عواقب خروج أمريكا من معاهدة الأسلحة النووية مع روسيا.. ما هي؟

عواقب خروج أمريكا من معاهدة الأسلحة النووية مع روسيا.. ما هي؟
الأحد ٢١ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٧:٠٢ بتوقيت غرينتش

طالب وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، الولايات المتحدة الأميركية بالنظر بعناية إلى عواقب خروجها من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى.

العالم - تقارير

وقال ماس، اليوم الأحد، في بيان، إنه "على مدى 30 عاما كانت المعاهدة ركيزة أساسية لأمن أوروبا".

وأضاف: "عادة ما كنا نحث روسيا على معالجة الاتهامات الخطيرة بخرقها الاتفاقية، نحن الآن نطالب الولايات المتحدة بالنظر بعناية إلى العواقب المحتملة من انسحابها".    

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس السبت، أنه سينسحب من معاهدة السلاح النووي الموقعة مع روسيا.

وأعلن ترامب، أن بلاده ستنسحب من معاهدة الأسلحة النووية الموقعة مع روسيا بسبب انتهاك الأخيرة لها، حسب وصفه.

ونقلت "أسوشيتد برس" عن ترامب قوله إنه سينسحب من اتفاقية "القوى النووية متوسطة المدى" بسبب "انتهاك روسيا لها" على حد قوله.

وقال مدير إدارة شؤون عدم الانتشار والرقابة على الأسلحة بوزارة الخارجية الروسية، فلاديمير يرماكوف، في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إن قيام الولايات المتحدة بنشر منصات إطلاق طراز "ام —ك 41" على أراضي رومانيا وبولندا يتعارض مع اتفاقيات التخلص من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى.

يذكر أن معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى "معاهدة القوات النووية المتوسطة"، "أي إن إف"، تمَّ التوقيع عليها بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي في العام 1987، ووقعت المعاهدة في واشنطن من قبل الرئيس الأمريكي رونالد ريغان والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، وتعهد الطرفان بعدم صنع أو تجريب أو نشر أي صواريخ باليستية أو مجنحة أو متوسطة، وبتدمير كافة منظومات الصواريخ التي يتراوح مداها المتوسط ما بين 1000-5500 كيلومتر، ومداها القصير ما بين 500─1000 كيلومتر.

وبحلول مايو/آذار 1991، تم تنفيذ المعاهدة بشكل كامل، حيث دمر الاتحاد السوفياتي 1792 صاروخا باليستيا ومجنحا تطلق من الأرض، في حين دمرت الولايات المتحدة الأمريكية 859 صاروخا. وتجدر الإشارة إلى أن المعاهدة غير محددة المدة، ومع ذلك يحق لكل طرف المعاهدة فسخها بعد تقديم أدلة مقنعة تثبت ضرورة الخروج منها.

ومن حين إلى آخر تتبادل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية الاتهامات بانتهاك المعاهدة المذكورة، حيث تتحدث الولايات المتحدة عن تطوير في روسيا فئة جديدة من الأسلحة وتخصص الأموال لتطوير الأسلحة المضادة، أما روسيا فتعترض على تطوير أميركا طائرات بدون طيار الهجومية ونقل منصات إطلاق المسموح بها من نوع "إم كي- 41" من السفن إلى البر، كما حدث في رومانيا وبولندا.

انسحاب أميركي من معاهدة نووية وحلم بعالم أحادي القطب

حلم بعالم أحادي القطب؛ يسعى ترامب خلفه بإعلانه انسحاب واشنطن من المعاهدة الموقعة مع موسكو بشأن الأسلحة النووية المتوسطة وقصيرة المدى؛ هذا ما جاء في الرد الروسي، علی اعلان الرئيس الاميركي الانسحاب من المعاهدة.

مصدر في الخارجية الروسية، أشار إلى أن الولايات المتحدة توجهت منذ زمن بعيد وبصورة متعمدة، نحو خرق المعاهدة بتقويض أسسها، بل ان إعلان الرئيس الأميركي يأتي في سياق نهجه الخاص نحو الانسحاب من الاتفاقات الدولية التي تفرض عليها التزامات متكافئة وهو ما يضعف مفهوم الاستثنائية الأمريكية.

و بدوره قال الكرملين إن مصير المعاهدة الروسية الأمريكية حول الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى سيناقش أثناء اللقاء بين الرئيس فلاديمير بوتين والمستشار الأمريكي للأمن القومي، جون بولتون.

وأوضح المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن بوتين يخطط لاستقبال بولتون لكنه أكد أن ذلك "لن يحدث غدا" (الاثنين).

وقال بيسكوف: "لا شك في أن التصريحات الأخيرة (لترامب) ستتطلب توضيحات من الجانب الأمريكي".

من جهته أكد برلماني روسي رفيع المستوى، اليوم الأحد، أن موسكو سترد بخطوات عملية على واشنطن بعد انسحابها من المعاهدة الروسية الأمريكية بشأن الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى.

وفي تصريحات متلفزة، قال رئيس لجنة العلاقات الدولية بمجلس الاتحاد ("الشيوخ") الروسي، قسطنطين كوساتشوف: "يجب علينا ألا نرد على الانسحاب (الأمريكي) من المعاهدة بحد ذاته، بقدر ما علينا الرد على خطوات عملية ستتخذها الولايات المتحدة بعد أن تكون حرة في تصرفاتها. وكما قال رئيسنا (فلاديمير بوتين)، فلدى روسيا جاهزية عسكرية وتقنية تامة بهذا الخصوص، وسيكون الرد فوريا".

وأضاف: "أنا أعرف جوهر الموضوع، لكنها باتت تعتبر اليوم معلومات سرية. كما أنني واثق بأن الأمريكيين يعرفون تماما عما يدور الحديث ".

وقال دونالد ترامب:" روسيا لم تحترم المعاهدة، وبالتالي فإنّنا سننهي الاتفاقية الموقّعة بين واشنطن وموسكو قبل ثلاثة عقود. لا أعرف لماذا لم يتفاوض الرئيس باراك أوباما عليها أو ينسحب منها. نحن لن نسمح لهم بانتهاك اتفاقية نووية وتصنيع أسلحة في حين أنّنا ممنوعون من ذلك".

غورباتشوف يعلق على انسحاب واشنطن من معاهدة الصواريخ مع موسكو

 اعتبر الزعيم السوفيتي السابق ميخائيل غورباتشوف انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى أمرا غير مقبول، وأن توقيع المعاهدة كان "انتصارا عظيما".

وقال غورباتشوف في تصريح لوكالة "نوفوستي": "أعتقد بأنه غير مقبول"، مضيفا أن "التوصل إلى القرارات، التي أصبحت بمثابة حجر الأساس لمعاهدتين للتخلص الحقيقي من الأسلحة والشحنات النووية، كان انتصارا عظيما".

وأعرب عن رأيه بأن "الجانب الأمريكي بات في مأزق فيما يتعلق باتخاذ قرارات جديدة، واختار هذا التصرف غير المسؤول".

ودعا غورباتشوف إلى مناقشة قضية انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، لأنها تهم العالم بأسره، وأن على المؤسسات الدولية أن تنخرط في هذه العملية.

وشدد على أنه "من غير الجائز إنعاش زيادة الترسانات النووية من جديد".

تعرف على أبرز الاتفاقيات التي انسحب منها رؤساء أمريكا

خلف قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وفرض عقوبات اقتصادية عليها، كثيرا من الأسئلة، من بينها أسباب اتخاذه للقرار منفردا عن الكونغرس ومجلس الشيوخ.

أعلن ترامب يوم 8 مايو/ أيار الماضي، انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية على طهران.

ومن جانبه قال مدرس النظم السياسية والقانون الدستوري الأمريكي، الدكتور محمد سمير، إن ترامب أعلن قبل فوزه بالرئاسة مرارا رغبته بالانسحاب من الاتفاق، ووصفه بـ"المخزي"، و"العار على كل من وقع عليه"، وبعد وصوله للرئاسة ساعده في الانسحاب منه إن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عندما وقع على الاتفاق، حرص على إبرامه في صورة "اتفاق تنفيذي" وليس اتفاقية أو معاهدة، تحتاج موافقة وتصديق مجلس الشيوخ والكونغرس على نصوصها قبل سريانها، وفقا للدستور الأمريكي.

وكان اتفاقا قد أبرم بين إيران، و6  دول "الصين، وروسيا، وأمريكا، وفرنسا، وألمانيا، وبريطانيا" في يونيو/ حزيران 2015، في مدينة لوزان السويسرية، لتسوية شاملة تضمن الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها، وصفته أمريكا وقتها بـ"التاريخي".

وكشف سمير أن الاتفاق النووي بالنسبة لأمريكا هو اتفاق تنفيذي، أبرمه أوباما بمعزل عن  الكونغرس ومجلس الشيوخ، وألغاه ترامب بقرار تنفيذي بالطريقة نفسها أيضا.

وأشار المتخصص في الدستور الأمريكي إلى أن أوباما لم يكن أول من اختار هذه الحيلة لتمرير قرارات واتفاقات سياسية بين الدول، بدون العرض على السلطة التشريعية، مضيفا أن غالبية رؤساء أمريكا منذ عهد الرئيس نيكسون عام 1977 يسيرون على هذا النهج، فمنذ عام 1977 وحتى عام 1996،  من بين 4 آلاف اتفاق أبرمها رؤساء أمريكا في السنوات الأخيرة، هناك  300 اتفاق منها فقط، عرضوا على مجلس الشيوخ والكونغرس الأمريكي، وباقي الاتفاقات اعتبرت اتفاقات تنفيذية مررها الرؤساء بإرادتهم المنفردة، وقد سار أوباما على هذا النهج فيما يتعلق بالاتفاق النووي مع إيران.

وحدد مدرس القانون الدستوري الأمريكي أسباب إقرار أوباما للاتفاق النووي بمعزل عن الكونغرس ومجلس الشيوخ، في وجود أغلبية للجمهوريين وقتها داخل الكونغرس معارضة للقرار، مضيفا أن التاريخ الأمريكي يخبرنا في المقابل، بأن هناك معاهدتين أقرهما الكونغرس، وصدق عليهما ورغم ذلك تم إلغاؤهما بقرار من الرئيس الأمريكي، الأولى معاهدة "الدفاع المشترك" مع تايوان، أبرمت عام 1954، وأصدر الرئيس  جيمي كارتر قرارا بإلغائها عام 1978، وعندما عرض الأمر وقتها على المحكمة العليا الأمريكية، قضت بعدم اختصاصها بالفصل في النزاع باعتباره شأن سياسي بحت.

 والمعاهدة الثانية، هي اتفاقية "حظر استخدام الصواريخ الباليستية" التي وقعت مع الاتحاد السوفيتي عام 1972، وتم إلغاؤها في عهد جورج بوش عام 2001، عندما قرر بوش إجراء تجارب صاروخية، وأبلغ روسيا بانسحابه من المعاهدة، لافتا إلى أنه وقتها أقام 30 عضوا من الكونغرس دعوى قضائية أمام المحكمة العليا، يطالبون بها ببطلان القرار، والمحكمة وقتها قضت أيضا بعدم الاختصاص، وقالت إن المسؤول عن الأمر هو الكونغرس نفسه، وطالما لم يصوت أعضاؤه على استمرار بنود الاتفاقية، فقرار رئيس الجمهورية بإلغاء الاتفاقية ساريا.