مستقبل غزة بين مسيرات العودة والتهديد الاسرائيلي

مستقبل غزة بين مسيرات العودة والتهديد الاسرائيلي
الجمعة ١٩ أكتوبر ٢٠١٨ - ١٠:٣٦ بتوقيت غرينتش

يبدو ان البلبلة والاضطراب یسود القيادة السياسيّة والأمنيّة الصهيونية، ما یمنعهما الاتفاق علی قرار واحد وموحد تجاه القائمين بإطلاق صاروخين على مدينة بئر السبع، الأمر الذي اعتبرته تل أبيب تصعيدًا خطيرًا جدًا وكسر جميع قواعد اللعبة في الجبهة الجنوبيّة مع حركة المقاومة الإسلاميّة حماس.

العالم- تقارير

ومن يُتابع الاخبار والتحليلات الاسرائيلية يرى التناقضات التي يعيشها الكبينت الاسرائيلي ما بين معترض ومؤيد لشن حرب عسكرية على القطاع. ومن خلال المتابعة نرى ان نتانياهو لا يرید حربا في الوقت الحالي، رغم انه على اقتناعٍ تامٍ بوجوب الردّ الإسرائيليّ على ما أسمتها المصادر باستفزازات حماس؛ بعكس ليبرمان الذي يطالب بضربة قاسية على القطاع.

ووفق المصادر فان نتانیاهو يريد منح الجهود الدبلوماسيّة لمصر والأمم المُتحدّة فرصةً أخرى من أجل التوصّل لاتفاق تهدئةٍ طويل الأمد بين إسرائيل وحماس، وهو الأمر الذي يمنعه، من اتخاذ قرارٍ بشنّ هجومٍ واسع النطاق ضدّ قطاع غزّة.

وشدّدّ المستشرِق يوني بن مناحيم، المُختّص في الشؤون الفلسطينيّة علي ان حركة حماس وحدها تتحمّل مسؤولية إطلاق الصاروخيْن من طراز "غراد" وذلك بهدف تحقيق مصالح سياسيّةٍ أمام مصر وإسرائيل.

من ناحيته قال د. يهودا بالينغا من قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة بار- إيلان إنّ هناك تنظيمات خارجة عن طاعة حماس، تعمل وفق أجندةٍ خاصّةٍ بها، وهي برأيه المسؤولة عن إطلاق الصاروخين، مُشدّدًا على أنّ الهدف من وراء إطلاق الصورايخ باتجاه العمق الإسرائيليّ هو إرباك حركة حماس وتوريطها مع إسرائيل، بحسب تعبيره.

ومع کل الجهود الدبلوماسية لحد الآن یبدو ان نتانياهو والقيادة السياسية في الاحتلال الاسرائيلي لایعلنان عن صفقة تسوية او تهدئة او هدوء لعدة اسباب، منها ان اسرائيل غير مستعدة حاليا لشن ضربة قاضية لحماس خوفا من الاستنزاف كالحروب الثلاث السابقة على القطاع؛ کما ان اسرائيل يهمها حاليا سوريا وايران، وحزب الله، وانها تعلم تماما مدى تطور المنظومة العسكرية للمقاومة " ايران و حزب الله" .

وثمة ايضا موقف حماس وهي ايضا لا تريد حربا وسوف تستمر في مسيرات العودة الى حين فك الحصار، وتکتفي بابلاغ اسرائيل بانها اذا قصفت غزة، فانها لن تقف مكتوفة الايدي. فحماس الفاعل الرئيس والمؤثر في غزة، تملك عناصر القوة وخصوصا الأمنية والعسكرية، ولها إرتباطات إقليمية بدول معينة كتركيا وقطر و ایران، کما نجحت في تحسين علاقاتها بمصر.

لذلك الكبينت الاسرائيلي حاليا لن يعلن حربا ولن يعلن صفقة تسوية، وسيبقى امر القطاع، وسيقرر الكبينت فقط عودة الهدوء على حدود غزة وعدم الشروع في عملية عسكرية حاليا، زيارة مبعوث الامم المتحدة للشرق الاوسط تؤكد الاستمرار في سياسة تحقيق الهدوء وليس تسوية.

لا اعلان حرب ولا اعلان تسوية تُحدد حلولا سياسية مستقبلية وانما استنزاف وقت لمآرب اسرائيل واستمرار الانقسام، هذا الامر يؤكد ان سياسة القتل والتدمير ستستمر والشهداء والجرحى سيتساقطون دون حل سياسي ولكن مقابل شيء من المساعدات الانسانية فقط، لن تفي حتى بالاحتياجات الانسانية والمعيشية الحقيقة.

ولکن اذا ما ارتکبت اسرائيل حماقة اخری بشن هجوم علی غزة لاسيما في ظل الظروف الراهنة علی خلفية قضية خاشقجي ولصرف الانظار عن الدور السعودي في اختفائه فمن ذا الذي یردعها والشعوب العربية تغرق في مآسيها وآلامها، ما أثر سلبا على ترتيب أولويات الشعوب، وانشغالهم في قضاياهم الداخلية، فمن يردع "إسرائيل" عن حربها المقبلة؟!

ويبدو ان المستقبل القريب کفيل بالاجابة عن هذا السؤال الأساس.

د. نظري