المعاهدة النووية.. ترامب ينسحب وموسكو تتوعد بـ"رد عسكري تقني"

المعاهدة النووية.. ترامب ينسحب وموسكو تتوعد بـ
الأحد ٢١ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٩:٠٧ بتوقيت غرينتش

قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أن بلاده ستنسحب من معاهدة تاريخية للأسلحة النووية مع روسيا فيما ردت موسكو بأن الانسحاب الأميركي من المعاهدة النووية "خطوة خطيرة".

العالم- تقارير

وإدعى ترامب للصحفيين إن روسيا "انتهكت" معاهدة القوى النووية متوسطة المدى (آي إن إف) الموقعة عام 1987.

وتحظر المعاهدة تصنيع صواريخ متوسطة المدى تطلق من قواعد أرضية بمدى يترواح من 500 إلى 5,500 كيلومتر.

وأضاف ترامب أن الولايات المتحدة لن تسمح لروسيا بـ"المضي قدما في تصنيع الأسلحة (بينما) لا يسمح لنا ذلك".

وقال الرئيس الأمريكي، بعد تنظيم تجمع لأنصاره في ولاية نيفادا: "لا أعرف لماذا لم يتفاوض أو ينسحب الرئيس باراك أوباما... إنهم ينتهكون حتى الآن المعاهدة منذ عدة سنوات".

وفي عام 2014، اتهم أوباما روسيا بانتهاك معاهدة "آي إن إف" بعدما ذكرت تقارير إن روسيا اختبرت صاروخ كروز يُطلق من الأرض.

وتصر الولايات المتحدة على أن روسيا، في انتهاك للمعاهدة، طورت صواريخ متوسطة المدى يطلق عليها "نوفاتور 9M729" وتعرف لدى قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) باسم SSC-8.

وسيمكن هذا النوع من الصواريخ روسيا بشن ضربة نووية تجاه دول حلف الناتو في وقت قصير للغاية.

في المقابل، لم تتحدث روسيا عن صاروخها الجديد سوى أنها لم تنتهك المعاهدة النووية.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، الجمعة، الولايات المتحدة تدرس الانسحاب من الاتفاقية تحت ذريعة مواجهة التواجد العسكري الصيني المنتشر في غرب المحيط الهادئ.

ولم تكن الصين من الموقعين على الاتفاقية، وهو ما سمح لها بتطوير صواريخ متوسطة المدى دون أي قيود.

وعلى الرغم من اتهامه، ذكرت تقارير أن باراك أوباما اختار عدم الانسحاب من الاتفاقية بعد ضغوط مارسها الزعماء الأوروبيون الذي قالوا إن خطة كهذه من شأنها أن تشعل سباق تسلح.

وأثار نشر الولايات المتحدة لصواريخ "بيرشينغ" و"كروز" في دول أوروبية في الثمانينيات احتجاجات واسعة وتوترات سياسية.

 

ماذا يعني انسحاب ترامب من المعاهدة النووية مع موسكو؟

لم يكن انسحاب دونالد ترامب من معاهدة حول الأسلحة النووية مع روسيا سابقة، قدر كونها "عادة" مارسها الرئيس الأميركي منذ تولى منصبه قبل أقل من عامين.

لكن حساسية المعاهدة النووية التي انسحب منها ترامب تفرض بالضرورة سؤالا مهما: وماذا بعد؟

وأبرم "الصفقة" الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان، مع الزعيم السوفيتي الراحل ميخائيل غورباتشوف في ديسمبر عام 1987، لتكون المعاهدة الأولى والوحيدة من نوعها بين القطبين.

وأجبرت المعاهدة، أو هكذا يفترض، الطرفين على سحب أكثر من 2600 صاروخا نوويا تقليديا، من الأنواع القصيرة ومتوسطة المدى.

يبدو أن الانسحاب من الاتفاق لا يعني بالضرورة اندلاع حرب نووية بين الشرق والغرب، لكن قرار ترامب أثار مخاوف من تسارع السباق المحموم الرامي إلى تطوير وإنتاج الأسلحة النووية، لدى كلا المعسكرين، فضلا عن حلفاء واشنطن وموسكو.

كما وبحسب الخبراء، قد يكون للانسحاب من هذه المعاهدة تبعات ضخمة على السياسة الدفاعية الأميركية في آسيا، وتحديدا تجاه الصين منافستها الإستراتيجية الرئيسية التي يخوص ترامب معها حربا تجارية.

والصين ليست طرفا في المعاهدة، وقد أنفقت أموالا كثيرة على الصواريخ التقليدية، في الوقت الذي تحظر فيه معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى حيازة الولايات المتحدة صواريخ بالستية تطلق من الأرض، أو صواريخ كروز يتراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر.

 

 غضب في موسكو

وأغضب قرار ترامب موسكو، حيث أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، أن روسيا تدين محاولات الابتزاز من قبل الولايات المتحدة، الهادفة لتحقيق تنازلات من روسيا في مجال الاستقرار الاستراتيجي.

وأضاف ريابكوف قائلا "إذا واصل الأميركيون بالخروج من جانب واحد من الاتفاقات والآليات الدولية المختلفة، والأمثلة تتضاعف — من خطة العمل الشاملة المشتركة حول ايران حتى الاتحاد البريدي العالمي — فلن يبقى لنا سوا أن نتخذ تدابير ردية، بما فيه ذو طابع عسكري تقني. لكننا لا نريد أن نصل لذلك".

وفي سياق متصل، اعتبر مصدر في الخارجية الروسية أن الولايات المتحدة "تحلم" بأن تكون هي القوة الوحيدة المهيمنة على العالم بقرارها الانسحاب من المعاهدة.

وقال المصدر بحسب ما نقلت عنه وكالة "ريا نوفوستي" الحكومية، إن "الدافع الرئيسي هو الحلم بعالم أحادي القطب. هل سيتحقق ذلك؟ كلا".

وشدد على أن موسكو "نددت مرارا علانية بمسار السياسة الأميركية نحو إلغاء الاتفاق النووي"، وأن واشنطن "اقتربت من هذه الخطوة على مدار سنوات عديدة من خلال تدميرها أسس الاتفاق بخطوات متعمدة ومتأنية".

وأضاف أن "هذا القرار يندرج في إطار السياسة الأميركية الرامية للانسحاب من الاتفاقيات القانونية الدولية التي تضع مسؤوليات متساوية عليها وعلى شركائها، وتقوض مفهومها الخاص لوضعها الاستثنائي".

 

 محمد حسن القوجاني