلى مشاركة الإعلام في محاولة طمسِ معالم جريمة، دون تقديمِ دليلٍ واحد على مغادرة الرجل "حياً" مقرَّ القنصلية؟

الأصواتُ السعودية وغير السعودية المساندةُ للنظام في قصة اختفاء خاشقجي، حاولت أن تحوّلَ أنظارَ الجمهورِ القلقِ بشأن اختفاء خاشقجي، بشنّ هجومٍ يومي على دولٍ أخرى.

وكعادة عملياتِ التجنيد الإلكتروني، تكررت تغريدةٌ واحدة في عدة حسابات، كهذه التي تحمّلُ خديجةَ مسؤوليةَ غياب "خطيبها".

في المقابل، هناك شقٌّ من السعوديين الصامتين منذ اختفاء خاشقجي، أبرزهم وزيرُ الخارجية عادل الجبير الذي غابَ تماماً منذ اختفاء جمال، فيما قالت صحيفة "عكاظ" السعودية قبل يومين إنه "يمر بوعكةٍ صحية".

المعارضون السعوديون خارج المملكة يستنكرون عملية الاغتيال

السعوديون المعارضون الموجودون خارجَ المملكة، قالوا إن اختفاء خاشقجي يمثل رسالةَ تهديدٍ لكل المعارضين في الخارج.

وفي تقرير أعدَّته رويترز، استجوبت فيه عدداً من السعوديين، بشأن قصة الصحافي المختفي، قال عزيز عبد الله، طالبٌ يدرس الحقوق في السعودية لرويترز:"لا يمكنني التحدثُ عن تلك الأمور.. لكني واثقٌ أن الاتهاماتِ بحق قيادة بلادي خاطئة. لدينا أعداءٌ.. كما تعلمون".

وتقول الوكالة إن "القليلَ فحسب من السعوديين الذين أجرت معهم رويترز مقابلاتٍ كانوا على استعداد لانتقاد الحكومة علناً، لكن الكثيرين ممن طلبوا عدمَ ذكر أسمائهم قالوا إن المزاعمَ أثارت تساؤلاتٍ عن تعهدات ولي العهد بتحقيق انفتاحٍ في المملكة المحافظة".

ونقلت رويترز أن مواطناً سعودياً مقيماً في جدة قال لها:"الجميعُ يشعرُ بالفزع. الأمر أشبهُ بوجودِ وسائلَ على الجدران تتنصّت على كلّ شيء. لا أعتقد أن حريةَ التعبير تندرج ضمنَ خطط الإصلاح على الإطلاق.. بل العكس تماماً... من ناحيةٍ أخرى لديك دور عرض سينمائي وترفيه. الأمر مثل اتفاق ضمني غير معلن. لا حرية.. لكنك ستحصل على التسلية. دعونا لا نخلط بين التسلية والحرية رجاء".

في السياق ذاته قالت مواطنةٌ سعودية في منتصف الثلاثينات لرويترز إن قضية خاشقجي "مثل متابعة فيلم"، تابعت:"الحكومة تعتقد أن بإمكانها الإفلاتَ بأفعالٍ مثل تلك.. سواء كان قتل أم اختطف... هناك دائماً هذا الشعور أنّ علينا توخي الحذر والتحسب لما نقول. لسنا في مأمنٍ بالكامل".

شهادةٌ أخرى لمواطن سعودي يعمل مصرفياً ذكرتها رويترز في تقريرها يقول:"من المخيف أكثر فأكثر أن تعبرَ عن رأيك.. حتى إن ناقشتَ الجدوى الأساسية لخطة.. لا يمكنك أن تثقَ بأنك في مأمن".

وقالت سارة، طالبةٌ سعوديةٌ تدرس في الخارج:"بدأتُ أتساءل.. هل أخطأنا تقدير الحلم؟ هل سنضطر للتضحية بحرية التعبير مقابلَ التنمية الاقتصادية وبعض الحقوق الأساسية؟".

هذه التصريحات مثيرة لأنها تكشف أن داخلَ الشارع السعودي -عكس ما يقوله الإعلام السعودي- خوفٌ وريبةٌ، من ذلك المنشار الذي يقصّ أوصالَ المواطنين بعد استدراجهم في الخارج.