صفقة لإغلاق ملف التحكيم الدولي بين مصر والكيان الاسرائيلي

صفقة لإغلاق ملف التحكيم الدولي بين مصر والكيان الاسرائيلي
الأربعاء ١٧ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٦:٥١ بتوقيت غرينتش

أعلنت مصر عن "صفقة" مع الجانب الإسرائيلي لإنهاء أزمة تعويضات التحكيم الدولي التي ربحتها شركات إسرائيلية وتضمنت غرامات بملايين الدولارات نتيجة التوقف عن إمداد تل أبيب بالغاز في أعقاب ثورة كانون الثاني/ يناير 2011.

العالم - تقارير

وقالت شركة "ديليك" الإسرائيلية، في بيان صحفي الأسبوع الماضي، إن شركات "نوبل إنرجي" و"ديليك" و"غاز الشرق" المصرية اتفقت على شراء 39% من أسهم خط أنابيب غاز شرق المتوسط مقابل 518 مليون دولار.

وأضافت الشركة الإسرائيلية أن الجانب الإسرائيلي وافق على إنهاء إجراءات التحكيم مع مصر، مقابل شراء التحالف الجديد للغاز الإسرائيلي ونقله إلى مصر تمهيدا لتصديره إلى أوروبا بحلول 2019 .

وقالت صحيفة "فيتو"، المقربة من الأجهزة الأمنية في مصر، في تقرير لها السبت الماضي، إن الحكومة المصرية أجرت مفاوضات سرية مع الحكومة الإسرائيلية عرضت خلالها إنهاء النزاع وتسوية الخلافات بينهما عن طريق إدخال شركات مصرية خاصة في اتفاقيات تجارية مع الشركات الإسرائيلية لاستيراد الغاز الإسرائيلي لمصر، شريطة تنازل حكومة تل أبيب عن الغرامات المالية المفروضة على مصر وقيمتها 1.7 مليار دولار لصالح شركة كهرباء إسرائيل بالإضافة إلى 288 مليون دولار أخرى لصالح شركة "غاز شرق المتوسط".

وأكدت أن القاهرة طلبت من تل أبيب إعلان إنهاء تسويات الخلافات التجارية مع مصر والتنازل عن غرامات التحكيم الدولي كاملة، والإقرار بأن القاهرة استخدمت كل الإجراءات الممكنة في إنهاء الأزمة لتحسين صورتها في هذا الشأن أمام التحكيم الدولي.

موقف وزارة البترول المصرية من التحالف الجديد

وصدر منذ قليل اليوم الاربعاء بيان رسمي عن وزارة البترول المصرية، فقد صرح المتحدث الرسمي للوزارة حمدي عبد العزيز: وزارة البترول ترحب بهذه الخطوة الجديدة التي أقدمت عليها الشركات الخاصة القائمة على المشروع التجاري المزمع تنفيذه بتصدير الغاز المنتج من حقول ليفاياثان وتمار إلى مصر.

وأضاف عبد العزيز قائلا: إن وزارة البترول المصرية تؤكد تعاملها مع أي طلبات أو تراخيص يتم تقديمها من القطاع الخاص وفقا للوائح المطبقة، وأن هذه الصفقة المعلنة تأني في إطار الاستراتيجية المصرية، والتي تعمل الحكومة المصرية على أن تصبح مصر مركزاً إقليمياً لتجارة وتداول الغاز، وكما تأتي الاتفاقية أيضا في إطار توجه الدولة لتحرير سوق الغاز المصري، وتعمل الحكومة بمصر على وضع إطار تنظيمي يسمح بموجبه لشركات القطاع الخاص بتداول وتجارة الغاز.

قضايا التحكيم الدولي ضد مصر

من الجدير بالذكر أن قضايا شركة غاز شرق المتوسط ليست الوحيدة في المطالبة بتعويضات من من مصر، كما أن قضية التحكيم الدولي التي ستنهي المطالبات بالتعويض من مصر بموجب هذه الصفقة بين مصر وشركة غاز شرق المتوسط، ليست الوحيدة في هذا الملف، فقد رفعت شركة كهرباء إسرائيل قضية ضد مصر في غرفة التجارة الدولية بجنيف والتي أصدرت حكما يلزم مصر بدفع 1.7 مليار دولار لصالح شركة كهرباء إسرائيل.

وأيضا طالبت  شركتا “يونيون فينوسا” و”سى جاس” الإسبانيتان، من خلال قضية تحكيم دولي ضد الشركة القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس)، بسبب توقف تصدير الغاز لمحطة الإسالة بدمياط التابع لهما منذ يوليو 2012، فقد طالبت الشركتين الأسبانيتين بتعويض من الحكومة المصرية يلزمها بدفع تعويض بقيمة 8 مليارات دولار كتعويض عن وقف الإمدادات.

نصيب الأسد لإسرائيل

ومنذ العمل بنظام التحكيم الدولي في مصر عام 1994 خسرت القاهرة 76 قضية من إجمالي 78 قضية مع مستثمرين أجانب.

وبلغت الخسائر التي تكبدتها مصر في قضايا التحكيم الدولي خلال السنوات العشر الماضية فقط قرابة الـ76 مليار دولار، بحسب تقديرات الأكاديمية الدولية للوساطة والتحكيم، علما بأن هناك عددا من القضايا لم يبت فيها حتى الآن، ما قد يرفع حجم التعويضات إلى 100 مليار دولار.

وكان لتل أبيب نصيب الأسد من التعويضات التي دفعتها مصر حيث تجاوزت الـ13 مليار دولار عن 4 قضايا.

ويقول خبراء إن هذه المبالغ الطائلة التي يتم تسديدها من خزانة الدولة كتعويضات لدول أو شركات أجنبية ترهق موازنة البلاد، حتى إن الحكومة تدفع نحو 7.6 مليار دولار سنويا، وهو ما يعادل 40% من حجم الصادرات المصرية التي سجلت 20 مليار دولار تقريبا عام 2017.

"لم نتعلم الدرس"

وتعليقا على هذه القضية قال الباحث الاقتصادي أحمد القماش إن مصر لها سجل طويل في خسارة قضايا التحكيم الدولي كلفت الدولة مليارات الدولارات منذ تسعينيات القرن الماضي، كان آخرها إصدار حكم بإلزام مصر بدفع ملياري دولار كتعويض لشركة "يونيون فينوسا جاس" الإسبانية.

وأوضح القماش، في تصريحات، أن الحكومات المصرية المتعاقبة لم تتعلم الدرس وظلت تسند مهمة صياغة العقود مع المستثمرين الأجانب لمجموعة من الموظفين الذين ليس لديهم خبرة كافية بالثغرات القانونية التي يمكن أن يستند إليها الطرف الآخر في إبرام مثل هذه العقود، فضلا عن ضعف الكوادر التي تتولي الدفاع عن الحكومة المصرية في قضايا التحكيم الدولي، مؤكدا أن كثرة النزاعات مع المستثمرين الأجانب يؤثر سلبا على سمعة الدولة ويخوف المستثمرين من العمل في البلاد، كما أنها تضعف التصنيف الائتماني للدولة.

وأضاف أن ما يزيد من صعوبة الأمر أن قضايا التحكيم الدولي ملزمة وباتة ولا يجوز الطعن عليها وتكون الحكومات مجبرة على سداد التعويضات وفي حال عدم السداد يتم مصادرة الأصول المالية والتجارية للدولة في الخارج.

وحول الصفقة التي عقدتها الحكومة مع الجانب الإسرائيلي، قال إنها محاولة لتقليل الخسائر قدر الإمكان، مشيرا إلى أن الجميع يعلم، وخاصة المهتمين بالمجال الاقتصادي، أن الشركات المصرية الخاصة العاملة في قطاع النفط والغاز هي شركات مملوكة للدولة بشكل غير مباشر.

واستطرد: "ويتم استخدام هذه الشركات في بعض الحالات التي لا ترغب الدولة في الظهور بها خوفا من الرأي العام، كما في حالة استيراد الغاز من إسرائيل، وإن ملاكها ما هم إلا واجهة فقط وينفذون ما تتفق عليه الحكومة مع الجانب الإسرائيلي".

تصنيف :